الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب الأهلية الفلسطينية ليست في صالح إسرائيل

الحرب الأهلية الفلسطينية ليست في صالح إسرائيل
20 أغسطس 2008 00:43
عندما انفجرت قنبلة في حي الشجاعية بغزة الشهر الماضي وقتلت أربعة ناشطين من ''حماس'' وطفلة يبلغ عمرها خمس سنوات، ألقت الحركة باللائمة على ''فتح''، وتحركت بعنف ضد مواقعها الباقية في غزة· سعت قوات ''فتح'' بعد ذلك الى الانتقام من ''حماس'' في الضفة الغربية، وتبعت ذلك جولة أخرى من النزاع الفلسطيني الداخلي وسفك الدماء، وهربت عشيرة رئيسية من أتباع ''فتح'' في غزة هي عشيرة ''حلس'' إلى إسرائيل على أمل الوصول إلى الضفة الغربية· هل تظن أن اقتراب الفلسطينيين من الحرب الأهلية والانهيار المستمر للكينونة الفلسطينية الحاكمة يخدم مصالح إسرائيل الأمنية؟ بالطبع لا· هؤلاء الذين يسعدون لرؤية الصور المتلفزة للعنف الفلسطيني الداخلي وهي تدين كلاً من حكومة ''حماس'' في غزة والسلطة الفلسطينية بقيادة ''فتح''، هم مضلَّلون بشكل خطير· لا تبرئ هذه الأحداث إسرائيل من انتهاكاتها لحقوق الإنسان والقوانين الدولية في المناطق الفلسطينية ولا تحسّن من بيئتها الاستراتيجية· قبل حوالي شهرين، جرى التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزة بين إسرائيل و''حماس''· وحسب شروط الاتفاق الذي توسطت فيه مصر، تتوقف كل من ''حماس'' وإسرائيل عن الهجمات ضد مناطق الطرف الآخر، وتمنع ''حماس'' الفصائل الفلسطينية الأخرى من إطلاق الصواريخ على مدينة سديروت وضواحيها، وتقوم إسرائيل بالتخفيف تدريجياً من الإغلاق المدمر لاقتصاد غزة وحياة سكانها اليومية· وقف إطلاق النار هش ولكنه صامد، وقد تحسن واقع كل من الطرفين بشكل ملموس، رغم أنه بعيد عن أن يكون طبيعياً· وعندما زار المرشح ''الديمقراطي'' الأميركي باراك أوباما مدينة سديروت يوم 23 يوليو، وعقد مؤتمراً صحفياً في الهواء الطلق مع الصحافة العالمية، أحيط بمجموعة مثيرة للإعجاب من شظايا الصواريخ· إلا أن الأمر الذي لم يعلّق عليـــه أحــــد، هو أنـــه لولا وقف إطلاق النار لما كان بالإمكــان تصور عقد المؤتمر· إحدى النتائج الجانبية للعنف المستمر بين ''حماس'' و''فتح''، تعريض وقف إطلاق النار للخطر· من المحتمل أن يتوجه أي فصيل فلسطيني يسعى إلى تحويل الأنظار عن تصرفاته الداخلية السيئة ويرغب في رفع سمعته لدى الرأي العام، سابقاً أو لاحقاً، إلى استهداف إسرائيل· لن يعيد تجدد العنف سكان سديروت إلى الملاجئ فحسب، وإنما سيعمل كذلك على إفشال أية احتمالات لصفقة لتبادل الأسرى لإطلاق جلعاد شاليط· من الواضح أن أحداث الأسابيع الأخيرة عمّقت الخلافات السياسية الفلسطينية· مرة أخرى يتعرض المرء لإغواء التوصل إلى نتيجة أن هذا قد يكون أمراً جيداً بالنسبة لإسرائيل· لا يرفع توفير إسرائيل ملاذاً لمقاتلي ''فتح'' من عشيرة حلس- والإشارة إلى زعماء السلطة الفلسطينية بالشركاء- من مقام هؤلاء الفلسطينيين في أعين جماهيرهم· ومن غير المحتمل لزعامة فلسطينية ينظر إليها شعبها على أنها ''مقاول داخلي أمني'' لإسرائيل، أن تكون في موقف تصل فيه إلى صفقة تاريخية مليئة بالحلول الوسطى التاريخية· آخر ما تحتاجه إسرائيل هو جيش آخر مثل جيش لبنان الجنوبي· رغم الكلمات اللطيفة التي توزَّع على رئيس الوزراء سلام فياض وجهوده الأمنية في جنين ونابلس وغيرها، فإن الواقع الأليم هو أن السياسة الإسرائيلية تعمل بشكل متواصل على تقويض أركان سياساته· ولكن أكثر ما يثير قلق الجميع هو أنه بينما يفقد الفلسطينيون الأمل في العملية السلمية، وينظرون بيأس إلى زعماء ''فتح'' و''حماس''، هناك خطر من أن تبرز بدائل على نسق متطرفي ''القاعدة''· قد يكون نشاط كهذا يتفاعل في هذه اللحظة، بينما تنقسم السياسة إلى هياكل عشائرية ومجموعات مثل جيش الإسلام· ليست ''حماس'' هي ''القاعدة''، ولكــن البديل عنها قد يكون كذلك· ساهمت إسرائيل في إفراغ الحركة الوطنية الفلسطينية من مضمونها، من خلال فشلها في تحقيق نهاية للاحتلال واغتيال القادة وتبني سياسة الطرف الواحد وغير ذلك· ولكن هذه في نهاية المطاف قصة فلسطينية، ويعود الأمر للفلسطينيين أنفسهم في إنهاء العنف والسعي الى عقد حوار داخلي· في هذه الأثناء يتوجب على إسرائيل القيام بأمور ثلاثة، لمصلحتها الذاتية إن لم يكن لأي سبب آخر· الأول: رفع الأيدي من السياسة الفلسطينية الداخلية· أي لا تصوتوا ضد الحوار الداخلي· كلما كسرناه أصبح ملكاً لنا· لدى إسرائيل، بشكل واضح، اهتمام بالبراغماتيين لينقذوا الوضع· ولكن الواقع هو أن الإسرائيليين والفلسطينيين يخوضون نزاعاً· بالنسبة لأي زعيم فلسطيني، يعتبر كونه ''مفضّلاً'' لدى إسرائيل نعمة مختلطة، وخاصة عندما يُتَرجَم ''التفضيل'' على شكل بيانات غير منمّقة (عن شركائنا)، وعدم اكتراث من حيث الاحتياجات الفلسطينية الفعلية (مثل رفع الحصار والإغلاق أو تجميد الاستيطان)· ثانياً، إيجاد ترتيبات سياسية فاعلة حيث أمكن ذلك- مع أي طرف يمكنه تنفيذ التزاماته، ومع من يبدي الاستعداد لتحقيق صفقة، حتى ولو كانت غير مباشرة· وهذا يعني الحفاظ على وتعزيز وقف إطلاق النار مع غزة وتوسيعه إلى الضفة الغربية، وإتمام التفاهم على إطلاق سراح شاليط مع ''حماس''· وهو يعني كذلك العمل مع حكومة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية لتحسين الأوضاع اليومية بأساليب حقيقية ذات معنى· وأخيراً، وهو أمر حاسم، ضمان أن تُجَنِّب إسرائيل نفسها الهبوط إلى الفوضى، وأن تحافظ على ديمقراطيتها وحكومتها من خلال سلطة مركزية· تواجه إسرائيل الضفة الغربية بكل ما فيها من فوضى· توفر المشاهد البصرية، المتوفرة ليراها الجميع على موقع YouTube نافذة مرعبة على عنف المستوطنين الذي لا يعيقه شيء ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، وإطلاق الرصاص عن قرب من قبل العسكريين على المتظاهرين العزّل والمتفرجين· ويجري تجاهل قرارات المحكمة العليا، بينما يقطع جدار الفصل بعمق في الضفة الغربية، وتتوسع المستوطنات والبؤر الاستيطانية المتقدمة دون رادع· حان منذ زمن بعيد وقف التعامل مع هذا التآكل المزمن لحكم القانون في المجتمع الإسرائيلي، وهذا تحدٍ تستطيع إسرائيل مواجهته من طرف واحد· دانيال ليفي عضو في الوفد الإسرائيلي المفاوض في محادثات (أوسلو ب) وطابا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©