الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ضعف الدولار يشعل الحرب التجارية بين أميركا وأوروبا

ضعف الدولار يشعل الحرب التجارية بين أميركا وأوروبا
29 أكتوبر 2009 23:23
في حال استدامة الضعف الذي يساور الدولار فإن ذلك من شأنه أن يجبر المستهلكين الأميركان على التعوّد على إنفاق المزيد من الأموال مقابل السلع والبضائع المستوردة وكذلك على الرحلات في وجهات العطلات الخارجية. إلا أن الأمر لا يخلو من المميزات والمكاسب إذ أن الدولار الضعيف ربما يبرهن على أنه مفيد للاقتصاد الأميركي عبر مساعدة الصناعات وإعادة بناء قاعدة صناعية قوية ورفع حجم الصادرات حتى إذا أدى ذلك إلى جعل الحياة أكثر صعوبة للشركاء التجاريين في جميع أنحاء العالم وبخاصة في أوروبا. وقال فريد بيرجستين مدير معهد بيترسون للاقتصاد الدولي “طالما أن الدولار لن ينهار بالكامل في خاتمة المطاف فإن القليل من التراجع التدريجي يعتبر أمراً صحياً. ويذكر أن الدولار كان قد ارتفع بنسبة 40 في المئة في الفترة ما بين 1995 و2002 لذا فإن هذا التراجع يعتبر خطوة ضرورية في إعادة توازنه”. ولكن في حال أن استمر الدولار في الانخفاض وحافظ اليورو على الصعود والارتفاع فإن ذلك سوف يؤدي إلى ازدياد المشكلات التجارية مع أوروبا وعلى وجه الخصوص مع كبريات الدول المصدرة مثل ألمانيا التي تلقت أصلاً أقسى الضربات جراء التباطؤ الاقتصادي العالمي. وكما تقول جينز نيجل رئيسة الإدارة الدولية في اتحاد المصدرين الألمان “لقد أصبح اليورو يكتسب قوة متزايدة في الوقت الخطأ بالكامل، فالولايات المتحدة تعتبر الشريك التجاري الأكبر بالنسبة لنا بعد الاتحاد الأوروبي لذا فإن هذه المشكلة باتت تمثل ضربة كبرى للانتعاش في شركات السيارات وفي سائر الصناعات التصديرية”. استمرار التراجع ويتوقع نيل ميلر استراتيجي العملات في بنك “نيويورك ميلون جلوبال ماركتز” في لندن أن الدولار يستمر في الانخفاض ليصل إلى مستوى 1.60 دولار مقابل اليورو بحلول أوائل العام المقبل. كما أن هناك مؤشرات تدل على أن أكبر الشركات الألمانية حجماً أصبحت غير قادرة على المواكبة. وفي الوقت الذي بدأ يستعيد فيه الاقتصاد العالمي بعض الانتعاش وشرعت فيه العديد من الشركات الصناعية العالمية في زيادة الإنتاج فقد اتجهت هذه الشركات والمؤسسات إلى منح الأولوية إلى أكثر مصانعها تنافسية بما فيها تلك التي تتواجد في الولايات المتحدة الأميركية. كما يقول بيير دوفور نائب الرئيس التنفيذي لشركة ايرليكوايد الفرنسية المزودة للغازات الصناعية إلى الشركات المصنعة للفولاذ أو أشباه الموصلات إلى جانب العديد من عمالقة الصناعة الآخرين. ويقول كارل مارتن ويلكر صاحب شركة شوتي المصنعة للماكينات في كولون في ألمانيا “إنه سلاح ذو حدين. كما اعتاد أن يكون دائماً فمن جانب واحد فإن انخفاض الدولار يجعل الماكينات التي ننتجها أكثر غلاءً في السعر. ومن ناحية أخرى فقد بدأنا نشهد أن الشركات العالمية تشرع في إعادة إنتاجها مرة أخرى إلى داخل الولايات المتحدة الأميركية وبشكل سوف يؤدي إلى إنعاش ودعم مبيعاتنا هناك”. أميركا الضعيفة أما في داخل الولايات المتحدة الأميركية فإن وضعية الدولار ما تتسم بالصبغة السياسية إذ أن انخفاض العملة الأميركية بدأ أصلاً يشعل الهجمات على إدارة الرئيس باراك أوباما من قبل الجمهوريين الذين طفقوا يدعون أن الدولار الضعيف يشير بالضرورة إلى أميركا الضعيفة. إذ يقول السناتور الجمهوري جون كايل عن دائرة اريزونا “من المؤكد أننا سوف نفقد مكانتنا كزعيمة للعالم متى ما أصبح الدولار عملة غير مفضلة”. ومضى يشير إلى أنه كان من أكبر المنتقدين للرئيس جورج دبليو بوش عندما ترك الدولار يتراجع أيضاً قبل أن يستطرد قائلاً: “إلا أن هذه الإدارة جعلت الأمور أكثر سوءًا من ذي قبل بسبب زيادة الإنفاق والسياسات الخاصة بعجز الموازنة”. أما الأسوأ من ذلك فإن العديد من البنوك المركزية الأجنبية بدأت تعيد تفكيرها في وضعية الدولار كعملة رئيسية للاحتياطي العالمي كما يقول مولر. وبالإضافة إلى العوامل المحلية فإن المستوى الأدنى تاريخياً لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأميركية والانتفاخ غير المسبوق للعجز في الميزانية الاتحادية أخذا يفاقمان أيضاً من حركة اتجاه الدولار إلى الأسفل. وبالإضافة إلى ذلك فإنه وفي الوقت الذي تؤكد فيه إدارة أوباما أنها تفضل الدولار القوي فإن البيت الأبيض لم يكشف حتى الآن عن اتخاذ أية خطوات أو تدابير رئيسية تعمل على دعم وإسناد العملة الخضراء. ومهما كانت الأحوال السياسية فإن الاقتصاد لا زال يتسم بالكثير من التعقيدات. فالدولار الضعيف على المدى الطويل من شأنه أن يؤدي إلى تضييق هوة العجز التجاري الأميركي الذي طال أمده عبر المساعدة على إغلاق الفجوة ما بين الصادرات والواردات بعد أن تصبح المنتجات الأميركية أكثر جاذبية في وراء البحار. ولكن هذا الأمر لن يتحقق بثمن رخيص سوف يتمثل في ارتفاع الأسعار داخلياً بالنسبة لسلع المستهلك المستوردة المتنوعة التي تتراوح ما بين البدل والجاكيتات الإيطالية والجبن الفرنسي والكاميرات وأجهزة الاستريو اليابانية وحتى السلع الأكثر تداولاً مثل النفط. علماً بأن انخفاض الدولار يعتبر العامل الأساسي في ارتفاع أسعار النفط مؤخراً إلى أكثر من 75 دولاراً للبرميل. على أن الدولار شهد العديد من حالات التراجع بحدة في السابق آخرها ذلك الضعف الذي ساوره في صيف عام 2008 قبل أن يستقوى بشدة بعيد انهيار مصرف ليمان برازر في سبتمبر من العام الماضي مما أدى بجموع المستثمرين في جميع أنحاء العالم بالهروب والاندفاع نحو الموجودات الأميركية الأكثر أماناً مثل سندات الخزينة. أما الآن فإن الجدل السياسي حول تراجع الدولار بات يصاحبه جدل آخر لا يقل سخونة في أوساط الاقتصاديين. وقال ديفيد مالباس الاقتصادي المعروف في وول ستريت والذي ظل يعتبر أحد أكبر المنتقدين لانخفاض الدولار “إن الضعف الذي يساور الدولار أصبح يعتبر مشكلة كبرى للوظائف الأميركية ومستويات المعيشة”. قبل أن يستطرد قائلاً “كلما انكمشت قيمة الدولار، قلت لدينا السيولة والقوة الشرائية مقارنة ببقية أنحاء العالم وأصبحت هناك مخاطر متزايدة لارتفاع أسعار الفائدة والتضخم”. إلا أن بيرجستين في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي يشير من جانبه إلى أن الدولار أخذ الآن يعود فقط إلى مستوى قيمته العادلة مقابل العملات الأخرى في حال أن استمرت الولايات المتحدة في إغلاق الفجوة التجارية. وفي ظل التراجع الأخير، كما يقول، فإن الدولار أصبح يقيم بشكل عادل أمام اليورو ولكنه يحتاج إلى التقييم بنسبة أكبر بمعدل 10 في المئة مقابل العملات الآسيوية مثل الين الياباني من أجل خلق ملعب مستوى أمام الشركات والأعمال التجارية الأميركية. أما بالنسبة لكافة التقلبات التي حدثت مؤخراً فإن الدولار لم يتمكن من التحرك بأي مقدار مؤخراً في مقابل اليوان الصيني الذي ظل يدار بسيطرة كاملة في بكين بطريقة تسمح للصادرات الصينية بأن تتمتع بعملة رخيصة وتكتسب حصة سوقية أكبر في كافة أنحاء العالم. وفي الوقت الذي استمر يؤكد فيه تيموثي جيثر وزير الخزانة الأميركي أن الإدارة تفضل “الدولار القوي” إلا أن من الواضح أن أسواق العملة تركز عادة على إمكانية حدوث النتائج الأكثر حسماً وأهمية مثل ارتفاع أسعار الفائدة. إذ يقول مولر “ربما تعرب إدارة أوباما عن رغبتها في الدولار القوي ولكن الجميع يعلم أنها تفتقد إلى السبل اللازمة لدعم العملة الخضراء. فالاحتياطي الفيدرالي لن يتمكن من رفع أسعار الفائدة كما أن البيت الأبيض غير قادر على خفض العجز في الميزانية في أي وقت قريب”. عن “إنترناشونال هيرالد تريبيون”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©