الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ندى الحاج: تصالحت مع نفسي فانتصرت على إعاقتي

ندى الحاج: تصالحت مع نفسي فانتصرت على إعاقتي
30 أكتوبر 2009 00:13
قاومت الشابة اللبنانية ندى الحاج واقعها الأليم وتحملت مصابها وإعاقتها التي حدثت لها خلال طفولتها. وعقدت صلحا مع ذاتها عبر سنوات مراهقتها وشبابها، ولم تستسلم لواقعها المؤلم بل تعلمت وعملت ونجحت وتميزت، فاستطاعت أن تقتل نظرات الشفقة والحزن التي ينظر بها البعض إليها لتستبدلها بالإعجاب والفخر والثناء الجميل عليها. أبجدية الألم تتحدث الحاج التي قطفت للتو 25 ربيعا من عمرها، عن طفولتها وإعاقتها التي كانت سببا في قدومها إلى الإمارات وتقول: «عشت طفولة مريرة فقد كنت طفلة بريئة مفعمة بالحيوية أفرح وأمرح مع الأطفال حتى شاءت الأقدار أن أتعرض لحادث تسبب في بتر رجلي اليمنى وإصابة خطرة في رجلي اليسرى عولجت ولكن ليس بالقدر الكافي فاضطرني ذلك لاستعمال الكرسي المتحرك في الحركة والتنقل». وتضيف: «لم أستوعب حينها ما حصل معي لأنني كنت طفلة لم تتجاوز التاسعة من عمرها، لكنني بعدها بعامين عدت إلى المدرسة ووجدت نفسي أعاني من واقع مرير، حيث زميلاتي يمارسن حياتهن يلعبن ويدرسن، ثم يكبرن ويعشن مراهقتهن، بينما أنا عاجزة أحتاج لمن ينقلني إلى الصف ويخرجني منه، لأن المدرسة لم تكن مجهزة لمن هم في مثل وضعي! وبدأت حينها أشعر بالحسرة والعذاب، لكنني كنت متفوقة في دراستي وأحصد أعلى الدرجات». باب الجامعة كبرت الطفلة قليلا وباتت ذات مزاج وطباع مختلفين، تقول الحاج في ذلك: «كنت كلما تقدمت في العمر زادت رغبتي في اعتزال من حولي وزاد شعوري بالخجل من نفسي، وكلما كان أهلي يطلبون مني الخروج معهم في زيارة أو رحلة كنت أرفض وأعاندهم بشدة فكانوا يحاورونني ويطلبون مني أن أتقبل واقعي وأرضى بما أصابني وأمارس حياتي بصورة طبيعية. كنت أستمع لهم وأقتنع بكلامهم لكنني لم أكن قادرة على تنفيذ ما يطلبونه مني، واستمر الحال كذلك حتى حصلت على معدل مرتفع أهلني لدراسة اللغة الإنجليزية في الجامعة التي بدورها قلبت حالي رأسا على عقب حيث اختلطت بالناس وخرجت من عزلتي ووحدتي وكونت صداقات وصرت أحب الحياة من جديد». دعوة من الإمارات بينما كانت الحاج طالبة في سنتها الجامعية الثانية تعرفت عبر إحدى زميلاتها على «اتحاد المقعدين اللبنانيين» فانتمت إليه وصارت عضوا فاعلا فيه تشارك في ندواته واجتماعاته، تقول موضحة: «كان للاتحاد الأثر البارز في صقل شخصيتي وتعزيز ثقتي بنفسي حتى أبلغني الاتحاد بأن وزارة الداخلية في الإمارات أرسلت دعوة ترغب فيها باستضافة 12 عضوا من ذوي الاحتياجات الخاصة لتدريبهم وتأهيلهم، فاختارني الاتحاد لنشاطي البارز لأكون إحدى المدعوات». تصمت وترتسم ابتسامة على ملامحها قبل أن تضيف: «في البدء ترددت قليلا لأنني لم أسافر يوما وسأضطر للبعد عن أهلي والانقطاع عن دراستي مدة 10 أشهر لكن تشجيع أهلي الكبير الذين أرادوا أن أحظى بهذه الفرصة لقناعتهم بأنها ستقوي شخصيتي وتدفعني نحو التعامل مع الناس والاندماج في المجتمع بشكل أفضل فوافقت وحضرت مع المجموعة عام 2007». تجربة جميلة تؤكد ندى أن قدومها إلى الإمارات كان له أكبر الأثر على حياتها وشخصيتها حيث اندمجت مع مجموعة لديها إعاقات جسدية مختلفة قضت على حالة الخوف والخجل والعزلة النفسية التي كانت تراودها عبر الجلسات والأحاديث والرحلات المشتركة، تشير إلى ذلك وتقول: «قدمت لنا مراكز وزارة الداخلية لتأهيل وتشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة في منطقة «الطوية» في العين برامج تدريبية شاملة على الكمبيوتر والجرافيك ديزاين حصلنا بها على شهادات تؤهلنا للعمل بها، وبعد انتهائنا عدنا إلى لبنان وفرحة أهلي بي لا توصف وهم يلمسون التغير الكبير في شخصيتي. وفكرت حينها في العمل بالشهادة التي حصلت عليها وبحثت لكنني لم أعثر على عمل في لبنان، وكنت حينها لا أزال أعيش في أجواء الإمارات على الرغم من تركي لها، فاشتقت للعودة إليها واتصلت بأحد الأشخاص الذين قاموا على تدريبنا وطلبت منه أن يساعدني بأن أجد فرصة عمل، والحمد لله لم يتأخر علي حيث استقدموني وبدأت العمل سكرتيرة للمدير في مركز العين الخاص لتأهيل المعاقين». يوميات العمل تعتبر الحاج مهنتها كسكرتيرة شاقة ومتعبة لما تتطلبه من جهد ووقت لا يخلو من وطأة التوتر والضغط، لكنها سعيدة بعملها وتعمل بجد وإخلاص، تقول: «أعمل ضمن فترتين صباحية وأخرى مسائية بمعدل 8 ساعات يوميا أقوم خلالها باستقبال أولياء الأمور الذين يرغبون بتسجيل أبنائهم في المركز، فأشرح لهم الخدمات والأنشطة التأهيلية التي يقدمها المركز وأزودهم بالإجراءات والأوراق المطلوبة للتسجيل، وأحدد لهم موعدا لمقابلة الأخصائي وبعد أن يقابل الأخصائي الطفل وذويه يرسل لي تقريرا أعده عن الحالة ثم أقوم بطباعته على الكمبيوتر وأدخله للمدير ليوقع بالقبول أو الرفض، فإن وافق أتصل بأهل الطفل وأبلغهم ليحضروا وأجلس معهم لفتح ملف للطالب، كما أتلقى المكالمات الهاتفية التي تكون في أغلبها من أولياء الأمور». ت ضيف قائلة: «هذا كله قد يضطرني للعمل خارج أوقات الدوام، لأننا عادة نعاني من زحمة المراجعين في الفترة الصباحية.. لكنني أعشق عملي وأسعى إلى إجادته قدر المستطاع ولا أنكر أنه يحتاج إلى صبر ودبلوماسية فكثيرا ما أقابل مراجعين من أولياء الأمور ينظرون لي بفوقية ويحاولون أن يدخلوا لمقابلة المدير دون أن يكترثوا بي بل وكأني غير موجودة لكنني أستوعبهم وأكلمهم باحترام وبأن عليهم المكوث حتى أبلغ المدير إن كان يرغب بمقابلتهم، كما يتطلب عملي مني أن أرسم البسمة على وجهي دائما وأقابل الناس ببشاشة على الرغم من أي حزن أو تعب أو ضغط يعتريني»
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©