الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجار «المكان»

13 يونيو 2010 20:13
ترى ما هو المكان؟ ما هي قيمته؟ ما الذي يمكن أن يساويه؟ أسئلة تضج في رأسي منذ يومين، منذ علمت أن بعض المقاهي فرضت رسوما على استخدام كراسيها لمن يحب متابعة كأس العالم. هل يستحق “مكانك” أمام الشاشة أن تدفع له رسوما؟ لا أعلم أهي المتعة من وراء متابعة الكرة تجري بين طرفي الملعب، أم أن هذه الرسوم التي أوقفتها وزارة الاقتصاد كانت استغلالا للحال فقط، أم أنها ظروف التزاحم الذي ترقبته المقاهي على شاشاتها؟ في النهاية هو مكان، لم تعرفه قوانين الفيزياء بأكثر من كلمة واحدة “الحيّز” ، ولم أجد له في قواميس اللغة سوى كلمة أخرى “الموضع”، وبحثت لأجد مترادفة أخرى له “المنزلة”، هو إذا “المحل” من الفراغ، حيزك، موضعك، محلك من شيء ما، كلمات تتراص لتعني في النهاية مكانك. مكانك على ذاك الكرسي المواجه لشاشة ضخمة يجرى على سطحها اللاعبون، هو ما حاول “المستغلون” من التجار بيعه لك. تأجير الكراسي في بطولة كأس العالم ليست عملية البيع الوحيدة للمكان، هناك أيضا تأجير كراسي السينما، كانت بسعر وأصبحت بآخر، هي ذاتها الشاشة، هو ذاته المكان، لم يتغير فيه شيء إلا عشرة دراهم أضيفت على سعر استئجارك له، ارتفع ثمن المكان، وأصبحت تدفع من دون أن تعرف لماذا. هناك مكان ثالث يباع، حيلة وفدت من دول معينة، يسمونها “خلو”، عليك بموجبها دفع ثمن “إخلاء المكان” من ساكنه، الذي ولابد سيرحل، لكنه يريد قبض ثمن رغبتك بالمكان قبل رحيله، حيلة لم تندثر برغم وجود قانون يضرب من يمارسها بيد من حديد. في موسم الصيف والأعراس، استحدثت طريقة جديدة لبيع المكان، أناس يحجزون قاعات الأعراس منذ أول العام في معظم ليالي نهاية الأسبوع، يدفعون خمسة آلاف للحجز، ينتظرون الصيف، لتعود آلافهم الخمسة مضاعفة ثمن تبديل الحجز لمن يرغب من “العرسان”. مرة أخرى يباع الإخلاء، يدفع “المعرس” الذي لم يجد حجزا أبدا لعرسه ثمن حجز القاعة مضاعفا، للمستغل الذي حجز القاعة فقط ليستثمر حاجة المعرس، يحصل المستغل على ما يريد، ويتمكن المعرس أخيرا من الحصول على المكان. هناك فنادق تبيع المكان أيضا، تحصل على غرفة تطل على البحر بسعر يزيد قليلا عن تلك المطلة على الشارع العام، لا فرق في الخدمة بين الاثنتين، الفارق فقط بأن تفتح شباك الأولى لتشاهد البحر البعيد، بينما تجاور في الثانية إشارة المرور. لكنك تدفع أكثر دائما، تدفع قيمة حصولك على المكان في صالة السينما، والحيز في البناية، والموضع في أجندة قاعة الأعراس، هذا ما يفعله تجار المكان، وهذا ما يجب أن ننتبه له.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©