الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

عفواً .. رصيد كربونك صفر

9 ابريل 2012
ماذا تقولون لو أن دولاً تساقط فيها المطر بغزارة على غير العادة، فجاء «اتحاد البيئة» في القارة المجاورة، وقال: ادفعوا ثمن ذلك المطر الزائد، بحجة أن مسطحات قارته المائية هي التي تبخر منها الماء بفعل الشمس وأتت الرياح وصرفت البخار إلى دول الجوار، فتكثفت فوقها السحب وسقطت تلك الأمطار، نقول حينئذ إن هذا هو الجنون لا محال. هكذا ارتأت أوروبا بفرض ضريبة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون على شركات الطيران الآتية إليها والمقلعة منها، سيقول قائل إن هذا حقهم فهم يريدون الحفاظ على بيئتهم، ولكن الأمر ليس كذلك، فالعداد الذي يحتسب ضريبة الكربون، لا يبدأ العمل من نقطة دخول الطائرة للأجواء الأوروبية، بل من موقع إقلاعها في بلدها الأصلي إلى أن تصل إلى وجهتها في أوروبا والعكس. لقد أصبح على الشركات شراء رصيد بقدر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الذي تفرزه طائراتها في الشهر أو في السنة، كما هي الحال عندما تشتري رصيداً لهاتفك النقال، وبالتالي فعليك الحرص على تعبئة الرصيد باستمرار، وإلا تعرضت للغرامة أو لانقطاع الخط. الموضوع ليس بجديد، فالاتحاد الأوروبي سن القانون، وفي سنة 2009 طرح على شركات الطيران لتحسب كميات الكربون المنبعثة منها وتقدمها للاتحاد، على أن يدخل القانون حيز التنفيذ في 2012 وتبدأ المخالفات ابتداء من 2013، وقد أخذت بعض شركات الطيران هذا الموضوع على محمل الجد، وقامت بتسجيل وتوثيق كميات الكربون المنبعثة من طائراتها وتسليمها للاتحاد الأوروبي، ويبدو أن البعض الآخر من الشركات لم يعر للموضوع أهمية، ولربما اعتقد أنها مهاترات من قارة وصلت لمرحلة الشيخوخة وبدأت بالهذيان. ما يثير هذا الموضوع الآن، هو قرب موعد تنفيذ العقوبات على باعثي الكربون من دون رصيد، فقد ظهرت صرامة موقف الاتحاد الأوروبي في تنفيذ ضريبة الكربون، وهذا ما جعل الصين تغضب، وفي رد سريع ألغت عقود شراء طائرات الإيرباص – القطب الأوروبي لصناعة الطائرات - التي أبرمتها شركات صينية والمقدرة قيمتها بنحو 14 مليار دولار، ويتوقع أن ترسى عقودها على «بوينج» – القطب الأميركي لصناعة الطائرات، لتصبح «مصائب قوم عند قوم فوائد». كما أن الصين حذرت شركاتها من الانخراط في البرنامج الأوروبي لانبعاثات الكربون، وعلى نهجها سارت الهند، فالمعنيون هناك جن جنونهم من هذا البرنامج الذي اعتبروه ظالماً، فحذرت هي الأخرى شركاتها من الانخراط في البرنامج وتزويد الاتحاد الأوروبي ببيانات انبعاثات الكربون، وهدد مسؤولون فيها بإجراءات مماثلة في حال معاقبة شركاتهم، مضيفين أن اقتصاد أوروبا هو الذي يتعرض للنزيف وليس اقتصاد الهند، وأن أوروبا ستخسر أكثر مما ستربح بهذه الإجراءات. قرار أوروبا في تطبيق قانون انبعاثات الكربون الذي شمل شركات الطيران، له عواقب وتأثيرات بالغة، بدءاً بمعاهدات الطيران والقانون الدولي وشركات الطيران، ووصولاً إلى المسافرين، وتظل الحقيقة هي أن هطول الأمطار كهبوط البشر في المطارات، فهي الأرزاق وهبها الله للبشر، لكن البعض يرى أن هذا التوجه من أوروبا بمثابة شرارة لحرب اقتصاد، فأقول لشركات الطيران “قوموا فقد حان وقت القيام.. واشتروا لكم رصيداً قبل انقطاع الخط»! يوسف الحليان | طيار إماراتي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©