الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

هاجس الانكماش يطغى على السياسات الاقتصادية العالمية

هاجس الانكماش يطغى على السياسات الاقتصادية العالمية
13 يونيو 2010 21:11
يشير تراجع عائدات سندات الخزانة إلى قلق العديد من المستثمرين بشأن الكساد الاقتصادي والتضخم، كما يشير ارتفاع أسعار الذهب إلى الخوف من زيادة كبيرة في نسبة التضخم. وبما أن أسئلة قليلة هي التي تهم المستثمرين وصانعي القرار، فربما يكون سؤال ما إذا كان ينبغي التخوف أكثر من التضخم، أم الانكماش، واحد من هذه الأسئلة. ويختلف كذلك الاقتصاديون في تقييمهم للمواطن الأكثر مخاطرة، حيث يعتمد ذلك وبشكل كبير على عنصري الزمان والمكان. ونتج عن النقاش الذي طرحته مجلة “إيكونوميست” في إحدى ندوات “الإنترنت” مؤخراً، باشتراك أكثر من 50 اقتصادياً من مختلف أنحاء العالم، أن الانكماش وعلى المدى القصير يعتبر أكثر خطورة في البلدان الغنية، في الوقت الذي يمثل فيه التضخم مصدراً مباشراً للقلق لمعظم اقتصادات الدول الناشئة، وربما يشكل خطراً طويل المدى للاقتصادات الغنية. ويبدو أن في هذا التقييم شيء من الصحة. ففي أميركا، ومنطقة اليورو، واليابان، نجد أن الانكماش يمثل حقيقة مؤلمة، بغض النظر عن انعدام أسعار الفائدة، وبعض الجهود الأخرى التي تبذلها البنوك المركزية. وارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية في أميركا في السنة المنتهية حتى أبريل، بنحو 0,9%، وهو أقل معدل في غضون أربعة عقود، وفي منطقة اليورو 0,7%. وفي اليابان التي تعاني انخفاض الأسعار لأكثر من عقد، انخفضت هذه الأسعار 1,5%. وبما أنه ليست هناك أسباب تدعو لعودة الأحوال فجأة لطبيعتها في المناطق الثلاث، فلا تلوح في الأفق تدابير مالية أو ائتمانية قوية في أي منها. كما أن معدل البطالة كبير، وهناك فجوات بين الناتج الاقتصادي الحقيقي والمحتمل. وفي “منطقة اليورو”، تزيد خطط التقشف من قلة الطلب المحلي. ولحسن الحظ، لم يكن من المتوقع انخفاض مفاجئ في الأسعار بسبب توقع الأوروبيين ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بمعدل متواضع. كما أن توقعات التضخم هذه تساعد في المستقبل على إرساء الأسعار الحقيقية. وإذا ترسخ الانكماش، يصبح من أكثر أنواع التضخم خطورة. وعند انخفاض الأسعار، يرجئ المستهلكون عمليات شرائهم، أملاً في أن يزيد انخفاض الأسعار في المستقبل نتيجة ضعف الإنفاق وتراجع الأسعار. وفي الاقتصادات التي تعاني الديون الكبيرة، يؤدي انخفاض الأسعار إلى زيادة أعباء الديون على المستهلكين والحكومات. كما أنه من الصعب محاربة الانكماش بالمقارنة مع التضخم. واكتسب مديرو البنوك المركزية خلال العقدين الماضيين خبرة كافية في كيفية السيطرة على فرط زيادة الأسعار. ويشير عدم مقدرة اليابان المستمرة في منع الأسعار من الانخفاض، إلى أن القيام بالعملية الأخرى أكثر صعوبة. وبالرغم من أن إقدام الدول التي تعاني ديوناً كبيرة على سداد هذه الديون عبر رفع معدلات التضخم حقيقة ماثلة، هناك دلالات قليلة تشير إلى تراجع الدعم السياسي الخاص بخفض التضخم. وإذا أضفنا كل هذه العوامل مع بعضها بعضاً، فينبغي أن يزيد قلق البنوك المركزية الثلاثة في أميركا، واليابان، ومنطقة اليورو، بشأن انخفاض الأسعار. كما تعكس درجة التقشف في الميزانيات، أن معدل سياسة هذه البنوك سيظل متراجعاً لسنوات عديدة. لكن هناك آثار تنجم عن ذلك في مناطق أخرى من العالم. وان أسعار الفائدة التي تقارب الصفر في اقتصادات الدول الغنية، تتسبب في هجرة رؤوس الأموال لمناطق أخرى بحثاً عن فوائد أكثر، مما يصعب على الدول التي تنعم اقتصاداتها بالتعافي، المحافظة على استقرار تلك الاقتصادت. وستتفاقم هذه المشكلة وبوجه خاص في اقتصادات الدول الناشئة. وتعاني بعض هذه الاقتصادات حالة من الغليان بالفعل، حيث ارتفاع الأسعار، وزيادة حجم فقاعات الأصول. وافتقدت معظمها للسياسة المالية الرشيدة. ووفقاً لـ”إيكونوميست”، تراجعت أسعار الفائدة في ثلثي هذه الدول البالغ عددها 25 دولة. كما أن الآمال المتعلقة بالتضخم أقل استقراراً، مما يجعل الأسعار عرضة للارتفاع السريع في أي وقت من الأوقات. وتشير هذه العوامل إلى ضرورة وجود سياسة مالية أكثر صرامة، والتي بدأتها بالفعل البنوك المركزية في البرازيل، وماليزيا، وبعض الدول الأخرى. لكننا نجد الصين وبوصفها أكثر الاقتصادات الناشئة أهمية، ربطت قيمة عملتها اليوان بالدولار مما يقلل مقدرتها على رفع أسعار الفائدة. لكن، وحتى تلك الدول التي تتمتع بعملات أكثر مرونة، تتخوف من أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة، لارتفاع قيمة عملاتها. وفي الحقيقة، تعتبر قوة العملات في الدول الناشئة جزءاً أساسياً في إعادة توازن الاقتصاد العالمي الذي يمكن اقتصادات الدول الغنية من تفادي الضغوط الناتجة عن التضخم. كما تساعد السياسات المالية الصارمة في الدول الناشئة، على تخفيف ضغط الأسعار. كما يجب أن يكون التحكم في رؤوس الأموال جزءاً من سياساتها الدفاعية للحماية من التدفقات المفاجئة للأموال الأجنبية. وبالرغم من ذلك، يحدثنا التاريخ الحديث أن أياً من هذه السياسات لن تكون حلاً سحرياً. وعندما تسوء الظروف المالية في البلدان الغنية، تصبح الدول الناشئة عرضة للانغماس في وحل الإقراض، وفقاعات الأصول. وربما يكون ثمن تفادي الانكماش في الدول الغنية اليوم، أزمات تجتاح الاقتصادات الناشئة غداً. عن “إيكونوميست”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©