الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزياء المرأة الإماراتية.. خطيب بليغ البيان

أزياء المرأة الإماراتية.. خطيب بليغ البيان
13 ابريل 2011 20:43
كلنا، تقريباً، نعرف قصة العشق العتيقة بين النساء والأزياء، حين تمشي الروح حافية على تلك الفضة المجدولة بين خيطين من قطن أو حرير... حين يشهق القلب على مرآى من نورس أبيض يحتج محلقاً على القماشة السوداء ناقراً بجناحية أطراف الثوب.. وحين تعلو آهة من امرأة تعكف على التطريز جراء شكة إبرة لم تؤلم الجلد فقط بل انسربت عميقاً في الروح.. لكنها لم تثن السيدة عن إكمال طريقتها في الاحتفاء بجمالها وبهجتها النائمة بانتظار الزوج العائد من شهور الغوص أو سفر الأزرق لـ... يوقظها. كثيرة هي قصص الحب والموت والحياة والفرح التي تسردها الخيوط الغافية في أزيائنا الشعبية القديمة.. كثيرة هي حكايا النساء الهائمة في ثنيات الثوب الذي زينته بالزري أصابع كانت تشبه الشموع لكي يكون رسولاً عنها، ينطق عما يعتمل به قلبها بلا كلام... ويبوح بلا لسان. تلك حكاية قديمة قتلتها المكننة وسفكت التكنولوجيا دمها بلا رحمة... مسكين صاحبنا “قيس بن الملوح”، ماذا سيجد عندنا لو عاد اليوم من (لَيْلاه)، هو الذي كان مستعداً لاقتطاف قمر السماء كرمى لثوبها الذي كانت تترك أثره فوق الرمال؟ لا ريب أن العصر لم يعد يتسع لقصص حب من ذلك الطراز. القلب لم يعد شاسعاً. إنه يضيق ويضيق معه وجه المرأة، حتى وإن قال الشاعر الروسي “مايكوفسكي” انه أقام لها منزلاً من الرياح... لكن مهلاً، ألم يكن هذا رأفة بالمرأة المسكينة وظهرها المقوس من الانكفاء على كاجوجة تأخذ من بريق عينيها بقدر ما تعطيها من بريق الخيوط الفضية أو الذهبية؟ ربما... لكن في القلب حزن على ذلك الحنان الباهر الذي كان يشربه الثوب وهو يكبر قطعة قطعة بين يدي صاحبته... لتلك العلاقة المنسية بين الأيدي وما تصنعه... لعلها لعنة تتوثق عراها بين كل ما يصنع يدوياً وبين الآلة التي تنتج بلا مشاعر... وإن أتقنت. تلك هي باختصار شديد حكاية المرأة الإماراتية مع ثوبها وشيلتها وخيوطها وأقمشتها التي ترويها الباحثة ريم المتولي في كتابها الجديد: “سلطاني – تقاليد متجددة”... الكتاب/ المفاجأة الذي خرجت به بعد ثماني سنوات من العمل الجاد والبحث الدؤوب في عالم الأزياء التقليدية متتبعة فصول ثباتها وتغيرها خلال فترة حكم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” بين عامي 1966 و2004. و”سلطاني” هو الاسم الإماراتي لقماش يصنع من الحرير المصقول واللامع والمزين بخطوط طولية لونها يختلف عن لون أرضية القماش، وباختيارها له ليكون عنواناً لكتابها إنما أرادت أن توظف دلالات الاسم التي تحيل ذهن القارئ الى التراث من جهة وإلى الفخامة والترف العالي من جهة ثانية، خاصة أن طريقة إخراج الكتاب لا تقصِّر في تحقيق مثل هذا الإيحاء. مع ذلك، ليست الفخامة الطباعية ولا الرسومات واللوحات والموتيفات والقصائد الجميلة والأبعاد الجمالية الأخرى التي يتوفر عليها الكتاب هي ما يجعل هذا الإصدار مهماً ولافتاً، بل أيضاً كونه أول مرجع جامع يتناول الأزياء الشعبية التقليدية النسائية في الإمارات، ولطريقة عرضه وتفاصيله الكثيرة والشهادات التي أوردت فيه لنساء لم يتحدثن قبل ذلك حول هذه المسألة، والصور التي تنشر لأول مرة لملابس وأثواب تعتبر من كنوز الماضي التي ضمتها وحرصت عليها خزائن سيدات من الأسرة الحاكمة ولم تفتح إلا أمام الباحثة التي بدورها وعبرت عن شكرها وامتنانها العميق لهنَّ أكثر من مرة في مقدمة ضافية شرحت فيها أسلوب عملها مؤكدة أن هذا الجهد لم يكن ليرى النور لولا تفهمهنَّ ورعايتهنَّ. الزي والهوية يستمد الكتاب أهميته أيضاً من العلاقة المتنامية بين الأزياء الشعبية والهوية في عالمنا المعاصر، وهي الموضوعة التي التفتت إليها سمو الشيخة سلامة بنت حمدان آل نهيان حرم الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في كلمتها التي تصدرت الكتاب حيث قالت: “نحن شعب يصرّ على التمسك بما هو جزء من هويتنا.. هذا ما اعتز به المغفور له ـ بإذن الله تعالى ـ الوالد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ليحمينا من الذوبان في عولمة تضيع فيها الهويات.. ويحمله في رؤاه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وحاكم أبوظبي “حفظه الله”.. وينهجه الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.. ولأن الاعتزاز بأزيائنا، والتأريخ لها مسألة ملِّحة فإن الجهد الذي بذلته الكاتبة يسجل جانباً من حياة وفكر شعب.. ويتوَّج خصلة من هواجس تشغلنا، وحوارات تجمعنا.. أثْرَتْ عمراً من الصداقة يكبر فينا”. والهوية أيضاً هي هاجس كلمة د. شمة بنت محمد بن خالد آل نهيان التي قالت: “في زمنٍ تتصارع فيه الهويات.. ويتعرض التراث لأشكالٍ متنوعةٍ من النسيانِ والاندثار.. تصبح الأزياء هوية تمشي على قدمين.. وأساساً من الأسس التي يرتكز عليها إحساسنا ووعينا بهويتنا.. ودفتر أحوال يسجل أصالة وحضارة وطننا الغالي الذي نعتز بالانتماء إليه.. لكن هذا الانتماء يتطلب منا أن ندافع عن هويتنا بكل ما أوتينا من وعي ومعرفة كي نكون جديرين حقاً بالانتماء إلى هذا الوطن.. وكي نحافظ على نهضته وشموخه.. تلك النهضة وهذا الشموخ اللذين أرسى معالمهما المغفور له ـ بإذن الله تعالى ـ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.. ويرعى مسيرتهما صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”. وهي (الهوية والحداثة) حاضرة أيضاً في حديث ريم المتولي: “وثقتُ في كتابي هذا استمرارية الأزياء التقليدية للمرأة الإماراتية، وتغيرها خلال حقبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية السريعة التي شهدناها، لكي أوضح أن أنواعاً مميزة من الأزياء ساعدت النساء الإماراتيات على التمسك بالحداثة وبهويتهن العربية الإسلامية في آن معاً”. ومن أسباب أهمية هذا الكتاب شموليته وجدَّته؛ فالمكتبة الإماراتية والعربية تفتقر لمرجع متخصص في هذا الموضوع فجاء ليسد ثغرة، ويشرح الكثير من الأمور والنقاط الخاصة بالأزياء التي كانت سائدة في الإمارات خلال فترة معينة، وارتباط تلك الأزياء بالثقافة والفن والاقتصاد والسياسة، ويقدم لوحة تحتشد بالتفاصيل وبعناصر المشهد الفولكلوري والثقافي الإماراتي، وما طرأ عليه من تغييرات. ومنها تنوع العينة من حيث المستوى الاجتماعي والمرحلة العمرية وموقع علاقتها مع الأزياء حياكة ومعرفة علمية. وقد سمح لها هذا التنوع أن تلم بالكثير من المعلومات التي لم تعد متداولة حتى في الكتب التي تختص بالتراث الشعبي، واستنهاضها من الذاكرة وتسجيلها قبل أن تمحي من الذاكرة، فضلاً عن الذهاب الى مصادر ذات علاقة لم تنتبه لها البحوث السابقة. ويعزز أهمية الكتاب أنه يضم دراسات مهمة منها واحدة حول “التأثير الإقليمي على الأزياء في الإمارات” والهجرات العربية التي شهدتها المنطقة طوال تاريخها وما نجم عنها من تفاعل أثر على الأزياء، وفيه وضعت ريم المتولي يدها على تأثيرات نجدية وفارسية وبحرينية ويمنية وهندية وإفريقية تركت أثراً بالغاً على طرز الثياب واختيار الأقمشة وعناصر الزخرفة والتطريز المستعملة لتحسين الزي وتطويره، بالإضافة الى دراسة أخرى حول أثر السياسة على الزي وثالثة حول أثر الدين على الزي ونشأة وتطور فكرة الحجاب وغيرها. علاوة على أنها لجأت بعد كل فصل الى التساؤل عن مستقبل كل مفردة من مفردات الزي الإماراتي ومدى قدرتها على البقاء وتحدي تيار التغيير الكاسح. الكتاب الوثيقة والكتاب وثيقة تؤرخ لثياب المرأة الإماراتية التقليدية، وهي الأولى من نوعها دراسة ومعلوماتٍ وطرحاً حيث يضع الأزياء المحلية خلال أربعة عقود في سياقها التاريخي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، ويتتبع أثر الثروة النفطية والتمدن والنفاذ إلى السوق العالمي وضغوط العولمة على المجتمع العربي الإسلامي المحافظ. ويقع في 3 أجزاء باللغتين العربية والإنجليزية، وتم تخصيص الجزءين الأول والثاني (590 ص) للمادة المكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية، فيما خصص الجزء الثالث (170ص) لمجموعات الأزياء التي صممتها المؤلفة. والكتاب في الأصل هو رسالة الدكتوراه التي تقدمت بها المؤلفة لجامعة لندن في 2007، وهي بعنوان: “التغييرات في الزي التقليدي للنسـاء في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال القرن الـ20”، وبعد وفاة الشيخ زايد “رحمه الله” قامت الباحثة بتوسيعها والإضافة عليها لتصبح مرجعاً شاملاً للزي النسائي التقليدي في الإمارات، واستخدمت الكاتبة أسماء الأقمشة والملابس والأحذية و الجوارب كما تُلفظ باللهجة الإماراتية. ترجم الكتاب الى العربية ريا محمد الجزائري، وتابع الترجمة: محمد الجزائري، وقامت بتدقيق المادة العربية الإعلامية رائدة دعبول وصمم لوحة الغلاف واللوحات الداخلية: هيف كهرمان، وقام بتصميم الغلاف والغرافيك والإخراج: علي روحاني أما الخطوط فهي للفنان: محمد مندي واللوحات للفنانة فاطمة لوتاه، والتصوير الفوتوغرافي: زياد المتولي، عارف البناي. وفي دراستها لملامح التغيير التي ألمت بالزي التقليدي النسائي في الإمارات درست طبيعة السلطة القبلية وتاريخ قبيلة بني ياس ومروراً بالسلطة الاجتماعية ودور النساء قبل النفط الذي قالت إنه كان دوراً فاعلاً، والملابس التقليدية للنساء الإماراتيات قبل النقط وانعكاسات الشح الاقتصادي ومستوى المعيشة عليها، والممارسات التي كانت تسود قبل أن تحدث الطفرة ويتحول المجتمع إلى مجتمع رفاه وتتغير طريقة الحياة واللباس والأزياء، وقوفاً عند أثر الثروة على النساء وأزيائهن، وعلى التصميم، وعلى تجارة الأقمشة حيث وفرت إحصائية دالة بهذا الخصوص، وانتهاء بأسباب التغيير في الملابس الإماراتية. وتطرقت إلى خياطة الملابس ووحدات القياس، وكيفية أخذ قياسات الزبونة، الطرائق التقليدية لخياطة الملابس، التفصيل التقليدي – القصّات، الطرائق الحديثة لخياطة الملابس (الدرز والكف، التبطين، طرائق الشبك، الملابس الجاهزة). وأفردت مساحة لدراسة الأقمشة وأنواعها قديمها وحديثها، والتفتت التفاتة مهمة إلى مصادر أسماء الأقمشة وأسباب تسمية كل منها بالاسم الذي يحمله، والتغيرات التي طرأت عليها، وجهاز العروس (الزهبة) ومكوناته وتفاصيله، والتصاميم والأشكال على الأقمشة، وتقنيات التطريز، واسم الخيط، واسم الشركة المصنعة أو علامتها واللون المميز أو اللمعان، وأنواع الأقمشة المستخدمة قبل التسعينات (القطن، الحرير، الصوف) ثم الأقمشة الصناعية ثم مصطلحات النسيج الفنية مع تصحيح بعض الأخطاء الشائعة في هذه التسميات وتدقيقها، ثم الملابس والألوان معرجة على اللون في العالمين العربي والإسلامي، والألوان السائدة في الإمارات حالياً، وفلسفة الأبيض والأسود في ملابس الرجال والنساء، ورموز الألوان ودلالاتها ومناسبات ارتدائها، وعلاقتها بالدين. إلى ذلك درست الباحثة أنوع الزينة التي توضع على الثوب: (الخيوط القطنية، الحرير، الخيوط المعدنية، زري، تلّي) والزخارف ومنها: أشغال التلي، النرجيبة أو التركيبة، مع قراءة في التصاميم التطريزية، والتشكيلات الأساسية للخطوط، والرسوم التقليدية ونسخ تصاميم الثياب المفصَّلة وتقليد الماركات الراقية وإدخال النماذج الإسلامية، والخط العربي، وانتهاء بتصوير الشخوص. وفي استفاضة واضحة تناولت الباحثة في الجزء الثاني أقنعة الوجه وأغطية الرأس وأغطية الجسم وأنواعها وأسباب استخدامها وأصولها التاريخية مع التفريق بينها، فخرجت بدراسة واسعة غنية بالتفاصيل حول التطورات التي حدثت عليها، ولم تغفل الملابس الداخلية وملابس القدمين وأنواعها قديماً وحديثاً، وأفردت فصلاً لكيفية تخزين الملابس والأقمشة والحفاظ عليها واختتمت كتابها بخلاصة سريعة لا تغني إطلاقاً عن قراءة الكتاب. أخيراً، ارفقت الباحثة بكتابها الذي جاء في جزئين في حجم كبير على غرار الموسوعات كتاباً ثالثاً يضم تصاميمها الخاصة للزي الإماراتي التقليدي واقتراحاتها الجمالية لتطويره وتقديمه في أسلوب معاصر يواكب الحياة ومستجداتها.. فبدا أن البحث يضم جانبين: نظري وتطبيقي مما يوسع الفائدة المرجوة منه. أما الكاتبة، الدكتورة ريم المتولي فهي مستشارة خاصة في مجالات العمارة الإسلامية والهندسة الداخلية والفنين العربي والإسلامي، وفي تراث الإمارات. وفي 2009 أشرفت على جمع وتأليف وإخراج كتاب «ART MY PASSION» الخاص بالمجموعة الفنية الخاصة من مقتنيات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وحرمه الشيخة سلامة بنت حمدان آل نهيان. وسبق أن أصدرت كتاب “قصر الحصن” في العام 1995. درست علوم هندسة الديكور الداخلي في الولايات المتحدة الأميركية، وحصلت على ماجستير في العمارة والفنون الإسلامية والآثار من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية SOAS- جامعة لندن، وعلى دكتوراه في الفنون الإسلامية والآثار من نفس الجامعة في عام 2007. وهي عضوة في المجلس الاستشاري الخاص بقسم الهندسة الداخلية ـ الجامعة الأميركية ـ دبي. ومستشارة خاصة تمثل أبوظبي لشركة كريستيز للمزادات العالمية ـ دبي، وترأست عام 1984 قسم الفنون بالمجمع الثقافي. وإذ نعرض هنا لأهم ما جاء في هذا الكتاب نؤكد أن هذا العرض لا يغني عن قراءته والاستفادة مما ورد فيه من تفاصيل تبدأ من غطاء رأس المرأة إلى قدميها. والحال يستطيع المرء القول بكل أريحية أن الكتاب مرجع ضروري يصعب أن يستغني عنه أي باحث في تراث الإمارات وثقافتها. ثوب وكَنْدُورة وشّيلة وسِرْوال وبادْلة لها بيت يوجد في الإمارات ثلاثة أشكال من الأزياء التقليدية وهي: الثوب والكندورة والكًون أو النفنوف. الثوب: رداء شفاف فضفاض تلبسه النساء في منطقة الجزيرة العربية كلها، ويشير إلى أي نوع من الأردية التي تُلبس فوق القمصان، بالإضافة إلىى الرداء ذي الكمين الطويلين أو القصيرين. ويعود أصل الثوب التقليدي في الإمارات إلى الثوب النجدي البدوي النسائي التقليدي، وكان عادة أسود اللون ويتكون من قطعة واحدة كبيرة مطوية بشكل مربع من قماش الكتان أو القطن الناعم أو الصوف الخفيف المنسوج على النول اليدوي. ويتكون من: البدن أو البدنة، الأجناب أو الجْناب، التنفاية، الباط، الحلج (فتحة العنق) والذايل اي الذيل. ويتميز بتطريز بهي مكثف وبألوان حيوية نابضة، ويرتدى في المناسبات. وتظهر الصورة الفوتوغرافية أن الثوب الأسود البسيط كان الشكل الأول للباس الخارجي الذي يرتدى في الحياة العامة، والذي سبق استخدام العَبا (العباءة)، وقد استمر هذا التقليد إلى يومنا هذا لكن عند النساء البدويات. وكان الثوب في ستينيات القرن الماضي بسيطاً يزين من جهة واحدة فقط وتقتصر زينة فتحة العنق على خيوط بسيطة من التلي لكنه تغير كثيراً وصارت زينته وزخرفته أكثر تنوعاً وكثافة، واستخدمت في خياطته أقمشة الشيفون الشفاف، وتم دمج فتحتي حلج الكندورة والثوب مع إدخال أشكال جديدة عليها. وحتى الآن لا تزال أغلبية النساء الإماراتيات يظهرن بالأثواب التقليدية في المناسبات الدينية والحفلات الاجتماعية، فإلى جانب ملاءمتها للذوق المحلي فقد بدت رمزاً مثالياً للتمسك بالأعراف والتقاليد التراثية. الكندورة: ثوب يشبه قميصاً بكمَّين طويلين، ومن دون خياطات أو سحابات، حيث تكون البدنة أي المقطع الطولي المركزي الأمامي والخلفي من قطعة قماش واحدة، أما المقطعان الطوليان الجانبيان - أي الجناب أو الطروز - فيمنحان حرية الحركة، ويمتدان حتى حافة الثوب السفلي. وتتميز الكندورة الإماراتية بشق جانبي طولي يمتد من جانب فتحة الحلج الأيسر من عند عظمة الكتف وحتى منتصف المسافة بين الصدر والخصر. وهي ترتدى في المنزل وفي المناسبات، لأنها توفر للمرأة سهولة الحركة والجلوس باحتشام فضلاً عن تبريد الجسم. لذلك تستخدم بكثرة كلباس أساسي بالنسبة لنساء الإمارات. تغيرت الكندورة كما حدث مع الثوب، سواء على مستوى القماش الذي تصنع منه أو التصاميم أو التطريز الذي يزين فتحة العنق، وبعد أن كانت بسيطة وعملية من القطن الخفيف ولا يزيد طولها على منتصف الساقين لتسمح للبادلة في السروال بالظهور صارت تصمم وفق أحدث أساليب التصميم العالمية، وأصبحت طويلة تصل إلى نهاية القدمين، وتخلت عن الجناب والباط، وقلدت الأكمام المغربية التي تسمح للكفين بالدخول. الكًوَن: زي مخاط عند الخصر ترتديه بعض نساء الإمارات في المناطق الساحلية بدلاً عن الكندورة، في حين لا ترتديه البدويات إلا نادراً. ولم يرد عند الباحثين لكن المتولي رصدته من خلال سيدات مسنّات أدركنه. ومع الانفتاح حلت الأزياء الأوروبية محل الكًوَن، وحلت كلمة الفستان محله في إشارة الى أغلبية الأثواب عدا الكندورة. السِّروال: بنطال له باط فضفاض عند نهاية جذع الجسد، وساقان ضيقتان تتسمان بزينه بسيطة أو كثيفة من خيوط معدنية ويمكن ان تمتد بأطوال مختلفة بين الكاحلين وحتى منتصف الساقين، ويخاط عادة من القطن الخام أو الشيت أو القطن الأسود او من أنواع القطن الخفيف مثل الوَشاش الملون والوَايِل أو الْمرِيْسي، ومن النادر خياطته من الحرير او الساتان. وقبل مرحلة الثمانينات ظهرت في الإمارات ثلاثة أنواع من السراويل هي: سروال بو جِسْفَة (من القطن الأبيض ولا يحتوي على التطريز)، وسروال بو تَلّي (محلّى بخيوط التَلّي عند الكاحلين ويخاط من القطن او الحرير)، وسروال بو بادلة (يتم تزيينه بالبادلة، وهي الجزء المطرز عند كل كاحل). وقديماً كانت البادلة ذات قيمة مادية عالية لأنها كانت تصنع يدوياً من خيوط الفضة الخالصة، وقد أصبح صنعها نادراً. وللبادلة خمسة أجزاء رئيسية: بيت، طْراف، كًِيطان، كًولي أو منشارة. ومع مرور الزمن استبدلت البادلة المصنوعة يدوياً بتطريز آلي، ثم جرى استحداث السروايل الجاهزة التي تصنع من الموسلين الأبيض، وقلّ استخدام التلي واقتصر على الطلب الخاص. وفي فترة لاحقة جاء البنطال المطاطي بألوان متعددة ليحل محل السروال. النّْعال: عرفت الإمارات نوع من الأحذية التقليدية يسمى الدّلاغات (جوارب سادة) والزَّرابيل (نوع من الجوارب أو حذاء مصنوع من القماش السميك أو الجلد) وكلاهما اختفى وحلت محله الجوارب الجوارب النسائية العصرية، والنّعول التي تطلق على كل ما ينتعل في القدم. وهناك كلمتان أخريان تستخدمان للإشارة الى الأحذية هما: امْداس وهي مشتقة – حسب فالح حنظل – من الفعل دعس أي خطا أو داس، و جوتي وهي مأخوذة من الفارسية – اللارستانية وهي تعني كل ما يغطي القدم اي الخف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©