الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موسوعة معرفية في الثقافة الشعبية

موسوعة معرفية في الثقافة الشعبية
13 ابريل 2011 20:54
يُعدّ الأديب البصريّ أبو عمرو بن محبوب الكناني، أبو عثمان، الملقب بالجاحظ (ت 255هـ)، من أوائل المُؤلفين العرب الذين أولوا الجوانب الحياتية والشعبيّة الدور الأبرز في مُصنفاته الموسوعية المعروفة كالحيوان، والبيان، والتبيين، والبخلاء، والبرصان والعرجان، وغيرها... فقد تناول الجاحظ في مصنفاته الوافرة الموسوعية الشعبية العديد من الظواهر الاجتماعية المتمثلة في العادات والتقاليد والحكايات والأمثال والنوادر، كما ضمت مؤلفاته إشاراته إلى عادات الأكل والشرب والملبس واللعب وغيرها الكثير التي تحفل بها صفحات مؤلفاته المعروفة. ويعتبر كتاب الحيوان من أجل كتب الجاحظ كونه موسوعة علمية بصورة خاصة وثقافية فكرية شاملة بصورة عامة لما تضمنه من معلومات وآراء ومثاقفات عديدة انفرد بها هذا الأديب الموسوعي الخالد. ويجيء كتاب الدكتورة مريم النعيمي الأكاديمية في جامعة قطر والموسوم بـ”أمثال الجاحِظ كتاب الحيوان شاهداً” الصادر عن وزارة الثقافة والفنون بالدوحة بطبعته الأولى وبصفحاته أل 434 صفحة من القطع الكبير، ليضم مسرَداً لثلاثمائة وثلاثة عشر مثلاً درست نصوصها وخرجتها المؤلفة الفاضلة للأمثال التي أوردها الجاحظ في كتابه المعروف “الحيوان”. وأشارت النعيمي في مقدمة كتابها إلى أن الدارسين قد عرفوا الجاحظ ـ قديماً وحديثاً ـ ولم يخل زمان من العناية بأدب الجاحظ الذي غطت شهرته الآفاق، وأن دراستها تتناول جانباً من جهود الجاحظ تلك، حيث أفردت دراسة ضافية تتناول المحاور الرئيسة فيه، حيث تحدثت عن أهمية ألمثال العربية من مستودع حافل من التجارب الإنسانية التي تبرز الحاجة إليها في كل زمان، مع إضاءة معالم رحلة الأمثال العربية من اعماق العصر الجاهلي إلى العصر الحديث، كما أشارت على البواعث التي حرّكت المؤلف الجاحظ من أجل بذل عنايته بجمع الأمثال... كما امتدت آفاق النعيمي في “الدراسة” إلى الحديث عن المحاور التي رأت أهمية تناولها، وهي رواية المثل في كتاب الحيوان للجاحظ، وعنايته كمؤلف بتفسير الأمثال وشرحها، وموقفه من بعض الأمثال، ثم اختتمت مريم النعيمي مقدمة كتابها بعرض خطتها المنهجية في تصنيف هذا الكتاب. ثم بينت لـ”أهمية المثل” قائلة: يُعدّ المثل لوناً من ألوان التعبير التي عرفها العرب في بيئاتهم منذ عصر سحيق، فقد ارتبطت الأمثال في عصر ما قبل الإسلام بالواقع الاجتماعي العربيّ ارتباطاً شديداً، ونهضت في سبيل الوفاء بالحاجات التواصلية اليومية التي ضُرِبت الأمثال من أجلها، واستطاعت أن تسدّ فراغاً في لغة الخطاب... رحلة المثل العربي تحدثت المؤلفة عن “رحلة المثل العربي” من خلال الدراسات والإشارات التي كتبت عنه وتعود إلى العصر الجاهلي، لكن أرجح الآراء عندها حوله أن العرب لم تُدون مرجعاً يضم ما كان متداولاً من أمثالها فذ ذلك العصر، مشيرة السبب إلى أن البداوة وكثرة الترحال والتنقل وشيوع الأمية نُدرة وسائل الكتابة كانت وراء عدم تدوين عرب الجاهلية كتاباً يضم أدبهم المثلي. بعد ذلك توقفت عند “بواعث عناية الجاحِظ بالأمثال” الذي كان واحداً من العلماء الذين لفتتهم الأمثال فعنوا بها من جوانب عدّة، مشيرة على سرّ اهتمام الجاحظ بالمثل العربي لأسباب منها: كونه موسوعي الثقافة غزير المعارف، ولكونه مدرك لقيمة المثل العربي، ولمدى الارتباط الحاصل بين بعض البحوث التي كان يجريها والمثل العربي، وكذلك مجاراة لتيار عريض عُنِي بها في ذلك العصر، كما أن سوق المثل عند الجاحظ يحقق له عدداً من الأهداف والوظائف التي تصب في مصنفاته الموسوعية، فضلاً عن حب لتقصي الأمثال العربية وعشقه لروايتها... كذلك عرضت لكتاب “الأمثال” للجاحظ والمصير المجهول، الذي تحدثت فيه عن كتابه ـ الجاحظ ـ المفقود وهو الكتاب الذي أنكره بعض المعاصرين من غير وجه حقّ، لكن المؤلفة النعيمي بدراستها هذه أثبتت أن للجاحظ كتاباً مُفرداً في الأمثال عرفه القدامى، ولكنه ضاع ولم يصل إلينا! مصادر وأنواع المثل ثم أعقبت حديثها عن “مصادر المثل في كتاب الحيوان” التي تندرج تحت عدّة مصادر وهي: المصادر الجاهلية، والمصادر الإسلامية، والمصادر المُستحدثة. وعرضت “لأنواع الأمثال في كتاب الحيوان” وهي: المثل الموجز، والمثل الحكمي، والمثل القياسي، المثل القَصصي، المثل الخرافي... وأشارت النعيمي إلى “رواية المثل في كتاب الحيوان” و”عناية الجاحِظ بتفسير الأمثال وشرحها”، وبيان “وجوه أخرى من عناية الجاحِظ بالأمثال”، و”موقف الجاحِظ من بعض الأمثال”، وختمت دراستها بالخلاصة التي خرجت منها في دراستها للأمثال في كتاب الحيوان للجاحظ. النصوص 313 مثلاً ثم سردت الدكتورة مريم النعيمي “النصوص” لنصوص الأمثال الواردة في كتاب الحيوان للجاحِظ التي بلغت 313 مثلاً حيث وزعتها حسب الحروف الهجائية، فأوردت للمبدوءة بحرف “أ” 163 مثلاً، أكثر أمثال الكتاب، ولحرف “ب” 5 أمثال، ولحرف “ت” 7 أمثال، ولحرف “ج” 6 أمثال، ولحرف “ح” 23 مثلاً، ولحرف “خ” مثلان، ولحرف “د” مثل واحد، ولحرف “ذ” مثلان، ولحرف “ر” 3 أمثال، ولحرف “ز” مثل واحد، ولحرف “س” 4 أمثال، ولحرف “ش” 4 أمثال، ولحرف “ص” 5 أمثال، ولحرف “ض” مثلان، ولحرف “ط” مثل واحد، ولحرف “ع” 11 مثلاً، ولحرف “غ” مثلان، ولحرف “ف” 6 أمثال، ولحرف “ق” 4 أمثال، ولحرف “ك” 11 مثلاً، ولحرف “ل” 18 مثلاً، ولحرف “م” 18 مثلاً، ولحرف “ن” 4 أمثال، ولحرف “و” 3 أمثال، وأخيراً لحرف “ي” 6 أمثال. من أمثال الحيوان اعتمدت الدكتورة مريم النعيمي في كتابها “أمثال الجاحظ في كتاب الحيوان شاهداً” على ثلاثة مجاميع في ألأمثال العربية لتخريج الأمثال التي أوردها الجاحظ في كتابه “الحيوان” والمتمثلة في كتاب “جمهرة الأمثال” للعسكري، وكتاب “مجمع ألأمثال” للميداني، وكتاب “المُستقصى” للزمخشري، مع ضبط ألأمثال وتخريج إشاراته ورح غريبه. وأول الأمثال الواردة في نصوص الكتاب ضمن حرف الألف هو “آمنُ من حمام مكة”. وهذا المثل شائع على جميع الألسنة. قال عُقيبة الأسدي لابن الزبير: ما زلـتَ مُذ حِجـجٍ بمكـةَ مُحرماً في حيث يأمَـنُ طائرٌ، وحَمام فلتنهضنّ العِيس تنفخُ في البُرَا يجتبنَ عُـرض مخَارمِ الأعلام أبنو المغــيرة مثـلُ آل خُـويلـدٍ؟ ياللرجـــــالِ لخِفـَــةِ الأحلام بيضة البلد والعصا... ومن أمثال حرف “الباء” المثل القائل “بيضة البلد”. والبلد، أدحى النعّام والنعّام تترك بيضها. يضرب المثل لمن لا يعبأ به. وضمن حرف “الحاء” مثل “حديث خُرافة”، وخُرافة رجل من بني عذرة استهوته الشياطين، فتحدث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوماً بحديث، فقالت امرأة من نسائه: “هذا حديث خُرافة” قال: “لا، وخُرافة حَقّ”. وجاء “العصا من العُصية” ضمن أمثال حرف “العين” في الكتاب. حيث تقول العرب: “العصا من العُصية، ولا تلد الحيّ إلاّ الحيّة”. ويُضرب مثلاً في تشبيه الرجل بأبيه... وفي أمثلة حرف “الغين” مثل “غُراب نوح” حيث أن في كثير من الروايات العربية، أنّ الديك كان نديماً للغُراب، وأنّهما شربا الخمر عند خمّار ولم يعطياه شيئاً، فذهب الغراب ليأتيه بالثمن حين شرب، ورهن الديك، فخَاسَ به، فبقي محبوساً... وأن نوحاً عليه السلام حين بقيّ في اللُّجة أياماً بعث الغُراب، فوقع على جِيفة ولم يرجع، ثم بعث الحمامة لتنظر هل ترى في الأرض موضعاً يكون للسفينة مرفأً؟ واستجعلت على نوح الطّوق الذي في عنقها، فرشاها بذلك، أي فجعل ذلك جُعلاً لها. وفي “حرف اللام” ورد مثل “لكُلّ ساقطة لاقطة”. يقول الأصمعي وغيره: الساقطة، الكلمة التي يسقط بها الإنسان. أي لكل كلمة يخطئ فيها الإنسان مَن يتحفظها فيحملها عنه. وأدخل الهاء في اللاقطة، أراد المبالغة.. يضرب المثل في التحفظ عند النطق. وختمت الدكتورة مريم النعيمي أمثال كتاب الحيوان للجاحظ “لحرف الياء” بالمثل القائل “اليومُ ظَلَمْ”. أي وضع الشيء في غير موضعه. قالوا يُضرب للرجل يُؤمر أن يفعل شيئاً قد كان يأبَاهُ ثم يذل به.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©