الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكتابة بلسان الآخر

13 ابريل 2011 20:57
اختار الروائي والناقد العراقي شاكر نوري في كتابه الجديد «منفى اللغة/ حوارات مع الأدباء الفرانكوفيين»، أن يدخل إلى عوالم ألمع المبدعين العرب والعالميين، من مدخل اختياراتهم الثقافية، وهو كتابة أعمالهم بغير لغاتهم الأم، وعلى وجه التحديد باللغة الفرنسية، فباتوا وكأنهم قد تجاوزوا مسألة محاورة الآخر إلى الكتابة بلسانه، وهم يعيشون في منفاه. كتاب نوري هو جمع لحوارات أجراها قبل سنوات مع العديد من المؤلفين، هم: أحمد كوروما، أندريه شديد، بوعلام صنصال، رشيد بوجدرة، ليلى صبار، ياسمينة خضرا، إدمون عمران المليح، عبد الحق سرحان، سليم باشي، إدوار غليسان، إيتيل عدنان، جواد ميديش، عبد الكبير الخطيبي، صلاح ستيتية، نديم غورسيل، الطاهر بن جلون، أمين معلوف، ألبير قصيري، جيسيل بينو، جوليا كريستيفا، أندريه ماكين، عمر منير، عبد الوهاب المؤدب، إدوارد مونيك، عثمان سمبين، مالك شبل، غسان فواز، فؤاد العتر، ماحي بينبين، جورج شحادة. المؤلف يجعل من حوارات كتابه الذي صدر عن مجلة «دبي الثقافية» ضمن سلسلتها الشهرية في 440 صفحة، شهادتي ممن حاورهم، على ما يمكن تسميته الوطن الأصيل والوطن البديل خصوصا عندما يصبح وجودهم في فرنسا، وكتابتهم بلغتها، أكثر من مجرد اغتراب وقتي، فرضته الضرورة، كما هو الحاصل مع أكثر المغتربين في أرجاء العالم. يطرح شاكر نوري في مقدمة الكتاب أسئلة جوهرية تتعلق بمسألة الاغتراب الأدبي، منها: لماذا اختار هؤلاء الأدباء المحاورون الكتابة بالفرنسية؟ وهل الأدب الذي يبدعه الكتاب والأدباء العرب بالفرنسية يشكل إضافة إلى الثقافة العربية أم يسهم في خلخلة الهوية؟ وهل تفتح الفرنسية للكتاب المغاربة باباً للاقتراب من مناطق محرمة عليهم في لغتهم الأم العربية؟ وهل يمكن اعتبار تلك النصوص الفرنسية جزءاً من الأدب العربي؟. الإجابات عن مثل هذه الأسئلة، قد لا تبدو موحدة، فهي عبارة عن تجارب شخصية يدلي بها كل من المحاورين اعتباراً لما دفعه إلى اختياره الثقافي واللغوي. خصوصاً عندما لا تكون اللغة عائقاً لسبب ما على حد ما يعبر عنه الروائي التشيكي ميلان كونديرا بقوله: «اللغة الفرنسية لا يمكنها أن تعوّض أصولي وجذوري، إنها لغة «أناي» العاطفية. إن تعاملي وعلاقتي مع اللغة الفرنسية يشبهان تماماً تعامل وعلاقة حبي في الرابعة عشرة من العمر، خائب الأمل من حبي لغريتا غاربو، وهي تمرح وتمرح وتنظر إلى هذا الطفل المسكين وتنفجر بالضحك. وهو يقول لها: ألا تستطيعين أن تعبري عن رغبتك إزائي قليلا؟ وغريتا غاربو لا تستطيع أن تجمد ابتسامتها: أنت أوه.. كلا، كلا، حقاً. ولكن الرفض عادة ما يضاعف من حدة الحب». أما فيما خص لجوء مبدعين عرب إلى الكتابة بالفرنسية، فيجد فيه شاكر نوري، إنه لم يعد مسألة قبول أو رفض الأدب المكتوب بتلك اللغة «لأنه أصبح حقيقة ماثلة في تاريخنا، وجزءاً لا يتجزأ من الإبداع العربي، فالقيم الروحية العربية السائدة في أغلب الكتابات تدل على أن هذا الوعي هو جزء من تاريخنا، وأن الاغتراب الثقافي لم يعد سلطة قائمة بعد أن كان مستفحلاً في الأرض العربية ردحا من الزمن». وفي الاستنتاج يجد نوري إن كتابات العرب الفرانكوفونيين تميزت بجرأة طرح الموضوعات واستخدام الأساليب التقنية الحديثة. يذكر أن نوري حصل على شهادتي البكالوريوس والماجستير في الآداب واللغة الإنجليزية من جامعة بغداد، والدكتوراه من جامعة السوربون في فرنسا. من أبرز أعماله النقدية «المقاومة في الأدب»، «السينما العراقية»، «الحركة الصهيونية في فرنسا»، وله عدد من الروايات، منها «العطر الإفريقي الأبيض»، «نافذة العنكبوت»، «نزوة الموتى»، «كلاب جلجامش»، «المنطقة الخضراء».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©