الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المتقاعسون عن الكتابة

المتقاعسون عن الكتابة
13 ابريل 2011 20:57
سواء أكانت المسرحية من الأعمال المشارِكة في المنافسة على جوائز أيام الشارقة المسرحية الذي اختتمت فعاليات دورتها الحادية والعشرين مساء الأحد قبل الماضي في معهد الشارقة للفنون المسرحية، أم أنها من الأعمال التي جرى عرضها على هامش هذه المسابقة، فإن المسرحيات الاثنتي عشرة التي قدمت عروضها بدءاً من السابع عشر من شهر مارس قد انبنت جميعاً على نصوص أدبية مسرحية لكتّاب إماراتيين بواقع ثلاثة أعمال للكاتب إسماعيل عبدالله، أي الربع من بين الأعمال، وعملين لعبد الله صالح ومرعي الحليان وعمل واحد لكل من عبدالله زيد وصالح كرامة وجواهر مراد وعلي جمال وإبراهيم بوخليف. ما يعني أن هذه الإحصائية على بساطتها تثير تساؤلات باتجاهين: هل تشترط إدارة المهرجان على المخرج التعامل مع نص مسرحي محلي؟ ثم ما الجدوى من الحديث عن أزمة نص مسرحي إذا كان هذا العدد من النصوص المسرحية في متناول أيدي المخرجين؟ من جهته، نفى مدير المهرجان أحمد بو رحيمة، مدير إدارة المسرح في إدارة الثقافة والفنون، أن تكون هناك أي اشتراطات مسبقة “بل إن النصوص، أي نصوص مفتوحة أمام المخرجين سواء أكانت محلية أم عربية، وبالتالي أعتقد أن هناك ناحية إيجابية من منظور آخر، فعندما تتعدد أجواء الكتابة المحلية فأعتقد أن هذا الأمر يرفد الساحة المحلية، وبما أن النص هو أكبر محرِّك للعمل وإذا كان محلياً فأعتقد أنه هناك التصاق حقيقي ما بينه وبين المتلقي والجمهور وبالتالي فإننا نأمل أن تستفيد الحركة المسرحية المحلية من النص المحلي دون أن يعني ذلك أن هناك ما يمنع أن نجد نصوصاً عربية مشاركة”. أما عن أزمة وجود نص مسرحي يواجهها المسرح الإماراتي وإلى أي حدّ هي أمر وارد، أوضح أن هذا أمر “من صنيع المتقاعسين عن الكتابة، فالنص بالنسبة إليه موجوداً، لكن السؤال هو: مَنْ يصل إلى هذا الكاتب أو ذاك؟ وبالتالي يجب علينا أن نبحث عن الكتّاب من أجل أن يقدموا إبداعاتهم”. وأضاف: “حتى فترة قريبة لم يكن لدينا هنا كتّاباً جدداً إلى حدّ الشك في توقف مستقبل الكتابة المسرحية في الساحة، لكن هناك حراكاً مسرحياً بشكل أو بآخر أفرز كتّاباً من الشباب كتجربة مسرح الشباب في دبي وكذلك من خلال جوائز التأليف المتعددة في الإمارات ومن خلال عروض المهرجانات، وذلك بالإضافة إلى مؤشر آخر، فعندما أعلنا عن دورتين للتأليف المسرحي التحق بهما سبعون مشاركاً وهذا دليل على أن هناك أسماء عديدة سنراها لاحقاً. لذلك فأنا متفائل؛ لأن المسرح هو التفاؤل”. أزمات إدارية وعن جدوى الحديث عن أزمة نص، قال المخرج والكاتب عمر غباش: “لا أنظر إلى أن هناك أزمة في الساحة المحلية تخص النصوص، بل إن الساحة الإماراتية تزخر بعدد من الكتّاب المسرحيين أكثر من أي ساحة خليجية أخرى”، مؤكداً أن “وجود هذه الأزمة كان قبل خمس عشرة سنة، أما الآن فهناك أزمات من نوع آخر؛ مثل الأزمات الإدارية وعدم وجود مقارّ لبعض الفرق المسرحية والشللية في الساحة وينبغي البحث فيها”. وقال أيضاً: “عندما نقول إنه ما من أزمة نصوص، فهذا أمر مختلف تماماً عن أنه لا توجد أزمة كتابة في هذه النصوص، مثلاً ليست كلّ القضايا التي تُطرح مواكبة للعصر، أو أنها قد خلعت العباءة التقليدية، أو أن من الممكن تقديمها خارج منطقة الخليج على أقصى حدّ، أي أن هناك نصوص من الممكن أن تكون عربية وأخرى لا من غير الممكن بسبب أنها مرتبطة بالتراث وبالثقافة الخليجية المحضة والبيئة المحلية على مستوى القضية أو الفكرة التي تطرحها أو على مستوى المفردات التي تؤثر في الرؤية الإخراجية مباشرة، وبالتالي هي للاستهلاك المحلي وليست للتصدير”. من هنا يجد غباش أن الكتابة عن البيئة المحلية لا يعني أنه هو أمر خاطئ، بل على العكس تماماً من ذلك، “ولكن التركيز على هذا الأمر قد يعوق تطور أدوات الكتابة وأدوات الإخراج وأدوات الممثل ما يعوق من حضور المسرح الإماراتي عربياً. لذلك علينا البحث في المدارس المسرحية العالمية كمسرح الصورة والمسرح العبثي والمسرح الفقير؛ لأنه بواقعية وبساطة ما من مدرسة إخراجية واحدة لدينا في الإمارات مع الاحترام لكل المحاولات الإخراجية، وهذا أمر ينطبق على الكتابة المسرحية”. ويختم عمر غباش بالقول: “لذلك فإن القول إن لدينا في الإمارات مسرح متميز ومتبلور فهذا جيد، لكن طموحنا لا يتوقف عند هذا الحد، بل نأمل أن يكون هناك تطور أكبر من ناحية الرؤية الإخراجية وتقنيات الكتابة المسرحية والتزام الفنانين المسرحيين بما يعنيه أن على الممثل أن يطور أدواته باستمرار”. النص والفكرة وفي هذا الصدد، يتفق الكاتب والمخرج المسرحي جمال مطر إلى حدّ كبير مع ما سبق ذكره، فيرى أن “الأزمة بشقيها: حضور النص المسرحي الأدبي من جهة ومستوى أدوات كتابته من جهة أخرى هي أزمة عالمية وعربية وليست محلية فحسب، إنما على الصعيد المحلي، فإن النص الجيد بفكرته الجيدة بوسعهما أنْ يمنحا المتفرج عرضاً جيداً بقماشة جيدة وإخراج مختلف، لكن هذا للأسف ما لم أره في العروض المشارِكة في مهرجان أيام الشارقة المسرحية لدورته هذه، مؤكداً “أن هناك تراجعاً على مستوى النص وفكرته”. وقال: لقد انعكس هذا الأمر على المستوى الفني للأداء، وبالتالي المستوى الفني للعرض كبنية مسرحية متكاملة. وعلى الرغم من أن ما هو موروث أو قديم من أفكار من الممكن دائماً تقديمه مسرحياً، إلا أن الطرح والشكل ينبغي لهما أن يظهرا على غير ما ظهرا عليه سابقاً، أي أنه ليس مطلوباً أن تكون الفكرة جديدة دائماً، لكن ينبغي على الخيال الذي يصنع النص الأدبي والرؤية الإخراجية أن يكونا جديدين من حيث المعالجة وطريقة التناول، بحيث يتم التحكم بجميع تفاصيل العمل المسرحي من قِبَل المخرج”. وأضاف: “لن يتغير واقع الحال ما لم تتغير الاستراتيجيات من طرف المؤسسات المعنية، إذ إن واحدة من تجليات أزمة الكتابة المحلية لدينا هي أنه عندما أكتب بهدف المشاركة في أيام الشارقة المسرحية، فإنني أستهدف الكتابة لمهرجان بعينه، أما عندما أتقصّد الكتابة للمسرح فأنا أكتب أولاً من أجل المسرح، وهذا ما لا يحدث إلا نادراً”. الخبرة والتجربة أما الموثِّق والممثل علي خميس، فرأى أنْ “عرض أثنا عشر عملاً مسرحياً محلياً هو أمر جيد”، وقال: “لقد اكتسبنا خلال السنوات العشرين السابقة خبرات على مستوى التمثيل والكتابة المسرحية، لكن المسرح تجربة وعلى المرء أنْ يجرّب دائماً، إذ قد يكتب نصاً مسرحياً ثم آخر فآخر فيخرج في آخِر الأمر نصاً جميلاً وقابلاً للعرض على خشبة المسرح، خذ مثلاً الكاتب المسرحي إسماعيل عبدالله الذي بلغ عدد النصوص المسرحية المشاركة في إحدى الدورات السابقة الخمسة نصوص. وبالإضافة إلى كتّاب آخرين، فقد حرّك هذا الكمّ من النصوص المسرحية المحلي المسرح الإماراتي”. وقال أيضاً: “أنا مع هذا الأمر وأنحاز إليه؛ لأنه مكسب لأننا طوال السنوات الخمسين وأكثر من عمر المسرح في الإمارات كنّا نستعين بالنصوص المسرحية العربية والأجنبية المترجمة إلى العربية. لكن الآن حتى لو استعان الكاتب الإماراتي بنص عربي أو محلي فإنه يقوم بجرّه إلى جهة أنْ يكون عملاً محلياً، الأمر الذي هو تطور في مستوى الكتابة المسرحية محليا وخليجيا على وجه الإجمال”. وأضاف: “لكن ينبغي على ورش العمل الخاصة بالتدريب على الكتابة المسرحية أن لا تتوقف، بل أن تعمل هذه الورش على التطوير الدائم لأدوات الكتابة عند هؤلاء الكتّاب، حتى لو استعنا بأصحاب خبرات عربية من مصر أو سوريا أو لبنان لشهر أو شهرين، في حين ندع للكتّاب الشبان، من الذين لديهم الرغبة في أن يكونوا مؤلفين مسرحيين، أنْ يشاركوا في هذه الورش”. وختم بالتأكيد على “أننا لم نولد والقلم في أيدينا، بل تعلم كتّابنا التأليف المسرحي باكتساب خبرات علمية، وسابقاً عند البدايات مطلع السبعينيات كنّا نتمنى أن يكون لدينا نصاً مسرحياً محلياً نقدمه على الخشبة، فكنّا نقدم توفيق الحكيم وسعد الله ونوس وسواهم لكن في عروض هذا المهرجان الآن تشعر أنه قد بات هناك حسّ محلي وفيه من العمق حتى على مستوى الحوار الذي انبنى بالأساس على فكرة متطورة”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©