الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تغيب الأبناء عن المدرسة يضع الأمهات العاملات في «ورطة»

تغيب الأبناء عن المدرسة يضع الأمهات العاملات في «ورطة»
21 ابريل 2014 20:04
نسرين درزي (أبوظبي) بقدر ما يفرح الطلبة الصغار بتغيبهم عن المدرسة بداعي المرض أو لأسباب أخرى، فإن الأمر يربك الأمهات العاملات ويضعهن أمام ورطة فعلية، ولاسيما مع عدم وجود مربية في البيت أو خادمة. ويزداد الوضع تعقيدا مع غياب أي خيار مريح يلجأن إليه، إذ يجدن أنفسهن مضطرات إما لطلب إجازة طارئة من الوظيفة وإما لاصطحاب أبنائهن إلى الدوام. غير أن معظم بيئات العمل لا تقبل بذلك، وبالرغم من أن بعضها يوفر حضانات لحديثي الولادة، لكن الفئة العمرية الأكبر لا يشملها الحل. غالبا ما تشكل المدرسة عنصراً أساسياً لتسهيل عمل الأم، التي تستغل غياب الأبناء عن البيت بالخروج إلى الوظيفة، وهي كثيرا ما تختار وظائف تتلاءم مع ساعات الدوام المدرسي لتتزامن عودتها مع عودة أبنائها، وتتمكن من إيصالهم في الصباح واصطحابهم معها بعد انتهاء ساعات الدراسة. وأي تغيير في هذه المعادلة الدقيقة يترتب عليه تقصير من الأم الموظفة التي لا تتمكن إلا من وضع أبنائها في المقدمة حتى وإن كان على حساب عملها. وذلك خلال العطل المدرسية المفاجئة والحالات المرضية التي تستوجب مكوثها وإياهم في البيت. والسؤال: كيف تتصرف الأمهات في مثل هذه الحالات؟ وإلى أي مدى يصيبهن تكرر الأمر بالتوتر ويزيد من الضغوطات النفسية لديهن؟ الشعور بالإحراج تتحدث ريم المسعود عن معاناتها في هذا الشأن وخصوصا أنه بعد هرب خادمتها لم تعد تثق بمكوث أي مربية في بيتها، وهي أم لولدين في الرابعة والسابعة من عمرهما، ولا تقوى على تركهما بمفردهما في البيت تحت أي ظرف، لذا فإنه عندما تضطر لتغييب أحدهما عن المدرسة، تصطحبه معها إلى الوظيفة حيث تعمل في شركة خاصة توفر غرفة لاستراحة الموظفين يمكن تركه يلعب بداخلها. وتقول إن المشكلة تكمن عند صدور أمر من المدرسة بعطلة غير معلن عنها مسبقا، حيث يصعب عليها الحضور إلى العمل برفقتهما معا. ولا يكون أمامها إلا طلب إجازة من وظيفتها والشعور بالإحراج لعدم إخبارهم بالأمر من قبل. وتذكر ريم أنه مع حاجتها للوظيفة والراتب الذي يشكل إضافة تساعد من خلاله زوجها على نفقات المعيشة، إلا أنها باتت تشعر فعلياً بصعوبة التوفيق بين كونها أم لولدين في سن تأسيسية وموظفة مسؤولة ومطالبة بالتركيز أثناء ساعات العمل، وهذا ما لم تعد قادرة عليه كما في السابق عندما كانت تترك الطفلين في البيت مع المربية وتخرج إلى العمل بكل راحة بال. الكثير من التحديات وتقول أميرة الحناوي إنها تشعر بالتشتت بكل معنى الكلمة عندما يحدث خلل في نظام المواعيد المعتادة عليها ما بين ساعات دوامها ووقت انتهاء أبنائها من المدرسة. وهي بحسب ظروفها الاجتماعية لا تقدر على توفير خادمة بدوام كامل، ولأن زوجها يعمل حتى وقت متأخر من الليل، فإن كل مسؤوليات الأسرة تقع على عاتقها وحدها. وتشير إلى أن أسوأ ما يمكن أن تمر به، هو حال التوتر الذي يصيبها عندما تتلقى اتصالاً من المدرسة ليتم إخبارها بتوجب حضورها لأن ابنها أو ابنتها تعرض لوعكة صحية تتطلب عودته إلى البيت. وهنا مع كل انشغالاتها وقلقها، تضطر لتقديم التبريرات للمسؤول في العمل الذي غالبا لا يكون متفهماً ويشعرها في كل مرة بالإحراج. وتذكر أميرة أنها تتمنى لو تعمل معلمة في مدرسة حتى تبقى معهما طوال الوقت وأن تتزامن إجازاتها مع إجازتهما. وترى أن المرأة العاملة تتعرض إلى الكثير من التحديات ولاسيما عندما يكون أبناؤها في المرحلة التعليمية التأسيسية حيث يحتاجون إليها في أوقات قد تكون حرجة بالنسبة لها. توتر دائم وتروي سعاد الحاج، أنها اضطرت قبل أشهر إلى تغيير وظيفتها إلى نصف دوام لأنها لم تعد تقوى على تلبية احتياجات البيت والأبناء. وهي باتت تفضل العودة مبكرا إلى البيت وذلك لانتظار رجوع أبنائها من المدرسة والاهتمام بشؤونهم. والسبب أنها لا تثق بوجود الخادمة في البيت ولا ترتاح لترك أبنائها مع أحد. وبالرغم من حاجتها المادية، إلا أنها مستعدة في أسوأ الاحتمالات إلى ترك العمل كليا لأنها تمنح الأولوية لأسرتها وتتضايق جدا عندما يتغيب أبناؤها عن المدرسة ولا تعرف عند من تبقيهم. وتنتقد سعاد العطل المدرسية المتكررة والتي تأتي أحياناً بشكل فجائي لا يتمكن الأهل من التخطيط لها بما يتناسب مع ظروفهم الوظيفية. وتستنكر من جهتها العرف السائد بين الأسر، على اعتبار أن الأبناء من مسؤولية الأم حتى وإن كانت تعمل مثلها مثل الأب. إذ تراها مطالبة دائماً بالتفكير والتصرف والتحرك والاستئذان من دوامها، بعكس الآباء الذين لا يحركون ساكناً ويمارس معظمهم دور المتفرج أو حتى آخر من يعلم. مراعاة ظروف الأمهات العاملات تعتبر وفاء السامرائي أن بيئات العمل يجب أن تراعي ظروف الأمهات العاملات عند وقوع أي حالة طارئة مع أبنائهن. فالدور الأولى الذي يلعبنه هو في رعاية الأسرة وخصوصا إذا لم يكن لديهن من يعينهن على مسؤولياتهن. وتلفت إلى ضرورة وجود مناطق خاصة لرعاية أبناء الموظفات داخل الشركات الكبيرة، وذلك من باب إيجاد حلول مبدئية عند تغيب الأبناء عن المدرسة وبقصد تخفيف الأعباء عن الأمهات اللاتي ليس لديهن من يساعدهن في البيت. وتقول وفاء، إنه بالرغم من عدم ارتياحها لاصطحاب ابنتها إلى موقع عملها عندما تكون متغيبة عن المدرسة، إلا أنها تضطر لذلك. ومع أنها تفضل أن تقدم إجازة من وظيفتها في مثل هذه الظروف، لكن الأمر لا يتم دائماً بحسب مبتغاها. وعليه تصطحب ابنتها معها ولا تأتي نتيجة عملها كما يجب لأنها تنشغل عن أدائها بالانتباه إلى طفلتها. وهذا الإرباك والشعور الدائم بالتوتر يجعل وفاء تفكر ملياً في تقديم استقالتها والتفرغ لتربية ابنتها وطفلها الثاني الذي تحمله في أحشائها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©