الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

ثقافة النتيجة

13 ابريل 2011 22:30
لأن كرة القدم كرياضة آخذة بلب الملايين، لم تكن مصنفة ضمن العلوم الحقة التي تخضع في الهيكل وفي المبنى لمتواليات منطقية تفضي عادة إلى النتائج نفسها برغم تغير المواقع والأزمنة، فإن نتيجة مباراة كرة القدم تظل باستمرار عصية على المنطق وعلى الفهم، لذلك وجدنا ملاذنا في تعبيرات كثيرة لنفرغ الكم الهائل من الدهشة عندما تأتي بعض النتائج في صورة مفاجآت صاعقة. ومع كل ما للحظ من تأثير على صناعة النتائج الرياضية، إلا أننا نجمع على أن هذه النتائج في كلها وليس في بعضها، في عموميتها وليس في استثناءاتها هي محصلة لعمل قاعدي وهيكلي مؤسس على الاحترافية التي هي صورة من صور علمية التعاطي مع الظواهر. ولأن كرة القدم بالشعبية الجارفة التي تعطيها صفة الكونية غدت ظاهرة مجتمعية بامتياز فقد تبارى علماء المختبرات، علماء النفس وعلماء الاجتماع في الاقتراب أكثر من هذا المفرد الكبير فيها، والذي لا يوجد عند غيرها، وتوصلوا إلى أنه برغم حضور عنصر الحظ الذي هو متوالية منطقية معقدة جداً، فإن كرة القدم لها ،كرياضة، قابلية لأن تتأسس على هيكل علمي، ولربما أكثر شيء أسهمت فيه علمنة كرة القدم التي سبقت في العولمة مظاهر إنسانية كثيرة هي التفريق بين المستوى الهاوي والمستوى الاحترافي. وإذا ما كان المستوى الهاوي في التفكير وفي التدبير أيضا يستعجل النتيجة إلى الحد الذي يصبح معه ممكنا التضحية بكثير من القواعد العلمية التي تقود إلى هذه النتيجة وتؤمن انتظامها، فإن المستوى الاحترافي لا يكون بنفس الاستعجال ولا بنفس الاستعداد للتنازل عن ثوابت العمل القاعدي. ولأشدد أكثر على حضور العنصر العلمي في بناء المنظومة الكروية المتوازنة، والتي تنتج منطقيا محصلات رقمية منتظمة، فإن الدول التي تتصدر اليوم عالميا مجال كرة القدم حرصت أكثر على اختزال دور الموهبة في بناء شخصية اللاعب باستحضار المعطى العلمي في تكوين اللاعبين فرديا وجماعيا، وقد اختارت في ذلك قاعدة صلبة للعمل لا تتزحزح ولا تتأثر بظرفية النتائج، تعمل على الأمدين المتوسط والبعيد ولا ترهن نفسها في أهداف المدى القصير. في مقابل ذلك، كان الحضور المطلق للموهبة عند دول أخرى بخاصة منها العربية في بناء الأجيال الكروية وبالا، فقد تأخرت لعقود السيطرة على نزوة الموهبة وإخضاعها للمنهج العلمي، وتأخر العمل بمنظومة كروية تقوم هرميا على قاعدة صلبة وقوية تستحضر الموهبة فعلاً، ولكن تستحضر معها ما يصقلها علميا للوصول إلى أفضل قمة ونخبة ممكنة. وهذه النتيجة بفلسفتها وثقافتها هي ما باعد بيننا كعرب وبين من يعتبرون اليوم سادة كرة القدم عالميا.. وللحديث بقية. drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©