الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أبوظبي عاصمة عالمية للطاقة النظيفة

أبوظبي عاصمة عالمية للطاقة النظيفة
13 ابريل 2011 22:54
بقلم: الدكتور سلطان أحمد الجابر استضافت أبوظبي مؤخراً سلسلة من الاجتماعات المهمة بهدف حفز التعاون الدولي في مجال تعزيز اعتماد وانتشار الطاقة النظيفة. وتمثل هذه اللحظة التاريخية الاستثنائية فرصة للاحتفال والاعتزاز، ولكنها تدعونا أيضاً للتفكير في الخطوات التي قطعتها دولة الإمارات في إطار توسيع نطاق تحولها نحو الطاقة النظيفة. وفي حين تشهد الإمارات ثورة في مجال الطاقة، فإنها تعمل وفق رؤية ملتزمة من شأنها أن تقدم منافع طويلة الأمد للاقتصاد المحلي ولشعب الإمارات والعالم أجمع. أول وأهم هذه الاجتماعات كان الاجتماع الأول للجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا) الذي انعقد الأسبوع الماضي، لتصبح الوكالة بذلك منظمة دولية رسمية كاملة الأهلية القانونية، كما شهد الاجتماع تأكيد تسمية أبوظبي مقراً رسمياً دائماً للوكالة، حيث تم التصديق على النظام الأساسي للوكالة من قبل 69 من أصل 149 عضواً. وبعد سنوات من التحضير، يمكن للوكالة الآن أن تبدأ ممارسة الدور المنوط بها باعتبارها الهيئة الأهم عالمياً في دفع وتعزيز التعاون الدولي في مجال الطاقة المتجددة، وستكون أيرينا أول منظمة حكومية دولية متعددة الأطراف بهذا الحجم تتخذ من المنطقة مقراً لها. ويؤكد اختيار أبوظبي مقراً للوكالة على ثقة العالم بدولة الإمارات والتزامها بمستقبل يعتمد على مصادر الطاقة النظيفة، كما يعكس أحد الأمثلة الكثيرة على تزايد أهمية الدور الريادي الذي تلعبه دولتنا في هذا الشأن. وشهد الأسبوع نفسه، استضافة أبوظبي للاجتماع الثاني للمؤتمر الوزاري العالمي للطاقة النظيفة، حيث اجتمع وزراء الطاقة من 21 دولة من كبرى الاقتصادات في العالم بهدف تعزيز التعاون الدولي لتشجيع استخدام الطاقة النظيفة وتبادل الخبرات والتجارب وأفضل الممارسات. وكانت الإمارات الممثل الوحيد من المنطقة العربية في هذا الاجتماع الذي أكد ضرورة العمل المشترك لدفع المبادرات التعاونية في مجالات الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، وإنتاج أنواع صديقة للبيئة من الوقود الأحفوري، وتعزيز النقل المستدام. غير أن دور أبوظبي، باعتبارها مركزاً ريادياً للنهوض بمستقبل الطاقة النظيفة، لم يتوقف عند هذا الحد، حيث عقدت مجموعة العشرين الاجتماع الأول لمجموعة عمل الطاقة النظيفة التابعة لها في أبوظبي خلال الأسبوع نفسه. وكانت تلك المرة الأولى التي تتطرق فيها إحدى المجموعات الأكثر تأثيراً في العالم، والتي تشارك فيها الإمارات بوصفها عضواً مدعواً، إلى قضايا الطاقة النظيفة باعتبارها مسألة ذات أولوية كبرى. تطوير الطاقة المتجددة إن هذه الاجتماعات تعكس- وبكل المقاييس- اعترافاً عالمياً بالدور المحوري الذي تلعبه دولة الإمارات حالياً في قطاع الطاقة النظيفة ويكتسب التزامنا بتعزيز وتطوير ونشر الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة أهمية خاصة في ضمان المكانة البارزة للدولة كمركز عالمي للطاقة على المدى البعيد. إن الرؤية الثاقبة للقيادة الرشيدة لدولة الإمارات تركز على العمل المستمر لتطوير اقتصاد متنوع وتنافسي قائم على المعرفة، تدعمه وتسهم في ترسيخ أسسه مواردنا الوطنية، حيث نجحت دولة الإمارات في تطوير خبرات متميزة في أسواق الطاقة التقليدية، ومع التغيرات السريعة في القطاع، والمدفوعة بزيادة الطلب على الطاقة والاهتمام بظاهرة تغير المناخ، فإن دولة الإمارات تمتلك كل الإمكانات والقدرات للاستفادة من خبراتها الغنية للمحافظة على مكانتها الرائدة في قطاع الطاقة في المستقبل، أياً كانت مصادر تلك الطاقة. لقد أثبتت دولة الإمارات من خلال مبادراتها المتنوعة والرؤية السديدة لقيادتها، مدى عمق استراتيجيتها الرامية إلى تكريس مكانتها كلاعب أساسي في قطاع الطاقة العالمي الذي يشهد تطورات متسارعة. وفي مقدمة هذه المبادرات، تقود “مصدر”، باعتبارها شركة متكاملة متعددة الأوجه والمهام، جهود التطوير والتسويق التجاري للطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، وحلول كفاءة استخدام الطاقة، حيث تمثل الشركة جسراً حيوياً بين الاقتصاد القائم على الوقود الأحفوري والاقتصاد الذي يعتمد مزيجاً متنوعاً من مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة في المستقبل. وبذلك، تقدم “مصدر” حلولاً متكاملة لتلبية الاحتياجات المتزايدة لدولة الإمارات من الطاقة، كما تدعم النمو الاقتصادي اعتماداً على المعرفة والتكنولوجيا والابتكار. وتركز استراتيجيتنا على أربعة مبادئ توجيهية تشمل تعزيز الخبرات في مجال الطاقة، وإبرام شراكات استراتيجية، واعتماد منهج الابتكار الواقعي، والتركيز على العمليات التجارية. إن تطبيق هذه المبادئ التوجيهية بشكل مستمر هو السبيل الوحيد لتعزيز مكانة دولة الإمارات كمزود رائد لإمدادات مستقرة وآمنة من الطاقة، ما يؤدي بدوره إلى مواصلة مسيرة التطور والازدهار، وفي حين أن تحقيق ذلك سيتطلب وقتاً وتعاوناً مستمرًا، فإن دولة الإمارات أظهرت مؤشرات مبكرة تؤكد قدرتها على الالتزام بتحقيق هذه المبادئ. ومن أهم هذه المؤشرات أن الخبرة في مجال الطاقة تمثل عاملاً جوهرياً في مواجهة تحدٍ أساسي يتمثل في خفض انبعاثات الكربون الناجمة عن قطاع الطاقة، والحاجة إلى تحسين اقتصادات توليد الطاقة المتجددة. وسيتم تحقيق ذلك من خلال المضي قدماً في مجال الارتقاء بنوعية ومستوى التعليم في قطاع التكنولوجيا مع خفض التكاليف المرتبطة بها من خلال نشر التقنيات النظيفة على نطاق واسع. خبراء المستقبل وسيشهد عام 2011 الثمار الأولى لبرنامج الإمارات لتطوير خبراء المستقبل في مجال تقنيات الطاقة النظيفة، حيث سيتم تخريج الدفعة الأولى المكونة من 153 طالباً (37% منهم من الإناث) من “معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا”. ويركز هذا الجيل الجديد من خبراء التكنولوجيا النظيفة من الشباب الإماراتيين على التخصصات الرئيسية للهندسة والعلوم، وهي المجالات التي تقدم فرص عمل متميزة لأجيالنا الشابة في ظل اقتصاد الطاقة المتغير. وتعد الشراكات الاستراتيجية النهج المفضل لدولة الإمارات في تطوير تكنولوجيا نظيفة عالمية المستوى تكون أساساً لتحقيق أهدافنا في أن تصبح دولة الإمارات مطوّراً ومصدّراً للتكنولوجيا. ولم نكتف بالشراكة مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والتي شكلت أساس برنامج القيادات الفكرية الذي يركز على التصدي لتحديات الطاقة والاستدامة، بل قمنا في عام 2010 بإبرام شراكة استراتيجية مع شركة “سيمنز”، المزود الرائد عالمياً في مجال البنية التحتية للتقنيات الصديقة للبيئة، الأمر الذي سيعود بفوائد كبيرة على المنطقة. وتركز هذه الشراكة على المجالات الأساسية لحلول الشبكات الذكية لتوزيع الطاقة والمباني الذكية في مدينة “مصدر”، وتقنيات التقاط الكربون وتخزينه. الطلب على الطاقة أما الابتكار الواقعي فيدعم تركيزنا الاستراتيجي على اقتصاد الطاقة الناشئ، ونظراً لكون دولة الإمارات تجمع بين النمو الاقتصادي المرتفع، والمناخ الحار في الصيف، واتساع القطاع الصناعي، والحاجة إلى تحلية المياه، فإننا سنشهد ارتفاعاً متسارعاً في الطلب على الطاقة. ولا تقتصر مسؤوليتنا على تلبية هذه الاحتياجات بطريقة تضمن السلامة والأمن والفعالية لاقتصادية من حيث التكلفة، وإنما أيضاً القيام بذلك وفق نهج يراعي الحفاظ على البيئة. ويعني هذا أن نواصل التركيز على الابتكارات التكنولوجية النظيفة والتي تسهم أيضاً في التغلب على التحديات التي يواجهها اقتصاد الإمارات. وتمثل مدينة مصدر أرضية عملية لاختبار كيفية استخدام التكنولوجيا للحد من مستويات الطلب على الطاقة والمياه وتقليص انبعاثات الكربون، وفي نفس الوقت تعزيز قدرتنا الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة. وقد استضفنا أواخر شهر مارس مؤتمراً للأبحاث والتطوير بالتعاون مع رابطة أبحاث أشباه الموصلات، التحالف العالمي لجامعات الأبحاث في مجال أشباه الموصلات والتقنيات ذات الصلة، حيث ركز ذلك الحدث على الطرق العملية والتطبيقية لتطوير أنظمة ضخمة وفعالة من حيث التكلفة تكون قادرة على توليد 25% من احتياجات الطاقة عبر موارد الطاقة الشمسية المتوافرة بكثرة في إمارة أبوظبي وذلك بحلول عام 2020. ويأتي التركيز على العمليات التجارية في صميم استراتيجية دولة الإمارات للاستفادة من الفرص المتاحة ضمن اقتصاد الطاقة المتطور في عالم يشهد ارتفاعاً في معدلات الطلب على الطاقة مع تزايد المخاوف بشأن ظاهرة تغير المناخ. وهناك تقنيات مثل التقاط الكربون وتخزينه، قادرة على توفير وسائل ملائمة تتيح لدولة الإمارات الجمع بين خبراتها التقليدية في إدارة احتياطيات النفط والغاز والفرص الجديدة في قطاع التقنيات النظيفة. تمويل مشاريع التكنولوجيا وعلاوة على ذلك، فإن ترسيخ مكانة الإمارات كمركز رائد للأسواق المالية، سيعزز من موقفنا في مواجهة التحدي المتمثل بتمويل مشاريع التكنولوجيا النظيفة على نطاق واسع مع زيادة استثمارات القطاع الخاص. ورغم التقدم الذي تم تحقيقه، فإنه ما يزال أمام دولة الإمارات وجميع الاقتصاديات الكبرى الكثير من العمل لبناء مستقبل الطاقة النظيفة. بالإضافة إلى ذلك، ونظراً للحالة الراهنة في الشرق الأوسط، فإن توجه دولة الإمارات على الاستثمار في الأسواق الناشئة قد يلعب أيضاً دوراً هاماً كركيزة أساسية لتعزيز الاستقرار في المنطقة. لقد أتاح لنا الأسبوع الماضي، الذي استقطبت أبوظبي خلاله أنظار العالم، فرصةً للتفكير في مدى التقدم الذي تم إحرازه في هذا المشروع التعاوني الهام. ولا شك في أن ضمان مستقبل مشرق ومزدهر يمثل أولويةً وطنيةً، وعلينا جميعاً أن نواصل العمل الجاد والدؤوب لتحقيق أهدافنا في مجال الطاقة النظيفة. المبعوث الخاص لشؤون الطاقة وتغير المناخ والرئيس التنفيذي لـ “مصدر”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©