الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معاهدة «تجارة الأسلحة»... خطوة لتقليص العنف

9 ابريل 2013 23:20
أندريه أوبنهايمر محلل سياسي متخصص في شؤون أميركا اللاتينية لم يستطع الفائز بجائزة نوبل للسلام ورئيس كوستاريكا السابق أوسكار أرياس تصديقَ أذنيه عندما سمع أن الأمم المتحدة وافقت بأغلبية ساحقة على معاهدة لتقنين وتنظيم تجارة الأسلحة الدولية، وهي القضية التي كان يتبناها ويدافع عنها لقرابة عقدين من الزمن. وفي هذا السياق، قال لي «أرياس» بعد ساعات على موافقة الأمم المتحدة على المعاهدة الأسبوع الماضي بأغلبية 154 صوتاً مقابل 3 أصوات، وامتناع 23:«لم أكن أتخيل أبداً أن أرى هذا الأمر يحدث خلال حياتي»، مضيفاً: «لقد كان ذلك خطوة مثالية ورومانسية بالنسبة للأشخاص الذين أطلقوه، ولكنه نجح في الأخير». ويحكي «أرياس» أنه عقد اجتماعاً ضم ثمانية فائزين بجائزة نوبل، مثل «إيلي ويزل» والأسقف «ديسموند توتو»، في عام 1997 ونشروا في ختامه رسالة جماعية تدعو إلى مدونة دولية لقواعد السلوك من أجل تنظيم مبيعات الأسلحة. وفي عام 2006، عندما أصبح «أرياس» رئيساً للمرة الثانية، ساهمت كوستاريكا بفعالية في دعم أول مسودة قرار للمعاهدة. ويقول أرياس: «هذه المعاهدة سيكون لها تأثير كبير»، مضيفاً «ذلك أنها لن تكبح فقط مبيعات الأسلحة إلى الحكومات التي تستعملها لقمع شعوبها أو لشن الحروب، ولكنها ستحرر أيضاً موارد البلدان التي يمكن أن تستعمل للمساعدة على تقليص الفقر». وبموجب المعاهدة، التي ينبغي أن يصدق عليها 50 بلداً حتى تصبح سارية المفعول، سيتعين على البلدان التي تصدِّر الأسلحة أن تحرص على عدم ذهاب أسلحتها إلى دول تخضع لحظر على الأسلحة من قبل مجلس الأمن الدولي، مثل إيران. ولذلك، فإن البلدان الثلاثة الوحيدة التي عارضت المعاهدة هي إيران وكوريا الشمالية وسوريا. ومن بين البلدان الـ23 التي امتنعت عن التصويت هناك روسيا والصين؛ أما الدول الأميركية اللاتينية التي امتنعت عن التصويت، فهي كوبا وبوليفيا والإكوادور (فنزويلا لم تصوت بسبب خطأ، ولكنها أعلنت لاحقاً أنها كانت ستمتنع عن التصويت). المعاهدة تدعو أيضاً إلى مطالبة البلدان المصدِّرة للأسلحة ببيانات حول المستخدمين النهائيين للأسلحة وتدابير ملموسة أخرى من الموردين حرصاً على عدم وصول الأسلحة إلى منظمات الجريمة المنظمة أو عناصر إرهابية. وفي ما وُصف بأنه انتصار كبير للمكسيك وأميركا الوسطى، من بين آخرين، فإن المعاهدة تشمل أيضاً الأسلحة الصغيرة والخفيفة مثل البنادق شبه الأوتوماتيكية التي تباع في نحو 12 ألف متجر سلاح أميركي على طول الحدود مع المكسيك. والجدير بالذكر أن أكثر من 50 ألف شخص قُتلوا في حروب المخدرات في المكسيك خلال السنوات الست الماضية، ومعظمهم قضى بواسطة أسلحة مهربة من الولايات المتحدة. ولكن، ما هي احتمالات المصادقة عليها من قبل 50 بلداً، ولاسيما من قبل الولايات المتحدة، التي تعتبر أكبر بائع للأسلحة في العالم؟ أرياس يرى أنه بالنظر إلى أن 154 بلداً دعمت المعاهدة، فإن المصادقة عليها من قبل 50 بلداً على الأقل أمر محتمل. أما بخصوص الولايات المتحدة، فقد اعترف بأن احتمالات مصادقة مجلس الشيوخ الأميركي عليها ضئيلة إذ قال: «لا أتخيل الجمهوريين يصوتون عليها». ويشار هنا إلى أن «الجمعية الوطنية للبندقية» المؤيدة للسلاح في أميركا انتقدت المعاهدة بعد الموافقة عليها في الأمم المتحدة، حيث قالت إن كون المعاهدة تشمل ما تسميه الجمعية أسلحة «مدنية» يمثل «تهديداً لحيازة الأفراد للأسلحة»، مثلما يكفل الدستور الأميركي ذلك. وشخصياً أعتقدُ أن ادعاء «الجمعية الوطنية للبندقية» بأن ثمة شيئاً اسمه أسلحة «مدنية» يجب أن تستثنى من المعاهدة الأممية مضحك، لأنه لا فرق إذا أُطلق النار على أشخاص أبرياء بواسطة دبابة، أو بندقية إيه كي 47، أو سلاح شبه أوتوماتيكي. ذلك أن الأسلحة التي تسقط في الأيادي الخطأ تقتل الناس بغض النظر عن عيارها. صحيح أنه وعلى غرار ما حدث مع معاهدة الاتجار في الأسلحة لمنظمة الدول الأميركية عام 1997، التي وقعها الرئيس السابق بيل كلينتون ولم يصدق عليها مجلس الشيوخ، فإن المعاهدة الأممية قد توقع من قبل الرئيس باراك أوباما ولكن مجلس الشيوخ قد لا يصدق عليها. غير أن ذلك بدوره قد يزيد من صعوبة ممارسة ضغط أكبر على الصين وروسيا حتى توقعا المعاهدة. ولكن المعاهدة الأممية ورغم شكاوى إيران وكوريا الشمالية وسوريا والجمعية الوطنية للبندقية، ستصبح أداة قوية للشروع في الحد من مبيعات الأسلحة لمنتهكي حقوق الإنسان ومرتكبي الجريمة المنظمة. بل ويمكن القول إن أحكام المعاهدة التي تنص على تبادل المعلومات الاستخباراتية بشأن طرق تهريب الأسلحة والموردين غير القانونيين، من بين أمور أخرى، ستبدأ منذ الآن في دفع البلدان إلى التعاون ضد مبيعات الأسلحة إلى الأنظمة المارقة. والواقع أن حتى الكونجرس الأميركي قد يقتنع في الأخير بضرورة التصديق عليها. فتماماً على غرار ما يحدث مع النقاش حول الهجرة – الذي أخذت فيه المجموعات اليمينية المناوئة للهجرة وأصدقاؤها في «فوكس نيوز» يخسرون بسرعة في استطلاعات الرأي الأميركية – فإن الجمعية الوطنية للبندقية قد تجد نفسها قريباً معزولة على نحو متزايد في معارضتها العمياء لأي خطوة تقريباً تروم تقليص عنف الأسلحة. وقد لا يكون ارياس مبالغاً في التفاؤل؛ فتساهم المعاهدة الأممية بالفعل في تقليص أعمال القتل عبر العالم. وقد يتم تذكرها باعتبارها أحد أفضل الأشياء التي قامت به الأمم المتحدة منذ وقت طويل! ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©