الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الذكاء الصناعي» في خدمة التجسس

12 يونيو 2017 23:48
لو تمكن «روبرت كارديللو» من استكمال بحوثه التقنية بنجاح، فسوف تتمكن الروبوتات من إنجاز 75 بالمئة من المهمات التي ينهمك بها الآن المحللون الأميركيون في وكالات المخابرات الذين يتكفلون بجمع وتحليل وتفسير الصور التي تتدفق باستمرار من الطائرات من دون طيار «الدرونز» والأقمار الصناعية وبقية المصادر التجسسية المنتشرة حول العالم. وكارديللو، هو مدير «الوكالة الوطنية لتصوير الأرض من الفضاء» NGA، وهو الذي عبّر عن شدّة تعلّقه بتطبيقات وبحوث «الأتمتة» والذكاء الصناعي خلال مؤتمر صحفي عقده هذا الأسبوع في مدينة «سان أنطونيو» بولاية تكساس. وكانت الوكالة المذكورة تعقد مؤتمرها السنوي الذي شارك فيه تكنولوجيون وعسكريون وخبراء في الاستخبارات وعلماء في الذكاء الصناعي من أجل مناقشة التهديدات الأمنية الوطنية والتطورات التي طرأت على التكنولوجيا الرقمية وأساليب جمع وتحليل ومعالجة البيانات والمعلومات ودور هذه الوسائل في التصدي لتلك التهديدات. ويشهد علم الذكاء الصناعي تطوره السريع، وكان البيت الأبيض أيام الرئيس السابق باراك أوباما قد أصدر «كتاباً أبيض» حول التأثيرات المستقبلية لهذا العلم خلال الشهر الأخير لولايته، ويستخدم ضباط الشرطة في أميركا هذه الأيام برامج متواضعة في تطورها من أجل التنبؤ والتحسّب المسبق بوقوع جريمة ما في منطقة معية استناداً إلى بيانات الإحصائيات الإجرامية، وتستخدم بعض الشركات مثل «أمازون» و«نيتفليكس» آلات التعلّم الذاتي للتعرف على الفيلم الذي ترغب في مشاهدته أو الكتاب التي تفضل شراءه. ويُنظر إلى هذا النوع من «الأتمتة» أيضاً باعتباره يشكل خطراً على العمال الذين يخافون من أن تصرفهم الميكنة الرقمية من أعمالهم وخاصة في القطاع التجاري الخاص، وانتقل هذا الخوف مؤخراً إلى القطاعات التي اخترقها الذكاء الصناعي. ويعترف «كارديللو» بأن مستقبل القوة العاملة بشكل عام أصبح «ملتبساً وغامضاً» بعد أن اخترقت الميكنة معظم النشاطات اليومية وباتت تستبدل العمال. وكثيراً ما كان الخبراء يتحدثون عن ثورة حقيقية وشيكة في علم الذكاء الصناعي، وغالباً ما كانت هذه الثورة أقل زخماً، مما كانوا يتوقعون، وفضل «كارديللو» أن يصف ما يحدث بأنه يشكل «فرصة حقيقة لحدوث تحول كبير في طبيعة المهن»، وأشار إلى أنه يعمل من أجل توضيح شيء مهم للقوة العاملة مفاده بأن الهدف الأساسي للذكاء الصناعي والميكنة ليس الإضرار بمستقبل العمال، بل رفع شأنهم وتفعيل دورهم في إنجاز أعمال أكثر أهمية. ويقول كارديللو إن مهنة مراقبة الأرض من السماء والاستفادة من تدفق الصور التجسسية الآتية من مناطق مختلفة حول العالم، تشهد الآن طفرة حقيقية بسبب توفر الكم الهائل من البيانات وبما يشبه ما حدث عندما بدأ استخدام الإنترنت. وبعد هذا الذي حدث، أصبح يتعيّن على «وكالة الأمن الوطني»، باعتبارها الإدارة المسؤولة عن تجميع وتحليل الاتصالات الرقمية، أن تكتشف الأساليب التي تتمكن بواسطتها من التوصل إلى استنتاجات مهمة بالاستفادة من هذه البيانات والمعلومات. وتماماً مثلما تستخدم «وكالة الأمن الوطني» الوسائل الرقمية لتعقب ملايين الرسائل الإلكترونية، فإن كارديللو يأمل من الآلات القادرة على التعلّم من ذاتها، أن تساعد على تحليل كمية ضخمة من الصور التجسسية والاستخباراتية. وبدلاً من أن يتولى المحللون مهمة فحص ملايين الصور، فإن أجهزة الكمبيوتر يمكنها أن تتولى هذه المهمة، وأن تحدد المناسيب والأبعاد والارتفاعات وتتعرف من ذاتها على أنواع المظاهر التي تبدو في الصور. «الوكالة الوطنية لتصوير الأرض من الفضاء» هي المسؤولة عن مراقبة الأهداف التي تمثل تهديداً محتملاً للولايات المتحدة وحلفائها مثل مواقع إجراء التجارب على التجهيزات العسكرية في كوريا الشمالية. وعند حدوث أي تغير في موقع ما، كوصول أعداد كبيرة من الناس أو العربات إليه، فقد يدل ذلك على التحضير لاختبار صاروخ جديد. وقال كارديللو خلال حديث صحفي مع مجلة Foreign Policy: «نحن لا نصنف ما نراه في موقع ما ضمن قائمة للأولويات، بل نهتم بكل شيء يمكننا أن نراه على أرض كوريا الشمالية». وتكمن المشكلة في أن كمية البيانات والمعلومات والصور التي ترسلها الكاميرات والمجسات التجسسية تشهد انفجاراً، وسوف تزداد سرعة تدفقها بمرور الأيام. ويقول كارديللو إن الطريقة التقليدية تقتضي تكليف عدد كبير من المحللين والخبراء بتفحص هذه الكم الضخم من البيانات وإرسال تقارير بشأنها إلى وكالة الأمن الوطني، وهذا يتطلب جهداً كبيراً وتكاليف باهظة. * محللة أميركية متخصصة بالأمن الوطني ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©