السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سجال أسترالي حول مشكلة اللاجئين

1 نوفمبر 2009 01:20
يبدو أن المشهد ذاته الذي يعود إلى فترة رئيس الوزراء الأسترالي السابق، جون هاوارد، يكرر نفسه اليوم، ففي ذلك الوقت اقتحمت القوات الخاصة الأسترالية سفينة شحن نرويجية اسمها "تامبا" لمنعها من الوصول إلى أستراليا وعلى متنها 430 من طالبي اللجوء الذين أُنقذوا من قارب كان على وشك الغرق. ورغم ما أطلقته تلك الحادثة التي جرت في العام 2001 من انتقادات دولية واسعة، إلا أنها ضمنت آنذاك لرئيس الوزراء "المحافظ" ولاية ثالثة في الانتخابات العامة. واليوم يواجه رئيس الوزراء "العمالي"، "كيفين رود"، الذي سينظم انتخابات خلال الأشهر الاثني عشر القادمة، حالة مشابهة متمثلة في السفينة الأسترالية، "أوشانيك فايكينج"، التي أنقذت 78 لاجئاً من التاميل في سريلانكا بعدما تعرض قاربهم لمصاعب قرب الأرخبيل الإندونيسي أثناء توجههم إلى أستراليا طلباً للجوء، ومع أن رئيس الوزراء، قد أقنع السلطات الإندونيسية باستقبال السفينة، فإن اللاجئين أنفسهم رفضوا النزول، مصممين على الوصول إلى أستراليا. وبموازاة ذلك اعترضت البحرية الإندونيسية 255 من اللاجئين التاميل كانوا في طريقهم إلى أستراليا قبل ثلاثة أسابيع تقريباً في ميناء "ميراك" بجاوا الغربية، لكنهم أيضاً رفضوا النزول من السفينة، مفضلين التوجه رأساً إلى أستراليا بدلا من الخضوع للإجراءات الإندونيسية وطلب اللجوء في إحدى الدول الغربية ما قد يتطلب سنوات في انتظار الرد. وتأتي هاتان المشكلتان وسط تزايد ملحوظ في عدد طالبي اللجوء إلى أستراليا الذين غالباً ما يستقلون قوارب خطرة وغير آمنة ويدفعون مبالغ مالية كبيرة للمهربين، وهو ما يضع حكومة رئيس الوزراء، "كيفين رود"، في موقف حرج بين المعارضين الذين يتهمونه بفتح أستراليا أمام اللاجئين، وبين منتقديه الذين يهاجمونه على أساس التخلي عن مسؤولياته في مجال حقوق الإنسان. وترى الحكومة الأسترالية في إندونيسيا باعتبارها نقطة العبور الرئيسية للهجرة إلى أستراليا المفتاح الذي لا غنى عنه لمعالجة المشكلة، وفي هذا السياق وافقت إندونيسيا التي يمتد أرخبيلها المترامي الأطراف إلى شمالي أستراليا على الاضطلاع بدور أكبر في اعتراض قوارب اللاجئين وإيوائهم مقابل الحصول على مساعدات مالية تصل حسب التقارير إلى عشرات الملايين من الدولارات. هذا الدور يطلق عليه الإعلام الأسترالي "الحل الإندونيسي" في إحالة إلى ما كان يسمى بـ"الحل الباسفيكي" الذي ابتدعه رئيس الوزراء السابق "جون هوارد" لحل أزمة سفينة "تامبا"، حيث تم نقل المسافرين الأفغان الذين كانوا على متنها إلى البلدان الفقيرة في المحيط الهادي مثل "غينيا الجديدة" و"نورو" ليخضعوا لإجراءات الأمم المتحدة دون إمكانية اللجوء إلى النظام القانوني في أستراليا. لكن "كيفين رود" ألغى هذه السياسة ما أن تولى رئاسة الحكومة، كما تخلى عن بعض المواقف المتشدد تجاه اللاجئين بما فيها نظام التأشيرات المؤقتة الذي كان يمنح اللاجئين حق البقاء في أستراليا لفترة لا تتعدى الثلاث سنوات، إلا أنه حافظ في الوقت نفسه على سياسات أخرى مثيرة للجدل مثل استثناء الجزر الأسترالية القريبة من دائرة الهجرة ليتم نقل طالبي اللجوء الذين يصلون إلى السواحل الأسترالية إلى جزيرة "كريستماس" البعيدة في المحيط الهندي، كما يتم إبقاء العديد من اللاجئين بمن فيهم النساء والأطفال في مراكز للاحتجاز. واليوم يجد رئيس الوزراء الأسترالي " كيفين رود" نفسه أمام انتقادات لاذعة من قوى "اليسار" كما قوى "اليمين"، فمن جهة يقول "المحافظون"، بمن فيهم السياسيون في الأحزاب المعارضة، إن سياساته "فرشت السجاد الأحمر لمهربي البشر"، فيما يتهمه "اليسار" بالتنصل من مسؤولياته الإنسانية بإحالتها إلى إندونيسيا، لا سيما بعد استنكار اللجنة الأسترالية لحقوق الإنسان استخدام جزيرة "كريسماس" كمكان لإرسال اللاجئين. وفي كل ذلك يبقى الرأي العام الأسترالي منقسماً على نفسه حيال مسألة اللاجئين وتعامل الحكومة معها، فحسب استطلاع للرأي أُجري مؤخراً عبَّر ثلاثة أرباع الأستراليين عن قلقهم من تزايد أعداد اللاجئين فوق أرضهم والذين يأتون أساساً من بلدان مثل أفغانستان والعراق وسريلانكا. لكن اللافت أن النقاش الدائر حول طالبي اللجوء لم يصل بعد إلى الحدة التي بلغها في العام 2001 عندما انفجرت حادثة سفينة "تامبا"، وإنْ كان لا يخلو من حيوية داخل المجتمع الأسترالي. ويرى "ديفيد مان"، من المركز القانوني للهجرة واللاجئين في ميلبورن أن ما دفع موضوع اللاجئين إلى الواجهة ليس السياسات الحكومية المتساهلة بقدر ما هي عوامل موضوعية مثل انتهاء الحرب الأهلية في سريلانكا ونزوح التاميل عن موطنهم، مشيراً إلى أنها ظاهرة عالمية لا تقتصر على أستراليا بعد تزايد اللاجئين في أوروبا. ويضيف "مان" أن أستراليا تنتهج منذ سنوات سياسة تعتمد على إقناع إندونيسيا وماليزيا بالتحول إلى "مخازن" للاجئين، قائلا "لكن المشكلة الأساسية أن تلك البلدان لم توقع على معاهدة اللاجئين الأممية، فضلا عن سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان، لا سيما بالنظر إلى معاملتهم للاجئين، إذ في بعض الأحيـان يقومون بترحيل اللاجئين إلى بلدانهم". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: أستراليا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©