الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل تغير واشنطن مقاربتها تجاه «حزب الله»؟

1 نوفمبر 2009 01:20
تحاول الولايات المتحدة الأميركية القضاء على الجناح العسكري لـ"حزب الله" منذ نحو عقد من الزمن تقريباً، وقد أخفقت في ذلك لأنها تسير في الاتجاه الخاطئ؛ إذ مازالت لا تفهم دور "حزب الله" ووجوهه المتعددة، وتجرب بدلا من ذلك حلولا سريعة لا تزيد الطين إلا بلة في شرق أوسط مضطرب أصلا. وللقضاء على الجناح العسكري لـ"حزب الله" في لبنان، يتعين على الرئيس أوباما أن يغير موقف الولايات المتحدة من الحزب، واستثمار العلاقات الجيدة لإدارته مع إسرائيل والبناء عليها. وبالأمس القريب، اختارت الحكومة الأميركية ثلاثة مسارات للتحرك؛ أتت بنتائج عكسية أو أثبتت عدم فعاليتها بخصوص إضعاف الحزب. فأولا، دعمت الولايات المتحدة الحرب الإسرائيلية على لبنان صيف عام 2006، والتي أعادت ذلك البلد نحو عشرين عاماً إلى الوراء، وقُتل خلالها مدنيون أبرياء على الجانبين، دون أن يتحقق أي هدف عسكري من الأهداف الإسرائيلية. ثم كانت هناك محاولة إضعاف الحزب عبر إيران التي تعد راعيه الرئيسي. لكن حين أُعيد انتخاب الرئيس نجاد هذا العام، باءت تلك المحاولة بالفشل. ومؤخراً، حاولت واشنطن القضاء على "حزب الله" عبر إضعاف وعزل حليفته الأخرى، وهي سوريا، غير أنه في ظل انكباب محكمة دولية على التحقيق في اغتيال رفيق الحريري، يمكن القول إن الوضع مرشح لمزيد من التعقيد. والحقيقة أن جزءاً كبيراً من المشكلة يكمن في حقيقة أن الولايات المتحدة تنظر إلى "حزب الله" من منظار أمني فقط؛ فواشنطن تنظر إليه فقط كجناح عسكري مدعوم من قبل سوريا وإيران. لكن حتى تحرز أي تقدم، يجب عليها أن تعترف بتعدد حلفاء "حزب الله"، وأن تتعدى الجانب العسكري للحزب حتى تدرك الروابط الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تربطه بأنصاره. أما فيما عدا ذالك، فيعني إمكانية استعداء وتهميش أكثر من مليون لبناني، معظمهم من الشيعة، على الحدود مع إسرائيل. غير أن إدراك هذه الأمور يعني أن الطريق الحقيقي لسلام مستديم بين لبنان وإسرائيل لا بد أن يشمل "حزب الله" نفسه، ذلك أن إسرائيل هي التي أنشأت الحزب في الأساس، وبالتالي فبمساعدتها فقط تستطيع الولايات المتحدة اجتثاثه. وخلافاً للرئيس بوش، فإن خلفية أوباما العائلية ودبلوماسيته المفتوحة، عاملان يمنحانه جاذبيةً في الشرق الأوسط؛ وهو يستطيع أن يستعمل هذا الأمر لما فيه مصلحة المنطقة. كما أن أوباما في وضع يسمح له بمساعدة إسرائيل على أن تفهم أن العمل مع واشنطن على الانخراط في حوار حقيقي من أجل حل النزاعات يصب في مصلحة تل آبيب، وبالتالي يتعين على الولايات المتحدة الآن لعب دور الراعي الفعال لعملية التفاوض حول اتفاق سلام طويل الأمد بين لبنان وإسرائيل، لنسف شرعية أسلحة "حزب الله". كما يتعين على مجلس الأمن الدولي، الذي تمتلك الولايات المتحدة عضويته الدائمة، أن يتجاوز الشكاوى المتبادلة التي صدرت مؤخراً عن الجانبين في انتهاك للقرار 1701 الذي ينهي حرب يوليو 2006، وأن ينكب (المجلس) على معالجة جذور النزاع. وثمة ثلاث مشكلات مطروحة منذ وقت طويل جداً، لأن الإرادة السياسية لإحراز تقدم بشأنها غير متوفرة أصلا: 1 - النزاع حول الأراضي: تمثل الحدود نقطة نزاع رئيسية بين لبنان وإسرائيل؛ حيث يعلن "حزب الله" دورياً أنه يسعى إلى مزارع "شبعا" اللبنانية. فالنزاع حول هذه الأراضي يعود إلى عام 1967؛ وعندما أعلنت إسرائيل عام 2000 انسحابها من كل الأراضي اللبنانية المحتلة، شدد "حزب الله" على أنه طالما لم تحرر مزارع "شبعا"، فإن إسرائيل تبقى قوة محتلة، وهو ما استخدمه ذريعة للاحتفاظ بسلاحه. وعليه، تستطيع الولايات المتحدة أن تبدأ في معالجة هذه المسألة باستعمال مساعي الأمم المتحدة لتشجيع إسرائيل على استعمال الأراضي كوسيلة مقايضة على السلام. 2 - أسرى الحرب على الجانبين: نظراً لأن الحرب الأخيرة اندلعت حين اختطف "حزب الله" جنديين إسرائيليين، ينبغي أن تكون الأولوية بالنسبة للمجتمع الدولي هي الضغط على إسرائيل و"حزب الله" معاً من أجل وضع مخطط لإعادة جميع أسرى الحرب. وتستطيع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي تطبيق مقاربة الجزرة وربط المساعدة المالية التي تمنح للبلدين بهذا الهدف السياسي. 3 - اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات لبنان: يتعين على الأمم المتحدة أن تجد حلا عادلا ودائماً للتعامل مع اللاجئين. ونظراً للعلاقة بين الفقر والتطرف، فإن إسرائيل مرشحة للاستفادة أكثر من غيرها من حل مشكلة اللاجئين. والواقع أنه كلما طرحت هذه المواضيع على طاولة المفاوضات، وحُلّتْ بسرعة، كلما ازدادت آفاق السلام والاستقرار في المنطقة، الأمر الذي سيساعد على استعادة احترام الأمم المتحدة وحكم القانون. إنه الوقت المناسب: فأوباما، وأكثر من أي رئيس أميركي آخر، قادر على العمل بنجاح مع إسرائيل على اتخاذ الخطوات الضرورية. وحتى "حزب الله" يدرك أنه لا يمكنه على المدى البعيد أن يكون جزءاً من الحكومة اللبنانية، أو يستمر قوة عسكرية خارج القانون. زميلة كلية كنيدي للإدارة الحكومية في جامعة هارفارد وباحثة في معهد الشرق الأوسط ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©