الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرف اليدوية ليست عيبا

14 يونيو 2010 21:05
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “والله لان يأتي أحدكم بحزمة حطب ثم يحمله فيبيعه فيستعفف منه خير له من أن يأتي رجلا فيسأله “. وقيل أيضا “الحرفة إن لم تغني صاحبها تمنعه من مد يديه للآخرين”، تغنيه عن السؤال وتعفيه من التذلل للغير، ناهيك عن دورها في تكوين شخصية الفرد وتعزيز ثقته بنفسه وتنمية قدراته الذاتية وتساهم في الرقي والتسامي، ولعل هذا ما فطنت له بعض الهيئات والمؤسسات، إذ أقحمت في دوراتها الصيفية التي تروم تعليم الأطفال عن طريق اللهو تعليما ذكيا، من رسم وموسيقى، ومسرح ورحلات تثقيفة ودورات قيادية، والحرف اليدوية كخاصية جديدة وكمرتكز أساسي لتكوين شخصية الطفل وإعلاء مهاراته. فكثير من الناس استقل قطار حياته بحرفة صغيرة، فامتلك ناصية السوق من خلال هذه الحرفة التي بدأت بسيطة فكبرت وتعاظمت بالجهد والتعب، ليصبح من كان تاجرا صغيرا، تاجراً كبيراً يدير أعظم المحال، بل يخلق لها فروعا في جميع أنحاء العالم، وفي ذلك دلالة على أن الحرفة، وما يمتلكه الفرد بين يديه من براعة في خلق الشيء إن لم يغنيه يستره ويكفيه السؤال، في حين لا يزال هناك من يعتبر أي حرفة أو مهنة يدوية عيبا، ينظر إليها نظرة دونية. هكذا إلتقيته مرة، تعلو ملامحه حزن دفين، يسكن إلى نفسه، منزويا للوراء، لا تكاد تسمع صوته، يتكلم في استحياء، يدثره الخجل، ويغيب عنه الحماس، غير مقتنع بما يقوم به، مشهد سريع على مسرح الحياة يحفز الأسئلة التي تتناسل وتنساب وتتدفق، إذ يخجل بعض الشباب من امتهان حرف يدوية، مع أن التاريخ يشهد لكثير من كبار التجار الذين ناضلوا وقاوموا من أجل تغيير مسار أمم بحرف يدوية أو بالإقبال على التجارة، فكم صغير كان في عمله يمتهن حرفة بسيطة مع توالي السنوات، عرف دهاليز السوق وخبر مناوراته فأصبح من أكبر التجار، ولا جرم من امتهان بعض الحرف اليدوية التي تؤهل لمعرفة مساقات المستقبل وتجلي غموضه، فكثير هم من بدأوا بسطاء وطوّروا أنفسهم من خلال العمل الذي امتهنوه سابقا، فغيروا حياتهم ثم حياة كل من حولهم، بل تتغير من خلالهم أفكار مطروحة وجاهزة، فعندما نصادف بعض الشباب العربي الذين يقبلون على حرف يدوية أو مهن حرة فإنهم يقبلون عليها باستحياء، ولا يتحدثون عنها بافتخار أو بعشق، مع العلم أن عشق المهنة يحرك ما بالداخل ويرفع كل العراقيل. وفي الجهة الأخرى من العالم تجد من يعتز بحرف يدوية ومهن حرة، بل يتحدث عنها بكثير من الفخر والاعتزاز، فهل سيتغير مفهوم الشباب لنمط عيش جاهز، بسن هذه الدورات والتشجيع على دخولها لتعزيز الثقة بالنفس، وجعل الأفراد يلامسون المهن ويكتشفون عوالمها ويعصرون أناملهم لتتشكل منها لوحات قد تتبلور رؤى مستقبلية لتصبح حرفا تغزو العالم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©