الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السلاحف البحرية تحارب الزمن والافتراس من أجل البقاء

السلاحف البحرية تحارب الزمن والافتراس من أجل البقاء
14 يونيو 2010 21:14
السلاحف البحرية يعود تاريخها ووجودها ضمن سلسلة الكائنات البحرية إلى ما قبل حوالي خمسين مليون سنة. وعلى حسب رأي العلماء البيولوجيين فإن ذلك لا يعتبر مدى طويلا في الميزان التطوري بالمقارنة مع السلاحف البرية، التي ظهرت على اليابسة لأول مرة قبل أكثر من الكائنات حديثة التطور التي تتميز بالقلة التنوعية على الرغم من كثافتها العددية. مملكة السلاحف البحرية لا تضم سوى سبعة أصناف فقط معروفة في جميع أنحاء العالم، ولكن قد تكمن التنوعية في مظهر آخر بين هذه الكائنات وهو التباين الواضح في الأنماط البيولوجية، وأساليب الحياة المختلفة السائدة بين أفراد كل صنف من هذه الأصناف السبعة، وتعتبر السلحفاة الجلدية الظهر هي أضخم أنواع السلاحف البحرية، حيث يبلغ طولها حوالي ستة أقدام ووزنها حوالي 1000 رطل، أما أصغر أنواع السلاحف هي الزيتونية والتي تسمى بالمحلي ذبلية، ويبلغ طولهما حوالي قدمين فقط ووزنهما حوالي 80 رطلاً. السلحفاة الضخمة الرأس تلك المعلومات حول السلاحف ذكرها جمعة بن ثالث منسق إدارة التراث في جمعية الإمارات للغوص، وهو أحد أمهر الغواصين ومن الرجال الذين عشوا حياتهم قرب البحر، ويضيف أن الأصناف الأربعة الباقية هي السلحفاة الخضراء وسلحفاة البحر والسلحفاة الضخمة الرأس، وهناك أيضاً السلحفاة المفلطحة الظهر وهي استرالية الأصل تتميز بلون أخضر غامق، وبصفة عامة فإن السلاحف البحرية تعيش في البحار الحارة والمعتدلة، من أقصى الشمال في نيوفاوند إلى أقصى الجنوب في الأطراف الجنوبية للقارة الأفريقية. السلحفاة المفلطحة الظهر يقتصر وجودها على المياه الأسترالية الحارة، أما سلحفاة كمب فهي تعيش في خليج المكسيك، وهناك بعض أنواع السلاحف تستطيع العيش في البحار المعتدلة والحارة في آن واحد، مثل السلحفاة الضخمة الرأس، وكذلك السلحفاة الجلدية الظهر التي تعتبر أكثر أنواع السلاحف انتشارا في المناطق الشمالية، وأكثرها قدرة على العيش في المياه الباردة حيث تتواجد في أقصى الشمال في مناطق مثل لبرادور ولاند وألاسكا. ومعظم أصناف السلاحف البحرية تعيش في المياه الساحلية الضحلة والخلجان والبحيرات ومصاب الأنهار، ولكنها في بعض الأحيان قد تدخل إلى عرض البحر. والاستثناء الوحيد هي السلحفاة الجلدية الظهر التي تعيش بصفة مستمرة وسط البحر ولا تقترب من الشواطئ إلا عند التناسل، وعلى عكس ما هو متوقع فإن السلاحف البحرية تتميز بمهارة فائقة في السباحة، على الرغم من أنها عادة ما تسبح بصورة بطيئة ونادراً ما تستخدم سرعتها العالية، التي قد تتجاوز معدل 20 ميلاً في الساعة. وبالنسبة لمهارة الغوص فإن السلاحف الجلدية الظهر يمكنها الغطس إلى أعماق تصل إلى حوالي 3300 قدم. سلاحف الدم البارد يشرح جمعة قائلا: بما أن السلاحف من ذوات الدم البارد، فهي تعتبر ذات معدلية أيضية بطيئة مما يمكنها من البقاء في الأعماق إلى أكثر من 45 دقيقة، وبالنسبة للسلاحف الخضراء يمكنها البقاء في الأعماق لأكثر من خمس ساعات في حالة ركود المياه، وهناك بعض أصناف السلاحف الخضراء يمكنها أن تكون في حالة سبات شتوي في الأعماق لعدة أشهر، إذا السلاحف البحرية تختلف كذلك من صنف لآخر، وهناك بعض الأصناف تعتبر من آكلة الحشائش والنباتات والبعض الآخر من آكلة اللحوم، ومنها ما يعتمد على النوعين. أما درجات الحرارة العالية فتنتج إناثاً، ويحدث التفقيس بالنسبة للبيض الموجود داخل حفرة واحدة في أوقات مختلفة، وإذا تغيرت درجة الحرارة فإن ذلك يعني أن نتاج البيض سيكون خليطاً من الذكور والإناث، وتتراوح فترة حضن البيض ما بين أربعين إلى سبعين يوماً، وعادة ما يحدث التفقيس ليلاً حيث تبدأ صغار السلاحف في الزحف خلال الظلام إلى داخل المياه، وتعتبر الحياة قاسية للغاية بالنسبة لصغار السلاحف حيث تنقرض نسبة 90% من الصغار خلال السنة الأولى من حياتها، لأنها تكون صيداً سهلاً للطيور والأسماك والحوت، ولكن بالنسبة لتلك التي تنجو فإن متوسط أمد حياتها يتراوح عادة ما بين 20% إلى 50%. أعشاش البيض ويضيف جمعة: الطريقة أو الكيفية التي تهتدي بها صغار السلاحف بعد خروجها من أعشاشها إلى البحر غير واضحة، ولم يتقدم أحد بدليل قاطع عنها ولكن هناك اعتقادا بأن صغار السلاحف تستخدم عدة عوامل مجتمعة، منها رؤية انعكاس الضوء الآتي من القمر على سطح البحر، ومنها الضجيج والذبذبات التي تحدث من انكسار وارتطام مياه البحر بالشاطئ الذي يجعلها تتجه نحو الصوت للوصول إلى المياه، وعلى أية حال ومهما تكن الآلية المستخدمة وكيفية عملها، فالواضح أنها آليات متوارثة من الآباء إلى الأبناء، فهذه الصغار لا تتمتع بوجود آباء أو أمهات أو أي علاقات بسلاحف بالغة تتعلم منها كيفية أو أسلوب رحلتها الشاقة من الأعشاش إلى البحر المفتوح. ومن ثم فإن هذه الآليات يمكن اعتبارها صفات أو بصمات وراثية جينية أو غريزية، انتقلت من الآباء إلى صغارها، ومع ذلك فمن غير المعروف عدد هذه الصفات أو البصمات والغرائز الداخلية التي تتبعها وتطبقها صغار السلاحف، ومعظم صغار السلاحف تكون لديها ردة فعل موجبة للضوء فتتحرك وتنجذب نحوه أو نحو مصدره، وهذا يعني أن صغار السلاحف تتحرك من مواقع أعشاش البيض أو الحضانة وتدخل مياه البحر بالاتجاه المؤدي إلى مكان القمر. ضوء صناعي ويدعي بعض الباحثين أن أضواء الشوارع وأي مصدر إضاءة أخرى من صنع الإنسان قرب الساحل، يؤدي لارتباك وتضليل مقدرة الصغار على تحديد الاتجاه الصحيح إلى البحر، إذ تظن أعين صغار السلاحف الضوء الصناعي وكأنه القمر، وقد يكون هذا التفسير صحيحاً أو غير صحيح، ولكن يبقى أحد العوامل التي قد تؤثر في رحلة الصغار ذهاباً إلى البحر، وجميع الزواحف تستجيب لحواس الشم والذبذبات أو الاهتزاز أكثر بكثير من التجارب والمنبهات البصرية. لهذا فإن رائحة البحر والتفاعلات الحسية لزيادة الرطوبة، واقتراب صغار السلاحف من الماء والذبذبات الصادرة عن حركة الأمواج، فإن تلك تعمل كحوافز أو منبهات قوية لاندفاع صغار السلاحف باتجاه المياه البحرية، وقد يكون الضوء عامل إرباك للصغار خاصة إذا كان ضوءاً قوياً، فالتأثيرات الضوئية على سواحل اليابسة الكبيرة، لها وقع أكثر بكثير مما تكون عليه في الجزر المحاطة بالمياه البحرية. إحدى المشاكل التي تواجه صغار السلاحف على الجزر الصغيرة تكمن في صعوبة تحديد الاتجاه والمسار الأقصر إلى مياه البحر، وفي مثل هذه الحالات تبدأ الحوافز الغريزية بالعمل، وبواسطتها تتحرك صغار السلاحف متجهة نحو مهب الرياح أينما تكون حركة الأمواج عالية، ولكن هذا قد يؤدي إلى القيام برحلة طويلة وعلى تضاريس أرضية أو منطقة أرضية غير ملائمة، كما أن هناك العامل الآخر المتمثل في البوصلة المغناطيسية الموجودة داخل هذه السلاحف، والتي تقوم بإرشاد وتوجيه هذه المخلوقات إلى الجهة الصحيحة. سلحفاة منقار الصقر ويوضح جمعة أن السلاحف البحرية تحتوي على المغنيتيت داخل المخ والذي بواسطته تستطيع السلاحف تحديد القطب المغناطيسي الشمالي، ولكن غير المعروف حتى الآن هو كيفية استخدام هذه الخاصية على أراض غير معروفة لديها، وليس لديها خبرة مسبقة في كيفية التعامل معها، فعلاً إنه أمر يصعب فهمه، والشيء الواضح بشدة هو أن صغار السلاحف سوف تموت أو تنفق، إذا لم تنجح في الوصول إلى مياه البحر بحلول وقت ارتفاع حرارة الشمس. وفي كثير من الأحيان تترك مجموعة من الصغار العش لتصل إلى سطح الساحل الرملي في وقت متأخر جداً، حيث تكون الشمس اشتدت حرارتها وسخنت الرمال إلى درجة مرتفعة، وهذا يؤدي حتما إلى موت الصغار في مكان قريب من الموقع الذي خرجت منه، ويجد الإنسان عادة كثيراً من هذه الصغار الميتة، وذلك بسبب الجفاف الذي أصاب أجسامها في سواحل التعشيش الحارة، وهو منظر محزن يذكرنا بأن كل شيء في حياة السلاحف هو عبارة عن سباق ضد عامل الوقت وفرض الافتراس، وفي السنوات التي تكون فيها حرارة الصيف عالية جداً، فإن نفوق صغار السلاحف يزداد، وهذا قد يشكل أحد أسباب انخفاض أو تناقص مجموعات وأعداد السلاحف البحرية في الخليج العربي. من السلاحف التي تعتبر نادرة وقد استطاعت الجهود في الإمارات المحافظة عليها في بيئتها الأصلية، السلحفاة منقار الصقر، وتقطن في الأجزاء الصخرية والشعاب المرجانية في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في العالم، ومن سلاحف الخليج العربي، السلاحف الخضراء، سلاحف منقار الصقر، والسلاحف الرمانية ضخمة الرأس.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©