الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرية انطلاق على «هامش» الامتحانات

حرية انطلاق على «هامش» الامتحانات
14 يونيو 2010 21:30
يظهرون في أيام الامتحانات النهائية أكثر من أي يوم من أيام السنة، فللامتحانات هذه طعم آخر، ولها نكهة مميزة، كما لو كانوا مختبئين طيلة العام بين جدران صفوفهم، وها هم بعد إنهاء كل امتحان في مادة ينطلقون في الطرقات كأنهم عصافير تنطلق من أقفاصها إلى الفضاء الرحب. إنهم طلاب المدارس... تراهم منتشرين في الشوارع كما لو كانوا جيشاً من الشباب والصغار، بثيابهم الموحدة التي تدلّ على مدارسهم... يعلنون لك اقتراب موعد الإجازة الصيفية بعيداً عن الصفوف والالتزامات الأخرى، بعيداً عن صوت الأهل المؤنب «ادرسوا»... «ممنوع الحاسوب»...«ممنوع اللعب»... ادرسوا، ادرسوا، ادرسوا. ربما لا يعرفون اليوم ما يريده الأهل لهم والأساتذة من مستقبل زاهر، ولكنهم على طريقتهم يعلنون أن الشارع الذي اشتاق إليهم سيعود ملكاً لهم وإن في عزّ الصيف والحرّ. حين تدق الساعة العاشرة تماماً قبل الظهر تراهم يقفزون في الشوارع وبين السيارات غير مبالين بشيء، إنه «التنفيس» عن التخلص من ضغط الامتحان في مادة ما، قد تكون المفضلة، وقد تكون المكروهة بالنسبة لهم. سنة جديدة سوف يعبرونها العام المقبل، ذلك أن سنوات الطلاب وحتى سنوات عمرهم تحتسب وفق العام الدراسي. تسأل شاباً عن عمره فيقول إنه في العاشر، وهو يقصد الصف الذي يدرس فيه الآن. اليوم مادة اللغة العربية وبعد أيام مادة الرياضيات، أيام تتوالى يعيشها الأهل بكل توتّرها أكثر من الطلاب أنفسهم. نديم وعلاء وسلطان وشهاب، اثنان منهم من الإمارات، وثالث من السعودية ورابع من اليمن، يتسكعون براحة وهم لا يزالون بثياب المدرسة، تكاسلوا عن تغيير ثيابهم قبل الخروج للعب في الشارع. الأربعة مرتاحون ممّا أنجزوه في اللغة العربية، والأربعة توافقوا على الامتعاض من الرياضيات، يسيرون دوماً معاً ويلعبون ويتوجهون إلى البقالة المجاورة لشراء ما طاب ولذّ كتعويض بعد الانتهاء من الامتحان في مادة ما. تجد أحياناً الأساتذة يلاحقونهم ليعودوا إلى ملاعب مدارسهم في انتظار الباصات التي ستقلهم، ولكنهم يتفقون أحياناً على مشروع ما يجمعهم خارج إطار المدرسة للترفيه عن نفسهم قبل دراسة المادة التي سيمتحنون بها بعد يومين أو ثلاثة. يمتعض بعض الطلاب المندفعين خارج مدارسهم من دون ضوابط، إذ يقطعون الشوارع الداخلية من دون رقيب ومن دون انتباه إلى السيارات المارة، فتسمع بوقاً من هنا وصرخة تأديب من هناك، الطلاب في عمر المراهقة يهوون الحالة الصدامية مع محيطهم، ويشعرون مع مرور كل عام دراسي أنهم باتوا قاب قوسين من مرحلة الجامعة أو العمل والانطلاق بعيداً عن أي سلطة. أحياناً يشتد العراك بين طالبين بالشارع في طريق عودتهم من المدرسة، وقد يتدخل زملاء الطرفين وتتصاعد المشكلة، وحين يتدخل أحد الكبار المارين لفض العراك، تراهم يلتفون ضدّه ويتبخّر العراك في الهواء كي يتحوّل التركيز على المتدخّل الذي يعاملونه وكأنه متطفل. إنها أسوار المدرسة وقد غادروها ولم يدخلوا بعد أسوار المنزل، في هذه الفترة الفاصلة، في هذا الطريق المختصر، ينطلقون كأنهم عصافير يريدون أن تنبت لهم جوانح اليوم قبل الغد.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©