الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إدماج المعتقلين الأفغان... خطوة لإخماد التمرد

14 يونيو 2010 21:35
بعدما أمضوا قرابة السنتين في مركز اعتقال أميركي بأفغانستان، يجد سبعة رجال أفغان متهمون بعلاقتهم مع المتمردين أنفسهم أحراراً وطلقاء ليستأنفوا حياتهم مرة أخرى مقابل ثمن زهيد لا يعدو البصم على وثيقة تثبت حسن نيتهم، حيث سيتم إطلاق سراحهم ليكون بمقدورهم العودة مجدداً إلى قراهم دون أي مقابل عدا تعهدهم أمام أعيان بلداتهم وشيوخ قبائلهم بالتخلي عن العنف والبقاء بعيداً عن المشاكل، لكن بعد بصمهم جميعاً على الوثيقة التي تشهد على توبتهم وعودتهم إلى الحياة المدنية يبقى السؤال: هل فعلًا انصلح أمر هؤلاء؟ فعندما طُلب إلى أحد المفرج عنهم إعلان تخليه عن العنف أمام ثلة من الأعيان والشيوخ وفي حضور مسؤولين أميركيين خلال احتفال أقيم خصيصاً بهذه المناسبة بدا عليه التردد وتهرب من الجواب، فقد صرح الشاب الأفغاني بسنواته 26 قائلًا: "أنا مسلم ولن أقوم بأي شيء ضد الإسلام". وقد جاء الإفراج عن المعتقلين الأفغان السبعة بالإضافة إلى ما حصلوا عليه من هدايا شملت هواتف نقالة جديدة ليندرج في إطار التجارب، التي وإن كانت تنطوي على خطورة، فهي تهدف استكشاف طرق جديدة لوقف التمرد في أفغانستان وبحث ما إذا كان إعادة إدماج المعتقلين في المجتمع هو الحل الأفضل بدل التعامل العسكري الصرف، أو إبقاؤهم رهن الاعتقال لأجل غير مسمى. وفي هذا الإطار أيضاً شهدت معسكرات الاعتقال الأميركية في أفغانستان، والتي ينظر إليها كرمز كريه للاحتلال، سلسلة من التغييرات تستهدف المعتقلين الأكثر مرونة لتخضعهم لبرامج تأهيلية تمهيداً لإعادتهم إلى المجتمع الأفغاني وإبعادهم عن العنف والعمل المسلح، فقد تم إغلاق المركز الرئيسي للاعتقال في قاعدة باجرام الجوية أواخر العام الماضي واستُبدل بمنشأة أكثر تطوراً تضم ملاعب رياضية وفسحة لاستقبال الأطفال مع عائلاتهم الزائرة، فضلاً عن احتواء المنشأة على أقسام للدراسة تُعلم المعتقلين القراءة والكتابة وتلقنهم حرفاً تنفعهم في المستقبل. وهكذا يتم اختيار المعتقلين الذين تبدو عليهم علامات التحسن والاستجابة للبرنامج ليُنقلوا إلى قراهم قبل إطلاق سراحهم بشكل رسمي في احتفال يحضره كبار أعيان القرية وأقرباء المعتقل الذين ضمنوا عدم رجوع أبنائهم إلى العنف، وبالطبع تعرضت هذه المقاربة الجديدة لسلسلة من الانتقادات من قبل مسؤولين حاليين وسابقين في الجيش الأميركي بسبب المخاوف من رجوع الُمفرج عنهم إلى العنف ورفعهم السلاح في وجه الحكومة الأفغانية وقوات التحالف، لكن رغم ذلك لم تُسجل الإحصاءات رجوع سوى قلة قليلة من الذين أُطلق سراحهم إلى أحضان "طالبان" فيما ظلت الغالبية بمنأى عن التمرد، وبرغم المخاطر الماثلة يرى المسؤولون الأميركيون أن الاستراتيجية الجديدة لإعادة إدماج المعتقلين في المجتمع مقابل تعهدهم بنبذ العنف هي الطريقة الأمثل لمكافحة التمرد. فقبل إغلاق مركز الاعتقال الشهير في باجرام كان محط انتقادات دائمة بسبب الظروف غير الإنسانية السائدة فيه وبسبب أيضاً الانتهاكات التي حصلت بين جدرانه، بل تحول المعتقل حسب العديد من المسؤولين إلى مرتع خصب لتجنيد المتشددين ونشر الأفكار المتطرفة التي تغذي التمرد، وقد اعترف أيضاً بعض المسؤولين العسكريين أن ما شهده المعتقل من خروقات منح "طالبان" فرصة لكسب الشرعية ومحاربة القوات الأميركية، وهو ما يؤكده الجنرال "مارك مارتينز" قائلا "لا نستطيع القضاء على التمرد بقتل المزيد من المتمردين، أو اعتقالهم، لذا أصبحت مقاربة إعادة دمجهم في المجتمع نقطة الارتكاز الجديدة بالنسبة لنا في أفغانستان". وإلى غاية العام الماضي كان معظم المتمردين الذين يُلقى عليهم القبض يُحتجزون في معسكر بقاعدة باجرام الجوية بعدد معتقلين وصل إلى 600 متمرد، لكن السمعة السيئة التي اكتسبها المعسكر كمكان لانتهاك حقوق المعتقلين بعدما قتل فيه رجلان أفغانيان في العام 2002 دفع المسؤولين الأميركيين إلى التساؤل ما إذا كان معسكر الاعتقال في باجرام يساهم في إذكاء التمرد وتأجيجه بدل إضعافه كما هو مأمول، وقد أغلق معسكر باجرام بأوامر مباشرة من الجنرال "ستانلي ماكريستال" الذي أصبح القائد العام للقوات الأميركية في أفغانستان ليستبدل بمنشأة جديدة تدعى "باروان" بنيت داخل القاعدة نفسها وتتسع لأكثر من ألف نزيل، ورغم ما تضمه المنشأة الجديدة من قاعات للاستنطاق وأبراج للمراقبة وسياج حديدي، إلا أنها تختلف عن سابقتها، هذا وتعكف على مراجعة ملف كل نزيل لجنة تقييم لمعرفة ما إذا كان النزيل قد شهد أي تحول في قناعته، ويتم تحويل المتورطين في الجرائم إلى المحاكم الأفغانية فيما تحتفظ اللجنة بأقلية تعتبر من المتشددين لا تتعدى الأربعين شخصاً رهن اعتقال غير محدد، وتبقى أغلبية المعتقلين من الرجال الأميين والفقراء الذين انضموا إلى "طالبان" لأسباب مادية وليست أيديولوجية قيد التأهيل لإعادة إدماجهم في المجتمع الأفغاني، وفي هذا السياق يجرى تقييم أولي للنزلاء بعد ستين يوماً على وصولهم إلى "باروان" وتواصل اللجنة متابعة ملفاتهم كل ستة أشهر لتقييم مدى التغيير الطارئ على الأفكار والقناعات، ويُسمح للمعتقلين أيضاً بمراجعة لائحة التهم الموجهة إليهم وطلب المساعدة خارج المعتقل مثل استدعاء شهود تثبت براءتهم، أو ما شابه؛ بيد أن منشأة "باروان" هي أكثر من مجرد فرصة لمعانقة الحرية، بل تمنح النزلاء إمكانية تعلم القراءة والكتابة وتزويدهم بالمهارات الضرورية التي ستساعدهم مستقبلا على الاندماج في المجتمع والتعويل على أنفسهم لكسب رزقهم بعيدا عن "طالبان" واحتراف الحرب. جوبي وريك - أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©