الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موّال حُب عراقي

9 يناير 2013 23:08
هناك أسماء لا يمكن أن تسقط من الذاكرة، مثل الأمكنة .. مثل الأزمنة .. مثل الأحداث التاريخية الكبيرة، أو مثل الإنجازات العلمية العظيمة التي غيّرت إيقاع الحياة. عندما ُنقّلب أوراق بطولة الخليج العربي منذ انطلاقتها، تدور في المخيلة أسماء خالدة، مازالت بصماتها محفورة في ذاكرة كل من يهتم بهذه البطولة.. مَن يستطيع أن يشطب من ذاكرته الراحل عمو بابا ؟ لا نريد أن نتحدث عن هذا الرمز الكروي بصورة عامة، فتاريخه طويل، لكن لابدّ من تنشيط الذاكرة الخليجية بإعادة اسمه في مواويل البطولة القائمة حالياً في مملكة البحرين. حقق المدرب عمو بابا لقب الخليج ثلاث مرات عندما قاد المنتخب العراقي في دورات 79 (بغداد) و84 (عُمان) و88 (السعودية)، ولم يحقق المنتخب العراقي بعده أي لقب خليجي. هو واحد من نجوم ورموز الكرة العراقية الذين أنجبتهم بطولة مدارس العراق، حيث بدأ لاعباً موهوباً في مدرسة الحبانية غرب بغداد، وحقق العديد من الإنجازات للعبة في بلاد النهرين، وأصبح اسمه معلوماً لدى أبناء البلد مثل المدن العراقية .. بين عمو بابا وكرة القدم عشق غير قابل للوصف .. استثمر هذا الحُب وعمل بكل قوة من أجل أن يقدم صورة أخرى للعالم عن العراق .. أراد أن يقول لشعوب الأرض إن العراق بلد الموهوبين، وليس بلد الباحثين عن الحروب، بلد تنمو فيه المواهب، مثلما ينبت الشجر الطيب في الأراضي الخصبة .. سعى عمو بابا خلال سيرة عشقه إلى تحرير كرة القدم من التدخل السياسي وغطرسة أفراد السلطة، فتعّرض للتعذيب النفسي وللشتائم، حتى وصل الأمر إلى تخوينه، وما أصعب هذا الأمر .. كان الملعب بيته، وعناصر اللعبة عائلته .. كان حريصاً على معنويات لاعبي الفرق المنافسة، فهو ينظر إلى الجانب الإنساني بدرجة كبيرة.. لم يسلم عمو بابا من انتقادات بعض نجوم الكرة العراقية المخضرمين الذين لم يستدعهم لبطولات معينة .. كان يؤمن ويثق في قدرات المواهب الجديدة، وكان جريئا رغم محدودية حرية الاختيار لديه في بعض الأحيان. في إحدى زياراته لنادي الميناء الرياضي في البصرة .. تفحّص بقدميه ويديه، عشب الملعب .. انهمرت من عينيه الدموع، فقال لمحافظ البصرة وقتذاك: هل يجوز أن يكون ملعب الميناء أعرق الأندية العراقية بهذا السوء؟ .. قال: هذا الملعب أنجب أبرز المواهب التي صنعت مجد الكرة العراقية.. بكى عمو فبلّلت دموعه العشب الخجول. رغم هجرة عائلة عمو إلى الخارج، فضّل البقاء في العراق الذي عاش ومات من أجله. توفى شمال العراق عام 2009، لكنه قبل أن يرحل أسس مدرسة كروية للصغار في بغداد، وكتب في وصيته أن يُدفن في ملعب الشعب.. هل هناك مواّل حُب عراقي أفضل وأجمل من هذا الموّال؟ جاسب عبدالمجيد (العراق)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©