الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

معلمون وأكاديميون يتساءلون: هل تكفي 2500 درهم راتباً لمربي الأجيال؟

معلمون وأكاديميون يتساءلون: هل تكفي 2500 درهم راتباً لمربي الأجيال؟
22 ابريل 2014 11:10
ينظر معلمون في المدارس الخاصة بعين الحزن إلى حالهم وقد انخفضت رواتبهم في وقت طال فيه الارتفاع كل شيء، لكن يحدوهم الأمل في قانون التعليم الخاص المنتظر أن ينصفهم ويضع حداً لمعاناتهم. وتغطي شكاوى المعلمين من ضيق ذات اليد على شكاواهم من ارتفاع أنصبتهم، وظروف عملهم الصعبة، مع الأخذ بعين الاعتبار أنهم يصنعون مستقبل ثلثي الطلبة على مستوى الدولة. تحقيق: محسن البوشي يترقب الوسط التربوي في الدولة صدور قانون التعليم الخاص المنتظر، وسط آمال يعلقها عليه معلمون يأملون بزيادة رواتبهم التي باتت بالكاد تكفي لمتطلبات الحياة. ويؤكد معلمون في مدارس خاصة أن الشريحة الكبرى منهم تكابد الهموم وتقف عاجزة عن مواجهة التحديات، بسبب «ضآلة الرواتب التي يتقاضونها، والتي تتراوح بين 2500 و7000 درهم». وارتفع عدد المدارس الخاصة في الدولة، وفق آخر الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة التربية والتعليم، إلى 483 مدرسة، بنسبة 39% من إجمالي عدد المدارس على مستوى الدولة يدرس فيها نحو 588 ألف طالب يشكلون نسبة 65% من الطلبة مقابل 35% يدرسون في المدارس الحكومية. ويلفت عدد من مديري المدارس الخاصة إلى أنهم يقدرون تماما ظروف المعلمين بالمدارس الخاصة والأعباء التي تثقل كاهلهم في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة متطلبات الحياة، واعتبروا أن ذلك يدخل في صلب التحديات التي تلقي بظلالها على واقع معظم المدارس الخاصة. ويوضح المديرون أن رواتب المعلمين بها تخضع لاعتبارات عدة من بينها لائحة التعليم الخاص المطبقة الآن والتي حددت مبلغ ألفي درهم كحد أدنى لراتب المعلم في المدارس الخاصة، وعامل العرض والطلب ومدى كفاءة المعلم والخبرة الميدانية التي يمتلكها، إضافة إلى إمكانات المدرسة وطبيعة المنهج الذي تدرسه. ويؤكد مديرو المدارس ضرورة توفير المعلم الكفء صاحب الخبرة وتهيئة الظروف المناسبة له لرفع المستوى العلمي للطلبة، وهو ما يصعب تحقيقه في ظل هذه المعطيات على الرغم من اتساع قاعدة إسهامات التعليم الخاص في مجمل العملية التعليمية في الدولة بوجه عام والجهود الحثيثة التي تبذلها الجهات المعنية لتطوير العملية التعليمية في المدارس الخاصة على خط مواز مع المدارس الحكومية. ويتفق معلمون يعملون بقطاع التعليم الخاص على أنهم يعيشون واقعاً صعباً ينطوي على ضغوط مادية واجتماعية كبيرة باتت تثقل كاهلهم وتضاعف من همومهم ومعاناتهم، في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار وزيادة الأعباء المعيشية، نظراً لثبات رواتبهم المتدنية أصلاً، عاقدين الأمل على إصدار القانون الجديد الذي طال انتظاره والذي يأملون أن يأتي بالجديد الذي يضع حداً لمعاناتهم. ويشير المعلم (عبد الله.ع) إلى أنه، ومن هم في مثل ظروفه، واقعين تحت ضغوط كبيرة لا تقتصر على تدني الراتب وزيادة الأعباء والأسعار بل تتجاوز ذلك إلى الضغوط الأخرى الناجمة عن تكليف المعلم في المدارس الخاصة بالقيام بالعديد من الواجبات والمهام الإضافية بما في ذلك زيادة نصاب الحصص عن النصاب المعتمد تربوياً. ويتطرق ‹›هاني .ح›› وهو معلم آخر يعمل بمدرسة خاصة إلى نفس المشكلة، لافتاً إلى الضغط الكبير الذي يتعرض له في عمله من خلال الزيادة الكبيرة في نصاب الحصص، فبينما يتراوح النصاب القانوني لحصص معلم المرحلة الثانوية بالمدارس الحكومية بين 14 و18 حصة أسبوعياً يتجاوز نصاب المعلم الذي يدرس لنفس المرحلة في بعض المدارس الخاصة حدود الثلاثين حصة أسبوعياً. وتوضح المعلمة (إيناس. م) أن زيادة نصاب الحصص والمهام الإضافية تثقل كاهل المعلم وتحمله أعباء إضافية، ما يقلل من فرصته في تزويد الطالب بالمعلومات والمعارف والمواد الإثرائية للمنهج الدراسي ما يرفع من مستوى الطالب ويوسع مداركه وتلك معوقات أخرى تضاف إلى تداعيات المردود المادي الذي يجعل المعلم مشغولاً دائماً بضرورات الحياة. ويشكو المعلم (محمد. م) من الإرهاق المزمن الذي يعاني منه معلمو المدارس الخاصة بوجه عام من أجل توفير لقمة العيش وسط الارتفاعات المتتالية في الأسعار التي عمت كل مستلزمات الحياة، والتي فرضت على المدرس الذي يعمل في مدرسة خاصة ضرورة البحث عن مصادر رزق أخرى إضافية لتأمين الاحتياجات الأساسية لأسرته من خلال إعطاء الدروس الخصوصية خلال الفترة المسائية أو العمل بوظيفة ما خلال أيام العطل والإجازات، الأمر الذي لا يجد معه فرصة لالتقاط الأنفاس ويجعله مقصراً دوماً في حق نفسه وأسرته. ويؤكد (خليفة. ك)، وهو معلم يعمل بإحدى المدارس الخاصة في العين، أن الواقع الذي يعيشه عدد كبير من المعلمين العاملين بالمدارس الخاصة بحاجة إلى وقفة وإعادة نظر، خاصة من ناحية المردود المادي الذي لا يرقى أبداً، من الناحيتين المعنوية والمعيشية، إلى الحد المعقول الذي يحفظ للمعلم مكانته الاجتماعية، باعتباره مربياً للأجيال من جهة، ويوفر له الحد الأدنى من سبل العيش الكريم في ظل الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة من جهة أخرى. التربية: لجنة خاصة لدراسة سلم رواتب معلمي المدارس الخاصة يؤكد خالد الملا مدير إدارة المدارس الخاصة بوزارة التربية والتعليم حرص الوزارة على تحقيق كل ضمانات جودة التعليم بالمدارس الخاصة والحكومية على حد سواء مع التركيز على المعلم باعتباره محور العملية التعليمية والتربوية بتهيئة البيئة المواتية لكي يؤدي واجبه ورسالته السامية التي يضلع بها التي تتعلق ببناء الأجيال، وهو ما يؤكد ضرورة أن يحظى المعلم بقدر وافر من الاهتمام والرعاية والتقدير الذي يليق بمكانته. ويلفت الملا إلى أن الوزارة تسعى نحو توفير كل أوجه الرعاية للمعلم وترسيخ هذه المكانة المتميزة التي يستحقها والأخذ بيده والنهوض به وظيفياً واجتماعياً ومادياً، خصوصاً أولئك المعلمين الذين يعملون بقطاع التعليم الخاص الذين يمثلون شريحة عريضة تعاني ضغوطاً اجتماعية كبيرة لتدني مستوى الرواتب التي يتقاضونها بدرجة تحول بينهم وبين توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة لأسرهم. ويشير مدير إدارة التعليم الخاص بوزارة التربية إلى أن هناك لجنة خاصة تم تشكيلها بقرار من معالي وزير التربية والتعليم تعكف حالياً على إعداد وصياغة اللائحة التنفيذية لقانون التعليم الخاص الجديد لوضعه موضع التنفيذ حال إقراره مباشرة. وتلزم اللائحة التنفيذية لقانون التعليم الخاص الجديد جميع معلمي التعليم الخاص بالحصول على «رخصة المعلم» كشرط للتعيين والعمل في المدارس الخاصة المعتمدة في الدولة بحيث تتوفر في المعلم شرط المؤهل الدراسي والخبرة الميدانية المناسبة وفقاً للتخصص الذي يقوم بتدريسه. ويفيد الملا بأن اللجنة تنظر في مستويات وحدود الرواتب التي يحصل عليها معلمو المدارس الخاصة والمعايير التي تخضع لها وفقاً لنصوص القانون وبما يحقق مصلحة طرفي العلاقة المعلم والمدرسة ويحسن من الوضع الوظيفي للمعلم، مؤكداً أن ذلك أصبح ضرورة ملحة ضمن الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة التربية والتعليم لتوفير كل ضمانات الجودة المنشودة في قطاع التعليم بشقيه الحكومي والخاص. ويؤكد الملا أن الوزارة لم تسقط من حساباتها أبداً وفي كل الأوقات المعلم، فله مكانة وله تقدير كبير، لأنه محور العملية التعليمية في المدارس، ويجب أن يلقى كل الرعاية والاهتمام بما يوفر له البيئة المواتية للعطاء ويلبي طموحات الوزارة في توفير الحدّ الأدنى من الجودة التعليمية للطالب في المدارس الخاصة، وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال معلمين مؤهلين يتمتعون بالكفاءة والخبرة. ويوضح مدير إدارة التعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم أنها تحرص دوماً وعند النظر في الطلبات التي تتقدم بها المدارس لزيادة الرسوم على ضرورة ان يكون هناك نوع من المقارنات بين مستويات الزيادة المطلوبة في الرسوم ومستويات الرواتب التي تدفعها المدرسة للمعلمين، باعتبار ذلك يعد معياراً ومؤشراً لجودة الخدمات التي تقدمها. وتسعى الوزارة ضمن جهودها التي تبذلها لوضع اللائحة التنفيذية لقانون التعليم الخاص الجديد إلى وضع لائحة أخرى فرعية تختص بالرسوم المدرسية تتضمن مجموعة من المعايير والآليات التي تحكم عملية زيادة الرسوم ومعدلات الزيادة. وكانت وزارة التربية والتعليم اعتمدت مؤخراً مشروع قانون التعليم الخاص، توطئة لرفعه إلى مجلس الوزراء الموقر، لأخذ ما يلزم نحو اعتماده. ويأتي مشروع القانون تأكيداً على الدور الإيجابي الذي تقوم به المدارس الخاصة في سبيل توفير خدمات تعليمية ذات جودة عالية، وحتى يكون الطالب هو المحور الرئيس لمبادراتها ومشروعاتها التطويرية ويستند مشروع القانون إلى المبادئ الأساسية لسياسة التعليم في الدولة انطلاقاً من كون التعليم الخاص شريكاً استراتيجياً للتعليم الحكومي وداعماً لتوجهات وزارة التربية والتعليم وخططها التطويرية. خبراء: المعلم حجر الزاوية في تطوير النظام التعليمي يؤكد أكاديميون وخبراء تربويون ضرورة إعادة النظر في الواقع الصعب الذي يكابده معلمو المدارس الخاصة، مشددين على أن تطوير العملية التعليمية لا يجب أن يبدأ من المناهج والوسائل والأنشطة ولكنه يجب وقبل كل شيء أن ينطلق من المعلم وينتهي به دون غيره من كل عناصر العملية التعليمية. ويلفت الدكتور علي الكعبي وكيل كلية التربية بجامعة الإمارات إلى أن كل الدراسات والأبحاث التي تسعى إلى تطوير النظام التعليمي لا بد أن تنطلق من المعلم وليس بمنئى عنه باعتباره حجر الزاوية في عملية التطوير، ولا يمكن إنجاز هذه الجهود وإنجاحها إلا من خلال التركيز على المعلم وتوفير كل الظروف المواتية له لأداء رسالته النبيلة التي يضطلع بها. ويؤكد وكيل كلية التربية بجامعة الإمارات ضرورة مراعاة الظروف الصعبة التي يعانيها معلمو قطاع التعليم الخاص والذين يحصلون على رواتب متدنية لم تعد تلبي احتياجاتهم المعيشية الأساسية في ظل زيادة الأعباء وغلاء الأسعار ما يضعهم دوماً تحت ضغوطات كبيرة تؤثر بلا شك على عطائهم ما يؤثر بدوره سلباً على نتاج العملية التعليمية برمتها. ويتابع الكعبي متعجباً: المعلمون بالمدارس الحكومية وهم أفضل حالاً بكثير دأبوا على المطالبة بتحسين أوضاعهم، فكيف الحال بالعاملين بالمدارس الخاصة الذين يرزحون تحت ظروف اجتماعية صعبة نتيجة تدني رواتبهم بصورة لم تعد تليق بالمهمة التي يؤدونها وبمبدأ الربح والخسارة الذي تعتمده المؤسسات التعليمية الخاصة التي ينتسبون إليها؟ ويخلص الكعبي إلى أن تطوير العملية التعليمية لا يجب أن يبدأ من المناهج والوسائل والأنشطة ولكنه يجب وقبل كل شيء أن ينطلق من المعلم وينتهي به دون غيره. ويقول الدكتور جمال النعيمي مساعد العميد للتنمية المهنية بكلية التربية بجامعة الإمارات إن الاهتمام بالمعلم وإعطائه المكانة التي يستحق يأتي كضرورة ملحة لتحقيق عناصر الجودة المطلوبة بقطاع التعليم الخاصة، خصوصاً في تلك المرحلة التي قطع فيها التعليم في الدولة شوطاً كبيراً نحو التطوير وبلوغ المعايير المطلوبة. ويضيف النعيمي أن التعليم قطاع مهم جداً لا يمكن النهوض به، إلا من خلال المعلم الركيزة الأساسية فيه الذي يجب أن يحظى بالقدر الكافي من الاهتمام الذي تحظى به عناصر العملية التعليمية الأخرى التي تتراجع في الواقع أمام الدور الكبير والأساسي الذي يقوم به المعلمون والذي يتجاوز حدود النهوض بالعملية التعليمية إلى تحقيق التنمية الشاملة التي لا يمكن أن تتحقق إلا بسواعد الكوادر المتعلمة المؤهلة في مختلف القطاعات. أما الدكتور إبراهيم المجيني رئيس قسم المناهج بكلية التربية بجامعة الإمارات فيرى أن رواتب المعلمين في غالبية المدارس الخاصة والتي تتراوح بين 2500 درهم و7 آلاف درهم في حدودها القصوى، أمر يؤكد معه ضرورة إعادة النظر في الواقع الصعب الذي يكابده معلمو المدارس الخاصة. ويضيف المجيني متسائلاً: كيف يتسنى تحقيق الحد الأدنى من الاستقرار لهذه الشريحة الكبيرة المهمة، قياساً بدورها الذي تؤديه، في ظل هذا الواقع الصعب وكيف ننتظر من هؤلاء عطاء متميزاً، وهم يكابدون معاناة وضغوطاً معيشية صعبة في ظل الزيادة الكبيرة في الأعباء والمتطلبات وارتفاع الأسعار فهذه بحق إشكالية كبيرة. ويتطرق رئيس قسم المناهج بكلية التربية بجامعة الإمارات إلى التداعيات والآثار السلبية المترتبة على استمرارية تجاهل رفع العبء عن كاهل معلمي المدارس الخاصة وتحسين أوضاعهم، لافتاً إلى أن هؤلاء قد يجدون في الدروس الخصوصية خلاصاً لهم، عبر اتخاذه وسيلة للتكسب لمواجهة أعباءهم المعيشية، ما يقلل من تركيز المعلم وعطائه داخل الصف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©