الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجدل يشتعل حول دور جراحة السمنة في تقليل مضاعفات السكري

الجدل يشتعل حول دور جراحة السمنة في تقليل مضاعفات السكري
10 ابريل 2012
أثارت دراستان جديدتان الكثير من الجدل؛ بعد أن أشار باحثون فيهما إلى أن الخضوع للجراحة من أجل إنقاص الوزن قد تكون الحل الأفضل لمرضى السكري نوع 2 الذين يعجزون عن التحكم في سكر الدم. بعض الخبراء قالوا تعليقاً على هاتين الدراستين إن علاج السكري سيحقق نقلةً كبيرةً وتحوُلا جذرياً في حال تأكدت نتائج البحثين. ولكن آخرين قالوا إنه قبل الحديث عن هذه النقلة والتحول المحتمليْن عبر العمليات الجراحية، لا بُد من الإجابة على الكثير من الأسئلة التي تبقى عالقةً وتنتظر إجابات عاجلة. ولعل أول ما يتبادر إلى الذهن هو من هم الأطباء المؤهلون للقيام بهذه العمليات الجراحية “الموعودة”؟ وما حجم خُلوها من الأعراض الجانبية المصاحبة مع جراحات السمنة السائدة حالياً؟ وما مدى إمكانية ابتكار أدوية صيدلانية لها نفس مفعول جراحات إنقاص الوزن مستقبلاً؟ انتشرت جراحات إنقاص الوزن بشكل كبير في السنوات الأخيرة. ومع اتساع رقعة هذا الانتشار، طفت على السطح هواجس، وظهرت تساؤلات حول جودة رعاية الأشخاص الخاضعين لهذه العمليات وسلامتهم. وعلى الرغم من أن مضاعفات ما بعد جراحة السمنة ومعدلات الوفاة الناجمة عن هكذا عمليات متدنية في “مراكز التميز” الجراحية، فإن هذه الأخيرة تبقى قليلة جداً إذا ما قُورنت بالعيادات المتخصصة الأخرى التي تتناسل يوماً بعد يوم في مجال جراحات إنقاص الوزن. منظمة “هيلث جريدس” الأميركية المتخصصة في تصنيف مؤسسات الرعاية الصحية وتقييمها أصدرت تقريراً شاملاً حول جراحة السمنة وتكاليفها وجودتها. وهي تُشير في هذا التقرير أنه من بين 468 مستشفى يُقدم خدمات جراحة السمنة في الولايات المتحدة الأميركية، 107 مستشفيات منها فقط صُنفت في خانة “أفضل أداء”، في حين صُنف 100 مستشفى في خانة “الأداء الضعيف”. التكلفة والرعاية تُكلف كل عملية جراحية من هذا النوع ما بين 10 آلاف دولار إلى 42 ألف دولار، مع العلم أن تكاليف الأدوية التي يُطالَب المرء بتناوُلها بعد العملية تكون في الغالب أكثر من مصاريف العملية نفسها. وفي الوقت الذي تخضع فيه تكلفة الرعاية الصحية لرقابة متزايدة وتدقيق متنام، يصعُب الحكم على ما إذا كانت هذه الأرقام التحليلية والتقييمية جيدةً بما فيه الكفاية. ويقول الدكتور دانييل بيسيزن، عالم الغدد الصماء وعضو هيئة التدريس بجامعة كولورادو في مدينة دنفر، “الأمر يتحول إلى مسألة الموارد والمخصصات المالية. فما نفعله اليوم هو أننا نُواجه تحدياً متعاظماً بشأن الرعاية الصحية العامة. وفي مجال جراحة السمنة بالذات، ما زالت العديد من البيانات العلمية الضرورية التي نحتاجها لم تنكشف بعد. ولذلك فإنه من السابق لأوانه الحديث عن وضع لوائح أو قوانين تنظيمية تُلحق هذه العمليات التي لم تتضح تداعياتها إلى الآن بقائمة الجراحات المشمولة بالتأمين والتغطية الصحية”. ويُضيف بيسيزن أنه مع تقاطُع قضيتي التكلفة ورعاية المريض تبرُز مسألة ما يحدث لمرضى السكري الذين قد يختفي لديهم المرض بعد جراحة السمنة، لكن مع إمكانية رجوعه في وقت لاحق. فالرعاية الأولية اللازم توفيرها بدقة لمريض السكري بعد الجراحة هي أمر قد يُلم به بعض الأطباء كما قد يجهله البعض الآخر. ومن نافلة القول أن المرضى الخاضعين لجراحات إنقاص الوزن يحتاجون بعد العملية إلى إرشاد وتوجيه من نوع خاص من أجل الحفاظ على صحة عظامهم وحاجاتهم الغذائية، وخُصوصاً الفيتامينات الضرورية والمعادن الأساسية التي تتغير نسبة امتصاصها في الأمعاء الدقيقة بعد الخضوع لعملية ربط المعدة أو غيرها من عمليات إنقاص الوزن. ومع الوقت، يمكن للعديد من المرضى أن يجدوا أن أوزانهم تزيد بشكل تدريجي، ما يُحتم على الطبيب المعالج الذي أجرى العملية للمريض أن يعرف نوع الرعاية الأولية التي يجب عليه تقديمها للتعامل مع زيادة الوزن بعد العملية. استراحة مؤقتة يقول خبراء إنه قد يتبين في وقت لاحق أن جراحة السمنة قد لا يتعدى مفعولها منح البدين فترة استراحة قصيرة من السكري نظراً لأن المقاومة التدريجية للإنسولين قد تُخفض قدرة البنكرياس على إنتاجه. ويأمل الباحثون، الذين أجروا الدراستين اللتين نُشرتا مؤخراً، بأن يؤدي حصول مريض السكري على هذه “الاستراحة المؤقتة” من معاناة المرض إلى تقليل مخاطر إصابته بالسكتات الدماغية والجلطات القلبية على المدى الطويل، لكن هذا أمل يحتاج إلى تعزيز وإسناد ببحوث علمية تُثبته وتؤكده حتى لا يبقى رجاءً حالماً وغير واقعي. ومن بين الأمور الأخرى التي سجلها الباحثون على هاتين الدراستين أنهما تُحولان اهتمامات قطاع الرعاية الصحية من الجهود المبذولة صيدلانياً لمحاربة الآفتين التوأمتين اللتين تعصفان بالمجتمع الأميركي (السمنة والسكري)، إلى الدور المستقبلي المحتمل الذي يمكن أن تضطلع به الجهود الجراحية لتقليل مضاعفات السمنة والسكري. ويتفق الباحثون على أن أدوية السكري من أكثر الأدوية المثيرة للجدل والمحتاجة إلى تطوير بسبب الأعراض الجانبية والمشاكل الصحية التي تتسبب فيها. ويكفي أن نعرف أنه حتى عندما تُتيح بعض هذه الأدوية التحكم في سكر الدم، فإنها تتسبب في زيادة الوزن، ما يُفاقم حالة المريض بدل تحسينها. أما البعض الآخر من أدوية السكري، فتكمن جوانب قصوره في إعادة توزيع الدهون بطُرق تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب. وعند تقييم أدوية إنقاص الوزن المُعول على فعاليتها، فإننا نصطدم بخيبة أمل شديدة تجعلنا نشطُب هذه الأدوية من قائمة الوسائل العلاجية التي نُراهن عليها لمكافحة السمنة وزيادة الوزن. مقاربة جديدة إذا نظرنا إلى مدى نجاح عمليات تصغير المعدة عبر تحويل مسارها وربط الجزء الأعلى منها، فإنه يمكننا القول إنها تُقدم للصيادلة مقاربةً جديدةً لعلاج مشكلة السمنة ومقاومة الإنسولين المصاحبة لها في معظم الحالات. ولو تمكن الباحثون فَرَضاً من الوصول إلى مستوى يُصبح فيه إجراء جراحات السمنة خالياً من الأعراض الجانبية التي تطرأ أساساً على مستوى الإفرازات الهرمونية وتقلباتها، فإن الباحثين الصيدلانيين سيغدو بإمكانهم آنذاك البحث عن طُرق كفيلة بالتأثير على هذه التغيرات دون جراحة. وفي هذا الصدد، فإن ابتكار حبوب أو أقراص صيدلانية لها مفعول جراحة ربط المعدة قد يكون هدف الباحثين الصيدلانيين القائم وأملهم المنشود. فعندما تُصبح أدوية “حبوب تصغير المعدة” متوافرة في الصيدليات وجميعها خالية من الأعراض الجانبية المصاحبة لجراحات إنقاص الوزن السائدة في وقتنا الراهن، وبأسعار بسيطة تستطيع جميع الفئات الاجتماعية دفعها، يمكن القول إن الباحثين الصيدلانيين قد ربحوا الرهان ووضعوا حداً لآفتي السمنة والسكري اللتين بلغت درجة استفحالهما واستشرائهما في مجتمعات العصر الحديث مستوى غير مسبوق يدق نواقيس الخطر، ليس في الأوساط الطبية البحثية فقط، وإنما في كافة الأوساط ويُحتم تضافر جميع الجهود من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا الصحة العامة للأجيال القادمة. هشام أحناش عن “لوس أنجلوس تايمز” جراحات السمنة جراحات السمنة هي عمليات إنقاص الوزن التي تقوم على التدخل الجراحي لعلاج مشكلة السمنة المزمنة. ونظراً لقناعة الجراحين والباحثين بأن لكل عملية جراحية مضاعفات متعددة وأعراض جانبية متفاوتة، فإنهم لا يوصون بها إلا الأشخاص المصابين بسمنة مزمنة يتجاوز مؤشرها الأربعين (BMI>40) والذين أخفقوا في إنقاص أوزانهم عبر اتباع أنظمة حمية غذائية وتناوُل العقاقير الحديثة أو الأدوية التكميلية البديلة الخاصة بعلاج البدانة. وهناك أنواع عديدة لجراحات إنقاص الوزن، لكن الأكثر شُهرةً هو تصغير حجم المعدة عبر ربطها، وجراحة ربط المعدة الرأسية التجميلية التي تقود إلى الإحساس المبكرٍ بالشبع، وأيضاً تقصير طول الأمعاء عبر تحويل مجرى المعدة بهدف التقليل من امتصاص الأطعمة التي تدخل إلى المعدة. ويبقى الاحتمال وارداً بأن يعود المريض الذي يخضع لجراحة ربط المعدة إلى حاله قبل الجراحة، أما عند الخضوع لجراحة تقصير طول الأمعاء، فإن الرجوع إلى الحال الأول قبل الجراحة يُصبح شبه مستحيل. هذا علاوةً طبعاً على عمليات جراحية أخرى تستخدم المنظار البطني ومعدات جراحية متطورة أخرى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©