الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السجون الأميركية.. فاتورة باهظة

10 ابريل 2015 21:53
يفرض نظام السجون عبئاً كبيراً على اقتصاد الولايات المتحدة. أولًا، لأن هذا النظام قد يتكلف أكثر من 30000 دولار للسجين في العام الواحد. بيد أن التكلفة الأكبر ربما تتمثل في التأثير على قدرة السجين على الكسب طوال حياته. فمن الصعب للغاية الحصول على عمل جيد في أميركا بعد الخروج من السجن. والفاقد الاقتصادي الذي يتركه حتى قضاء مدة قصيرة في السجن على حياة السجين يترك أيضاً فاقداً أكبر على الاقتصاد الكلي. كما أن هذا قد يمثل حافزاً اقتصادياً قوياً للسجناء السابقين للعودة إلى حياة الجريمة من جديد. ومنذ زمن بعيد تدفع الولايات المتحدة هذه التكاليف. وعلى رغم أنها تضم 5% فقط من سكان العالم، إلا أن فيها 25% من السجناء على مستوى العالم. وبطبيعة الحال، فإن هذه التكاليف لا تأخذ الفوائد بعين الاعتبار. ويكاد يكون من المؤكد أن إبعاد المجرمين عن الشوارع يقلل معدلات الجريمة، التي تعد عبئاً على الاقتصاد. وعلاوة على ذلك، فإن السجن يقوم بوظيفة مهمة جداً تتمثل في الردع. ولكن هل يمكن أن يكون نظام السجون الأميركي غير كفؤ إلى جانب كونه مكلفاً جداً اقتصادياً؟ وهل الاحتفاظ بما يقرب من 2,5 مليون أميركي خلف القضبان يمر أصلاً باختبار للتكاليف والفوائد؟ وقد بدأت بعض الولايات الأميركية، ومنها ولاية تكساس، في تجربة خفض معدلات السجن. فخلال السنوات الخمس الماضية، انخفض معدل السجن في تكساس بنحو 10%، ما أحدث وفورات كبيرة لحكومة الولاية. وكانت اعتبارات تتعلق بالتكاليف هي التي دفعت كلاً من الجمهوريين والديمقراطيين في المجلس التشريعي بتكساس إلى السعي لخفض تكاليف السجون، أظهرت التوقعات الجديدة أنه إذا ظلت الولاية على معدلاتها المرتفعة من نسبة الاحتجاز والسجن، فإنه يتعين عليها إنفاق ملياري دولار إضافيين سنوياً بحلول 2012. وعلى أي حال، فقد بدأت تكساس في خفض سجلات دخول السجن فيها. فما الذي تمخضت عنه هذه التجربة؟ حسناً، منذ عام 2010، انخفضت معدلات الجريمة في تكساس بنسبة مذهلة بلغت 18%. وإذا كان خفض معدلات الحبس قد أدى إلى توسع في معدلات الجريمة، فإن هذا بالتأكيد لا يظهر في الإحصاءات. إن تجربة تكساس لا تثبت بطبيعة الحال أن خفض معدلات السجن يحد من الجريمة. بيد أنها تخبرنا بشيء مهم عن الجريمة والنظام العقابي في الولايات المتحدة خلال فترة نصف قرن الماضية. ففي ستينيات القرن، بدأت معدلات الجريمة تسجل ارتفاعاً صاروخياً -ليس فقط في الولايات المتحدة، بل أيضاً في غيرها من الدول الغنية حول العالم، على رغم أنها كانت أكثر حدة في الولايات المتحدة. وبلغت موجة الجريمة ذروتها في ثمانينيات القرن ومطلع التسعينيات. وفي عام 1980 تقريباً، بدأت الولايات المتحدة أخيراً في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الجريمة. وكان السجن بأعداد كبيرة مجرد واحد من إجراءات كثيرة اتخذتها الولايات المتحدة في إطار محاولاتها لوقف مد الجريمة الذي كان يبدو أنه غير قابل للإيقاف. كما زادت الولايات المتحدة من تواجد الشرطة في الشوارع، وعززت من حملات مكافحة المخدرات، إلى جانب أشياء كثيرة أخرى. ونظراً لأنه في أثناء ذروة تفشي الجريمة، كان أكثر من 200 ألف أميركي يقتلون كل عام، فقد كان من المنطقي بذل كل جهد، حتى وإن كان هذا يعني حبس ملايين من الأشخاص. بيد أن موجة الجريمة الكبرى انتهت. وانخفض معدل الجريمة منذ مطلع تسعينيات القرن -وقد تراجعت الآن إلى مستويات الستينيات، وتواصل الانخفاض. وبدأت الولايات المتحدة، متأخرة، في تقليل معدل الحبس. فقد انخفضت هذه المعدلات بنحو 10% عما كانت عليه في ذروتها. وكما هو الحال في تكساس، تواصل معدلات الجريمة الوطنية هبوطها. ويجب أن يستمر هذا الاتجاه. ومن الأفضل إنفاق الكثير من المليارات التي تنفقها الولايات المتحدة على النظام العقابي على أشياء أخرى كثيرة مثل قضايا بناء الطرق والكباري والبحث العلمي، أو إعانة الفقراء. نوح سميث * * أستاذ مساعد المالية في جامعة «ستوني بروك» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©