الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المنظمات الإنسانية··· مهام محفوفة بالمخاطر

المنظمات الإنسانية··· مهام محفوفة بالمخاطر
23 أغسطس 2008 01:36
الأسبوع الماضي، قامت حركة ''طالبان'' بقتل ثلاثة عمال مساعدات وسائقهم في إقليم ''لوجار'' في أفغانستان، إلى الجنوب من العاصمة كابول، حيث لم تشفع لهم لدى ''طالبان'' حقيقة أنهم كانوا هناك من أجل مساعدة الأطفال الأفغان المعاقين· ففي بيان صدر بعيد الهجوم، قالت ''طالبان'':''إننا لا نثمّن مشاريع المساعدات التي يقدمونها، ولا نعتقد أنهم يعملون من أجل تقدم البلاد''· والواقع أن ذلك لم يشكل حالة معزولة، حيث يتم استهداف عمال المنظمات الإنسانية عبر العالم أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يرغم وكالات المساعدات على إعادة النظر في طرق تقديمها للمساعدات، وفي بعض الحالات، على الانسحاب بشكل كامل، مع ما ينطوي عليه ذلك من عواقب مدمرة ووخيمة بالنسبة للملايين من الأشخاص الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية من أجل البقاء على قيد الحياة· تأثير الهجوم الأخير في أفغانستان كان سريعاً، فعندما كنتُ أعمل هناك في 2004 و،2005 كان إقليم ''لوجار'' يعتبر آمناً نسبياً· أما اليوم، فإنه بصدد التحول بسرعة إلى منطقة يحظر الذهاب إليها، ونتيجة لذلك، قامت وكالات المساعدات مؤخراً بحصر تحركات موظفيها في المنطقة التي قتل فيها الموظفون الأربعة، هذا في وقت تبحث فيه وكالات أخرى إمكانية تعليق عملياتها في الإقليم بشكل كامل· والحقيقة أن تقديم المساعدات في أماكن مثل أفغانستان كان دائماً أمراً خطيراً، لكن هذا الخطر كانت تخفف منه حقيقة أن عمال المساعدات قلما كانوا يشكلون أهدافاً مباشرة· فقد كان موظفو المنظمات الإنسانية يعملون من قرب مع الأهالي، وهو ما كان يوجد جواً من القبول والثقة اللازمين لتأمين حمايتهم، وكانت وكالات المساعدات تضمن أمنها على أساس فكرة أنها طالما التزمت بالحياد، فلا أحد سينظر إليها كتهديد· غير أن هذه الفكرة لم تعد صحيحة في كثير من النزاعات· فمنذ يناير الماضي، قُتل 23 عامل مساعدات في أفغانستان، و20 في الصومال، و10 في دارفور· وعلى مدى السنوات الثلاث الأخيرة، قتل عمال المساعدات أيضاً في جمهورية أفريقيا الوسطى والعراق ولبنان وجنوب السودان وسريلانكا· وبشكل عام، تضاعف تقريباً عدد الهجمات التي تستهدف عمال المساعدات بين 1997 و،2005 على أن الأغلبية الساحقة من ضحايا هذه الهجمات هم من الموظفين المواطنين الذين يعملون في بلدانهم· أحد أسباب هذه الزيادة في الهجمات له علاقة بالطابع المفتت للعديد من النزاعات منذ نهاية الحرب الباردة· ففي أماكن مثل أفغانستان وإقليم دارفور السوداني والصومال هناك عدد كبير من زعماء الحرب والمجموعات المسلحة، كما أن قبول هذه المنظمات من قبل الأهالي ليس ضمانة أمنية كافية حين يكون أفراد العصابات هم الذين يسيطرون على الطرق المجاورة· وعلاوة على ذلك، هناك أيضاً ارتفاع في الهجمات ذات الدوافع السياسية، حيث لم يعد الكثير من الثوار والمجموعات المتمردة ينظرون إلى عمال المنظمات الإنسانية كجهات محايدة أو مستقلة· والجدير بالذكر هنا أن وكالات المساعدات لطالما انتقدت القوات الغربية في أفغانستان والعراق على خلفية تنفيذها لمشاريع تنموية صغيرة ''تمحو الفرق'' بين اللاعبين العسكريين واللاعبين الإنسانيين· بيد أن المشكلة أعمق وأكبر على اعتبار أن الكثير من وكالات المساعدات الغربية لديها أجندات، مثل دعم حقوق المرأة، تجعلها في خلاف أيديولوجي مباشر مع المتمردين الذين تحركهم دوافع دينية مثل ''طالبان''- والذين يذهبون، على سبيل المثال، إلى حد مهاجمة مدارس الفتيات· في هذه الأثناء، وبينما تواصل الوكالات الإنسانية إعادة النظر في كيفية تقديم المساعدة في النزاعات الخطيرة، يقدم العراق لمحة ممكنة حول المستقبل· فقد أرغم انعدام الأمن معظم وكالات المساعدات هناك على مغادرة البلد· ولكنها بدلاً من ذلك، تحاول اليوم تقديم خدمات عبر البرمجة عن بعد، وتنفيذ مشاريع عن طريق شركاء محليين· غير أن هذا الأسلوب يميل إلى كونه أقل فعالية ويزيد من إمكانية حدوث الفساد· أما المنظمات التي اختارت البقاء، فقد تبنت سلسلة من التدابير الاحترازية، حيث قام بعضها بالحد بشكل كبير من المجال الذي يستطيع أن يتحرك فيه موظفوها، وهو ما يصعب من توزيع المساعدات بشكل فعال· هذا في حين وقعت وكالات أخرى شراكات مع الجيش من أجل توفير الحماية لها، غير أن هذه المقاربة تعرضت لانتقادات شديدة من قبل منظمات أخرى تعمل في المجال الإنساني على اعتبار أنها تساهم أكثر في محو الخط الفاصل بين وكالات المساعدات والجيش· الأخطار كبيرة، غير أن المساعدة الإنسانية في الكثير من النزاعات يمكن أن تشكل الفرق بين الموت والحياة· ففي أفغانستان، على سبيل المثال، يكافح 45 في المائة من السكان من أجل إيجاد ما يكفي للأكل، في حين أن واحداً من بين خمسة أطفال يموت قبل سن الخامسة· وهكذا، فإن عمال المساعدات يواجهون على نحو متزايد اختياراً صعباً بين سلامتهم وحس الالتزام تجاه الأشخاص الذين هم في أمسّ الحاجة إلى المساعدة· مايكل كلينمان زميل مؤسسة ترومان ناشيونال سيكيوريتي بروجيكت، عمل مع وكالات إنسانية في أفغانستان وأفريقيا والعراق ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©