السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الإخوان» يفسدون سباق الرئاسة

10 ابريل 2012
مع اقتراب انتخابات الرئاسة في مصر طفت على السطح أخطاء المرحلة الانتقالية، وتعاظمت هواجس المرحلة التالية التي يفترض أن تؤسس لنظام جديد ومستقر. لم يكن النظام السابق مجرد شخوص يسقط إذ يسقطون، وإنما كان صيغة لتفاهمات وتوازنات تحوّلت مع الوقت إلى قواعد للحكم غير محددة القيم وغير واضحة في الدستور، فلا هي سياسية بالمعنى المتعارف عليه للسياسة ولا هي عسكرية خالصة، وإنْ أنتجت ثقافة سلطوية تعوّض القصور السياسي بصرامة التنظيم العسكري وانضباطيته. مع "ثورة 25 يناير"، برزت حاجة شديدة إلى السياسة فيما اضطر المجلس العسكري إلى تولي إدارة مباشرة للبلاد، وكان عليه أن يتمايز مع النظام السابق رغم أنه جزء من نسيجه، وأن يمهد لنشوء نظام آخر يحافظ فيه على مكانة ودور الجيش. وغداة الثورة ارتسمت خريطة سياسية غير مساعدة للمجلس العسكري، فالقوى التي يُفترض أن تعامله ويتعامل معها على أنها الأقرب إليه غرقت في انقسامات ومناصرات لم تخرج منها حتى الآن، وبذلك خسر إمكان الاعتماد على من يصنفون باعتبارهم ليبراليين، وكان هؤلاء يخشون استخدامهم مطية لإدامة حكم العسكر، فيما راح "شباب الثورة" يحفرون في الأذهان شعار "يسقط حكم العسكر". أما التيار الإسلامي فاستطاع، بجناحيه "الإخواني" والسلفي، أن يقيم علاقة عمل مع العسكريين وتمتع بحنكة كافية لسياستهم منطلقاً إلى نهاية سريعة للمرحلة الانتقالية تسبقها انتخابات ما لبث أن اكتسحها وسيطر على مجلسي الشعب والشورى. ومذَّاك راح مزاج الإسلاميين يتبدل، فالسلفيون اندفعوا إلى سلوكيات مظهرية تخطو بها مألوف التوافق العام، فيما راح "الإخوان المسلمون" يراكمون عناصر السيطرة، من رئاسة البرلمان إلى رئاسة مجلس الشورى إلى تركيبة الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، وبقي منصب الرئاسة الأولى. هنا افترقت الخيارات بين المجلس العسكري و"الإخوان"، كان الرأي العام تآلف مع فكرة أن الرئيس ينبغي أن يكون توافقياً، بالأحرى أن لا يكون من تيار الإسلام السياسي. وقد تزامن تراجع "الإخوان" عن وعدهم بعدم التقدم بمرشح منهم للرئاسة، مع فشل مفاوضات غير علنية بغية الاتفاق على شكل النظام المقبل. فالعسكر يعتقدون أن النظام البرلماني وحده يضمن "ديمقراطية" الدولة، وترك البحث في نظام "مختلط" لمناقشات "جمعية الدستور"، لكن هذه تمرّ الآن بأزمة لن تنتهي إلا بإعادة تشكيلها. وبعدما أكمل "الإخوان" هيمنتهم على مجلسي التشريع اكتشفوا أن لا سلطة لهما إذا بقي النظام رئاسياً كما هو الآن، فالمجلس العسكري يمارس صلاحيات الرئيس وهو عيَّن حكومة أولى ثم أقالها ليعين حكومة ثانية، ولذا حاولوا طرح الثقة بها لإقالتها اصطدموا بأن خطواتهم تلك غير دستورية. عندئذ قرروا خوض الانتخابات الرئاسية، كونها السبيل الوحيد لتسلّم دفة الحكم. وبذلك وقعوا في الخطأ/الفخ الذي نصب لهم، بدليل هذه العاصفة السياسية التي أثارها ترشيح خيرت الشاطر، ثم الدفع بمحمد مرسي كمرشح بديل إذ تعرض ترشيح الشاطر لطعن قانوني محتمل لاستبعاده. كان عليهم أن يستمروا في البحث عن "صفقة" مع العسكر لانتخاب رئيس توافقي، بدل التهافت والاستعجال، وكأن مصر باتت ثمرة آيلة للسقوط في أيديهم. وكان عليهم أن يدركوا أن البلد ليس جاهزاً بعد لتقبّل رئيس "إخواني" أو إسلامي، فالثورة لم تقم ليقطفوا هم انتصارها حتى لو كانوا الجسم السياسي الأكثر تنظيماً، ولا ليستمر حكم العسكر بشكل أو بآخر ذاك أن الترجمة الصحيحة لمطلب "الدولة المدنية" هي أن لا تكون عسكرية أو دينية. والأهم أنه لم يكن لـ"الإخوان" أن يدخلوا في تحد مع المجلس العسكري، ولا مع الرأي العام المصري الذي أتيح له أن يتعرف باكراً جداً إلى وجههم الآخر،. فقد غيروا خريطة الانتخابات الرئاسية لكنهم أثاروا كل المآخذ والارتيابات التي كادت تطوى حيالهم في انتظار الحكم على أدائهم. ليس مؤكداً أن أياً من مرشحيهم سيحرز المنصب الأول، لكن ما فعلوه أدى إلى إفساد السباق. عبدالوهاب بدرخان كاتب ومحلل سياسي - لندن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©