الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشيخ أحمد الطيّب.. عقل الوسطية ولسانها

الشيخ أحمد الطيّب.. عقل الوسطية ولسانها
11 ابريل 2013 13:29
لم يكن فضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، خريج الأزهر الشريف، والحاصل على الدكتوراه في العلوم الإسلامية من «السوربون» بفرنسا والمتصوف الزاهد، كبير أسرة الطيب العريقة بمحافظة الأقصر بالصعيد، ليتصور لحظة أن تجري به الأقدار في الطريق الذي اختارته له، فما كان فضيلته يحلم بأكثر من أن يكون «طيارا»! مقامه الرفيع، وعلمه الغزير، وتواضعه الجم، وأخلاقه التي أشاد بها الغريب قبل القريب، جعلت محبيه ومريديه يلقبونه بـ»شيخنا الطيب ابن الطيب ابن الطيبين»، و»شيخ الإسلام وإمام أئمة المسلمين». وهو الإمام العالم العامل، الذي اشتهر بزهده وكرمه وتواضعه. فهو لا يتقاضى راتبا مقابل عمله ويقيم في مسكن متواضع، وهو الذي ينتسب لعائلة كريمة معروفة بثرائها وجاهها ويعيش حياة بسيطة جدا ويعتبر أنه يؤدي رسالة ويتبرع براتبه للأزهر. إنه «الإمام الزاهد»، «الإمام الأكبر»، «إمام المسلمين».. فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف؛ الحائز جائزة «شخصية العام الثقافية» لهذا العام، والتي أعلنت عنها أمانة جائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب الأسبوع الماضي. ومن اللافت في مسيرة هذا العالم الجليل، وبإجماع كل من عرفه عن قرب وتعامل معه مباشرة، عزوفه عن المناصب ونفوره من التزيد في المظهر أو الإدلال بجاه أو منصب، وأن المناصب هي التي كانت تسعى إليه وتلاحقه، بل تطارده، وحتى الجوائز والتكريمات التي تلقاها من دول عدة، وآخرها جائزة الشيخ زايد الرفيعة للكتاب «شخصية العام الثقافية»، كانت تأتيه لمكانته العلمية والدينية ومنجزه الفكري والعلمي الذي حققه على مدى نصف قرن، وقبل تبوئه المنصب الأسمى، منصب شيخ الأزهر الشريف. وقد لا يعلم الكثيرون، أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، الشيخ الأزهري المستنير الذي شاء له قدره أن يضطلع بعبء الدفاع عن إرث 1000 عام أو يزيد، هي عمر الأزهر الشريف، وأن يتحمل مسؤولية هذه المؤسسة العريقة في لحظات تاريخية وظروف عصيبة لم تشهدها مصر من قبل، لا يعلم الكثيرون أنه أحد رجال الأزهر الأفذاذ الذين جمعوا إلى أصالة العلوم والمناهج الأزهرية العميقة والمعتدلة، الثقافة الغربية الحديثة، بانفتاحه على علومها ومناهجها، وإتقانه للغتين من لغاتها (يجيد الشيخ الإنجليزية والفرنسية بطلاقة مدهشة)، في تواصل رائع وأصيل مع أبناء الأزهر العظام خاصة في القرن العشرين، الذين جمعوا بين الثقافتين العربية والغربية، واستكملوا دراساتهم العليا في الخارج، وقاموا بالمزاوجة بين الأصيل الراسخ في الثقافة العربية الإسلامية وبين الجديد الوافد الذي لا يستغني عنه طالب علم أو راغب فقه أو مجدد دين. ولهذا يعد فضيلة الدكتور أحمد الطيب بما لديه من مؤلفات وأبحاث ودراسات في العقيدة الإسلامية والفلسفة الإسلامية والفكر الإسلامي عامة، وكذلك ترجماته وتحقيقاته الرصينة لعدد من عيون المؤلفات الفرنسية عن الفرنسية، امتدادا علميا وإنسانيا زاخرا لأعلام أفذاذ سبقوه بالانتساب إلى الأزهر الشريف، مثل الدكتور محمد يوسف موسى، والدكتور محمد البهي، والدكتور عبدالحليم محمود، وغيرهم. معرفة البدايات هو الشيخ الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب، فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر ورئيس مجمع البحوث الإسلامية، منذ 19 مارس عام 2010، وكان قبلها مفتيا للجمهورية، ثم رئيسا لجامعة الأزهر، وهو عضو بمجمع البحوث الإسلامية، قبل أن يتولى رئاسته بحكم منصبه كشيخ للجامع الأزهر، وعضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية بالتعيين وشيخ الطريقة الأحمدية الخلوتية، خلفا لوالده مؤسس الطريقة الخلوتية بأسوان، كما يرأس لجنة حوار الأديان بالأزهر. الدكتور أحمد الطيب من مواليد السادس من يناير عام 1946 بالمراشدة في دشنا، إحدى قرى الصعيد في مصر بمحافظة قنا، لأسرة ينتهي نسبها إلى الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، والتحق بالأزهر الشريف حتى حصل على الليسانس من جامعة الأزهر في شعبة العقيدة والفلسفة الإسلامية عام 1969، ثم عين معيدا بالجامعة، وحصل على الماجستير عام 1971، ثم الدكتوراه عام 1977. وهو أستاذ في العقيدة الإسلامية ويتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة وترجم عددا من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية وعمل محاضرا جامعيا في فرنسا. ولديه مؤلفات عديدة في الفقه والشريعة وفي التصوف الإسلامي. وانتدب الدكتور أحمد الطيب عميداً لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بمحافظة قنا، ثم انتدب عميداً لكلية الدراسات الإسلامية بنين بأسوان مع منحه بدل العمادة، كما عين عميداً لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية بباكستان. كل من اتصل بعلم وفكر الدكتور أحمد الطيب، سيعلم يقينا أنه أحد العلماء المجددين المستنيرين، يستند في ذلك إلى علم غزير واسع وثقافة رفيعة، وليس هذا بمستغرب على من تربى في الأزهر وتعلم في «السربون» أعرق الجامعات الفرنسية، التي حصل منها على الدكتوراه في العقيدة الإسلامية والتصوف الإسلامي، وتتلمذ فيها على أيدى أعرق أساتذتها الذين أشادوا بدأبه ومثابرته وتفوقه، وتصديه لدراسة موضوعات شائكة لا يقوم بها إلا من أوتي عزما وإرادة ورغبة متأججة في العلم. وربما كانت الفترة التي قضاها الشيخ الطيب في فرنسا وتعلمه هناك، من العوامل الرئيسية التي طبعت روح وعقل الشيخ، الذي آمن بالحوار الجاد بين الأديان، والثقافات والحضارات، مع الإيمان بخصوصية كل منها وضرورة احترام الاختلاف بين الأمم وأتباع الديانات. وكل من تعامل مع الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يؤكد «أنه صاحب فكر تنويري ومعتدل، لا يميل إلى التشدد ولا يغالي في الدين، بل يفضل الوسطية التي يراها أفضل ما يميز الدين الإسلامي»، ومن هنا يأتي موقف الشيخ الحاسم الذي يرفض فيه إنكار الآخر؛ أي آخر، تحت أي دعوى دينية أو مذهبية أو عرقية، ويراه ليس من الإسلام في شيء. يتوازى ذلك مع تأكيدات الشيخ المتكررة أن إذابة الاحتقان الطائفي بين المسلمين والأقباط من أولويات الأزهر الشريف، وضرورة إعادة صياغة علاقة المسلمين بـ»الآخر» على الأسس الإسلامية القويمة، التي تؤكد حتمية احترام أتباع الأديان السماوية الأخرى، مؤكدا أن ما يفرق الأزهر عن أي جامعة أخرى هي الرسالة التي يقوم بها في نشر الوعي الديني والمجتمعي، لافتا النظر إلى أن الأزهر هو صاحب مبادرة التقريب بين السنة والشيعة، معللا ضعف الدعوة الإسلامية بضعف التعليم بشكل عام. وسطية الشيخ ومنهجه المعتدل ورؤاه المستنيرة تجعله دائما في مواجهة مع المتشددين والمتطرفين والمغالين، وبعد ثورة 25 يناير 2011م، تبدى للجميع أن الدكتور أحمد الطيب أحد القلاع الحصينة التي واجهت موجة غلو وتشدد غير مسبوقة، خاصة من جانب الإخوان والسلفيين الذين اعتبروه مناوئا وخصما لهم، وما زالوا يسعون بكل جد لإزاحته وإقصائه بكل ما أوتوا من قوة، لكن الشيخ يحظى بمساندة أغلب التيارات الراشدة والمعتدلة في الشارع المصري، ويعتبرون وجوده على رأس المؤسسة الأزهرية درءا لخطر تقويض المؤسسة العريقة، وتفريغها من مضمونها الوسطي المعتدل الذي حافظت عليه طيلة عشرة قرون أو يزيد. ودائما كان الشيخ يردد «أنا أزهري حتى النخاع ومن يتفق مع عقائد الأزهر فهو صديق وحبيب، ومن يسعى لمحاربتها وتقويضها فسنقف له بالمرصاد فكريا»، وهو ما جعله في مواجهة مباشرة مع الإخوان والسلفيين، زادها اضطراما واشتعالا مواقفه خلال العامين الأخيرين، التي أعلن فيها رفض المؤسسة الدينية الرسمية لأفكار جماعة الإخوان المسلمين والجماعات المتشددة الأخرى العنيفة الداعية إلى التغيير بـ»التكفير وإراقة الدماء»، وهي إحدى الأدبيات الراسخة في فكر وتعاليم الإخوان والجماعات الجهادية المنبثقة عنها. ليس ذلك فقط هو ما أثار ثائرة الإخوان عليه، فعداؤهم للشيخ يعود إلى ديسمبر من عام 2006م، وهو التاريخ الذي شهد الواقعة الشهيرة وتفجرت خلاله القضية التي عرفت إعلاميا وعالميا بـ»ميليشيات طلاب الإخوان»، عقب تنظيم طلاب ملثّمين ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين عرضا عسكريا، داخل ساحة الجامعة، أصرت الجماعة على كونه «استعراضا رياضيا»، ووقتها كان الدكتور أحمد الطيب رئيس الجامعة، الذي اتخذ قرارا حاسما حينها ضد الطلاب، لتنتهي القضية بثمن سياسي باهظ دفعته الجماعة بعد إحالة عدد من أبرز قياداتها إلى المحاكمة العسكرية، على خلفية القضية، وهو ما لم ينسه الإخوان وراحوا يتحينون الفرص للانتقام. جهد علمي وافر الشيخ الطيب من الأزهريين العظام الذين انكبوا على دراسة اللغات الأجنبية جنبا إلى جنب مع اللغة العربية والعلوم الدينية، وأتاحت إجادة الشيخ للغتين الإنجليزية والفرنسية الاضطلاع بترجمة العديد من الكتب عن الفرنسية، خلال دراسته هناك وعقب عودته منها، حيث قام بترجمة كتاب «الولاية والنبوة عند الشيخ محيي الدين بن عربي»، و»نظرات في قضية تحريف القرآن المنسوبة للشيعة الإمامية». أما تأليفا، فقد أبدع الشيخ مؤلفات عدة من أهمها: «الجانب النقدي في فلسفة أبي بركات البغدادي»، و»بحوث في الثقافة الإسلامية» بالاشتراك مع آخرين و»مدخل لدراسة المنطق القديم». كما شارك الشيخ في العديد من المؤتمرات بالخارج ومنها: الملتقى الدولي التاسع عشر من أجل السلام بفرنسا، والمؤتمر الإسلامي الدولي حول حقيقة الإسلام ودوره في المجتمع المعاصر، ومؤتمر القمة للاحترام المتبادل بين الأديان المنعقد في نيويورك وجامعة هارفارد، ومؤتمر الأديان والثقافات «شجاعة الإنسانية الحديثة» والذي نظمته إحدى الجامعات بإيطاليا، ومؤتمر الثقافة والأديان في منطقة البحر المتوسط والذي نظمته الجامعة الثالثة بروما، والمؤتمر العالمي لعلماء المسلمين بإندونيسيا تحت شعار «رفع راية الإسلام رحمة للعالمين». كما ترأس وفدا من رجال الصحافة ونواب البرلمان لإجراء حوار مع البرلمان الألماني ووسائل الإعلام ومجلس الكنائس في ألمانيا. ويتمتع الإمام الأكبر بعضوية العديد من الهيئات العلمية منها الجمعية الفلسفية المصرية والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ومجمع البحوث الإسلامية، واللجنة الدينية باتحاد الإذاعة والتليفزيون. ومقرر لجنة مراجعة وإعداد معايير التربية بوزارة التربية والتعليم، وأخيرا عضو أكاديمية مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي. الجوائز تسعى وراءه حتى تتهادى بين يديه، فتقديرا من الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية لفضيلة الدكتور أحمد الطيب منحه وسام الاستقلال من الدرجة الأولى، وكذلك شهادة العضوية في أكاديمية آل البيت الملكية للفكر الإسلامي، وذلك تقديرا لما قام به الشيخ في شرح جوانب الدين الإسلامي الحنيف بوسطيته واعتداله خلال مشاركته في المؤتمر الإسلامي الدولي الذي عقد بالأردن، وقام الدكتور الطيب برئاسة إحدى جلساته. تكريم الإمارات.. خاص أما نيله جائزة شخصية العام الثقافية، من أمانة جائزة الشيخ زايد للكتاب، فقد تلقاها الشيخ بوافر الامتنان والشكر، حيث أعرب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف عن تقديره لثقة القائمين على جائزة الشيخ زايد للكتاب، بمنحه جائزة شخصية العام الثقافية، مشيدا بقيادة الإمارات ودورها في الوقوف بجانب الأزهر الشريف ودعمه. وقال الدكتور الطيب: «أسال الله عز وجل أن أكون عند حسن تقديرهم لأني أعتز بهذا الاختيار، وأعتبره ليس لشخص شيخ الأزهر بل هو تقدير للأزهر الشريف كمرجعية للعالم الإسلامي، كما أنه تقدير لمصر أيضا ودورها وجاء التكريم متمثلاً في شخص شيخ الأزهر». وأعلن شيخ الأزهر اعتزازه الكبير بتقدير دولة الإمارات له، حيث قال «هذا فضل معروف لأهله ونحن في الأزهر نثمن دور دولة الإمارات وقيادتها في خدمة ومساندة الأزهر كجامعة عالمية.. كما ساندت الإمارات عدة مشروعات تخدم المسلمين مثل إنشاء مركز الشيخ زايد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بجامعة الأزهر، والذي يعد من أهم المراكز العالمية لتعليم غير الناطقين بغير العربية». وأضاف فضيلته «أن إسهامات دولة الإمارات في خدمة الأزهر ومصر لا تعد ولا تحصى. وأقدم شكري الخاص إلى ولاة الأمر في دولة الإمارات ومجلس أمناء الجائزة وأسال الله أن أكون عند حسن ظن الجميع». كانت جائزة الشيخ زايد للكتاب قد أعلنت اختيار فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر كشخصية العام الثقافية، وهي جائزة تمنح لشخصية اعتبارية أو طبيعية بارزة على المستوى العربي أو الدولي، لما تتميز به من إسهام واضح في إثراء الثقافة العربية والعالمية إبداعا أو فكرا على أن تتجسد في أعمالها أو نشاطاتها قيم الأصالة والتسامح والتعايش السلمي. سيرة علمية ولد الشيخ الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب في منطقة دشنا ـ محافظة قنا بجمهورية مصر العربية عام 1946. التحق الطيب بـ (جامعة الأزهر) وحصل على شهادة الليسانس في العقيدة والفلسفة عام 1969، ومن ثم شهادة الماجستير عام 1971، وبالتالي درجة الدكتوراه عام 1977. تولى المشيخة في الأزهر الشريف 19 مارس 2010. يُلقب بـ ( الإمام الأكبر). عمل في عدد من الجامعات، منها: (جامعة الإمام محمد بن سعود)، و(جامعة قطر)، و(جامعة الإمارات)، و(الجامعة الإسلامية العالمية ـ باكستان). من مؤلفاته: ? الجانب النقدي في فلسفة أبي البركات البغدادي. ? تعليق على قسم الإلهيات من كتاب تهذيب الكلام للتفتازاني. ? بحوث في الثقافة الإسلامية، بالاشتراك مع آخرين. ? مدخل لدراسة المنطق القديم. ? مباحث الوجود والماهية من كتاب (المواقف)، عرض ودراسة. ? مفهوم الحركة بين الفلسفة الإسلامية والفلسفة الماركسية (بحث). ? أصول نظرية العلم عند الأشعري (بحث). ? مباحث العلة والمعلول من كتاب المواقف: عرض ودراسة. ? ?? ?الشيخ الطيّب عن الجائزة: هذا فضل معروف لأهله ونحن بالأزهر نثمن دور دولة الإمارات وقيادتها في خدمة ومساندة الأزهر كجامعة عالمية كما ساندت الإمارات عدة مشروعات تخدم المسلمين مثل إنشاء مركز الشيخ زايد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بجامعة الأزهر بيان الجائزة: «وثيقة الأزهر» تعكس وعيه في البيان الذي أعلن فيه، عن الفائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب، بفروعها التسعة، أعلن مجلس أمناء الجائزة برئاسة معالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، خلال مؤتمر صحفي حضره محمد خلف المزروعي، مستشار الثقافة والتراث بديوان سمو ولي عهد أبوظبي عضو مجلس أمناء الجائزة، وجمعة القبيسي، المدير التنفيذي لقطاع المكتبة الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، عضو مجلس الأمناء، والأمين العام للجائزة الدكتور علي بن تميم، والسيد عبدالله ماجد المدير الإداري للجائزة، عن مبررات اختيار فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد محمد الطيب، شيخ (الأزهر الشريف)، ليحمل جائزة شخصية العام الثقافية. ومما جاء في بيان الجائزة: «يُعد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد محمد الطيب، شيخ (جامع الأزهر)، شخصية تجمع بين الباحث والأستاذ الأكاديمي المتخصِّص في الفلسفة التي درس أصولها في فرنسا، وصاحب البحوث العلمية الجادة، والتدريسي في جامعات عربية متعدِّدة. وشخصية الدكتور الطيب هي، إلى جانب ذلك، شخصية العالم المسلم الورع الذي يمثل الوسطية الإسلامية البعيدة عن الغلوّ، والداعية إلى ثقافة التسامح والحوار والدفاع عن المجتمع المدني. وقد تجلت أبعاد هذه الشخصية من خلال مواقفه التي ظهرت في أثناء رئاسته لمشيخة (الأزهر الشريف)، ودعواته المتكررة لنبذ الفرقة والعنف، والاحتكام إلى العقل، والحفاظ على هوية المجتمع وتماسكه، وقد تبدى ذلك كله بشكل جليّ في الفترة الأخيرة التي احتدم فيها الصراع الديني والسياسي من خلال ما عرف بـ (وثيقة الأزهر) التي تعكس هذا الوعي، وتحرص على أن يظل لمصرَ دورها العربي والإسلامي المتوازن في علاقاتها بشقيقاتها من الدول العربية». ويضيف البيان: «إن الدكتور الطيب يجمع بين العالم والداعية المستنير الذي يقدم الفكر الإسلامي من خلال معرفة دقيقة باللغتين الفرنسية والإنجليزية فضلاً عن العربية، وهو يمثل الشخصية الثقافية الفاعلة في هذه اللحظة الحرجة في تاريخ مصر العربية». جديد مواقف الطيّب من القضايا الإسلامية العامة من أبرز المواقف التي أعلنها شيخ الأزهر في الآونة الأخيرة، موقفه من قضية الصكوك الإسلامية وموقفه من تهمة انتشار الإسلام بحد السيف. في القضية الأولى، فقد رفض الشيخ الدكتور أحمد الطيب، في جلسة مجمع البحوث الإسلامية، مشروع قانون الصكوك الإسلامية السيادية، نظراً لوجود مخالفات شرعية في بعض بنوده. كما اعترض على حق تملك الأجانب من غير المصريين للصكوك، باعتباره مخالفاً للشرع، لأنه لا يجوز لأجنبي التصرف في الأموال والأصول الثابتة المملوكة للشعب، فضلاً عن عدم وجود ما يضمن الحفاظ على حقوق الأفراد، ممن يمتلكون الصكوك. وفي القضية الثانية، فقد وصف الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، تهمة انتشار الإسلام بحد السيف والعنف، والتي حاول الغرب إلصاقها بالمسلمين، بـ»السخيفة» وقال إن من يتهمون الإسلام بتلك التهم، هم من نشروا دينهم بحد السف قولاً وفعلاً. وقال الطيّب: «إن الدفاع عن الإسلام من هذه التهمة السخيفة موجود في كتابات العديد من المفكرين الغربيين الذين دوماً ما يؤكدون أن الإسلام دين الحجة والإقناع». شيخ الأزهر استدل بآراء بعض هؤلاء المُفكرين الذين دوما ما يُؤكدون أن الإسلام دين الحجة، فتوماس كارل قال إن أوائل المسلمين لو كانوا أُجبروا على الدخول في الإسلام بالسيف أو القوَة ما كانوا دافعوا عنه بهذه الاستماتة. وأضاف: إن هذا الحديث لا ينطبق على اليهودية، لأنها ديانة مغلقة، لم تدع أحدا إليها لا بحد السيف ولا بغيره، ولكن وقعت باسم اليهودية جرائم عديدة مازلنا نعيش فيها حتى وقتنا هذا، كذلك المسيحية كانت تعتمد اعتماداً كلياً على حد السيف. وشدد الطيب على أن طبيعة الإسلام دِفاعية ولم تكن أبدا سبَّاقة بالهجوم، فكان الفتح الإسلامي في سبيل الدعوة، فإمَّا أنْ تؤمن بالإسلام، أو تدفع جزية زهيدة جدا، تُعَد رمزاً فقط لبسط السيادة الإسلامية على تلك البلاد، أما إذا رفض الخياران فلم يبقَ أمام المسلمين سوى القتال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©