السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

“دار المعنّفات” توفر خياراً مؤسسياً في مواجهة العنف ضد المرأة في مصر

“دار المعنّفات” توفر خياراً مؤسسياً في مواجهة العنف ضد المرأة في مصر
2 نوفمبر 2009 22:08
العنف يعد ظاهرة اجتماعية خطيرة في المجتمع المصري وربما في المجتمع العربي، كل الممارسات الحياتية تقريبا يشوبها العنف، فالتراشق الإعلامي يتسم بالعنف، والسلوكيات في الشارع عنيفة، والممارسات الوظيفية فظة وقاسية، وجرائم القتل والاغتصاب والسرقة بالإكراه ترتكب بعدوانية شديدة وبقسوة مبالغ فيها, ولكن المشهور في هذه الغابة من السلوكيات العنيفة ما يسمى العنف ضد المرأة أطلقت الدكتورة إيمان بيبرس، رئيس جمعية نهوض وتنمية المرأة بالقاهرة، فكرة جديدة ورائدة سمتها “دار المعنفات” وتختص بمشكلات المرأة التي تتعرض للعنف المجتمعي بشكل عام والاسري بشكل خاص. عنها تقول : “أثناء تحضيري لنيل درجة الدكتوراة لفت نظري وجود عدد كبير من السيدات المعنفات اللائي لا يجدن مأوى أثناء تعرضهن للعنف ومنهن من انتحرت وتركزت معظم الحالات في المناطق العشوائية بالقاهرة والاسكندرية، والتقيت سيدات معنفات ولاحظت أنه لا يوجد خيار مؤسسي لهن بعد التعرض للعنف وأنه إذا وجد المكان الذي يرعى المعنفة فإنه من الممكن حل مشكلتها فقد يكون زوجها مدمن مخدرات ويعاني ضغوطا نفسية وإذا مددنا لهما يد العون قد نساهم في إخراجهما من هذه الحالة التي تدمر الأسرة”. وتضيف أن “دار المعنفات” تتوفر فيها الإقامة المؤقتة للمرأة المعنفة وهناك طبيب نفسي ورجل دين للمساهمة في إخراج المعنفة من الحالة النفسية المتردية. وبدأ التفكير في إنشاء تلك الدار في عام 2000 وخصص لها محافظ القليوبية مبنى هدية في عام 2002 وبدأ العمل بالدار عام 2005 بعد أن أصبحت على أعلى مستوى لاستقبال الحالات. أشكال العنف عن أنواع العنف التي تتعرض لها المرأة، تقول بيبرس: “هناك الضرب والسباب والتقليل من قيمة السيدة وهذه الأخيرة مع السيدات المثقفات وعقدنا جلسات استماع مع السيدات والرجال في مناطق متعددة للتعرف على أسباب العنف ونستعين في حالات العنف النفسي بالأطباء النفسيين ورجال الدين للتحدث مع طرفي الأسرة الزوج والزوجة. وتستقبل الدار حالات محولة إليها من جمعيات أهلية أخرى ومن مؤسسات معنية بقضية العنف ضد المرأة بالإضافة إلى لجوء السيدة المعنفة الى مكاتب الجمعية المنتشرة في أماكن متعددة والتي تصل الى 18 مكتبا”. وتضيف:”تستقبل الدار السيدة المعنفة وهي في حالة نفسية سيئة ونقوم بالاتصال بالجهات المعنية لعمل التحريات اللازمة التي تثبت صدق شكواها ويتم ذلك خلال خمسة أيام بالاضافة الى الكشف عن الحالة الجنائية للمعنفة وفي اليوم الثاني من إقامتها بالدار نجري الكشف الطبي عليها نفسيا وجسديا إلى جانب الكشف الاجتماعي ونستعين في بعض الأحيان بمكاتب الشؤون الاجتماعية وببعض الجمعيات الأهلية للتأكد من صدق حالة المعنفة”. وتتابع:”خلال تلك الفترة تقيم المعنفة إقامة كاملة شاملة العلاج النفسي والطبي وإذا كانت لديها قضية في المحاكم أو تريد إقامة قضية نساعدها في ذلك، ومن خلال الإخصائي النفسي والاجتماعي نتصل بالزوج للتحدث معه عسى أن نصل إلى حل من أجل استقرار الأسرة وتصل حالات الاستجابة من إجمالي الحالات إلى 40 في المائة. ومعظم حالات العنف التي تتعرض لها المرأة ترجع إلى الميراث أو رغبة الزوج في الحصول على أموال الزوجة أو لأن الزوج مدمن”. وحول سعة الدار، تقول بيبرس إنها تتسع لعشرين سيدة فالشقة بها أسرتان وتتكون من حجرتين وصالة وحمام ومطبخ والحجرة بها سريران، وتصل مدة الإقامة للمعنفة داخل الدار الى ثلاثة أشهر ومن الممكن أن تصل إلى ستة وبعد ذلك تدفع ثمنا رمزيا بالاتفاق مع المحافظة لمدة ثلاثة أشهر إضافية فقط لأن الدار للضيافة فقط، مشيرة إلى أن الجهات التي تمول دار المعنفات هي السفارة اليابانية بالقاهرة التي ساهمت في الأثاث، فيما ساهمت هيئة ألمانية في تدريب العاملين في الدار، ومنذ عامين ونصف العام نعتمد في التمويل على مجلس إدارة الجمعية ورجال الأعمال والأطباء الأصدقاء للجمعية وكلها تبرعات فردية، لذلك نواجه صعوبات في تمويل المشروع. تعاون وتمويل حول تعاون الجهات المعنية والمسؤولة عن الدار، تقول بيبرس:”هناك تعاون مثمر بين محافظة القليوبية وجمعية نهوض وتنمية المرأة لتسهيل أعمال دار المعنفات ونتعاون مع وزارتي الصحة والتضامن الاجتماعي لكن الدور البارز في مساعدة الدار كان لرجال الأمن الذين يوفرون الحماية للدار، وهناك تعاون بين دار المعنفات والهيئة العليا لمفوضية شؤون اللاجئين حيث تستقبل الدار سيدات تعرضن للعنف من السودان والصومال والعراق وتنطبق عليهن شروط الاقامة”. وتبين بيبرس أنه يجب أن يكون المسؤول الذي يعمل بدار المعنفات مؤهلا علميا ومتزنا نفسيا ولديه خبرة في مجال العمل الاجتماعي، لافتة إلى وجود صعوبة شديدة في توفير مسؤولين بتلك المواصفات لأن مكان العمل هو دار المعنفات أي التعامل سيكون مع سيدة مضطربة نفسيا نتيجة ما تعرضت له من عنف، بالإضافة إلى أن المتخصصين في هذا المجال يتقاضون رواتب كبيرة ومنهم من يتطوع ولكن لأوقات قليلة، والموظفون في الدار يتقاضون رواتب ضعيفة لقلة التمويل مما يضطرهم في بعض الأحيان الى الرحيل للعمل في أماكن أخرى، بالاضافة الى ان المناخ الذي يعمل فيه الموظف بالدار مليء بالكآبة مما يضطره الى البحث عن مكان آخر للعمل. وعن نجاح فكرة إنشاء الدار، تقول بيبرس:”نجحت فكرة إنشاء دار للمعنفات ولكن من الصعب تكرارها في أماكن أخرى لصعوبة إيجاد جهات ممولة لأن الجهات الأجنبية من الممكن أن تشارك في مؤتمر أو ندوة ولكن عند الاحتياج الى الأموال لإنشاء دور مماثلة تجد صعوبة شديدة، فنحن في حاجة الى أموال ضخمة لإنشاء دور مماثلة تتوفر فيها الرعاية الكاملة للسيدة المعنفة وسبل العلاج النفسي والاجتماعي فعلى سبيل المثال هناك من السيدات من يحتجن إلى علاج نفسي قد يصل إلى خمسين جلسة تتكلف سبعة آلاف جنيه، بالإضافة إلى أن دار المعنفات في كثير من الأحيان ترعى السيدة المعنفة وأولادها”. لاجئات أفريقيات حول وجود لاجئات أفريقيات داخل الدار، تقول بيبرس:”تستقبل الدار حالات محولة من الهيئة العليا لمفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وتطبق كافة شروط الدار على حالات اللاجئات كما هو مطبق على المصريات بالإضافة الى قيام الدار بالاتصال بسفارتهن لمتابعة الحالة حيث يتحرك مسؤول من الدار مع اللاجئة الى السفارة التي تجري مقابلة شخصية مع اللاجئة للتعرف على أحوالها واذا كانت لديها رغبة في السفر خارج مصر. والدار بها حاليا لاجئات من السودان والصومال وقبل ذلك كان لدينا لاجئات من العراق”. وتقول فاطمة (29 سنة) الحاصلة على بكالوريوس سياحة وفنادق، إنها تزوجت مقاولا لمدة ثلاث سنوات ومن الشهر الثاني للزواج استولى على الذهب الخاص بها وشبكتها وبعض الأموال التي كانت في حوزتها وكان يتعمد ضربها وإهانتها مطالبا إياها بإحضار أموال من والدتها وبعد مرور ثلاث سنوات من الضرب والإهانات قررت أن تترك المنزل وتذهب الى بيت والدتها وبصحبتها طفلتاها وبعد مدة إقامة خمس سنوات عند والدتها مع طفلتيها نشبت بعض المشكلات مع والدتها بسبب ضجيج الأطفال فهي سيدة مسنة وفي بعض الأحيان تضيق بالأصوات المرتفعة، ودلها بعض المعارف على دار المعنفات وأقامت بها ثلاثة شهور وشعرت بالأمان وساعدوها على إيجاد عمل داخل مصنع ملابس. وبعد انقضاء ثلاثة شهور بالدار ساعدوها على العودة مرة أخرى إلى بيت والدتها ولكن بعد أن انتظمت في العمل في مصنع الملابس وأصبح لها دخل ثابت لتساهم في مصاريف البيت”. وتقول برلين وهي لاجئة من الصومال:”كنت أعيش في منزلي مع أولادي وزوجي وهاجم اللصوص المنزل وقتلوا الزوج والأب وأصبحت وحيدة ولا أعرف أين أذهب وتزوجت رجلا آخر ولكن حالتي زادت فقرا فلم يكن زوجي الثاني يعمل وبمساعدة الجيران حضرت إلى القاهرة للبحث عن فرصة أفضل للعيش وكنت حاملا فوضعت ابني حمزة في القاهرة وعن طريق الهيئة العليا لمفوضية شؤون اللاجئين توجهت إلى دار المعنفات بالقليوبية وأقمت بها وتحسنت حالتي النفسية وأشعر الآن بالأمان وأستعد للسفر إلى الولايات المتحدة عن طريق منظمة الأمم المتحدة ولا أنوي العودة مرة أخرى إلى الصومال”. وتقول النزيلة زهراء: “أنا سودانية من ولاية دارفور فقدت كل أسرتي جراء العنف من جانب الميلشيات ونزحت مع 7000 لاجئ إلى معسكر “الفاشر” غرب السودان والذي ترعاه الأمم المتحدة، وأقمت فيه خمس سنوات ثم توجهت الى القاهرة برعاية الأمم المتحدة التي أرسلتني إلى دار المعنفات بمحافظة القليوبية وأقيم فيها منذ شهرين، ولا أنوي العودة للسودان فلم يعد هناك من أعود اليه
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©