السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«جي ستريت»: ولادة أخرى

2 نوفمبر 2009 22:17
في الخامس والعشرين من أكتوبر، عقد المعهد الأميركي العربي ومنظمة "جي ستريت" اجتماعاً مشتركاً ضم زعماء ونشطاء من الجاليتين كتعبير عن التزامنا المشترك بالسعي وراء سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط. وبعد ليلتين حضرت حفل العشاء الذي أقامته "جي ستريت" في ختام المؤتمر. ولعل أول ما استرعى انتباهي هو حجم الحضور وتشكيلته. فقبل نحو أسبوع على بداية المؤتمر، كان عدد المسجلين يناهز 900 شخص، وكان الأمل يحدو زعماء "جي ستريت" في بلوغ هدفهم المعلن، وهو 1000 شخص. ثم جاءت موجة انتقادات ضد المنظمة من متشددين في المعسكر الموالي لإسرائيل. لكني حين سألتُ أحد زعماء "جي ستريت" حول ما إن كان للانتقادات أي تأثير، رد قائلا: "تأثير سلبي بعض الشيء، لكنه تأثير إيجابي جداً". فمثلا فقد مؤتمرهم اثني عشر راعياً في الكونجرس، لكنه حافظ على 150 تقريباً، فيما قفز عدد المسجلين إلى 1500 شخص! حين دخلنا القاعة، كان واضحاً أن المعنويات مرتفعة. وكان نشطاء يهود من يسار ووسط الطيف السياسي قد أمضوا ثلاثة أيام في مناقشة السياسة والبرنامج. والأكيد أن خلافات ظهرت، لكنهم كانوا ملتزمين بإبراز رؤية بديلة موالية لإسرائيل ومؤيدة للسلام، وبشرعنة نقاش أميريكي حول تحقيق التقدم نحو السلام. وحين أجلتُ ناظري في القاعة، وجدت أني أعرف العديد من الحاضرين. بعضهم من مشاريع حول السلام في الشرق الأوسط كنا شاركنا فيها معاً في التسعينيات، وآخرون من تحالفات تقدمية ومنظمات للحقوق المدنية كنا ننشط معها. وفي كلمته الافتتاحية، لفت المدير التنفيذي للمنظمة الجديدة "بن-عمي" إلى أنه إذا كانت "جي ستريت" جديدة، فإنها تتألف من آلاف الزعماء والنشطاء السياسيين اليهود الذين انخرطوا منذ وقت طويل في الكفاح من أجل السلام والعدالة. أما الجديد فهو أنهم وجدوا بعضهم البعض وتآلفوا لتحدي الوضع القائم الذي يقول بأن ثمة طريقة واحدة ليكون المرء موالياً لإسرائيل. وقد دهشت للعرب والأميركيين العرب الحاضرين، والاحترام والتقدير اللذين استُقبلوا بهما. فقد كان ثمة عدد من السفراء العرب، وكان واحد ممن توالوا على تقديم فقرات الحفل أميركياً عربياً، كما أن الاجتماع استُهل برسالة فيديو من العاهل الأردني. وفي تعليقها على هذا الحضور العربي، اعتبرت صديقة إسرائيلية أنه من المثير للسخرية أن تتعرض "جي ستريت" للهجوم لأن بعض الأميركيين العرب يساهمون فيها ولأن بعض العرب يحضرون الحفل، فيما يقول هؤلاء المتشددون إن على العالم العربي أن يتقرب من الآخرين ويمد يده لهم ويعرب عن اهتمامه بالسلام! وتابعت تقول إنهم يقولون "ليس لدينا شركاء"، لكن ها هم الشركاء، ومع ذلك فإنهم ينتقدوننا. ثم قالت: أعتقد أنهم لا يريدون شركاء. والواقع أن محتوى برنامج تلك الليلة كان مؤثراً وجديراً بالاهتمام أيضاً؛ ولعل إحدى أقوى لحظات الحفل وأبلغها هي تلك التي تحدث فيها مدير "جي ستريت" بن-عمي عن تصميم منظمته لتكون "صوتاً لا يبالي بمصير شعبنا فقط، وإنما أيضاً بمستقبل الشعب الفلسطيني، وليس فقط لأن ذلك يصب في مصلحتنا، وإنما لأن الأطفال الفلسطينيين يستحقون المستقبل والحرية، والأمل والسعادة، تماماً مثلما يستحقها الأطفال اليهود". ومن المهم أيضاً الإشارة إلى مدى دلالة وأهمية الحفل بالنسبة لعشرات أعضاء الكونجرس الذين حضروه. فقد وجد أشخاص يدافعون منذ وقت طويل عن سلام عادل دعماً وتعزيزاً لهم، وأشخاص كانوا يخافون الجهر بانتقاداتهم وأفكارهم، القدرةَ على رؤية وسماع صعود صوت بديل يجعل النقاش حول مواضيع الشرق الأوسط أمراً ممكناً. ولا شك أن هذا الجهد سيواجه عراقيل وتحديات من قبل أشخاص من كلا الجانبين، لكن ما رأيتُه وغيري على مدى ثلاثة أيام هو أن صوتاً قوياً يدعو إلى التغيير قد وُلد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©