السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التنمّر... وأخواته

التنمّر... وأخواته
10 ابريل 2013 20:37
معاناة الطفل ساري في قصّة فاطمة شرف الدين «هكذا أمور تحصل» الصادرة عن دار الساقي، توجز حال جيل ناشئة مأزوم انتهى به الأمر في أن يكون أحد الطرفين: الضحية أو الجلّاد، والتهمة: التنمّر. في تحليل علم النفس التنمّر شكلٌ من أشكال الإساءة، ينطوي على خلل في ميزان القوى بالنسبة للطفل الأقوى في مهاجمته لمن هم أقل منه في القوّة. وينتج عنه مشكلات تترك آثارها السلبية على الطفل الذي يتعرض له، فإذا به يهمل واجباته ومدرسته ومحيطه محاولا الهروب إلى عالم افتراضي يكون فيه «سوبرمان» أو البطل الذي يهاجم كل من ينتقص من قدراته. وتلك معضلة تلقفتها الكاتبة المتخصصة في أدب الأطفال من أجل توجيه الأهل والأولاد معاً لتدارك آثارها السلبية التي تهدد الجيل الثالث، وذلك من خلال الإضاءة على حكاية ولد اسمه «ساري» يتعرّض للتعنيف النفسي والجسدي من قبل زميل له هو «راجي». والأخير تحوّل إلى زعيم عصابة «ولّادية» بعدما انفصل والده عن والدته، فاختار الانتقام على طريقته للتلهي عن مشكلته الأساسية. تبتعد شرف الدين في قصتها الأخيرة، والتي تضيفها إلى نحو 90 إصداراً لها، بعضها ترجم إلى أكثر من تسع لغات، عن الوعظ والتأنيب بحثاً عن جوهر المشكلة التي تحوّل أطفالا أبرياء إلى ضحايا في مجتمع تتناهشه الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وممارسات مستوردة تغذيها الألعاب الإلكترونية القائمة على استعراض القوة. فمن يتعدّى أكثر، يربح في المحصلة وترتفع أسهمه بين اللاعبين، وهو الخيار «الصعب» الذي لجأ إليه كلٌ من الولدين «راجي» و»ساري»، الأوّل على زميله والثاني من خلال التغلّب على الأشرار في لعبة الرجل العنكبوتي التي تحفظها الـ»نينتاندو» خاصته. وفي الحالتين هروب من الواقع، إذ يدخل ساري إلى ملعب المدرسة وعيناه في الأرض: «لا يشعر أنه يريد التحدّث إلى أحد». وفي الصفّ تشرد نظراته صوب الملعب، أو يتلهّى بقلم يقلّبه بين يديه من دون أن يشارك في النقاشات أو يصغي إلى مدرّسته. أمّا في المنزل، فلا شهيّة للطعام، قليل الحركة والكلام. وتلك أعراض تصيب من يتعرّض للتنمّر، يتبعها الادّعاء بالمرض للبقاء في المنزل مصحوباً بمؤشرات الإحباط النفسي. وفي محاولة البحث عن السبب، تبيّن الكاتبة ضرورة اعتماد الأهل أسلوب المحقق اللطيف في استدراج ما لدى الطفل من معطيات تخدم في العلاج، بعيداً عن التهديد والوعيد بحق الطفل المعتدي أو أهله. فالوعي وحده يسهم في إعادة الطفلين إلى حياتهما الطبيعية، وربما يترافقان مجدداً كما حصل في نهاية القصة إذ يمدّ ساري يده لراجي معلقاً: «سامحتك يا أخي». في «هكذا أمور تحصل» مداواة للطفل من باب القصة للأخذ بيد جيل ثبت أنه بحاجة للدعم النفسي والمعنوي بعدما فشلت العولمة أمامه حيوات مفتوحة على شتى الاحتمالات. فهل تكون القصة حلقة ضمن سلسلة حلقات تسلّط الضوء على ما يتعرض له الطفل في محيطه من ضغط نفسي ينتهي به في العيادة النفسية. الاحتمال كبير بحسب الدراسات الأخيرة التي تبيّن أن نصف طلاب المدارس يتعرضون للتنمهر وغيرها من الممارسات غير السوية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©