السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ستة أنواع للكتابة عن الذات

ستة أنواع للكتابة عن الذات
10 ابريل 2013 21:39
تعرّف السيرة بأنها فنّ قصصي يجمع بين التأريخ والأدب، وقد عرف العرب قديماً هذا الفن، وهو أحد أهم المصادر التي أمدت القصص الفني بتقنيات السرد، كما عدّ بعض الباحثين السيرة النبوية العطرة مرحلة انتقالية بين الشكل القصصي الذي عرفه العرب قبل الإسلام وبين الشكل الذي تطور فيما بعد ليعرف بالقصص العربي، مؤكداً أن لها تأثيراً كبيراً على القصة العربية، حيث توجهت أنظار العرب إلى «فن السيرة»، فأولوه اهتمامهم واعتنوا به واتخذوا له أشكالاً عدة، كان من أهمها فن السيرة الذاتية. وهي بتعبير بسيط، أن يحكي صاحبها عن سيرة حياته أو شيئاً منها ملتزماً بواقعه. كما يُعد فنّ السيرة من الفنون العربية الإسلامية التي لا يمكن تجاهلها، لدخولها في مجالات كثيرة من مجالات الإبداع المعاصرة، كما أن فنّ السير بصورة عامة عني بتدوين سِير الكبار والعباقرة والملوك والسلاطين، وغيرهم من ذوي الإنجازات العظيمة، هي من العادات التي دأبت عليها الأمم في حياتها، ولا توجد أمة من الأمم على وجه الأرض تتخلف عن هذا الصنيع، إلاّ أن درجة الاهتمام بسيرهم ترجع إلى طبيعة الشخص ومقدار الإنجازات التي قدمها لأمته، وما جلب لها من النفع والصلاح بأعماله، وحين نذكر فنّ السيرة يتبادر إلى ذهننا أولاً النبيّ الأكرم محمّد (صلّى الله عليه وسلم) فهو جزء من الدين، وموجود. ونحن نقرأ تاريخ حياة الزعماء والشخصيات المؤثرة في جميع نواحي حياتنا. الماضي والحاضر يكشف محمّد السيد عيد في كتابه الموسوم «فنّ السيرة» الصادر ضمن «كتاب تراث» لهذا الشهر عن مجلة تراث بنادي تراث الإمارات في أبوظبي، بفصوله الستة والمقدمة، وبصفحاته الـ 102 من القطع الاعتيادي، يكشف صلات الحاضر بالماضي، ويسلط الضوء على أشكال الكتابة التي ابتكرها العرب على مدار التاريخ العربي الإسلامي للتعبير عن أنفسهم قبل الاتصال بالغرب واستيراد الكثير من أشكال التعبير المعاصرة، لتأكيد أن لدينا تراثاً يستحق منّا أن نُوليه اهتمامنا لنعتز بانتمائنا وإبداعنا. تناول مؤلف الكتاب في الفصل الأول «السيرة النبوية بداية الطريق»، معرّفاً للسيرة بأنّها: «السُنّة أو أو الطريقة، والحالة التي يكون عليها الإنسان وغيره، والسيرة النبوية وكتب السيّر مأخوذة من السيرة بمعنى الطريقة». ثم تحدث عن بداية كتابة المسلمين للسيرة النبوية الشريفة منذ فترة مبكرة، خاصة في كتب السيّر والمغازي، حيث رُوي أن وهب بن منبه (34 ـ 110هــ)، ألّف كتاباً في المغازي، كما رووا أنّ عروة بن الزبير بن العوّام (23 ـ 94هــ)، هو مِن أشهر فقهاء المدينة ومُحدثيها، كان مِن أقدم مَن ألّف سيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلم... وتناول المؤلف الحديث عن البداية بذكر النسب الشريف، لأن السيرة النبوية قبل مولده عليه الصلاة والسلام، تبدأ الحديث عن آبائه وأجداده، وتتحدث عنهم جيلاً بعد جيل، موضحاً أبرز كتّاب السيرة النبوية كابن هشام وكتابته للسيرة الشريفة، أعقب ذلك الحديث عن المولد، نبوءات ما قبل الميلاد، التربية بعيداً عن أهله، الطفولة غير العادية، الشباب غير العادي، قصة الحبّ والزواج، مرحلة النبوة، وأخيراً نبوءة وفاته عليه الصلاة والسلام... نشأة فن أشار المؤلف في الفصل الثاني «السيرة التاريخية... فنّ نشأ في حضن الحديث النبويّ»، إلى أنّ السيرة النبوية قد أسست فنّاً جديداً في الحضارة العربية الإسلامية، هو فنّ السيرة، ويقول: لم يعد بالكُتّاب حاجة في السيرة التاريخية لتوثيق كل خبر يوردونه، إذ استفادوا من تطور فنّ كتابة التاريخ، حيث كان المؤرخون يكتفون بوضع أسماء مَن أخذوا عنهم في بداية حديثهم، ثم ينطلقون لكتابة موضوعاتهم، من دون التقيد بذكر رواة كلّ خبر على حدّة، ومن ذلك مثلاً ما كتبه المؤرخ المصري ابن عبدالحكم الذي عاش في القرن الثاني وأوائل القرن الثالث الهجريين عن سيرة عمر بن عبدالعزيز... السير الشعبية أما «السير الشعبية»، فهي حديث المؤلف للفصل الثالث من الكتاب، الذي عرض فيه للسير في الأدب الشعبي التي استفادت من السيرة النبوية استفادة هائلة على حدّ قول المؤلف. وعرض لملامح النموذج الشعبي لبطل السيرة، ولأنواع ذلك، منها نموذج بطل السيرة المقاتل، وأمثلته كثيرة منها عنترة بن شداد، ذات الهمّة، الظاهر بيبرس، أبو زيد الهلالي، حيث تتحد قيمة كل بطل من هؤلاء الأبطال بما خاضه من معارك، ومَن لاقاهُ مِن أبطال، وما حققه مِن انتصارات على خصومه... وأعقب عيد الحديث عن نبوءات المولد، مولد البطل، الطفولة غير العادية، مرحلة الشباب، قصة الحبّ، نبوءة الموت، والجيل التالي. السيرة الذاتية بينما خصص المؤلف الفصل الرابع لتناول «فنّ السيرة الذاتية»، الذي يرى بأنّ كل السير السابقة كانت سيراً غيرية، أي سِير يكتبها كاتب عن شخصية أخرى غيره، لذا تسمى هذه السير «غيرية»، لكن إلى جانب هذه السير الغيرية عرف المسلمون والعرب نوعاً من السير هي السير الذاتية، وهي السير التي يكتبها أصحابها عن أنفسهم، وتناول للاستشهاد سيرتين، الأولى: سيرة المنقذ من الضلال لحُجة الإسلام أبي حامد الغزالي، والثانية: ابن خلدون ورحلته شرقاً وغرباً، ذاكراً نبذاً عن حياة أصحاب السيرتين وتفاصيل عن محتويات كل سيرة. الدراما المُعاصرة وجاء الفصل الخامس بعنوان «بين السيرة والدراما العربية المُعاصرة»، إذا ارتبطت فنون كثيرة من الفنون العربية المعاصرة بفكرة الدراما، وكان هذا منطقياً، لأننا أخذنا هذه الفنون من الغرب، كالمسرح، السينما، المسلسل الإذاعي والتلفزيزني. كذلك ناقش محمّد عيد في بداية الفصل الدراما، وهي كلمة يونانية تعني الفعل «Action» وشروطها عند أرسطو بأن يكون الفعل واحداً. وتناول ما ذكره أرسطو في كتابه «فنّ الشعر» من أنّ القصة لا تكون واحدة ـ كما يظن قوم ـ إذا كانت تدور حل شخص واحد، فإنّ الواحد تقع له أمور كثيرة بلا نهاية، لا يعدّ شيء منها «واحداً»... واستشهد من سيرة ذات الهمّة، تلاه حديثه عن السير المسرحية والتلفزيونية والسينمائية، وكلها أعمال تدور حول شخصيات تاريخية أو شعبية، ثم فرّق بين السير التاريخية المكتوبة للمسرح أو التلفزيون أو السينما عن كتب التاريخ بشيئين هما: الخيال، والرؤية الخاصة به، موضحاً لكل منهما مع أمثلة وشواهد درامية. الأدب الروائي وعرض المؤلف خلال الفصل السادس ـ الأخير ـ من كتاب «فنّ السيرة» للسيرة والأدب الروائي، ومنها «سيرة الشيخ نور الدين... رواية تستلهم شكل السيرة»، لشمس الدين الحجاجي، موضحاً مضمونها وشخوصها، متناولاً فيها : الأصول الأسرية، نبوءات الحَمْل والولادة، الفروسية، القدرة الروحية، الحُبّ، نبوءة الموت، ما بعد الموت، والنهر. وتلا تلك الرواية الإشارة إلى رواية الدكتور يوسف زيدان «عزازيل... سيرة ذاتية لشخصية من الخيال».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©