الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان··· من يكون حليف أميركا الجديد؟

باكستان··· من يكون حليف أميركا الجديد؟
23 أغسطس 2008 23:13
بعد استقالة برويز مشرف صديق أميركا المقرب، فإن السؤال الذي يتردد في الوقت الراهن هو: على أية شخصية تحديداً، من بين ذلك الخليط من الشخصيات الموجود حالياً في المشهد السياسي الباكستاني، سيقع اختيار أميركا لاتخاذه حليفاً جديداً في حربها المرتبكة ضد ''طالبان''· وكان مشرف رئيس باكستان، وقائد جيشها طيلة فترة حكمه تقريباً، التي استمرت تسع سنوات- قبل استقالته يوم الاثنين الماضي خوفاً من تقديمه للمساءلة أمام البرلمان- حليفاً مريحاً للولايات المتحدة يوفر لها كل ما تحتاج إليه من خدمات· فقد اعتمدت عليه إدارة بوش في الحصول على الدعم العسكري اللازم لمواجهة ''طالبان'' في المناطق القبلية، وعلى المعلومات الاستخباراتية المطلوبة للقبض على المشتبه بانتمائهم لتنظيم ''القاعدة''· وعلى رغم أن أميركا، في خاتمة المطاف، لم تحصل على كل ما كانت تريده من مشرف، إلا أنه وفر لها على الأقل إحساساً بأن لديها نفوذاً وحليفاً في هذه المنطقة· وبعد خروج مشرف من السلطة، أصبح المسؤولون في السفارة الأميركية في إسلام آباد في حيرة مـــن أمرهـــم بشـــأن تحديد الشخصية السياسية الباكستانية التي يمكن لأميركا أن تلقي بثقلها وراءها· وكان ''حزب الشعب''، أكبر أحزاب المعارضة الباكستانية قد أصدر بياناً قال فيه إنه سيرشح رئيسه ''آصف زرداري'' لخوض الانتخابات على منصب الرئيس، والتي ستجرى في السادس من سبتمبر المقبل· وإذا ما أصبح زرداري رئيساً، فإنه سيكون حليف واشنطن ''الافتراضي'' في هذه الحالة، على رغم أن النطاق الكامل لصلاحياته، ومدى التزامه، وقدرته على مقاومة تمرد ''طالبان''، لا تزال جميعاً أبعد ما تكون عن الوضوح· وكانت حكومة الائتلاف المدني الحاكم التي يقودها زرداري فعلياً، قد أصيبت بالشلل بسبب النزاعات الداخلية بين أعضائها بشأن إطاحة مشرف، والتي لا تزال تدور الآن حول الشخصية التي يمكن أن تحل محله· وهناك أيضاً خلاف بين أعضاء الائتلاف حول الإرث المرير الذي تركه مشرف وأهمه المشكلة الخاصة بإعادة القضاة الذين أقصاهم العام الماضي إلى مناصبهم· وهذه النزاعات داخل الائتلاف الحاكم صرفت أنظاره عن الاهتمام بالتصدي لتمرد ''طالبان'' الذي كثف من هجماته الانتحارية التي أدت إلى عشرات الضحايا وكان آخرها الهجوم الانتحاري على مصنع الذخيرة الذي أسفر عن مصرع 78 شخصاً وإصابة 103 آخرين· في نفس الوقت، يحتدم الجدل بين المسؤولين الأميركيين بشأن توقعاتهم بخصوص نطاق التعاون الذي يمكن لبلادهم الحصول عليه من ''إشفاق برويز كياني'' الذي حل محل مشرف في قيادة الجيش· فعلى رغم التفاؤل المبدئي بـ''كياني'' من قبل الأميركيين، إلا أنه سرعان ما تبين أن اهتمامه بالتصدي لـ''طالبان'' أقل كثيراً من اهتمامه برفع الروح المعنوية الآخذة في التأثر لقواته التي تعاني من نقص التدريب والمعدات· كذلك، لا تجد الحكومة الأميركية في أي من ثلاثي الحكومة المدنية وهم زرداري وشريف ورئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني مرشحاً مثالياً تنطبق عليه الشروط التي تجعل الولايات المتحدة تتخذ منه حليفاً في التصدي لـ''طلبان''· فـ''جيلاني'' غير المعروف بما فيه الكفاية الذي اختاره زرداري لشغل منصب رئيس الوزراء، ترك انطباعاً سلبياً عن أدائه العلني في أول زيارة له لواشنطن الشهر الماضي، وربما لا يكون الانطباع عن أدائه خلف الأبواب المغلقة أقل سلبية· أما رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف فهو في نظر العديد من صناع السياسات في واشنطن رجل قريب أكثر مما ينبغي من القوى الإسلامية في باكستان· وكونه يركب الآن موجة الشعبية بسبب موقفه الجسور المناوئ لمشرف، لم يؤثر على الأميركيين كثيراً، كما يقول دانييل ماركي، الزميل الرئيسي في مجلس العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي· والرؤية التي قد تدعو للدهشة في واشنطن هي أن السياسي الذي يمتلك الورقة الرابحة في باكستان في الوقت الراهن هو زرداري زوج رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو، والذي حل محلها في قيادة ''حزب الشعـــب''·فعلى رغم افتقاره للخبرة الكافية في شؤون الحكم، إلا أنه يدير من وراء الستار أكبر كتلة في البرلمان الباكستاني، كما أنه في نظر الكثير من المراقبين، القوة الفعلية التي تقف وراء جيلاني، والتي تضطلع في الوقت الراهن بشؤون الإدارة اليومية لسياسات الحكومة، وتعيينات المناصب الكبرى التي شملت بعضاً من أصدقائه المقربين الذين أمضوا فترات في السجن بسبب تهم بالفساد· وزرداري نفسه قضى ثماني سنوات كاملة وراء القضبان ولكنه لم يتعرض للإدانة أبداً، ولا يزال يصر على أن سجنه كان نوعاً من الانتقام الشخصي من قبل خصومه السياسيين· يشار إلى أن تلك التهم قد تم إسقاطها مؤخراً كجزء من صفقة العفو مع مشرف التي تم التوقيع عليها عند عودته هو وزوجته ''بوتو'' إلى باكستان· هذه الخلفية تجعل من زرداري شخصية محورية في المشهد السياسي الباكستاني الآن خصوصاً مع ما أعلنه حزبه من ترشيحه لخوض انتخابات الرئاسة· وبسبب ذلك كله، فإنه من المتوقع أن يلتفت مسؤولو إدارة بوش إلى زرداري باعتباره حليفهم البديل المرجح، وخصوصاً بعد ما قيل إنه ظهور ضعيف لـ''جيلاني'' في واشنطن· وإذا ما تولى منصب الرئيس فعلاً، فإن زرداري يمكن أن يصبح واحداً من أقوى الشخصيات التي شهدتها باكستان على الإطلاق، خصوصاً لأنه من المتوقع أن يستمر في هذه الحالة بممارسة سيطرته على رئيس الوزراء· والسؤال الأساسي الذي يتردد حالياً هو عما إذا كان زرداري سيمتلك- عندما يصبح رئيساً- تلك السلطات المطلقة التي كان يتمتع بها مشرف أي: هل ستكون لديه القدرة بموجب إصلاح دستوري على حل البرلمان؟ (تعهد التحالف الحاكم بإلغاء هذه المادة)· أما إذا ما أفلح زرداري في استبقاء هذه الصلاحية، فإن الولايات المتحدة ستكون في هذه الحالـــة قــد وجــدت الحليــف الذي يوفـــر لهـــا كــل مـا تحتاجه، وكل ما هنالك هو أن الشخصية التي ستؤدي لها هذه الخدمة ستكون مختلفــة عن حليفها السابق· جين بيرليز - إسلام آباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©