السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اجتياح أوسيتيا الجنوبية··· زوبعة روسية عابرة

اجتياح أوسيتيا الجنوبية··· زوبعة روسية عابرة
23 أغسطس 2008 23:14
بعد أسبوعين على الأزمة الجورجية، مازالت روسيا تحافظ على نفوذها وتأثيرها، حيث تواصل لعبة التشويش والإرباك بحذق ومهارة إزاء غرب منقسم على نفسه يسعى جاهداً الى تحديد ما إن كان الأمر يتعلق بحرب بـــاردة جديــــدة· تبدو فكرة بوتين بشأن القرن الحادي والعشرين مختلفة عن تلك التي تحدث عنها الرئيس بوش في دعوته روسيا للانسحاب· وإذا كان مسؤولو ''الناتو'' قد سعوا في الأيام الماضية إلى إظهار دعم كبير لجورجيا بدون إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بالعلاقات مع روسيا، فإن ''النظام العالمي الجديد'' الذي تحدث عنه بوش الأب أثناء انهيار الإمبراطورية السوفييتية يبدو ذكرى بعيدة· غير أنه إذا كان البعض قد وصف تصرف روسيا بأنه حرب باردة جديــــدة، فإن هـــــذا المفهـــوم، كما يقول الدبلوماسيون والمتخصصون في العهد السوفييتي، لا يأخذ في عين الاعتبار التغيرات العالمية الكبرى منذ قيام جورباتشوف بتفكيك الاتحاد السوفييتي عام ،1991 حيث باتت روسيا في عالم معولم بشكل متزايد، منافساً وشريكاً وخصماً في الوقت نفسه· وفي هذا السياق، يقول ''بيير هاسنر''، الباحث في العلاقات، ''إن التحدي الأكبر بالنسبة لأي رجل دولة اليوم، هو تحديد الأولوية: هل هي لإيران، أم لأسعار النفط، أم للإرهاب؟ قد يبدو الأمر من بعض النواحي كحرب باردة جديدة، لكن السياق اليوم مبهم ويشوبه كثير من الغموض''· ومهما يكن، فإن الخطابات والمشاعر تصاعدت كثيراً هذا الأسبوع؛ فبينما وقعت بولندا والولايات المتحدة اتفاقاً حول إقامة درع صاروخية يوم الثلاثاء الفائت، قالت موسكو إنها ''ستكون مرغمة على الرد، وليس عبر الوسائل الدبلوماسية فقط''، كما استضافت الرئيس السوري بقصد مناقشة تعزيز التعاون العسكري مع بلاده· وبالمقابل، قال أمين عام حلف شمال الأطلسي ''جاب دي هوب شيفر''، إن العلاقة مع موسكو ''لن تعود إلى سابق عهدها بعد الآن''، في حين تحدت المستشارة الألمانية ميركل التهديدات الروسية ضد توسيع ''الناتو''، قائلة إن جورجيا ستصبح عضواً ''ذات يوم''· وهو ما رد عليه وزير الخارجية الروسي لافروف بالقول: ''إن الناتو يحاول أن يجعل من المعتدي (جورجيا) ضحية ويغطي على نظام مجرم''· في هذه الأثناء، تظل نوايا موسكو إزاء جورجيا غامضة وغير واضحة؛ حيث ناقضت روسيا ميدانياً أقوالها وعمدت إلى إعادة تأويل اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته فرنسا· وهكذا، مازال من غير الواضح ما إن كانت القوات الروسية ستنسحب إلى أوسيتيا الجنوبية، أم أنها ستنشئ منطقتها الأمنية في قطاع من جورجيا خارج أوسيتيا· في البداية أعلنت موسكو أن قواتها ستنسحب، قبل أن تعلن أن قواتها ستتراجع فقط· كل ذلك بينما كانت القوات الروسية تتحرك بحرية على الأراضي الجورجية وتبسط سيطرتها على مدن مختلفة· وينظر كثير من المراقبين إلى هذا التأخير كمحاولة لإبراز عجز الغرب عن الردع· أما الرئيس الجورجي سكاشفيلي، فقد وصف هذا التأخير بأنه فرصة بالنسبة لموسكو كي ''تخدع الغرب''· في هذه الأثناء، تظل السلطة العسكرية الروسية مقسمة بين رئيس انتخب في مايو بدون معارضة، ورئيس الوزراء بوتين الذي وصف ذات مرة تفكك الاتحاد السوفييتي بأنه ''أكبر كارثة في القرن العشرين''· غير أن مثل هذه التصريحات قد تغذي وتدعم تعريفات جديدة لـ''الحرب الباردة''، على غرار نية بوتين المفترضة لممارسة السلطة والنفوذ في الدول الأضعف المحيطة بروسيا، وخاصة منابع النفط في أوراسيا والتي تمر عبر جورجيا وقد تحرم موسكو من عائدات مهمة· والواقع أن القوى التي كانت مؤثرة في العالم إبان الحرب الباردة مقابل نظيرتها الآن، مختلفة اختلاف الراديو عن جهاز ''آي بود''· فالاقتصاديات المترابطة لروسيا وأوروبا، وسهولة الوصول إلى وسائل الإعلام العالمية، وصعود الصين، وازدياد السفر، وقدوم أجيال جديدة، والتفاوت في الثروات، وتغير المواقف والتوقعات··· كلها أمور تخلق عالماً مختلفاً عما كان عليه الوضع أثناء فترة التوتر بين الغرب الليبرالي والسوفييت الشيوعيين· ثم إن روسيا لم تعد إمبراطورية تحركها منظومة قيم اشتراكية، مثلما لم يعد الغرب يركز على خصم واحد، حيث صعدت مشاكــل عدة عابرة للحدود، مثل الطاقة والبيئة والإرهاب والتجارة والبنوك والعصابات المنظمة··· إلى السطح، بعد سقوط جدار برلين· كما أن الغرب في حاجة إلى روسيا للضغط على إيران· يقــــــــــول الدبلوماســــــــــيــون والباحثون والكتاب، إن الزوبعة الروسية في جورجيا تمثل عالماً جديداً، لكنهم لا يحددون ماهيته، عالم زالت فيه ظروف الحرب الباردة وحل محلها مناخ دولي غامض ومتقلب تتداخل فيه عوامل مختلفة· وفي هذا السياق يقول بول جوبل، المحلل السابق في وزارة الخارجية الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية، إن تصرف روسيا يخلق ''سياقاً جديداً من الخوف الذي يمتد عبر مناطقها الحدودية''، مما يسبب ''تأثيرات لا نستطيع فهمها وتحديدها الآن''· ويرى بعض المحللين الأوروبيين الشرقيين أن روسيا لا تريد مهاجمة الغرب أو إثارة عدائه، على غرار ما كان يحدث إبان الحرب الباردة، وأن هدف موسكو هو استغلال ثروات الغرب وتكنولوجيته· وفي هذا السياق يقول بارتوس فيجلارزيك، محرر الشؤون الخارجية في صحيفة ''جازيتا فيبورشا'' البولندية، إن قوة روسيا ''تأتت بفضل سعر النفط الذي بلغ 150 دولاراً للبرميل··· أما إذا تراجع سعر النفط إلى 60 دولاراً للبرميل، فإن روسيا ستغرق· (الروس) ينفقون على البحث والتطوير أقل مما تنفقه بولندا· إنهم يريدون حسابات مصرفية في الغرب وخلق مليونيرات من مبيعاتهم إلى أوروبا· إنهم لا يريدون حرباً كبيرة، وإنما يريدون كسب النفوذ والتأثير''· روبرت ماركاند- باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©