الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عن ماذا سيتمخض الجبل؟ «2 - 2»

8 مايو 2018 21:37
الوحيدون الذين يغردون خارج السرب هم الأميركان فحسب، وزير الخارجية بومبيو الذي أكد أن الوثائق التي كشفها نتنياهو تؤكد أن الإيرانيين يخفون شيئاً غير الحقيقة، والبيت الأبيض يقول إن البرنامج الإيراني في حقيقته أكبر مما أظهرته إيران خلال الاتفاق، وهو ما ظهر من خلال وثائق نتنياهو الأخيرة. ورغم هذا وذاك، يبقى العامل الأكبر تأثيراً وقوة، والذي عرفناه من تجاربنا السابقة أن الغرب ومعه الولايات المتحدة لم يقفوا يوماً ضد إيران، وهو ما تؤكده الشواهد الكثيرة، وواقع الحال على الأرض، إيران ومنذ عام 1990 وهي تعلن للعالم عن إنشاء المزيد من المحطات النووية، ورغبتها في امتلاك سلاح نووي والعالم الغربي وإسرائيل يكتفيان بالشجب والتهديد، لم يحدث قط أن تعرضت إيران لإسرائيل من قريب أو بعيد، ولا للمصالح الأميركية بشكل جدي ومؤثر ومباشر وفعال كما يتوعدون دوماً، عدا بعض المناوشات الكلامية المستهلكة، ولم نرى أي تعرض أو تهديد فعلي ضد إيران عسكرياً خلال العقود الثلاثة الأخيرة سوى الكلام، وربما لن نرى ذلك لا في الحاضر ولا في المستقبل ، ومواقف كل الأطراف ومنذ بداية التسعينيات من القرن الماضي خير شاهد. كل الحكومات الغربية المتعاقبة كانت تعتبر إيران الحليف الحقيقي، وبعيدا عن التهديدات المتبادلة والشعارات الخاوية، وخير شاهد على حسن العلاقات تلك هو الاتفاق النووي في 2015 ، واستمر الحال حتى مجيء ترامب، والذي لم نر منه ومن قبل تسلمه السلطة سوى الكلام، والابتزاز والتهديد، هو يبيعنا الكلام فقط، فالتهديد مقابل ثمن، والوعيد مقابل ثمن، والسلاح والمزيد من السلاح مقابل أثمان باهظة، فهو يعمل بعقلية بائع متجول في سياسته الخارجية. إيران لن توافق على تعديل الاتفاق إلا في حالة وجود صفقة كبيرة تعطيها زخماً مضافاً لمزيد من الهيمنة والسيطرة والتمدد في جوارها العربي، ولم نعلم لحد الآن معالم هذه الصفقة إن وجدت، نعلم جيداً أن إيران تمتلك الكثير من الأوراق تستطيع أن تلعب وتناور بها ومن خلالها، أبسطها التهديد المباشر للوجود الغربي وقوات التحالف في العراق وسوريا على الأرض، وهو نفس السيناريو الذي حدث سابقاً، وأدى إلى خروج القوات البريطانية والأميركية من العراق في 2011 وحسب تصريحاتهم كلا الطرفين وبالتناوب والتناغم معا وكأنها فصول في مسرحية يتبادلون فيها الأدوار، إيران لن تستخدم صواريخها في هجوم مباشر وسافر، بل ستعمد إلى ما تتقنه وبرعت فيه في حروب العصابات والمدن والحروب الأهلية، من خلال مليشياتها، لتقوم بدورها الذي صنعت من أجله. سيستمر الحال على ماهو عليه، وسيستمر التهديد الإيراني، وسيزيد وهو الذي سيؤدي وبالنتيجة الحتمية والضرورة الملحة إلى السعي لامتلاك سلاح نووي من قبل قوى عربية وإقليمية مجاورة، «وهو الهدف الحقيقي وراء التمدد والتهديد الإيراني المستمر، وكل من وقف وراءه كل هذه السنوات»، وهو بالضرورة سيؤدي إلى المزيد من الابتزاز لثروات المنطقة من خلال المزيد من الإنفاق العسكري وبرامج التسليح، مع ضرورة التأكيد والالتزام بالحفاظ على أمن إسرائيل في المنطقة، وهو الأمر الذي تلتزم به إيران ومنذ قيام الثورة في 1979، وهو ما ستلتزم به كل الأطراف التي ستسعى إلى امتلاك سلاح نووي مستقبلاً، وهو ليس خياراً. اليوم نحن أمام تحد كبير وخطير، ولابد لنا أن نقف قليلاً أمام موقف المصالحة التاريخية بين الكوريتين وكل ما ترتب وسيترتب عليه مستقبلا لخير الشعب الكوري والإنسانية والسلام، في آسيا والعالم، وهو ما فوت الفرصة لخيارات وبدائل تبتعد عن السلم، وتدعو إلى الحرب والتهديد والابتزاز، التاريخ والجغرافيا تؤكدان أننا شعب واحد، وأمة مترامية الأطراف، رغم كل الحدود، كما هو واقع الشعب الكوري الذي ينتصر اليوم لهذه الحقيقة، وكما انتصر لها الشعب الألماني منذ ثلاثة عقود،عسى أن نقف قليلاً عند هذه التجارب والدروس، وكيفية تعاطيها مع الواقع والمعطيات، لكي نفهم وندرك ونسعى إلى إسقاطها على واقع معيش نعانيه، من خلال الفعل والعمل، ومن دون شعارات، حينها سنرى الانحسار الإيراني كحقيقة على الأرض. هل نستطيع؟. مؤيد رشيد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©