الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البخل ينزع صمام الأمان من العلاقة الزوجية

البخل ينزع صمام الأمان من العلاقة الزوجية
23 أغسطس 2008 23:48
تقع بعض الزوجات في أفخاخ أزواج بخلاء يمسكون عن الإنفاق على المنزل، وتوفير الاحتياجات الأساسية له، مما يثير زوبعة من الخلافات الأسرية قد تصل إلى الطلاق· رغم أن البخلاء مادة دسمة للنوادر والبرامج الكوميدية تثير الضحك والاستغراب ولكنها تتحول إلى ''مأساة'' حين يكون البخيل زوجاً أو أباً· تستعيد منى فريد مواقف بخل طليقها، قائلة: ''الحياة الزوجية علاقة مقدسة قائمة على تبادل المنفعة والتعاون بين طرفين، وهذا ما لم أجده في طليقي الذي كان يتكل عليَّ في كل شيء حتى أصبحت المعيل الأول، في حين يركن هو بعيداً إذا توقفنا عند مسألة فيها دفع''، مشيرة إلى أنه ''يتهرب ويتعلل بعدم وجود ''فكَّه'' تارة أو بأنه نسي محفظته تارة أخرى''، فتجد نفسها مجبرة على الدفع من مالها الخاص لتحفظ ماء وجهها· وتقول منى: ''إن أكثر ما كانت تمقته اصطحاب زوجها للتسوق والزيارات الاجتماعية، خوفا من أن يكتشف الناس بخله، مما أدخلها في صراع مرير معه للحد من البخل الذي زعزع استقرار الأسرة''، مبينة أنها ''عندما عجزت عن تخليصه من البخل اضطرت للانفصال عنه فاشترط عليها أن تتنازل له عن مؤخرها''· وبينما فقدت منى الأمل بتخليص زوجها من البخل تصر عالية خالد على تحقيق ذلك، وتقول متحدية: ''منذ تزوجته وأنا في دوامة صراع على أمور بسيطة جداً في نظري ولكنها كبيرة في نظره لأنها تتعلق بالمال، ولكني لم أيأس أبداً في البحث عن الوسائل الناجعة لطمر هذه الصفة وإلى الأبد''، مؤكدة أن ''الأمر يحتاج إلى صبر ووقت''· غير أنها وفي الوقت نفسه تشير إلى أنها ''لم تكن تتصور يوما أنها سترتبط بزوج بخيل (···)هذه الشخصية التي كانت تشاهدها عبر شاشات التلفاز في مواقف فكاهية· لكنها تستدرك قائلة: ''العيش معها أمر مختلف عن مشاهدتها على الشاشة''· صدمة ومرارة أفاقت فاطمة عبدالله من حلم فارس الأحلام على كابوس، تقول: ''كنت مأخوذة بصفات العريس الذي تقدم لي؛ فهو جذاب، وقوي، ومظهره يدل على أنه سخي· ولكن سرعان ما سقط القناع وكشف عن حقيقته''· وبمرارة توضح فاطمة أنها ''اكتشفت الأمر بعد فوات الأوان فتجرعت الحرمان من المشاركة في المناسبات الاجتماعية، أو تلبية دعوات الصديقات خوفا من الظهور بمستوى أقل من الأخريات· كما أقفلت بابها ولم تعد تستقبل الزوار''· واللافت، وفق فاطمة، أن زوجها كان سخيا على نفسه بخيلا على أهل بيته، مبينة أنه ''كان يستدين لشراء السيارات الفارهة، معتبرا أنه أحق بالاستمتاع بماله من أسرته''· مرض نفسي من جهتها، توضح الاستشارية النفسية هالة الأبلم أن ''البخل مرض نفسي وتربوي، ويعتبر نوعا من أنواع افتقاد الإحساس بالأمن والأمان''، مبينة أن ''من مسببات المرض الحرمان في الصغر، أو قد يكون مفطورا على الأنانية وكراهية العطاء''· وتشير الأبلم إلى ''ظهور نوع من البخل عقب خروج المرأة إلى العمل يتجلى في امتناع الرجل عن الإنفاق على أسرته حتى تضطر زوجته للصرف بدلا منه''· وتبين أن ''البخل لا يقتصر فقط على الإنفاق المادي حيث إن هناك بخلاً عاطفيا يترافق غالبا مع البخل المادي''، مؤكدة أن ''البخيل في المال بخيل في كلِّ شيء حتى في عواطفه ومشاعره تجاه الآخرين''· ولا تغلق الأبلم باب إصلاح البخلاء، مشترطة أن ''تكون لديهم القابلية للتغيير وذلك من خلال الدخول في خطة علاجية نفسية يضعها المعالج وفق نظام علمي مدروس يمكن أن يخفف من حرص البخيل على ماله ومشاعره''· وتروي: ''صادفتني حالة سيدة لديها خمسة أطفال تشكو من اكتئاب شديد بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يفرضها عليها الزوج البخيل، حيث كانوا يسكنون في غرفة واحدة رغم أنه يمتلك الكثير من الأملاك العقارية، وبلغ به الأمر أنه بات يحسب المقدار اليومي من الغذاء الذي يجب أن يتناوله أفراد أسرته، عدا أن المصروف الشهري لا يغطي ربع احتياجهم الأساسية''· وتبين الأبلم أنها ''لجأت إلى إيجاد طرق مختلفة من العلاج منها الاستقلالية وإقناع السيدة بالعمل لتسد حاجتها وحاجة أطفالها لأنه كان من الصعب إقناع الزوج، الذي تعرض إلى الحرمان الشديد والعنف من الوالدين في طفولته، بالخضوع للعلاج''· وتنصح الاختصاصية المرأة التي تتزوج برجل بخيل يجد سعادته وأمانه في جمع المال، ''بعدم اتهامه أو مهاجمته أو توبيخه لأنه في هذه الحالة سيزداد سوءاً''، مبينة أن ''البخيل إنسان واقعي وليس خياليا ولذلك يجب التعامل معه بواقعية وبمنطق، وعلى سبيل المثال إذا رفض زيادة المصروف يمكن اصطحابه إلى السوق ربما يشعر بارتفاع الأسعار وضرورة التضحية ببعض من أمواله لصالح الأسرة، وبالصبر يمكن على المدى الطويل تعديل بعض من سلوكه وتحويله من رجل بخيل إلى رجل حريص''· وفي حالة البخل الشديد، ترى الأبلم ضرورة تدخل القضاء للضغط على الزوج للإنفاق على أسرته، وتلبية احتياجاتها· خيركم خيركم لأهله وحول رأي الشرع في البخل، يقول عبدالله الكمالي: ''إن الإسلام حث على الكرم، فكان النبي (صلى الله عليه وسلم) أكرم الناس، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وأوصى الصحابة بالكرم''، مستعرضاً أحاديث تبين فضل الإحسان للزوجة والنفقة عليها كقول النبي ''صلى الله عليه وسلم'': ''استوصوا بالنساء خيرا''، و''خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي''· ويشير الكمالي إلى نصوص أخرى بينت فضل الإنفاق على الزوجة كقوله صلى الله عليه وسلم: ''إذا أنفق الرجل على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة''· وقوله: ''دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك''· ويؤكد الكمالي أنه ''لا بد أن التفريق بين البخل على الزوجة وبين حسن إدارة المال، فبعض الزوجات قد تجد من زوجها دقة في إنفاق المال وهذا أمر لا حرج فيه، فالمطلوب أن يكون الإنسان متوسطا في نفقاته اليومية وفي ادخاره لماله فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال، وصح عنه أيضا أنه قال: ''كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت''· وحرص الرجل على ماله، وفق الكمالي، من أجل النفقة على أبنائه في المستقبل أمر مطلوب شرعا· وقبل أن تحكم الزوجة على زوجها بأنه يتصف بالبخل يجب أن تتحقق من ذلك، فقد يكون الزوج بخيلا في نظر المرأة ولكنه في الواقع غير بخيل، وأحيانا قد تكون عنده ظروف مادية تمنعه من النفقة بشكل كامل عليها· وينصح الكمالي الزوجة في حال تحققت من بخل زوجها بمصارحته بشكل لطيف بحاجاتها ومطالبها· ونصحه بطريقة غير مباشرة، فتذكر له أحياناً فضل النفقة على الأهل ولا تشعره أبدا بأنه هو المعني أو المقصود· وعلى المرأة أن تظهر أنها حريصة على مال زوجها، وأنها غير مبذرة، فإن أنفق عليها مرة بسخاء أثنت عليه ومدحته على فعله، فالنفوس مجبولة على حب المدح والثناء، لافتاً إلى إمكانية أن تصارح الزوجة بعض محارمها ممن يعقلون ويحسنون الخطاب· ويؤكد الكمالي أنه في حالة بخل الزوج الشديد يحل للمرأة أن تأخذ من ماله بدون علمه بالمعروف فلا تتجاوز الحد، فقد ثبت عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: ''جاءت هند إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت من ماله وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف''·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©