الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحدائق الإسلامية.. راحة للعين والنفس

الحدائق الإسلامية.. راحة للعين والنفس
13 يونيو 2017 22:48
مجدي عثمان (القاهرة) وصف أحد أشهر مستشرقي فرنسا ورئيس تحرير مجلة الدراسات الإسلامية «لوي ماسينيون» الحديقة في الإسلام بأنها «راحة للعيون»، ومكان لأحلام اليقظة، وترتسم بوضوح فيها الرؤية الفكرية. وفي يناير من عام 1994 كتبت الصحفية «كاميلا بليشين» تحت عنوان «حدائق الإسلام» عن معرض أقيم في برلين، قائلة: «نحو مئة وثلاثين مرة يذكر النبي محمد، ناطقاً باسم الله، هذه الجنة حيث تجري الأنهار والخمور والحليب والعسل، وظلال الأشجار الباسقة تمنح الهناءة والبرودة والروائح الزكية تنبعث من بحار الزهور والرياحين، سكناً للأتقياء، جنات عدن فيها ورود ونرجس، نخيل ورمان ومتع وملذات سامية للصالحين في الآخرة». ويعتبر «إيكارت إيلرس» أستاذ الجيولوجيا في جامعة بون الألمانية أن فن الحدائق الإسلامية من أرقى أشكال الفنون البصرية في الحضارة الإسلامية، وأن ثمة مكوّنين رئيسيين لجميع الحدائق الإسلامية، الماء والظل، لأنها صمّمت تاريخياً ووزعت كملاذ يُلجأ إليه اتقاء من حرارة الشمس. أما المؤلفة «إيما كلارك»، وهي كاتبة ومحاضرة، ومصمّمة حدائق متخصّصة في تصميم الحدائق الإسلامية فتقدّم كتاب «فن الحدائق الإسلامية» مدخلاً إلى تصميم الحديقة الإسلامية التقليدية ومعناها الرمزي ونباتاتها، وصدر الكتاب ضمن منشورات «كلمة» ومركز جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي. وتشير الآيات الكريمة في سورة البقرة في قوله تعالى: (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ، فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، «سورة البقرة: الآية 265»، عن الموقع الأمثل للحدائق والبساتين مما استوحى منه المسلمون الموضع النموذجي لاختيار الحدائق، وذلك إنما يكون بالأماكن المرتفعة، فهذا يجنِّب الأشجار التقاء جذورها بالمياه الجوفية التي تحد من نموها. وقد امتدت رقعة الدولة الإسلامية في القرن 2هـ - 7م، لتشمل بلاد حوض البحر الأبيض المتوسط في شمال أفريقيا وجنوب أوروبا، فأضحت الحدائق عنصراً أساساً في مباني المدينة الإسلامية، ومن ذلك فقد تميزت الحديقة الأندلسية باستخدام النباتات دائمة الخضرة، ذات الألوان المختلفة والروائح الزكية، وتعتبر حدائق قصر الحمراء في غرناطة خير شاهد على ذلك. وفي الحدائق الأناضولية كانت تُخطَّط أولاً ثم يُبنى عليها بعد ذلك، فسميت قصور إسطنبول بـ«الحدائق»، مثل حديقة توكاد وحديقة جوكسو وحديقة تشراغان، حيث حرص سلاطين آل عثمان على زراعة الأزهار في الحدائق الملكية ليستمتعوا بها في فترات الراحة مما أدَّى إلى كثرة رسوم الأزهار على فنونهم سواء تصاوير المخطوطات أو التصوير الجداري والتحف التطبيقية. وقد كتب اليونانيون كثيراً عن خصومهم الفرس ولا سيَما عن الحدائق الملكية، ويُعزى إلى اليوناني «كزنوفان» استخدامه كلمة «الجنة» إشارة إلى حدائق ملوك الفرس. وقد تأثَّرت حدائق العراق بحدائق بلاد فارس، كحديقة قصر الأخيضر العباسي، ثم قصور سامراء، والحدائق المعلقة التي ظهرت في مدينة المنصور ببغداد، وقد جاء نظامها متأثراً بحدائق بابل المعلقة، كما شيَّد الخلفاء العباسيون معظم قصورهم على شواطئ نهر دجلة. واستخدمت العرب صفاً من أشجار السرو تحدد الحديقة بعد الجدار مباشرة كواق ضد العواصف الرملية ولتنقية الهواء المحمل بالغبار، ثم أضافت صفاً آخر من أشجار الحور الأبيض لترطيب الهواء بعد تنقيته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©