السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا أحلام خَطرة على القمر!

لا أحلام خَطرة على القمر!
2 أغسطس 2016 22:41
إدواردو غاليانو إعداد وتقديم نوف الموسى إدواردو غاليانو.. رحل منذ وقت قريب، وتحديداً في تاريخ 13 أبريل 2015، بعد أن قدم أشهر أسئلته حول «الحياة بلا خوف»، بينما جاءت إجابته مرهفة ودقيقة باتجاه الفائدة المرجوة من «اليوتوبيا»، التي تستقر في الأفق، ويكاد الوصول إليها يكون مستحيلاً، فكلما مشينا إليها نحو الـ 10 خطوات، تبتعد عنا بـ 10 خطوات أخرى، بقوله إن الفائدة تكمن في «المشي» نفسه. وبراعة إدواردو غاليانو الفكرية تجاوزت كونه باحثاً وروائياً وصحفياً، ووصلت إلى مسألة ارتباطه بالطبيعة، باعتبارها العلاقة الأسمى بين الإنسان والكون، مبدياً ما يود فعله عبر الكتابة وهو: «القدرة على النظر في أمور، لم ينظر إليها أحد، رغم كونها تستحق النظر.. تفاصيل صغيرة لأشخاص غير معروفين.. الناس الذين يميل المثقفون لازدرائهم.. وهذا العالم الصغير الذي أرى أن جوهر عظمة الكون هو ما يغذيه، وفي نفس الوقت، أريد عندما أكتب أن أستطيع تأمل الكون، من ثقب المفتاح، أعني القدرة على رؤية الأمور الكبيرة من خلال الأمور الصغيرة». تم إعداد مقولات الكاتب إدواردو غاليانو عبر مقابلات حيّة، تم تسجيلها، وترجمت بعض الرؤى من الإسبانية إلى الإنجليزية، وتم نقلها إلى العربية. منها مقابلة أجريت في العام 2009، في برنامج Sangue lation على قناة البرازيل، وقدم الترجمة للعربية «البراء نجار»، وقام بمراجعتها وإعدادها «مهند نجار»، وجاءت الترجمة للإنجليزية عبر قناة «RepublicofArgentina»، وقناة «Enjoyusandhavefun» على اليوتيوب. ينظر إدواردو غاليانو، إلى الخوف بمثابة تهديد.. إذا دخنت، ستصاب بالسرطان إذا تنفست، ستتنفس هواء ملوثاً إذا شربت الكحول، ستقوم بحادث سيارة إذا أكلت، ستحصل على الكوليسترول إذا تكلمت، ستخسر وظيفتك إذا مشيت ستكون ضحية عمل إجرامي إذا فكرت سيرهقك القلق إذا شككت، سيقودك الأمر للجنون إذا شعرت، ستشعر بالوحدة. *** لتأخذ نفساً عميقاً، من الضروري أن تشعر بالوهن. لتقف، عليك أن تعلم كيف هو الوقوع. لتفوز، عليك أن تعلم كيف هي الهزيمة. وعلينا أن نعلم أن الحياة هكذا وأننا سنقع وننهض مراراً، وبعض الناس يقعون ولا ينهضون أبداً، غالباً، يكونون مرهفي الحس أكثر من الآخرين، هم الأسهل للإيذاء، هم الذين يشعرون بالألم في أغلب حياتهم، مرهفو الحس هم الأكثر عرضة للجرح أيضاً. *** أؤمن أن التضامن، عندما يمارس في حياتنا اليومية، هو أيضاً تمرين على التواضع، والذي يعلمك التعرف على نفسك في مرايا الآخرين، وإدراك العظمة التي تختبئ في الأمور الصغيرة، وهذا يعني أيضاً أن الأمور الضخمة، مزيفة، في هذا العالم يخلط ما بين عظمة الأمور وضخامتها *** في تفسير ساحر، لـ «إدواردو غاليانو».. حول جماليات اكتشاف الكون عبر التوهج والجمال.. يقول: وأمور أخرى كثيرة، مثل سعة التوهج والجمال، لدى البسطاء والمتواضعين، أولئك من يمتلكون قدرة غير طبيعية على الجمال، والذي تراه أحياناً ينعكس في أغنية أو رسمة جرافيتي أو محادثة بسيطة، القدرة التي يحملها الأطفال، والذي يحدث فيما بعد أننا نصبح بالغين، نحرص على أن نحولهم إلى أشباهنا ومن بعدها ندمر حياتهم ولكن عليك أن تفهم كيف هم الأطفال، جميعهم مؤمنون بالطبيعة. *** القرن العشرون الذي ولد معلناً عن السلام والعدل، توفي في حمام من الدماء، وترك عالماً مليئاً بالظلم أكثر مما كان عليه، القرن الواحد والعشرون، والذي ولد أيضاً وهو يعلن عن السلام والعدل، يمشي على نفس الخطوات. في طفولتي كنت مقتنعاً، أن كل ما هو مفقود على الأرض سيكون في مكانه، على القمر ولكن رواد الفضاء لم يجدوا على القمر الأحلام الخطرة، والعهود المنقوضة، ولا حتى الآمال المحطمة، فإن لم تكن على القمر، فأين هي؟ هل هي ما زالت لم تُفقد وعلى الأرض؟ هل يمكن أن تكون مختبئة في مكان ما على الأرض؟ وهل هي تنتظر، تنتظرنا؟ *** الكثير من الناس كمحيط من النيران الصغيرة وكل نارين ليست ناراً واحدة.. كل شخص يتوهج بضوئه الخاص دوناً عن الآخرين هناك نيران كبيرة ونيران صغيرة وهناك نيران بمختلف الألوان.. هناك أناس بنار هادئة، لا تشعر حتى بالريح وهناك آخرون بنيران مستعرة، يقومون بملء الهواء بالشرر وبعض النيران كالنيران السخيفة بلا ضوء ولا حتى احتراق.. ولكن آخرون.. يحترقون بسطوع شديد على مر حياتهم.. بحيث لا نستطيع حتى مشاهدة حياتهم بلا اغمضاض ومن يقترب يحترق ! *** من منا يعلم كيف سيكون العالم بعد عام 2000؟ كل ما نستطيع أن نجزم به.. أننا إذاً لازلنا هناك.. سنكون من أهل القرن الماضي بل وأسوء من ذلك سنكون من أهل الألفية الماضية ورغم كوننا لا نستطيع تخيل العالم في المستقبل، نستطيع جيداً تخيل العالم الذي نود العيش فيه الحق بالحلم ليس ضمن حقوق الإنسان الثلاثين التي أعلنتها الأمم المتحدة في عام 1948 ولكن لولا حق الإنسان بالحلم، والذي منه يرتوي الإنسان ستموت كل الحقوق الأخرى عطشى لذا دعونا نحلم، لنحلم قليلاً أن العالم، المقلوب رأساً على عقب سيقف شامخاً وفي الشوارع، ستكون الكلاب هي من تدهس السيارات، والهواء سيكون خالياً من كل السموم ماعدا تلك المخاوف الإنسانية والمشاعر الإنسانية لن يُقاد الناس بالسيارات أو يبرمجوا بـ «الكمبيوترات» أو يباعوا في الأسواق أو يُشاهدوا في «التلفزيونات» التلفاز، لن يكون أهم فرد في العائلة وسيعامل كمكواة أو غسالة الناس سيعملون ليحيوا، بدلاً من الحياة ليعملوا ولن تكون هناك بلاد تأخذ الشباب الذي يرفضون الذهاب للحرب إلى السجن بل سيذهب إليه فقط من يريد صنع الحرب الاقتصاديون لن يقيسوا مستويات المعيشة بمستويات الاستهلاك أو قيمة الحياة بكمية الأشياء الطباخون لن يؤمنوا بأن الكركند يفضل أن يغلى حياً المؤرخين لن يؤمنوا بأن البلدان تحب أن يتم غزوها السياسيون لن يؤمنوا بأن الفقراء يحبون ابتلاع الوعود العالم لن يحارب أجور الفقراء، بل الفقر وعالم صناعة الأسلحة، لن يجد بديلاً من أن يشهر إفلاسه لن يموت أحد من الجوع، لأن أحداً لن يموت من السمنة أطفال الشوارع لن يعاملوا كالقمائم لأنه لن يكون هناك أطفال شوارع أطفال الأغنياء لن يعاملوا كأنهم جواهر ثمينة لأن أطفال الأغنياء لن يكونوا موجودين التعليم لن يكون امتيازاً لمن يستطيع أن يدفع الشرطة لن تكون لعنة من لا يستطيع أن يدفع العدل والحرية التوأم الذي يعيش دائماً منفصلاً سيلتقي مجدداً وسيلتمّ شمله يداً بيد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©