الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عضوية الناتو ··· فرصة لتحجيم الخطر الروسي

عضوية الناتو ··· فرصة لتحجيم الخطر الروسي
25 أغسطس 2008 00:32
خلال هذا الأسبوع تواجه واشنطن خطر تحكم العداء لروسيا بسياساتها· فعلى إثر التوغل الروسي الأخير في جورجيا، بذل السيناتور والمرشح الرئاسي ''الديمقراطي'' باراك أوباما كل ما بوسعه في تكرار وترديد ''الفوبيا'' الروسية التي سبقه إليها منافسه ''الجمهوري'' جون ماكين· وها هي النداءات لعزل روسيا وإقصائها تنطلق من كلا ساحلي المحيط الأطلسي· فهناك دعوة لعزلها من مجموعة الدول الثماني الكبرى، وأخرى لقطع علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، وثالثة لعزلها من عضوية منظمة التجارة العالمية· وإلى ذلك يتفق الجميع على حرمانها من استضافة أولمبياد شتاء عام 2014 التي تستضيفها موسكو في ''سوشي'' التي لا تبعد عن إقليم أبخازيا المتنازع عليه بينها وتبليسي سوى مسافة قصيرة جداً· وفي يوم الثلاثاء الماضي كان حلف ''الناتو'' قد أعلن استحالة استمرار علاقاته الطبيعية مع روسيا في ظل الأوضاع الراهنة، ومضى مباشرة إلى تعليق مجلس الناتو-روسيا المشترك· وحتى لا ينخدع أحد، فقد نهج بوتين نهجاً جديداً في غاية الخطورة· ذلك أن قوات بلاده اعتدت مؤخراً على حدود دولة ذات سيادة مستقلة، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ انهيار الاتحاد السوفييتي في بدايات عقد التسعينيات الماضي· غير أن كل المقترحات العقابية الواردة آنفا لا تحمل صفة أكثر من كونها مضللة، ولن تكون نتيجة أي منها سوى ردة فعل روسية أعنف، شأنها في ذلك شأن كل المحاولات السابقة لردع روسيا ولي ذراعها· والرادع الوحيد العملي الممكن لروسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي، هو دعوتها رسمياً للانضمام إلى حلف ''الناتو''· وليست هذه بالفكرة الجديدة· فقد سبق تداولها في الأوساط الدبلوماسية من قبل شرقاً وغرباً· وكما نذكر ففي الأيام الأخيرة للاتحاد السوفييتي في أواخر عام ،1991 ألجم الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسن صمتاً أحد اجتماعات حلف ''الناتو'' برسالة بعث بها إليه، كانت تحمل هذا الإعلان الأحادي من جانبه:'' اليوم نثير سؤالاً حول عضوية روسيا في حلف الناتو''، ووصف يلتسين في الرسالة نفسها رغبة روسيا في الانضمام إلى الحلف بأنها هدف سياسي بعيد الأمد لبلاده· وحسب التقرير الصحفي الذي نشره الكاتب ''توماس فريدمان'' عن استجابة ''الناتو'' لتلك الرسالة بصحيفة ''نيويورك تايمز'' حينئذ، فقد ذهل ''الناتو'' وتردد إلى حد أنه لم يواف الرئيس يلتسن بأي رد على رسالته· بل إن بوتين نفسه أثار أمر هذه العضوية في بدايات عهده بالكريملن· ففي مارس من عام 2000 أذهل بوتين منتقديه ومؤيديه على حد سواء خلال لقاء صحفي أجراه معه ديفيد فروست من هيئة الإذاعة البريطانية بقوله: ''نحن نؤمن بأن في وسعنا الحديث عن اندماج أكثر عمقاً مع حلف الناتو، شريطة أن تعتبر روسيا شريكاً نداً في الحلف''· وحين باغته الصحفي بالسؤال المباشر: هل تعتقد أن بإمكان روسيا الانضمام إلى عضوية الحلف؟ أجابه بوتين بذات المباشرة بقوله: ولم لا؟ غير أنه أردف إجابته هذه بالتحذير التالي: إن أي محاولة لعزل روسيا عن الحوار الدائر بشأن توسع الناتو شرقاً لن تجد منا إلا المعارضة والمقاومة· وقد كان بوتين على درجة من الأمانة التي تستحق الإشادة بحق· هذا وقد توفرت فرصة غير مسبوقة للغرب عقب انهيار الاتحاد السوفييتي· لكن وبينما تطلعت روسيا إلى تعميق علاقاتها مع الغرب، لم يكن من هذا الأخير إلا أن صدها وأغلق أمامها أبوابه ومنافذه بسعيه لتوسيع عضويته ونفوذه في دول حلف وارسو وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة· ومؤخراً صد الغرب روسيا واستفزها أكثر بإقامة نظام الدرع الصاروخية- وهو ما لا يزال يطلق عليه الروس في رعب اسم ''حرب النجوم''- في كل من بولندا وجمهورية التشيك المجاورتين لروسيا· وفي غضون ذلك واصلت الإدارات الأميركية المتعاقبة خفض تعاونها وعلاقاتها مع موسكو على نحو يتنافى والمصالح الحيوية للولايات المتحدة الأميركية، سواء تمثلت هذه المصالح في حاجتها الى توفير بديل آخر لموارد النفط العربي، أم في لجم جماح اثنتين من شركاء روسيا دبلوماسياً وتجارياً هما إيران وكوريا الشمالية· والغريب أننا سعينا إلى عون روسيا ودعمها لنا حين تعلق الأمر بالحرب على العراق، إلا أننا حرمناها من عقود النفط ومشروعات إعادة البناء هناك· وفي غمرة الحديث الدائر الآن في واشنطن عن ''حرب باردة'' جديدة، فها نحن نغرق تارة أخرى في بحر من ضياع الفرص النادرة الثمينة في تحسين علاقاتنا مع موسكو· وهذا ما أكدته التقارير الصحفية المتشائمة التي طغت على الأسبوع الماضي· فعلى سبيل المثال، دفع مكتب نائب الرئيس ديك تشيني لعدة أشهر في اتجاه زيادة الدعم العسكري المقدم إلى جورجيا، وخاصة تزويد جورجيا بالأسلحة اليدوية المضادة للطائرات، في وقت أطلقت فيه روسيا طائراتها المقاتلة من طراز Tu-59 Bear H القادرة على حمل صواريخ كروز قريباً من سواحل ألاسكا· وهناك من يقول إن روسيا ماضية في إعادة فرض هيمنتها على الدول والجمهوريات المجاورة لها· وهذا صحيح بالطبع، لكنه عين السبب الذي يدعونا إلى توطيد علاقتنا معها وليس عزلها وصدها عنا· ثم أين تكمن مصلحة واشنطن الرئيسية في نهاية الأمر··· في علاقتها بروسيا أم بهذه الجمهوريات الأقل منها شأناً ووزناً؟ وفيما علمت فقد قطعت كوندوليزا رايس عطلة نهاية الأسبوع لتجري ما يزيد على 90 اتصالاً هاتفياً على أمل إنهاء الأزمة في جورجيا، بينما طالب الرئيس بوش بانسحاب القوات الروسية من جورجيا بينما كانت تجتاحها فعلياً··· فإلى ماذا أفضت تلك الجهود وكانت الدبابات الروسية داخل جورجيا سلفاً؟ إن التعاون وليس الخوف من موسكو هو الكفيل بردعها ولجم جماحها· أندرو ماير مراسل سابق لمجلة التايم ، ومؤلف كتاب الجاسوس الضائع: أميركي في جهاز الاستخبارات الستاليني ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©