الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إرهاب القاعدة ··· بأرخص التكاليف

إرهاب القاعدة ··· بأرخص التكاليف
25 أغسطس 2008 00:34
منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 بدأت ''القاعدة'' تلجأ على نحو متزايد إلى خلايا محلية تنفذ عمليات منخفضة التكاليف، وتحصل على التمويل اللازم لأنشطتها عبر طرق غير قانونية، ملتفة بذلك على النظام المالي العالمي الذي أنشأته الولايات المتحدة في محاولة لتجفيف منابع تمويل الإرهاب· ورغم أن ''القاعدة'' أنفقت ما يقدر بـ500 ألف دولار للتخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر وتنفيذها، إلا أن الكثير من عملياتها في أوروبا وشمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا لم تكلف سوى عشر هذا المبلغ أو أقل· ويرى العديد من مسؤولي محاربة الإرهاب الأميركيين والأوروبيين، أن هذه المخططات الإرهابية الرخيصة تمثل دليلاً على أن الحكومة الأميركية وحلفاءها أساؤوا الحساب حين اعتقدوا أنه عبر ترصدهم الممولين الأثرياء وتجميد الحسابات البنكية يستطيعون هزم الشبكة· ففي محاكمة ما زالت متواصلة في لندن لثمانية متهمين بالتخطيط لتفجير طائرات متجهة إلى الولايات المتحدة قبل عامين، قيل لأعضاء هيئة المحلفين كيف أن المتهمين كانوا يقتنون مواد لصنع قنابل كانت سيكلف تجميعها 15 دولاراً للقطعة؛ كما أن الخلية المسؤولة عن تفجيرات السابع من يوليو 2005 التي استهدفت مترو الأنفاق في لندن لم تكن في حاجة سوى لـ15 ألف دولار لتمويل المخطط برمته، بما في ذلك كلفة تذكرة الطائرة إلى باكستان، قصد التشاور مع مسؤولي ''القاعدة''، كما جاء في تحقيقات مسؤولي الحكومة البريطانية· وقد كشفت التحقيقات في عدة مخططات إرهابية في أوروبا أن العملاء كثيراً ما كانوا يتوفرون على كميات كبيرة من المال، وكانوا يجمعون أكثر بكثير مما يحتاجونه عن طريق أنشطة إجرامية معروفة مثل تجارة المخدرات وسرقة بطاقات الائتمان؛ ففي اسبانيا، على سبيل المثال، كانت الخلية المسؤولة عن تفجيرات القطارات في مارس 2004 في حاجة إلى 80 الف دولار لتمويل مخططها، كما تقول وثائق المحكمة الاسبانية؛ غير أنه كان تحت تصرفها ما قيمته 2,3 مليون دولار أو أكثر من الحشيش وغيره من المخدرات غير القانونية التي كانت تستطيع بيعها للحصول على المال؛ بل إن حتى منفذي هجمات الحادي عشر من سبتمبر قاموا بإعادة تحويلات بقيمة 26 الف دولار تقريباً كانت فائضة عن الحاجة إلى حسابات في الخليج العربي قبيل أيام من الهجمات· وتقول السلطات إنه من شبه المستحيل في كثير من الأحيان مراقبة عمليات جمع الأموال التي تقوم بها مثل هذه الخلايا، لأنها لا تحتفظ عادة إلا بالقليل من المال في البنوك؛ إذ بدلاً من تلقي تحويلات مالية أو إيداع مبالغ كبيرة في البنوك- وهو ما من شأنه أن يلفت الانتباه إليها- تقوم بنقل الأموال بشكل شخصي وتحرص على التكتم وعدم لفت الانتباه أثناء إنفاقه؛ وفي هذا الإطار يقول ''جون لوي بريجيير'' -قاض سابق متخصص في محاربة الإرهاب في فرنسا يعمل حالياً مستشاراً للاتحاد الأوروبي في تمويل الإرهاب: ''المجموعات التي تنشط في أوروبا ليست في حاجة إلى الكثير من المال لأن كلفة العمليات منخفضة جداً''، مضيفاً: ''ولكنها ماهرة في الحصول على الأموال واستعمال الطرق الإجرامية من أجل ذلك· إنها تستطيع جمع الآلاف من الدولارات في غضون بضعة أسابيع؛ والأمر يفوق قدرتنا على السيطرة''· ومن جانبهم يقول المسؤولون الأمنيون في لندن إن خلايا ''القاعدة'' مدربة على التخطيط والعيش بأقل التكاليف، حيث يعيش العملاء عيشة زهد عادة، وكثيراً ما يتمسكون بوظائفهم أو يعتمدون على عائلاتهم من أجل تغطية النفقات؛ وإلى جانب ذلك، يتم تعليمهم كيفية صنع قنابل تكون قاتلة وغير باهظة في الوقت نفسه· بعد ثلاثة عشر يوماً على هجمات 11 سبتمبر، أطلق الرئيس الأميركي بوش ما وصفه البيت الأبيض لاحقاً بأنه ''أول ضربة في الحرب على الإرهاب''؛ حيث وقع أمراً تنفيذياً يقضي بتجميد ودائع 27 فرداً ومنظمة مشتبهاً في علاقتهم بالإرهاب، ويحظر على كل شخص التعامل معهم· وفي هذا السياق قال بوش في حديقة البيت الأبيض: ''إن المال يمثل دم الحياة بالنسبة للعمليات الإرهابية؛ اليوم نطلب من العالم أن يتوقف عن الدفع''· وبعد ذلك بنحو شهر، خطا الكونجرس وبوش خطوة أكبر عبر تبني ''القانون الوطني''، الذي ينص على أن تقوم البنوك بالتبليغ عن الصفقات التي تفوق قيمتها 100 ألف دولار إلى الخزينة العامة، وتتحقق مما إن كان أي من زبائنها موجوداً في قاعدة بيانات المشتبه في علاقتهم بالإرهاب؛ وبحلول ديسمبر ،2001 كانت الحكومة قد جمدت 33 مليون دولار من الودائع، ووسعت القائمة السوداء التي وضعتها بخصوص تمويل الإرهاب لتشمل 153 اسماً؛ وفي تقرير يقيم التقدم الذي أحرزته في الحرب ضد ''القاعدة''، أعلن البيت الأبيض أن ''الولايات المتحدة وحلفاءها بصدد الفوز في الحرب على الجبهة المالية''· غير أن الإجراءات المتخذة، فشلت في تجفيف الإمدادات المالية المتاحة لـ''القاعدة''، ولم يكن لها تأثير محسوس وفعلي بخصوص منع الشبكة من تنفيذ هجمات- كما يرى عدد من مسؤولي وخبراء محاربة الإرهاب في الولايات المتحدة وأوروبا· وفي هذا السياق، يقول مسؤولون وخبراء، إن ''القاعدة'' والخلايا التابعة لها، قبل هجمات 11 سبتمبر، قلما كانت تستعمل النظام البنكي على نحو يمكن أن يثير الاشتباه؛ غير أنه بعد القوانين الجديدة لمحاربة تمويل الإرهاب، أصبحت الشبكة أكثر حذراً، وباتت تعتمد على مراسلين من أجل نقل المال عبر الحدود عندما تدعو الحاجة إلى ذلك؛ وفي هذا السياق يرى إبراهيم ورد -الأستاذ بجامعة تافتس والخبير في الأنظمة المالية في البلدان الإسلامية- أن إدارة بوش وحلفاءها اعتقدت خطأ أن ''القاعدة'' تحتفظ بمبالغ ضخمة في حسابات بنكية سرية؛ إذ يقول: ''لقد جعلت (الإدارة) البيروقرطية المالية بأكملها تبحث عن شيء غير موجود، هناك انفصام تام بين هذه المقاربة وكيفية تمويل الإرهاب في الواقع''· كريج ويتلوك- لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©