الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كرزاي والاستراتيجية الأميركية في أفغانستان

كرزاي والاستراتيجية الأميركية في أفغانستان
4 نوفمبر 2009 23:46
سكوت ويلسون محلل سياسي أميركي فيما لم ينقشع بعد غبار الانتخابات الأفغانية التي خرج منها كرزاي منتصراً بعد انسحاب المرشح عبد الله عبد الله من الجولة الثانية، تزداد معضلة أوباما المرتبطة بمدى الانخراط الأميركي في الحرب الأفغانية، فقد اقترح القائد العسكري الأعلى للقوات الأميركية في أفغانستان استراتيجية تستدعي حكومة أفغانية فعالة تكون قادرة على توفير الخدمات الأساسية ودعم العمليات العسكرية وتطرح بديلًا سياسياً قابلاً للحياة لما يقدمه تمرد "طالبان". لكن بقاء كرزاي في السلطة بالطريقة التي جرت بها الأمور تعيد إلى الواجهة قائداً أغضب العديد من مسؤولي الإدارة الأميركية في الماضي وأثار الكثير من الشكوك حول مدى استعداده لاتخاذ الخطوات المطلوبة لإصلاح الحكومة. وكانت إدارة أوباما طيلة الأسابيع الماضية قد دخلت في سلسلة من المداولات الداخلية عن كيفية التحرك في أفغانستان منتظرة فقط تحديد الناخبين الأفغان للشريك الجديد الذي سيكون على الولايات المتحدة التعامل معه في كابل، وهو ما دفعها إلى تأجيل الإعلان عن أية استراتيجية حتى السابع من نوفمبر موعد إجراء الجولة الثانية من الانتخابات. بيد أن إعلان اللجنة الأفغانية المستقلة للانتخابات تتويج كرزاي رئيساً للبلاد بعد انسحاب منافسه عبد الله عبد الله يحرمه من انتصار حقيقي تمنحه له صناديق الاقتراع، هذا بالإضافة إلى إضعاف المساعي الأميركية الرامية إلى إضفاء الشرعية على حكومة كابول التي تعتبر المفتاح الأساسي لاستراتيجية البيت الأبيض. وكان الرئيس أوباما قد اتصل يوم الاثنين الماضي بكرزاي لتهنئته، حيث قال أوباما أمام الصحفيين "على الرغم من الارتباك الذي شاب العملية الانتخابية أنا راضٍ عن النتيجة النهائية التي جاءت منسجمة مع القانون الأفغاني"، مضيفاً "لكن علينا أن نركز في هذه المرحلة على كتابة فصل جديد قائم على تحسين خدمات الحكومة وبذل جهود أكبر وجادة للقضاء على الفساد، وتدريب قوات الأمن الأفغانية ليتمكن الشعب الأفغاني من ضمان أمنه الخاص والاعتماد على نفسه". ويشمل المقترح الذي تقدم به الجنرال ستانلي، قائد القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان، طلباً بإرسال 44 ألف جندي أميركي إضافي لتعزيز حماية المراكز المدنية من "طالبان"، فقد كتب في تقريره التقييمي الذي جاء في 66 صفحة أن "مركز الثقل" بالنسبة للقوات الدولية الخاضعة لإمرته والبالغ قوامها 100 ألف يكمن في "قدرتها وعزيمتها على توفير احتياجات السكان، وهي احتياجات ستكون بتعاون وانخراط كامل للحكومة الأفغانية"، مضيفاً أن "جيشاً أجنبياً لا يستطيع وحده هزيمة التمرد الذي يستدعي حلاً أفغانياً، فهي حربهم وفي النهاية سيكون دور قوات التحالف الدولي أقل أهمية من الحكومة الأفغانية". ويعكف البيت الأبيض حالياً على تقييم ما إذا كان سيعتمد مقاربة ماكريستال القائمة على محاربة التمرد، أم اعتماد حملة محدودة لمحاربة الإرهاب تستهدف أساساً عناصر "القاعدة" التي تنشط في المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان. ومنذ إجراء الانتخابات في 20 أغسطس الماضي وما شابها من عمليات تزوير واسعة لعبت مسألة شرعية الحكومة والدور المثير للجدل الذي يضطلع به كرزاي دوراً مهماً في تحديد اتجاه النقاشات الدائرة داخل البيت الأبيض، والتي من المتوقع أن تستمر خلال الأيام القادمة عندما سيلتقي أوباما للمرة الثانية برئيس هيئة الأركان المشتركة. وقد سبق لمساعدي الرئيس أن عبروا عن شكوكهم من جدية الرئيس كرزاي في محاربة الفساد الذي ينخر حكومته وتحسين الخدمات التي تقدمها إدارته لحشد التأييد بين الأفغان الذين لم يُبد بعد ثقتهم في الحكومة، ومن أهم من عبر عن هذه الشكوك ضمن الإدارة نائب الرئيس، جو بايدن، الذي لم يخف تحفظه على استراتيجية ماكريستال الداعية إلى توسيع التواجد العسكري الأميركي في أفغانستان، مفضلاً بدلًا من ذلك التركيز على عمليات محدودة لضرب "القاعدة". وكان كرزاي الذي أثار إعجاب إدارة بوش بطريقة لبسه المميزة قد تعود على عقد لقاءات دورية مع الرئيس بوش عبر الدائرة المغلفة ونشأ نوع من الألفة والصداقة بين الطرفين، لكن قبل عشرة أيام على تنصيب أوباما أعلن بايدن بصراحة للرئيس كرزاي أن أوباما لن يلتقي معه بالوتيرة السابقة نفسها، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي سيحدثه فقط "بضع مرات في العام". ويعتقد بايدن وبقية مستشاري أوباما أن العلاقة التي طورها بوش مع كرزاي جاءت على حساب الصراحة المطلوبة وغطت على مساوئه، وهو ما جعل من الصعب محاسبة الحكومة الأفغانية ومساءلة سياساتها، واعتبروا كرزاي قائداً متذبذباً فقرروا إبقاء مسافة بين الإدارة والرئيس الأفغاني حتى يُثبت أنه قادر على معالجة المشاكل المستعصية والتصدي لتهم الفساد والاتجار بالمخدرات. ولدعم الشرعية التي يبدو أن الرئيس كرزاي سيستمر في الاحتياج إليها حتى بعد فوزه السهل، يقول المسؤولون الأميركيون إن الإدارة ستعتمد على مقاربة مزدوجة، بحيث سيكون على كرزاي، حسب مسؤول أميركي رفض الإفصاح عن اسمه، عقد "ميثاق مع الشعب الأفغاني" تترتب عليه التزامات واضحة بشأن الحكم المحلي والفساد وغيرها من القضايا الأساسية. وفي الوقت نفسه ستسعى الإدارة إلى تجاوز كرزاي، والعمل مباشرة مع حكام المحافظات وبعض أعضاء الحكومة من خلال تخصيص المزيد من الأموال للمناطق البعيدة. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©