الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القضاء الإسرائيلي.. والتمييز ضد الفلسطينيين

23 ابريل 2014 00:37
دانيال إسترين الضفة الغربية لم يكن اليافعان، اللذان ستنكشف قصتهما لاحقاً، يتجاوزان 15 سنة بصوتهما الأجش وذقنهما النابت قليلاً التي تشير إلى حداثة عهدهم بالمراهقة، كما لا تفصل المسافة بينهما في الضفة الغربية أكثر من بضعة دقائق، والأهم من ذلك أنهما يشتركان معاً في رشق سيارات المارة بالحجارة، لكن الاختلاف الكبير بينهما الذي حدد مصيرهما المتباين يكمن في أن أحدهما فلسطيني والآخر إسرائيلي. والحقيقة أن قصة الطفلين اليافعين تثبت بما لا يدع مجالًا للشك مدى التباين الكبير والصارخ في نظام العدالة الإسرائيلي المطبق في الضفة الغربية التي يتنازع على ملكيتها الطرفان، رغم أنها في صلب البحث عن سلام دائم. وفيما يخضع المستوطنون اليهود في الضفة الغربية للحكم المدني الإسرائيلي يعيش الفلسطينيون في ظل القانون العسكري، لذا يواجه الشباب الفلسطيني أوجهاً عديدة من التمييز في المعاملة والظلم تتخلل جميع مراحل التقاضي بدءاً من الاعتقالات وليس انتهاء بالإدانة وإصدار الأحكام، بتداعيات قد تمتد لسنوات وتغير حياة اليافعين وقد تقضي على مستقبلهم، وهو ما أكده والد الفتى الفلسطيني الذي قُبض عليه بسبب رميه الحجارة على السيارات، قائلاً «لقد دمر السجن حياته»، وحسب إحصاءات حصلت عليها وكالة «أسوشييتد برس» بموجب قانون حرية الوصول إلى المعلومة الإسرائيلي، لم تعتقل السلطات الإسرائيلية على مدى السنوات الست الماضية سوى 51 شاباً يهودياً، وأطلق سراح 89 في المئة منهم دون توجيه اتهام لهم، مع حصر الاتهام في ستة شبان، أربعة منهم ثبت جرمهم ومع ذلك لم يدانوا. لكن في المقابل اعتقل ما لم يقل عن 1142 شاباً فلسطينياً على امتداد الفترة نفسها لإلقائهم الحجارة على أهداف إسرائيلية، وُجهت تهم رسمية لـ528 منهم أدينوا جميعاً، بحيث يشير المحامون إلى أن العقوبة تتراوح عادة بين ثلاثة إلى ثمانية أشهر تقضى في سجن عسكري، غير أن هذه الإحصاءات المستقاة من الشرطة لا تحصر جميع حالات الاعتقال لأن الجيش أيضاً يشارك الشرطة في عمليات الضبط، كما أن المدعي العام الإسرائيلي، ورغم حالات التساهل، يُصدر- في مناسبات معينة عندما تكون الجريمة خطيرة- تهماً ضد المستوطنين، وإنْ كانت الهوة بين عدد المعتقلين الفلسطينيين ونظرائهم الإسرائيليين كبيرة ولافتة للنظر، ويبرر وزير العدل الإسرائيلي هذا التباين في عدد المعتقلين بأن الفلسطينيين يرمون الحجارة أكثر من الإسرائيليين، نافياً وجود تمييز في المعاملة القضائية، وفيما يقول وزير العدل الإسرائيلي إنه يود رؤية الشباب الفلسطيني يُعاد تأهيله بدلا من دخولهم السجن، إلا أن منتقدي نظام العدالة الإسرائيلي يتهمون السلطات بالتعامل مع انتهاكات شباب المستوطنين على أنها مخالفات بسطية وحالة من حالات الطيش، عكس الفلسطينيين الذين يتم التعاطي معهم بقسوة، وهو ما يوضحه مايكل سفارد، المحامي الإسرائيلي والمدافع عن حقوق الفلسطينيين، قائلا «الجميع يعرف أن هناك مشكلة في التعامل مع القصر بالضفة الغربية يتمثل في التمييز الممنهج بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويبدو أن إلقاء الحجارة تحول إلى سلاح ذي رمزية كبيرة في الضفة الغربية لما تزخر به أراضيها الجافة من كميات كبيرة منه، فخلال السنوات الست الماضية اعتبر رمي الحجارة السبب الأول لاعتقال نصف الشباب الفلسطيني، وهي العملية التي تقول السلطات الإسرائيلية إنها قد تتحول إلى أعمال عنف أشد خطورة. وبالرجوع إلى واقعة اعتقال اليافعين الفلسطيني والإسرائيلي وقصتهما مع القضاء الإسرائيلي، نجد أن الفتى اليهودي انضم إلى مجموعة أخرى من الفتيان وألقوا حجارة على حافلة عند مدخل إحدى المستوطنات بين القدس والخليل، وأفادت الشرطة أن سبب استهداف الحافلة هو سائقها العربي، فاقتيد الطفل اليهودي، الذي لا يسمح القانون بذكر اسمه لأنه ما زال قاصراً، إلى مركز الشرطة في الخليل وإلى جانبه والده، وأثناء التحقيق احتمى الطفل بحقه في التزام الصمت ليقضي ليلته في مخفر الشرطة، ثم قضى أربع ليالي في الإقامة الجبرية ببيته، ليطلق سراحه لاحقاً دون توجيه أية تهمة إليه. وفي اليوم التالي وحسب تقارير الشرطة الإسرائيلية نفسها ألقى فتى فلسطيني الحجارة على سيارات إسرائيلية تمر بالقرب من بلدته «بيت عمر» القريبة من إحدى القواعد العسكرية الإسرائيلية، ما نتج عنه تهشيم زجاج سيارات دون وقوع جرحى، وبعد أسبوعين على الحادثة اقتحم جنود إسرائيليون غرفة نوم الفتى واقتادوه معصوب العينين ومقيد اليدين إلى سجن عسكري ليوضع مع عشر فلسطينيين آخرين، بحيث ظل هناك لتسعة أشهر كاملة قبل أن يرى النور. وفيما كان مسار الطفل اليهودي مع مراحل التقاضي عبارة عن سلسلة من الفرص الثانية للخروج بأقل الأضرار، لم يحظَ الفتى الفلسطيني بالقدر نفسه من التسامح واللين، فعندما أُفرج عن الطفل اليهودي دون توجيه تهم إليه انخرط مرة أخرى في الهجوم على فلسطينيين برذاذ الفلفل الحار، وحتى عندما أدين القاصر وضع تحت الإقامة الجبرية لمدة تسعة أشهر قضاها بين جدران بيته يحضر لامتحان القبول الوطني لولوج الجامعة، وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الإقامة الجبرية سُمح له بالذهاب إلى المدرسة، ثم أطلق سراحه. أما الطفل الفلسطيني فقد تمسك ببراءته أثناء المحاكمة، وبعد أن أمضى تسعة أشهر ونصف في السجن العسكري، حُددت إقامته، ولم يصدر الحكم ضده إلا بعد سبعة أشهر، وهي العقوبة التي استكملها تحت الاعتقال. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©