الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المهباج

المهباج
27 يناير 2009 01:02
يترك الماضي بصماته في أبوظبي على شكل صروح يشيدها الحاضر، لتروي حكاية التراث الأصيل وتنشر عبق الماضي الجميل، عبر مجسمات عملاقة تزين دوّارات الشوارع الرئيسة· فتفاصيل التراث لا يقتصر وجودها داخل البيوت والمدارس والمؤسسات وأندية التراث، بل تظهر بفخر للملأ معلنة اتحاد الماضي بالحاضر المتطلع إلى المستقبل· إذ تحتضن الساحات والمسطحات الزراعية في العاصمة الجميلة، عشرات من المجسمات والأشكال التراثية، تتراوح بين ''إبل وخيول وصقور وأسماك وقوارب ودانات لآلئ ودلالات قهوة ومرشات عطور ومباخر'' وغيرها كثير· وتستقبل بعض تلك المجسمات الرائعة القادمين إلى أبوظبي من جهة المطار، ومنها ما يتوسط شوارع المدينة، ومنها ما يطل على البحر يلقي عليه التحية، ومنها ما يرتع في الحدائق والشواطئ، بينما فلاشات كاميرات الزوار تلمع، لتلتقط صوراً تحفظها الآلة أسوة بالذاكرة التي حفظت جماليات تلك الأشكال التراثية الحميمة· رموز الأصالة وتشمخ قبالة شاطىء كورنيش أبوظبي، في أحد أقدم ميادينها، مجسمات عملاقة تمثل أهم رموز تراثنا الأصيل، من بينها مجسمات ''دلة القهوة، ومرش العطور، ومدخن البخور'' التي تعكس دلالاتها مفاهيم دولتنا وأخلاقيات شعبنا المتجلية في الكرم والسلام وحسن الضيافة· مؤكدة على الدور الذي تمارسه الإمارة في مجال الحفاظ على الهوية التراثية والثقافية لشعب الإمارات، بالإضافة إلى أنها مرآة تعكس الوجه الحضاري المعاصر لها، والذي يستمد جمال ملامحه من خلال إحياء تراث الأجداد والحفاظ عليه معلماً أمام العيون التي ترقبه في الساحات والميادين والدوارات بإعجاب وتقدير· فضلاً عن ما تشكله بذلك المجسمات التراثية من عناصر جذب سياحي مهمة وصادقة في آن معاً· وتطل تلك المجسمات التي أنجزت بحرفية عالية، واتسمت بجماليات فنية، لتحكي للمستظلين تحتها والواقفين إلى جوارها والعابرين من أمامها، صغاراً وكباراً، قصة إنسان الأمس وبعض واقعه ووقائع أيامه في ظل قسوة العيش، بمفردات تنبض بمعاني الصبر والصمود والأمل· أبعاد متعددة ويمنح الجانب التراثي لتلك المجسمات، بعداً إنسانياً يذكرنا بالأجداد، فهي ليست مجرد أشكال هندسية، تضاف إليها أبعاد أخرى يشير إليها خالد الحمادي- رئيس قسم الفعاليات والإنتاج الإعلامي في بلدية أبوظبي، ويقول: ''تعبر المجسمات التراثية التي تنتشر في ميادين العاصمة عن هوية الدولة، وتمسكها بجذورها، خلال انطلاقها نحو النهضة الحضارية الشاملة التي تحققها يومياً· كما تعبر عن جماليات عديدة منها ما هو فني إبداعي صرف، نسعى بدورنا إلى تزيين مناطق المجسمات بعقود من الأنوار تضاء ليلاً، وقطعان من الأزهار تلتف حولها وتنثر شذاها الصباحي، بالإضافة إلى شلالات ماء تجاورها، ليضيف إلى شموخ المجسمات رونقاً معاصراً يتحدث بلغة الجمال''· ويضيف الحمادي قائلاً: ''تقدم الميادين في أبوظبي دليلاً على أصالة الماضي العريق، وتمثل مكاناً أميناً لعرض وحفظ التراث، فحيث مجسمات الحصون والبراجيل والسفن والدلال والفناجين والدانات والمباخر تبرز تفاصيل الفن المعماري وإبداعات الحاضر الجميل، وقد تحولت إلى ما يشبه معارض تحف فنية تستقبل مئات من أبناء الدولة والمقيمين على أرضها والزائرين لها من كل أنحاء العالم''· تلازم وتناغم وبعد أن أصبحت أبوظبي بفضل نهضتها العظيمة في كل مجال، مدينة عالمية ومركزاً مهماً للاقتصاد والأعمال والبناء، وتعد من ضمن أجمل المدن الحديثة في العالم، وفازت في هذا الإطار بعديد من جوائز المنظمات الدولية والاتحادات العربية، لم تتقاعس عن متابعة دورها في حفظ ونشر تراث الدولة·· يشير إلى ذلك الباحث بشير السليم، ويقول: ''تتلازم النهضة الحضارية في الدولة مع الحفاظ على هويتها، وبما ينسجم مع أصالة تاريخها، لذا اتجهت أبوظبي إلى مزيد من بناء المجسمات والأشكال التراثية والمسطحات الخضراء المحيطة بها، وما زالت تولي التراث جل اهتمامها وسط هذا التطور والنماء العصري المشهودين·بحيث لا نزال نجد الشواهد الثابتة التي تدل على أصالة الشعب وعمق اتصاله بالتاريخ عبر مجموعة من الدوّارات التراثية التي تستقطب بجماليات بنائها زواراً وسياحاً يفدون إليها ليشاهدوا تلك المجسمات الرديفة للمنحوتات والأعمال الفنية الإبداعية''· ولا تنطق بالطبع المجسمات الحجرية والمرمرية، لكنها تشهد على الدور الذي تعكسه الإمارة في الحفاظ على الهوية التراثية والثقافية لها· ويؤكده حرص المسؤولين في المدينة وأندية التراث إلى توفير مجسمات خشبية ضعيرة وبطاقات ترصد المعالم والمجسمات التراثية العملاقة، التي تنام على وسائدها شتى أنواع وألوان الزهور المحلية التي عاصرت بدورها الأجداد، كالفل والخزامى· مجسمات في الإمارات ؟ تروي المجسمات التراثية في كافة مدن وإمارات الدولة، حكاية المكان والزمان·· ففي مدينة العين هناك أكثر من 10 دوارات تضم تفاصيل تراثية، منها مجسم دوار ''دلة القهوة والفناجين'' ومجسم دوار''المندوس'' الذي تنسدل منه عقود نسائية، ومجسم دوار ''الغزلان''· ؟ وفي إمارة دبي، هناك دوارات عديدة تتوسطها مجسمات خاصة بتراث المنطقة، منها ما يتصل بالصيد مثل دوار ''السمكة'' وهناك دوار ''السيوف''وهناك أيضاً دوار ''الخيل'' وغيرهم الكثير· ؟ وتنتشر في إمارة الشارقة المجسمات التراثية في عدة دوارات، أشهرها مجسم دوار ''الرولة'' الذي يحكي قصة شجرة عريقة، ودوّار آخر يضم مجسم ''المصحف الشريف''· ؟ ويعتبر دوار ''الحصن'' في إمارة عجمان، أحد أهم وأكبر الدوارات في الإمارة يتوسطه تصميم مميز يرمز للتواصل بين الماضي والحاضر· ؟ ويتميز مجسم دوار ''الخيول'' في إمارة أم القيوين، حيث يقف مجسم الصقر فوق برج تراثي تحيط به مدافع تراثية وخيول· ؟ وتتزين إمارة رأس الخيمة بستة دوارات تضم معالم تراثية، أشهرها دوار ''المطار'' الذي يتوسطه مجسم حصن قديم، ودوار مجسم ''الفانوس'' ودوار ''الساعة'' ويعلوها مجسم خيمة، ودوار مجسم ''الدلة''، ودوار ''السفينة'' ويقف في وسطها مجسم سفينة تراثية· ؟ وتتجمل إمارة الفجيرة بعدة دوارات تراثية الطابع، لعل أشهرها مجسم دوار ''المرش'' الذي تمسك به قبضة، وكذلك مجسم دوار ''الصقر'' ومجسم دوار ''دلة القهوة'' التي ترمز إلى الكرم العربي· العقال·· حزام الرأس عالي الشعبية أبوظبي (الاتحاد)- يطبع الزي الشعبي للرجل في الإمارات، بصمات من الوقار والهيبة، فضلاً عن أهمية كونه إرث من الأجداد، على الرغم من دخول بعض التعديلات عليه، مع تقادم الأيام· لكنه لم يفقد بريقه بين أبناء الدولة، إذ لايزال محافظاً على مكانته كرمز من رموز الزي الوطني· وتبرز تفاصيل كثيرة في زي الرجل، الذي هو أكثر من مجرد ثياب تغطي البدن أو مظهر خارجي يميزه، تغطي كافة أعضاء الجسد من أعلى الرأس وحتى أخمص القدمين· وقد ورد في فصل من كتاب ''لمحات عن تراث وفلكلور مجتمع الإمارات'' وصف غطاء رأس الرجل، جاء فيه: ''يغطي العقال الرأس تجنباً للشمس، حيث كان ولا يزال الرجل يضع على رأسه الغترة أو غطاء الرأس الذي كان يسمى سابقاً ''المعلم ذي اللون الأبيض''، وهناك نوع آخر يسمى ''الدسمال'' وهي الغترة الصوفية السميكة نسبياً، والتي يلبسها الرجل في فصل الشتاء، وتحته يعتمر الطاقية البيضاء ''القحفية''، ويوضع فوق الغترة ''الشماغ'' عقال أسود، يساعد على تثبيت الغترة والقحفية على الرأس· ويصف علي يودب- مدير متجر أزياء شعبية، العقال الأسود وسبب استخدامه، يقول: ''يأتي العقال على هيئة حبل يأخذ شكل الدائرة ويوضع فوق الرأس ليمسك جيداً بالغترة لئلا تنزلق عن الرأس أو تطير بفعل الهواء·· ويتم استيراده من بلدان عربية متخصصة بصناعته، من بينها مدينتا حلب ودمشق، ويباع بقيمة 25 درهماً وصولاً إلى 100 و200 بحسب الجودة''· وقد تطور شكل العقال خلال مئة عام، وتغير حجمه وطبقاته، فقد كان أكثر سماكة، ومتعدد الألوان، إلى أن استقر على شكله الحالي، الأقل وزناً وسماكة· إذ يروي علي يودب، بعض ما يتناقله التجار من حوله، وكذلك المواطنون المترددون على متجره، عن قصص متصلة بالعقال، يقول: ''قيل لي أنه بعد سقوط الأندلس وضع المسلمون على رؤوسهم عصابة سوداء من القماش، تعبيراً عن شدة حزنهم، ثم تطور وتغير مراراً، إلى أن أصبح على الهيئة التي نعرفها عليه الآن''· الثندى ابنة الصحراء أبوظبي (الاتحاد)- تزهر في الشهر الحالي من السنة ''فبراير'' شجيرة جميلة تدعى ''الثندى'' وتنتشر بكثرة في المناطق الصحراوية والمزارع وحول مداخل إمارات الدولة، بل تعد الإمارات موطنها، فهي من ضمن النباتات الصحراوية التي تظهر مع دخول الربيع وقبل اشتداد حرارة الطقس في المنطقة· وتتميز الثندى بخصائص عديدة تشير إليها حسناء الجلم- مهندسة زراعية، وتقول: ''تنتمي شجيرة الثندى إلى العائلة البقلية، وتصنف ضمن الشجيرات الموسمية التي تنبت في الرمل وموطنها صحاري الدولة ومنطقة الخليج، يصل ارتفاعها أحياناً إلى 70 سنتيمتراً، ويتجدد نموها خلال أشهر الصيف· وتتميز بلون أخضر جميل، ولها أزهار بيضاء، تميل في بداية ظهورها إلى الحمرة، وتنبت من سيقانها أوراق كقضبان طويلة دقيقة تبدأ قاسية من منابتها ثم تلين وترق''· وعن استخداماتها تقول الجلم: ''تستفيد من الثندى جميع الكائنات الحية، حيث تعدّ نباتا رعويا مهما للإبل والمواشي، وتساعد التربة باختلاف نوعها على التثبيت، كما استخدمها إنسان المنطقة قديماً ليصنع منها الحبال وألياف الغسيل وبعض الأكياس''· وقد ورد ذكر ''الثندى'' في الكتب العربية، إذ جاء في كتاب ''لسان العرب'' لابن منظور: ''الثندى شجيرة لها أوراق كأنها الكرات وقضبان طوال تدقها الناس، وهي رطبة يتخذون منها أرشية يسقون بها، ينتج عنها المُصاص، أي (يبيس الثندى) الذي ينبت خيطاناً دقاقاً، غير أن فيها ليناً ومتانة معاً· وتؤخذ الثندى وتدق على الفرازيم حتى تلين· وتهواها المواشي وتلوكها بعد أن تصبح لها قشور كثيرة يابسة''· كذلك ورد ذكرها في وصف أَبي حنيفة الدينوري، إذ يقول: ''الثندى شجيرة خضراء جميلة، طويلة الأوراق، تنبت في أصلها الطّراثيث، ورودها صفراء معتمة، وللينها يخرز بها، وهي تعد مرعى، فقد قال عنها مُرّة: هي نبت تزهر في البوادي وتزيد، دقيق طويل محدد الأطراف كأنه الأسل تتخذ منه الحصر الدقاق، فيه اخضرار دائم في الجدب والخصب'
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©