السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

د. زينب رضوان: طاعة الزوجة لزوجها لا يجب أن تكون «عمياء».. وليس من حقها التصدق من ماله دون إذنه

د. زينب رضوان: طاعة الزوجة لزوجها لا يجب أن تكون «عمياء».. وليس من حقها التصدق من ماله دون إذنه
5 نوفمبر 2009 23:34
اهتم الإسلام كثيرا بالحياة الزوجية التي يكون استقرارها مساهمة كبيرة في استقرار المجتمع.. من هنا بدأت دراسة الدكتورة زينب رضوان عميدة كلية دار العلوم السابق بعنوان «معالجة الإسلام لعثرات الحياة الزوجية»، والتي أكدت أن الاسلام وضع حلولا بالجملة لاستقرار الحياة الزوجية. وتقول الدكتورة زينب في مقدمة الدراسة: إن التشريع الإسلامي اهتم كثيرا بالأسرة ومنحها اهتماما كبيرا، خاصة أنها النواة التي تنبثق عنها جميع العلائق البشرية ويعطيها من العناية ورعاية الحقوق والحرص على حمايتها من التفكك والانحلال ما لم تعطه لها شريعة أخرى، مؤكدة على تقدير الإسلام لمكانة الأسرة وأهمية دورها الفعال في بناء المجتمع السليم. لقد شرع الاسلام الزواج وجعله الأساس الذي تتحدد في ضوئه علاقة الرجل بالمرأة وأرسى به الخطوة الأولى في البناء الذي ينظم من خلاله الأسرة. وانتظام الأسرة على النحو المخطط لها من الله سبحانه يجعلها مصدرا من مصادر تحقيق الأمن والاستقرار النفسي لأصحابها وهذا يستفاد من دعاء المتقين المبتهلين لله تعالى: «ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين» (الفرقان آية 74)، والتشريع الإلهي هو مصدر تنظيم هذه الحياة فإنه يضفي عليها مسحة من القداسة تجعل أفرادها يشعرون بأنهم مرتبطون برباط يظلله الدين في كل خطوة فيقيمون أحكامه عن رضا واختيار وطيب نفس. والكثير من الأسر في مجتمعنا تجهل هذا الدستور وذاك المنهج مما يعرضها حتما للتخبط في مسيرة الحياة. النشوز وترى د. زينب أنه حتى يتحقق هذا الهدف لابد من الآتي: - أن يتم تدريس منظومة الأسرة وحقوقها وواجباتها في مراحل التعليم - طبع كتيبات بسعر ميسر تتناول بناء الأسرة ومعالجة الخلافات بين أفرادها كنوع من الثقافة العامة للجمهور. - أن يقدم لكل عروسين عند عقد قرانهما كتيب إرشادي لمنهج الحياة الأسرية السوية، لاكتشاف أخطر ما يواجه الأسرة في مسيرتها الآن وهو الشقاق بين أطرافها والذي قد يبلغ حدا يعجز معه الطرفان عن التوصل إلى الحل الأمثل لعلاج مشاكلهما، التي نرى أنه لو كان بين أيديهم المنهج الإلهي لمعالجة عثرات الحياة الزوجية واستطاعا أن يطبقاه لنجحنا في إنقاذ 80% على الأقل من الأسر المعرضة للانهيار والتي تردت في هاوية الطلاق. وأسباب الشقاق بين الزوجين ترجع في الغالب الى ما أسماه القرآن بنشوز أحد طرفي العلاقة أو كلاهما. وكلمة نشز تعني الخروج عن القصد أو الخروج عن القاعدة، ويقال نشزت النغمة عن مثيلاتها أي نبت وخرجت عن قاعدتها، ونشزت الزوجة أو نشز الزوج يعني استعصى وأساء العشرة. وإساءة العشرة بين الزوجين يمكن تعريفها بأنها الإخلال بما قرره الشرع لكل منهما من حقوق وواجبات تجاه صاحبه، وعدم معرفة كلا الزوجين بحقوقه وواجباته تقف وراء كل المشاحنات والخلافات التي تنشأ بينهما. المهر والنفقة والحقوق الزوجية كما تراها د. زينب رضوان والتي أوجبها الإسلام للمرأة على الرجل هي المهر، وهو حق خالص للمرأة ليس لأبيها ولا لأقرب الناس منها أن ينتقص منه شيئا، وليس لها أن تساهم به في إعداد منزل الزوجية.. ويحق للزوجة على زوجها عند تمام العقد النفقة الكاملة من مأكل ومشرب ومسكن وملبس وخلافه، وهي غير مكلفة بأي نفقات في الأسرة مهما كان ثراؤها، وتقدير النفقة للزوجة يتماشى مع قدرات الزوج المالية. وأيضا إيفاء الزوجة حقها في العفاف والصيانة واجب مقرر في الشريعة الإسلامية، ولقد بلغ الحس الإسلامي غاية في الرقي عندما جعل أسرار الزوجة أمانة لها عند الله وحذر من إفشائها، فيما رواه مسلم من حديث أبى سعيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم يفشي سرها». وأخيرا للزوجة على زوجها حق إكرامها وحسن معاشرتها ومعاملتها بالمعروف وتقديم ما يمكن تقديمه إليها مما يؤلف قلبها فضلا عن تحمل ما يصدر عنها والصبر عليها. يقول الله سبحانه وتعالى: «وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا» (النساء 19). كذلك نقرأ في موضع آخر من سورة البقرة (آية 231 ): «فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا». وكلمة المعروف الواردة في النص القرآني تعني أن إمساك الزوج لزوجته يجب أن يكون في نطاق معاملتها بكل ما تعارف عليه الناس بأنه خير وحسن وجائز وصالح ومعقول، وعدم معاملتها بنقيض ذلك، يدخل فيه الضرر والإضرار والمضايقة والإعنات والأذى.. حقوق الزوج أما حقوق الزوج في الإسلام كما قال عنها الإمام الغزالي فللزوج على زوجته حقوق أهمها أمران: الأول الصيانة والستر، والآخر تلك المطالبة مما وراء الحاجة، والتعفف عن كسبه إذا كان حراما. ومن حق الزوج على زوجته أن تطيعه في غير معصية وأن تحفظه في نفسها وماله وقد وصف الله سبحانه الزوجات الصالحات فقال: «فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله». (النساء 34). وصار على المرأة واجبات منها: الطاعة: وهي ليست طاعة عمياء، وإنما طاعة مقيدة بألا تكون في معصية الله سبحانه وتعالى، وألا تكون مضيعة لشخصية المرأة أو منقصة لكرامتها، وهي ليست سلطة قاهرة يمارسها الرجال على النساء بما يحيل العلاقة بينهما إلى سيد ومسود. ومن حقوق الزوج على زوجته أيضا أن تحفظه حال وجوده وغيبته، فمن حق الزوج ألا تدخل الزوجة بيته أحدا يكرهه إلا بإذنه.. عن عمرو بن الأحوص الجشمي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول: بعد أن حمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال: «ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فحقكم عليهن إلا يوطئن فروشكم من تكرهونه، ولا يأذن في بيوتكم من تكرهونه، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن». كذلك عليها أن تحفظه في ماله وألا تنفق منه إلا بإذنه أو فيما هو متعارف عليه للاحتياجات الضرورية للحياة. حتى التصدق فيما يتجاوز الأمور الصغيرة عليها ألا تفعله إلا بإذنه. وتستطرد د. زينب في بحثها قائلة إن على المرأة أن تحفظ زوجها في سمعه وبصره فلا يسمع منها إلا ما هو جميل ولا يرى إلا ما هو جميل. أما ما عدا هذا من وجوب خدمة المرأة للزوج فأمر غير وارد، والأحاديث المذكورة بشأن خدمة المرأة لزوجها إنما تدل على التطوع ومكارم الأخلاق وحسن المعاشرة فقط. وتعود د. زينب بعد ذلك إلى استكمال دستور الإسلام في معالجة عثرات الحياة الزوجية، حيث يقرر الإسلام أن الشقاق إذا كان من جانب الزوج فإنه يبدأ بأن يوجه الزوجة إلى الخطوة التي يمكن أن تبدد ما ظهر في جو حياتهما من خلاف، ورغب في أن تكون أولى مراحل الحلول هي مكاشفتها لزوجها بما يسيئها كمحاولة منها لتنقية الجو بينهما على أن يكون ذلك بمعزل عن أسرتيهما أو أقربائهما. «وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير». (النساء آية 128). والقصد من ذلك صيانة سرية العلاقة بينهما حتى لا تكون معرفة الغير بهذا الخلاف الطارئ سببا في إشاعته وتعقيد الأمر عليهما، فإذا لم تفلح هذه الوسيلة من جانب الزوجة في إزالة ما بينهما من خلاف اقترح الاسلام حلا آخر وهو أن يحكما واحدا من أهله وآخر من أهلها لفض هذا النزاع، وذلك ليحفظا سرية وضعهما حتى لا يستغل الخلاف للتعجيل بالفرقة بينهما لو دخل غير الأهل في فض النزاع. وفي الآية لفتة كريمة بعد تكليف الحكمين تتبدى في قوله تعالى: «إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما». والمفهوم من هذا هو توجيه الله سبحانه للحكمين نحو الإخلاص في المهمة، وفي نفس الوقت يتضمن تطمين نفوس الحكمين بأن توفيق الله سيكون مصاحبهما فلا يضيق صدرهما بما يعترضهما في سبيل إرادة الإصلاح، فإذا لم تنجح هذه الوسيلة أيضا فالشيخ أبوزهرة في كتابه «تنظيم الاسلام للمجتمع» يذكر أن للمرأة الحق في أن تطلب من القاضي تأديب زوجها إذا لم يعاملها بالمعروف، والقاضي يعظه فإن لم يجد الوعظ أمر لها بالنفقة. أما إذا كان الشقاق من جانب الزوجة فقد أوضح القرآن أسلوب العلاج الذي يؤدي إلى تعديل سلوكها بمنهج متنوع ومتدرج يهدف إلى إعادة التآلف بين الزوجين فالنصح هنا للزوج باتباع التوجيه الهادئ بالكلمة الحسنة فإن لم تنجح هذه الوسيلة فالقطيعة في المنزل دون الانقطاع عنه، فإن لم تجد هي أيضا فالعقوبة البدنية التي يفسرها القرطبي بأنها ضرب الأدب غير المبرح الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة فإن المقصود العلاج لا غير.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©