السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ملتقى الثريا.. حلقة وصل الحاضر بالماضي واستثمار لأوقات الفراغ

ملتقى الثريا.. حلقة وصل الحاضر بالماضي واستثمار لأوقات الفراغ
11 ابريل 2013 21:06
استثمر ملتقى الثريا خلال أسبوعين وبشكل فعّال أوقات الفراغ لدى الشباب والناشئة، في فعاليات مفيدة وبرامج متنوعة، كان الهدف الرئيسي منها إيجاد حلقة وصل بين الماضي والحاضر بحيث تظل أفئدة الاجيال الحديثة مرتبطة بالتاريخ القديم لدولة الإمارات، ومن ثم يبحر الموروث الشعبي بمكوناته في نفوسهم ويمدهم بالطاقة التي تحركهم نحو تنمية عقولهم وإشباع هواياتهم عبر أنشطة مفيدة وفعاليات تبعث فيهم روح الالتزام والجدية وفي الوقت ذاته تلبي احتياجاتهم الروحية والنفسية. (أبوظبي) - ترك ملتقى الثريا الذي نظمه نادي تراث الإمارات، بجزيرة السمالية من 31 مارس الماضي حتى 11 أبريل الجاري، آثاراً نفسية إيجابية كبيرة في نفوس الطلاب خلال فترة إقامته وأمدهم بجرعات معنوية تراثية رسخت في وجدانهم القيمة الحقيقية لتراث الآباء والأجداد بمضامينه الإنسانية فكانت مشاركتهم متماهية تماماً مع ملتقى الثريا الذي استهدف هذه الفئة وشجعها بصورة لافتة، حيث احتلت مفاهيم الهوية الوطنية المكانة الأبرز في برامجه وأنشطته وفعالياته التي التف حولها الجميع بروح الفريق الواحد وروح الجماعة في ختام يليق بهذا الملتقى الذي صهر الشباب تحت لواء الوطن وتراثه الموغل في القدم. حب الوطن حول ختام ملتقى الثريا والأهداف التي تحققت عبر الأنشطة التراثية والفعاليات التي استقطبت طلاب المدارس والشباب بصفة عامة يقول مدير إدارة الأنشطة بالإنابة في نادي تراث الإمارات سعيد المناعي: مثل التفاف المؤسسات المشاركة حول ملتقى الثريا بجزيرة السمالية قيمة كبيرة عبر تفاعلهم مع الأنشطة التراثية المحببة لكل أبناء الدولة، حيث أسهمت مشاركات هذه المؤسسات في نجاح الملتقى وخصوصاً الختام الذي كان مسكاً خالصاً، حيث إقامة ندوة مهمة نظمها المركز الوطني للوثائق والبحوث بعنوان «الهوية والولاء والانتماء: قيم وطنية عليا» بهدف ارتباط الطلاب بوطنهم والمسارعة في خدمته وتقديم الولاء والطاعة له بالمشاعر الصادقة والأفعال المسؤولة، وقد تفاعل الطلاب مع الندوة بصورة رائعة أظهرت حجم المحبة الكامنة في صدورهم لدولتهم الحبيبة الإمارات، وكذلك قدمت وزارة الثقافة ورشة عن الطيران الورقي والأشغال اليدوية. شعار وعن شعار ملتقى الثريا، بين أن الملتقيات التي أقيمت هذا العام بجزيرة السمالية برعاية كريمة من سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات كلها كانت تحت شعار «الإمارات وطن الريادة والتميز»، خصوصاً أننا لدينا أكثر من نشاط مثل ملتقى الربيع الوطني وملتقى الثريا وملتقى السمالية، واشتغلنا على فكرة رئيسية ترتبط بالهوية الوطنية، ومن هذا يحرص الملتقى على غرس في نفوس شبابنا مجموعة من القيم مثل الإيثار وحب التعاون، والعمل الجماعي والانتماء، وحب الوطن والمحافظة على المكتسبات الوطنية، كل هذه المعاني بلورناها في الأنشطة والبرامج التي شهدها ملتقى الثريا. أنشطة تراثية وخلال الأسبوعين الماضيين عبر محطات رئيسية تمثلت في الأنشطة التراثية البحرية، التي مارس خلالها المشاركون الألعاب الشعبية على شاطئ البحر بالقوارب الشراعية التراثية التي كان يلعب بها الأطفال قديماً، وكذلك التعريف بطرق صيد الصقور سواء عن طريق الشباك أو بالخيوط التقليدية، فضلاً عن برنامج «دروب المعاني» الذي كان يركز على العادات والتقاليد الأصيلة في الدولة، عبر طريقة إعداد القهوة وكيفية استقبال الضيف، وكذلك التعرف إلى مجلس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وذلك بعرض مقتطفات من حياته، وهو يوجه حديثه إلى الشباب، وكانت هذه التجربة المثيرة لها وقع خاص على الحضور سواء في الملتقى الصيفي العام الماضي أو في أنشطة نادي تراث الإمارات هذا العام، كما أبرز الملتقى وفقاً لما ذكره المناعي أسسا مهمة في حياة المواطنين تحث الشباب على التعرف إلى الهجن والفروسية والرماية والألعاب الشعبية، إلى جانب الأنشطة الترفيهية، بالإضافة إلى البرامج التي حظيت بمشاركات نسائية واسعة، وتمثلت في الأنشطة الخاصة بالمشغولات اليدوية، وطريقة عمل الأطعمة الشعبية، ونقش الحناء، وكان التردد اليومي على ملتقى الثريا كبير جداً إذ وصل أعداد الزوار في اليوم من 240 طالباً إلى 320 مع أسرهم، وكذلك الوفود الشبابية من إمارات الدولة المختلفة. انتماء وولاء في إحدى قاعات جزيرة السمالية، وقفت ضابط البرامج التعليمية في المركز الوطني للوثائق والبحوث عائشة الزعابي تتحدث عن الهوية الوطنية وأهمية الانتماء الصادق للوطن والإخلاص له وحبه والاستعداد للتضحية من أجله، فهو صاحب الفضل الأول على كل فرد ينعم بالاستقرار والرفاهية إلى مجموعة من الفتيات اللواتي مثلن جهات تعليمية مختلفة، بدءاً من المرحلتين الابتدائية والإعدادية، ومروراً بالمرحلة الثانوية، إلى المرحلة الجامعية، حيث ضربت لهم أمثلة من واقع الحياة مستشهدة بالدور الكبير الذي قام به صانع نهضة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، ومدى حرصه على الشباب لأنهم كوادر الغد وأمل المستقبل، وهم الجيل الذي سيحمل الراية. ولم تكن المحاضرة مجرد كلمات، إذ تحول المشهد إلى مشاركة تفاعلية من الحضور فبدت الفتيات يشاركنها المشاعر، ويتحدثن عن الواجبات المفروضة عليهن تجاه الوطن، وكان واضحاً جداً حالة الحماس التي ظهرت بجلاء عليهن، واستشعر الجميع المعاني الجميلة لعنوان المحاضرة التي حملت اسم «الهوية والانتماء والولاء: قيم وطنية عليا». ميثاق شرف ومن بين الفتيات اللواتي تفاعلن مع المحاضرة بشدة مريم ياسر المهري طالبة في كليات التقنية العليا في أبوظبي، وأوردت أنها استمتعت بالمحاضرة وشعرت بأن كل كلمة فيها بمثابة ميثاق شرف يعقده المواطن مع دولته التي لا تقل حنواً عن الأم، وتقول: «أريد أن أترجم انتمائي وولائي للوطن وهويتي بشكل عملي، وذلك من خلال دفع ضريبة بسيطة جداً، وهي أن أبذل قصارى جهدي في دراستي حتى أستطيع خدمة بلدي في المستقبل القريب، وأن أكون مثالاً للفتاة التي تستطيع أن تكون صورة مشرفة لبيئتها، وذلك باحترام الآخرين، ومساعدة أي شخص سواء من الوافدين أو السياح بما أملك، وذلك في إطار من الاحترام المتبادل». عمل تاريخي أما سارة العامري طالبة في المرحلة الثانوية، فتعد نفسها لأن تكون من ضمن الكوادر الوطنية في الدولة وتعمل في المجال الذي يجعلها تخدم الإمارات على أكمل وجه مستفيدة في ذلك من تجارب المخلصين الذين سبقوها وأظهروا براعة في كل ما أسند إليهم من أدوار، وتشير إلى أنها تود الالتحاق بأكاديمية العين للطيران في قسم الهندسة الإلكترونية حتى تسهم في المشروع القومي الذي سمعت عنه وتشارك فيه، وهو صنع أول طائرة إماراتية، وتلفت إلى أنها تريد أن تضع بصمتها في هذا العمل التاريخي، وأن يكون لها قطعة تطير في الجو مع هذا العمل الوطني الذي باكتماله سيحدث نقلة في محيط البيئة العلمية في الدولة، وسيحفز الشباب على الابتكار والعمل على أبحاث علمية مفيدة، ويشجع في الوقت نفسه على عمل اختراعات مؤثرة في حياة الإنسانية. بيت العريش وفي جانب آخر من هذه الفعاليات التي تستقطب الفتيات اتجهت مريم الهاملي مشرفة أنشطة في مركز السمحة النسائي إلى بيت العريش بجزيرة السمالية مستغلة البيئة البحرية وجمالها الطاغي في تزيين المداخن ذات الأحجام الصغيرة بتراب البحر والأصداف البحرية وخيوط التلي، حيث تجمعت حولها الفتيات، واشتغلن بأيديهن، وكن يتلقفن من أيدي المشرفة المداخن ويتصارعن في إثبات جدارتهن في هذا النشاط التراثي الصميم، كما قمن بتزيين إطارات الصور بالمواد نفسها، وتشير الهاملي إلى أن هذا النشاط له دور مهم، في توجيه الفتيات نحو الأشغال اليدوية التراثية، والتي كانت جزءاً من الماضي الجميل، حيث كانت الأمهات في الماضي يستخدمن الأصداف البحرية وخيوط التلي في تزيين مداخن البخور، ويصنعن أشكالاً بديعة تخلب لب من ينظر إليها. ركن الفروسية ولم تقتصر رحلة هؤلاء الفتيات في جزيرة السمالية وعبر ملتقى الثريا الذي يودع أنشطته التراثية الممتعة، إذ ذهبن إلى ركن الفروسية، وهناك لبسن خوذة الرأس والقمصان الواقية على منطقة الصدر، ومن ثم صارت بهن الخيول في مشهد رائع، حيث إن بعض الفتيات كانت لديهن رغبة في أن يستمر هذا العرض المدهش في ساحة الخيول العربية الأصيلة لمدة أطول. ورشة لأرشفة المواد الصحفية عن الملتقى اشتعلت المنافسة بين الفتيات في تعلم أرشفة المواد الصحفية الخاصة بملتقى الثريا ضمن إحدى الورش بجزيرة السمالية، حيث أعطت المشرفة على الورشة حليمة المهيري موظفة بإدارة الأنشطة في نادي تراث الإمارات أقلام صمغ للفتيات ومقصات وملفات وأوراق بيضاء وصحف كثيرة، من أجل توثيق الأخبار الصحفية والمتابعات التي أبرزت أنشطة ملتقى الثريا في الأيام الماضية، وكان الهدف من ذلك أن تتعلم الفتيات المحافظة على الأشياء القيمة، ومن ثم توثيقها قبل أن تتلف أوراق الصحف. وأبدت الفتيات مهارات مختلفة في القص واللصق وترتيب المواد بشكل لافت حتى تظل هذه المواد المؤرشفة موجودة على المدى البعيد في متناول كل من يريد أن يطلع على حدث معين، وتشير حليمة المهري إلى أنه تم تقديم نموذج عملي للفتيات، ثم اشتغلن بأنفسهن، وترك لهن المجال تماماً حتى يكتسبن هذه المهارة بطريقة بسيطة ومن دون أية تعقيدات، وتقول: وفي نهاية هذا اليوم الحافل بالأنشطة المتنوعة جاءت الرحلة البحرية لتبعث في الجميع روحاً جديدة، حيث استعادة النشاط والتأقلم مع الأجواء الترفيهية في عرض البحر، حيث شعر الجميع بأن ختام ملتقى السمالية كان في غاية الروعة، وأن أجواءه كانت في غاية الإبداع، وأمضى الطلاب عبر أسبوعين أوقاتا مفيدة في ظل الأنشطة التراثية التي لا تنضب في ظل إصرار نادي تراث الإمارات على الحفاظ عليها. مهارة طفلة في نقش الحناء في مشهد استحق أن يتأمله بتعمق كل من رآه، ربما لا يتكرر بهذه الطريقة التي أذهلت الجميع إذ وقفت نورا خالد بالصف الرابع بمدرسة الطويلة في السمحة تنقش الحناء على يد طفلة تقاربها في العمر، وذلك بمهارة فائقة، حيث أمسكت «معصار» الحنة وراحت تنقش خطوطا بديعة على يديها، والجميع ينظر إلى هذا الموقف بدهشة، حيث جرت العادة أن تقوم المشرفة بهذا العمل، لكن الطفلة تجاسرت ونقشت الحناء من دون خوف، وأبدت شجاعة منقطعة النظير، ما يعبر عن أن الأطفال يحتفون بالتراث، ويرتبطون به ويحبون أن تظل علاقتهم به متصلة، وكأنه غريزة تسري في دمائهم، وتوضح نهية الهاجري أن هذا النشاط رئيسي ودائماً يجد قبولاً من الفتيات وأنه قديماً كان الرجال يضعون الحنة التراثية الأصيلة على أقدامهم حتى تبرد من أثر حرارة الشمس التي كانت تصيب أرجلهم، وتؤكد أن الحناء قديماً كانت تظل أكثر من شهر على أيدي النساء أما في الوقت الحالي، فهي قد تزول بعد ساعات. فن صناعة الأكلات الشعبية في أثناء وجود الفتيات الصغار في بيت العريش صنعت موزة بنت محمد المزروعي مشرفة صناعات يدوية وأكلات شعبية بجزيرة السمالية أطعمة تراثية كانت لها نكهتها الخاصة وطعمها الذي يترك حلاوته عادة في الأفواه، حيث أحضرت طحينا وعجنته، وأضافت إليه حليبا وخميرة سريعة وسكر، وقليلا من السمن والبيض والملح والماء، لتصنع منه في النهاية خبز «جباب» وكانت الفتيات يشاركنها في عمل الأشكال، وكذلك تسويته على النار. وتبين أنها صنعت أيضاً لقيمات من المكونات تقريباً نفسها، لكن اللقيمات على حد قولها أغلظ وأسمك، وتوضح أن الأكلات الشعبية لها طريقة معينة في إعدادها، ومن الضروري أن تتعلم الفتيات الأسس الصحية لهذه الأكلات، حيث يظل الموروث الشعبي عالقا في أذهانهن، ومن ثم ينقلونه بدورهن مع الأيام عندما يصبحن أمهات لأبنائهن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©