الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقاهي الأدباء السعوديين بطعم الكلام

مقاهي الأدباء السعوديين بطعم الكلام
16 يونيو 2010 21:11
في ذاكرتنا الثقافية العربية تجلت صورة المقهى دائماً كفكرة لتلاقي الناس بكافة شرائحهم واهتماماتهم، تلك الفكرة القائمة في أساسها على وجود مكان يتجمع فيه الناس ليمارسوا هواياتهم أو يحتسوا القهوة والشاي مثلاً، أو يشاهدوا شيئاً جماعياً، كما هو منذ سنين طويلة حتى اليوم.. فكرة المقاهي قديمة ولا يعرف إلى الآن من أكتشف أو ابتكر هذه الفكرة، وربما تكون جاءت من أوروبا أولاً إلى العالم العربي أو كما يرى ماهر شرف الدين “بأن تكريس هذه الظاهرة بدأ فعلياً منذ انحطاط الدولة العثمانية”. العالم اشتهر أيضاً بمقاه كثيرة ذاع صيتها وأصبحت في بعض البلدان مزاراً سياحياً مهماً مثل مقهى “الطاحونة” الذي جلس به الروائي الكولومبي الشهير غابرييل ماركيز كثيراً وانطلق منه، ولعل سبب شهرة تلك المقاهي أنها كانت في الوقت نفسه فرصة للالتقاء بمشاهير الكتابة والمهتمين بالثقافة، حيث وجدوا في المقهى وسيلة ناجحة لمقاربة الآراء وسماع الجديد في الحراك الثقافي، وحيث اعتاد بعضهم على أن يحدد يوماً واحداً في الأسبوع أو وقتاً واحداً في اليوم ليصبح المقهى معروفاً بتجمع ما. هناك في القاهرة مقهى “ريش”، وهو المقهى الذي أقام منتدى ثقافياً كان من أبرز رواده الدائمين نجيب محفوظ، وقبله كان هناك مقهى “البرلمان” أو مقهى “الفيشاوي”، ولا ننسى مقاهي بغداد الشهيرة والتي كانت تجمع عدداً كبيراً من الشعراء والأدباء في ثناياها، والمقاهي الشهيرة في فرنسا مثلاً، وفي عمان مؤخراً ظهر مقهى “جفرا” والمستوحى اسمه من قصيدة لأحد الشعراء ومن كلمات أنشدها يوما مارسيل خليفة، ولا ننسى مقاهي بيروت الشهيرة وآخرها مقهى “المودكا” في شارع الحمراء، وكذلك مقهى “الصعاليك”، وهو أقدم مقاهي فلسطين تأسس في عام 1917 في مدينة القدس. في السعودية لم يكن هناك مقهى خاص يجمع المثقفين أو مقهى يوحي بأن زبائنه من أصحاب الاهتمام الثقافي، ولكن الظاهرة كانت موجودة بأشكال أخرى.. هنالك مقهى “الفيشاوي” في جدة، و(ماي كوفي) في أبها، وهما من المقاهي المعروفة بتجمع الصحفيين والشعراء والتشكيليين كذلك. وفي الآونة الأخيرة ظهرت مقاه جديدة ومتخصصة إذ تشتمل على مكتبة وأماكن مريحة لقراءة الصحف والاطلاع على جديد الثقافة، بل وتقام فيها أمسيات دورية ومحاضرات قصيرة أو حفلات توقيع للكتب الصادرة.. وهذا تماماً ما قام به مقهى “أوتاكوشي” في المنطقة الشرقية في الخبر، وهو مقهى يخيل للشخص حين يدخله أنه داخل إلى مكتبة عامة للقراءة، حيث تنهض على أحد جانبي المدخل رفوف من الكتب مصنفة، حسب كل علم أو كل اختصاص، هنالك كتب الشعر والقصة والروايات وهي جميعها كتب مختارة بعناية، وهناك كتب في السياسة والاقتصاد والفن، ومما يلفت النظر كذلك وجود مجلات ودوريات ثقافية ربما يصعب الحصول عليها في المكتبات التجارية. ذكريات وثرثرات المقاهي عموماً ارتبطت أيضاً مع المبدعين في علاقة وطيدة، إذ هي حمالة الذكريات والثرثرات والهموم وخيالات الشعراء وتجاذب الأفكار، وتشكل فرصة ليطرح كلا منهم جديده على أنغام الموسيقى تارة وعلى نكهة القهوة تارة أخرى، بل وقد يصل المقهى إلى نصوصهم وقصائدهم برمزية المكان أو بما يتركه من أثر، فهو نبض للشارع والحياة وملامح الناس. فالمقهى لدى الشاعرة السعودية هدى ياسر هو حوار للحب: “في المقهى/ سرحت قدمي/ وهو كان منهمكا في حساب المسافة”، ولدى معتز قطينة يصبح المقهى ملاذا للأسرار والبوح: “أطلب قهوة مرة لا أشربها/ أدخن نصف سيجارة تحت لوحة (ممنوع التدخين)/ وابتسم بلاسبب/ رغم هذا أجلس ساعتين/ وحين أمشي إلى الباب/ منقوعا في بلاهة الليل/ الذي يبرز أنيابه/ أنظر في المرايا/ وأحكي: إنه حلم في مطار!”، وها هو عيد الخميسي مع ما يتركه المقهى من أثر، مع ما يتركه له من كلمات: “الكلمات التي تركناها تضجر/ بين كراسي المقهى”، وهو لدى محمد الدميني في قصيدته “ملاك الحسرة” المكان الثرثرة، البوح، وليس شرطاً أن يكون مكاناً لقول ماهو جميل فقط بل ما يكون حزيناً، وهو يصفه أيضاً بما يشي بعلاقة متينة: “وفي المقهى الذي محت الرطوبة اسمه/ سنثرثر عن الجحيم المتساقط فوق المدينة”. ولا يكاد ديوان شعري حديث يخلو من هذه المفردة أو من قصائد بأسماء مقاه بعينها ويتم توظيفها كمكان، كحدث، كشعور خاص غالباً كما في عنوان ديوان نجيب سرور “بروتوكولات حكماء ريش” أو ديوان رسمي أبو علي “ذات مقهى”، وفي الرواية كان المقهى عنواناً للكثير من التجارب الروائية فها هو رضا عودة يسمي روايته “مقهى قدوس حنين” و”مقهى الشباب الضائع” لباتريك موديانو أو رواية “مقهى مراكش” للشاعر منعم الفقير وغيرها. ونعثر على تساؤل لدى الروائي المصري جمال الغيطاني في روايته “مقاهي الشرق”: “إلى أي عمق تاريخي ينأى عمر المقهى القاهري؟ لا يوجد مرجع تاريخي يحدد هذا، ولم تخصص دراسة لرصد تضاريس هذا العالم المتكامل، ولكن الذي لا شك فيه أن المقهى كان جزءاً من الحياة القاهرية”، ويحكي نجيب محفوظ الروائي المصري الكبير عن أول مقهى جلس به وكتب مقاطع من روايته: “من أوائل المقاهي التي جلست عليها في فترة طويلة من حياتي قهوة “قشتمر”.. كانت قهوة “قشتمر” تبتعد عن قهوة “عرابي” الشهيرة بمسافة محطة ترام واحدة، ويوجد موقعها على ناصية شارع يؤدي إلى حي الظاهر، واسم هذا الشارع هو “قشتمر” فسمي المقهى باسمه.. وحسب معلوماتي فإن “قشتمر” هذا اسم وزير مملوكى”. وغالبا ما يتقاطع الشعراء خصوصاً في تشبيهاتهم ومقارباتهم للمقهى مع الحياة وملامحها وإن كان الغالب أيضاً أنه ليس موضوعاً جوهرياً، أصدقاء الشعر يقررون في يوم من الأيام أن يجتمعوا في أحد المقاهي ربما يدور بينهم هم واحد وحديث مشترك غالباً حول الثقافة والمشهد الأدبي، كما يشير لذلك رشدي الغدير الذي يحب دوماً مسألة أن المقهى لا يربطه بوقت محدد مع المواضيع المطروحة ولا بمواضيع محددة سلفاً بل ما يحدث أنه يشبه الورشة الحوارية حول أحد القضايا، حتى من الجانب النسائي، كما تتمنى القاصة السعودية رذاذ اليحيى التي تؤيد مسألة أن يكون هناك “مقهى خاص بطرح مواضيع ثقافية متفق عليها مسبقاً، فهي طالما زارت مقاهٍ بلا أطروحات ثقافية وترى أن المجتمع لم يتقبل المقهى للنساء حتى الآن، فكيف بمقهى ثقافي تجتمع فيه مثقفات في إطار بيئة محلية تضج بالحضور والرواد؟”. فكرة جديدة هنا يجيب القاص السعودي فوزي المطرفي بالإشارة إلى أن فكرة الأماكن المفتوحة “المقاهي” لم تنتشر بعد، والسبب ـ بظنه ـ يعود إلى حداثة الأمر على مستوى التعاطي والحراكات، إضافة إلى لوازم الحياة ومشابكها المائزة عن غيرها بحكم البيئة والاعتياد. وعن المقاهي التي يحب ارتيادها بين وقتٍ وآخر يقول: مقهى الرياض في الفترة الأخيرة ـ وهو مقهى في مكة المكرمة بلد القاص ـ دون غيره من المقاهي وبمعية الروائي عواض العصيمي والروائي صلاح القرشي والشاعر ياسر العتيبي وآخرين، أدباء وشعراء من مكة المكرمة خاصّة ومن المنطقة الغربية عموماً، حيث نتجاذب أهداب الحديث المنوّع الذي يدور على مناحٍ أدبية مختلفة ونقرأ طالع الحظ الجميل لمثل هذه الأماكن الآخذة في العلو والتحليق”. ويتحدث فوزي المطرفي عن ظاهرة المقاهي الأدبية والمقاهي بشكل عام المقاهي بشكل عامّ، فيقول إنها “تأخذ ملامح الأصدقاء بحميمية طابعها البسيط وعدم التكلف، لذلك هي مناسبة جداً في مسألة الاجتماع والتعارف ومد أواصر الحكايات والأدب، عكس الأندية الأدبية تماماً ذات الصبغة الرسمية حتى في الملامح، وهو فارق جوهريّ مهم. مع الأخذ بالاعتبار أن المقاهي مرتادة من قبل شريحة منوعة وبمزايا لا يمكن أن تتوافر في الأماكن المغلقة على مناشط نخبوية ودعوات رتيبة. ولو نظرنا إلى تاريخ المقاهي العريق لوجدنا أنها تمثل علامة بارزة ومنتدى أدبي مفتوح شكّل حياة أشهر الأدباء والمفكرين والشعراء، وهيأت لهم المناخ الخصب للكتابة الحيّة بل أصبحت هذه المقاهي محط أنظار المهتمين بلقاء أهل الأدب والفكر والرواد لدرجة اشتهار بعضها بملازمة أديب معين على نحو مقهى “الفيشاوي”، ونجيب محفوظ ومقهى “ريش” وجمال الدين الأفغاني، إضافة إلى مقاهٍ كثيرة في أنحاء ومدن عربية”. ويتذكر المطرفي أنه حين زيارته للمغرب، حيث انتشار المقاهي بشكل كبير ولافت أخذ يسمع وبتواتر من خلال بعض الأصدقاء وأثناء اللقاءات والتسامر المثل المشاع: في المغرب بين كلّ مقهى ومقهى مقهى.. رغم أن هذا القول المأثور منسوب إلى أماكن عربية عدة. هواء نقي ويرى الشاعر عبدالله بيلا حول المقهى أن “المثقفُ يتنفس هواءً نقياً بعيداً عن الرسمياتِ التي تفرضها المؤسسات الحكومية التي تُعنى بالثقافة، هذا إذا سلّمنا بأنّ هذه المؤسسات تُعنى بالثقافةِ ولا تمارسُ دور الرقيبِ عليها، فلا مناص إذاً من محاولةِ خلقِ مُناخٍ ثقافيٍ حواريٍ مفتوحٍ على كلِّ الاحتمالاتْ.. وهذا ما لا يتوافر في المؤسسة الرسمية التي تكبّلها البيروقراطية، ويحكمها عاملُ الزمنِ الذي يقف عند نقطةٍ مؤقتة، ولاختلاقِ بدائلَ أكثر انسجاماً مع حالةِ المثقف والتي تتسم دائماً بالحريةِ وفرطِ النشاطِ الفكري.. لا مناخ أقدر على استيعابِ هذه الحالة من المقاهي التي تحتضن المثقفين (شعبيةً كانت أم متطورة)”. ويضيف بيلا: “أظنُّ أنّ المقاهي الآن قد طرحت نفسها كبديلٍ قويٍ وفعّالٍ إزاء مؤسساتِ الثقافةِ الرسمية، ولكنها تمثّلُ بديلاً من ناحيةِ الحريةِ المُشرعةِ بلا قيود، وهي ذات جدوى تنفيسيةِ هائلة للمثقف غير أنّها لا تمثّلُ بديلاً عن المؤسسة الثقافية الرسمية من حيثُ انتشارُ المثقفِ إعلامياً عن طريق المناشط الخاصة بالمؤسسة الثقافية؛ لأنها هي التي تُعنى بتقديم المثقف للمجتمع وتسليط الأضواء عليه.. إذاً هي ذات جدوى معنوية أكثر منها مادية.. ولكنها لا تستطيعُ ممارسة الدور الإعلامي الماديِّ الهائل الذي تقومُ به المؤسسة الثقافية الرسمية.. وقد عرفت الثقافةُ العربيةُ الحديثةُ الكثيرَ من المثقفين الكبار الذين ارتادوا مقاهيَ محددة وأثروها بالسجالات والنقاشات الأدبية الرصينة (كنجيب محفوظ) مثلاً.. ولكنّهم لم يستعيضوا بهذه المقاهي عن المؤسسات الثقافية الرسمية بكافةِ أطيافها”. المقاهي الثقافية بعضها خلاصٌ وأخرى أسيَّة عبد الحفيظ الشمري من المؤكد أن المثقف العربي والقارئ المتمرس سئما حالة الصيغ الرسمية لبعض التناولات الثقافية والتجاذبات المعرفية، فلم يعد هناك بد من اقتفاء حساسية الخطاب التحرري من ربقة الإذعان التذوقي والفروض المتوارية خلف (ما يجب وما لا يجب)، فأصبح لزاماً على الجميع مثقفين وأدباء ومتلقين وقراء أن يفروا جميعاً نحو المقاهي الثقافية التي تنتشر عادة على استحياء في هامش ضيق قرب أي مقر ندوة أو معرض أو مؤتمر ثقافي رسمي أو داخل أي نادٍ أدبي أو اجتماعي. فربما مشاهداتنا للمقاهي الثقافية على هامش المعرض الدولي للكتاب في القاهرة كل عام يمنحنا اليقين بأن هذه المقاهي ربما هي البديل المناسب، والمخرج المهم من مأزق التنظير الرسمي، والإبداع الحيادي، فروائي وقاص مثل محمد البساطي بعقوده الستة وبمشيبه وهيبته الكتابية كنا لا نجده إلا في المقهى الثقافي، وغيره الكثير ممن لا يجدون أي جديد في التزاحم الكلامي في بعض عروض السيرك العربي للثقافة المقنعة بجلباب الرسمية. هل هي البديل؟ سؤال لا نرى ضيراً من طرحه على الذائقة إنما هي فرصة عظيمة أن يشتغل الجميع على كل التيارات؛ فهب أننا أوقفنا هذه الممارسات الرسمية في الأندية الأدبية والمراكز الثقافية ومن ثم تم الالتفات إلى ما هو غير رسمي لتحل الكارثة بهذا المتنفس.. فمن الأسلم يا صديقي؟ إذاً أن تتوارد كل الطروحات وتذرف كل القنوات ما لديها وللذائقة الحق في قبول أو رفض ما تريد. عادة لا أرتاد شخصياً الكثير من هذه المقاهي وأفضل أن أنجز ما يمكن أن يكون مفيداً، كأن أطلب مقابلة شخصية ثقافية ندين لها بالجمال والبهاء، أو أن أضرب موعداً لصحفي يود مقابلة ما، أما ما سوى ذلك فإن الانقطاع للكتابة والقراءة هي خير مقهى يمكن لنا أن نتفاعل معه، فالمقاهي حقيقة وجدت لتكشف مقدار بؤس المشروع الثقافي الرسمي وسلطته المتمادية على النص وصاحبه من قبيل ما يجب وما لا يجب. المقاهي الثقافية التي يقال عنها (على الهامش) هي بكل تأكيد عكس ذلك إذ تشكل الحيز المهم والحيوي وما سواها من وجهة نظرنا هو في الهامش الفارغ تماماً. فالذي يمكن ملاحظته أن بعض الجهات الثقافية والاجتماعية لا سيما الندوات والمحاضرات والملتقيات والمهرجانات تستشعر عزوف الناس عن التواصل مع الأنشطة المنبرية فلا تلبث إلا أن تسعى إلى تقديم لون مناسباتي آخر يخرج الناس من طائلة الملل واليأس والكآبة، إلا أنها لا تفتأ إلا وتقوم بطريقة التعيين و(سن حراب الوصاية) على نشاط الخيمة أو الرواق أو الجلسة الشعبية فتنصب حاكماً يديرها بالنيابة عن الجهة المنظمة، وهذا ما نراه في بعض المناسبات العربية ولا نستثني هنا أي جهة من هذا الفعل المؤذي للذائقة التي تبحث عن ما يحرك راكد ماء المعرفة. أمر خطير قد يكون من قبيل المقاهي الثقافية وهو (الصالونات الثقافية) التي تتظاهر جميعها بأنها متنفس مهم للمثقفين إلا أننا حينما نغشاها ونرتادها من باب العلم بالشيء لا نجد ما يحرر ربطة عنق الثقافة الرسمية ويجعلها تتبسط أمام الناس، بل إننا نجد في هذه الصالونات الخاصة التي قد تتقاطع مع بعض المقاهي الرسمية أنها لا تألو جهداً في نقد الحداثة وتكميم الأفواه وقمع المرأة وتقديس ما يعرف بالأدب الإسلامي ومحاربة الشعر الحر وكأنه رذيلة، والتهجم على التراث والآثار وكأنها فرية لا بد لنا أن نتطهر منها، بل والحَطْبُ بحبل الفضائل في كل شاردة وواردة وبلا مناسبة وكأن هذه التجمعات هي من قبيل إزجاء الوقت وتحصيل الحاصل من بقايا وجاهة غاربة. * روائي وكاتب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©