الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماركيز ينال جائزة الحُب حيّاً وميّتاً

ماركيز ينال جائزة الحُب حيّاً وميّتاً
24 ابريل 2014 02:13
بشكل لم يسبق له نظير، وعلى مدى ثلاثة أيام تصدر خبر وفاة الكاتب الأشهر غابرييل غارثيا ماركيز وكل ما يتعلق به، جل وسائل الإعلام الناطقة بالإسبانية طاغياً بذلك على كل ما سواه من أخبار، كما نكست الأعلام في بلده كولومبيا، وفاق حجم ما كتب وقيل عنه خلال هذه الأيام الثلاثة ما كتب عنه خلال ثلاثين عاماً، فضاعف موته من شهرته، والاهتمام به وكسبه للمزيد من القراء، بحيث أن أحد أفراد فصائل الشرطة التي كلفت بحماية وترتيب مراسيم وفاته، واسمه غارثيا أيضاً، قال: «نحن في واجب بالغ الأهمية، لم أكن أعرف هذا السيد من قبل ولكن من خلال طبيعة الأوامر التي تلقيناها وحجم القوات وحشود الناس التي جاءت إلى بيته، شدّ اهتمامي، وقررت أن أقرأ له». جارته المكسيكية ماريا دي الكارمن هي الأخرى لم تقرأ له من قبل وقررت أن تفعل، واصفة إياه بـ «الجار المثالي» وبأن كل الناس تحبه جداً في هذا الحي، وبأنها لن تنسى أبداً عناقه لها عندما يتصادفان في الطريق، وقد هالها ما رأته من توافد الناس إلى بيته وتغطيتهم لشارع فويغو/نار أمام منزله رقم 144 بالشموع والورود الصفراء التي يحبها ماركيز. وكان ماركيز قد توجه إلى المكسيك مطلع الستينيات من القرن الماضي كي يزور صديقه الكاتب الكولومبي ألبارو موتيس لمدة أسبوع، إلا أنه مكث بقية حياته هناك دون أن يتنازل عن جنسية بلاده. إعداد وترجمة: محسن الرملي ملايين الأشخاص في العالم بمختلف اللغات عبروا عن شعورهم الخاص بفقدان ماركيز في مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث يبدو وكأن لكل واحد من قرائه حكاية شخصية معه، كذلك كتب أصدقاؤه ومعارفه والمعجبون به من كتاب وصحفيين وفنانين وسياسيين وغيرهم. حين سئل ماركيز ذات مرة عن دوافعه للكتابة، أجاب: «أكتب كي يحبني أصدقائي والناس أكثر». وها هو يحظى بمزيد من الحب عند موته كما حظي به من الجميع في حياته. ما قاله رفاق الكلمة ? الكاتبة التشيلية الكبيرة إيزابيل الليندي كتبت حال سماعها بالنبأ: للأسف الشديد، علمت للتو بأن غابرييل غارثيا ماركيز قد مات، والعزاء الوحيد لذلك هو أن أعماله ستظل خالدة، فقليلة جداً هي الأعمال الأدبية التي يمكنها أن تصمد أمام مرور الزمن الذي لا هوادة فيه، وعدد قليل من الكتاب ستبقى ذكراهم، لكن ماركيز قد وصل إلى مرتبة الكلاسيكيين الخالدين، جنباً إلى جنب مع عظماء الأدب العالمي. إنه أهم كتاب أميركا اللاتينية في كل العصور، أكبر رواد الواقعية السحرية، والدعامة الأساسية لازدهار أدبنا، إنه الصوت الذي قال للعالم من نحن، وجعلنا نحن أبناء أميركا اللاتينية صورتنا في مرآة صفحاته. نحن جميعاً من مادوندو. إن موهبة ماركيز الهائلة قد وضعت مقياساً عالياً لكل الكتاب الذين جاؤوا من قبله أو من بعده. وتأثيره كان كأمواج المد والجزر تتوالى باندفاعها وانسحابها. وأنا مدينة له بما مدَّني به من دوافع وحرية كي أنطلق بالكتابة، لأنني قد وجدت في كتبه عائلتي الخاصة، بلدي، والشخصيات التي ألفتها، اللون، الإيقاع وثراء قارتي. لقد مات أستاذي ولكيلا أبكي سوف أبقى أقرأ أعماله مرة تلو الأخرى. ? إدواردو غاليانو، أشهر كتاب الأوروغواي الأحياء وصديق ماركيز، قال من مقر إقامته البرازيلي في ريو دي جانيرو: هناك أنواع من الحزن يتم التعبير عنها بالصمت، وأكثر ما يحزنني بموت صديقي ماركيز، تلك الكلمات الجميلة ربحها الموت وسرقها من بين أيدينا، وعزائي أن الكلمات الجميلة الباقية ستهرب من بين صفحات كتب غابو لترافقنا وتجلس إلى جوارنا في مقهى في كارتاخينا أو بوينوس آيريس أو مونتبيديو أو هنا في ريو جانيرو، وبهذه المناسبة أدعو لاحتساء كأس على شرف غابو ولأن نضحك معاً لأنه سيبقى حياً طالما ظلت كلماته حية ويتم تردادها. ? ماريو بارغاس يوسا، كاتب بيرو والفائز بجائزة نوبل للأدب عام 2010 كتب قائلاً: رحل كاتب كبير، حققت أعماله انتشارا واحتراماً واسعين للغة الإسبانية وآدابها في كل بلدان العالم. إن روايته سوف تبقى خالدة، وسوف تظل تكسب المزيد من القراء في كل مكان. أبعث بالتعازي لكل عائلته. ويذكر أن يوسا وماركيز كانا صديقين حميمين في بدايتيهما، بحيث أن أطروحة الدكتوراه ليوسا كانت عن رواية (مائة عام من العزلة)، لكن خلافاً غامضاً حدث بينهما عام 1976 وفشلت كل الوساطات أن تصلح بينهما، عن سر هذا الخلاف قال يوسا: «هذا الأمر نتركه للباحثين كي يكشفوا حقيقته في المستقبل». وقد نشرت أطروحة الدكتوراه ليوسا عن رواية ماركيز في كتاب لمرة واحدة فقط، رفض بعدها يوسا أن يعاد طبعها، أو ترجمتها إلى أية لغة. ? الكاتب الإسباني الكبير خوان غويتيسولو، ومن بيته في مدينة مراكش المغربية قال: إن رحيل ماركيز يمثل خسارة لواحد من أهم الأدباء، ليس فقط في عالم الأدب الناطق بالإسبانية وحده فحسب وإنما في الأدب العالمي، وقد أثارت أعماله إعجاب من قاموا بقراءتها في مختلف أنحاء العالم. وأشار غويتيسولو إلى أنه لم يكن يرتبط بماركيز بعلاقة صداقة وطيدة، إلا أنه التقاه عدة مرات في المكسيك، ولاحظ عليه تدهور حالته الصحية إلى درجة أنه لم يتمكن من معرفته في إحدى تلك المرات. يذكر أن غويتيسولو قد عبر في مناسبات سابقة عن مدى إعجابه الكبير بثراء النتاج الأدبي لماركيز، مؤكداً أن كافة أعماله لا تزال من الروايات المفضلة لديه. ? الكاتب البرازيلي الشهير باولو كويلو، استخدم بعض عبارات ماركيز نفسه للتعبير عن مواساته بفقده، فكتب: إن الحياة هي ليست تلك التي يعيشها الإنسان، وإنما تلك التي يتذكرها، وكيفية تذكره لها.. لكي يرويها. ما قاله الساسة نعى كل رؤساء دول أميركا اللاتينية، وعدد كبير من رؤساء دول العالم رحيل ماركيز، وعلى رأسهم بالطبع خوان مانويل سانتوس (رئيس كولومبيا) كتب: «ألف عام من العزلة والحزن لوفاة أعظم كولومبي على مر التاريخ. وأحر التعازي والتضامن لــ (غابا) والعائلة.. هؤلاء العمالقة لا يموتون». وقصد بتسمية (غابا) زوجة ماركيز الذي عرف بتسمية التحبيب (غابو) ثم صرح الرئيس الكولومبي قائلاً: «تخليدا لذكرى غابرييل غارثيا ماركيز أعلنت الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام، وبتنكيس الأعلام في كل المؤسسات العامة، كما نأمل أن يفعل الكولومبيون جميعاً الشيء نفسه في منازلهم». وقال باراك أوباما (رئيس الولايات المتحدة): لقد فقد العالم واحدا من أعظم الكتاب وأصحاب الرؤية؛ وكان أحد كتابي المفضلين منذ أن كنت شاباً.. وهو ككولومبي أصيل، وممثل لصوت شعوب الأميركيتين، وكمعلم للواقعية السحرية، أثر في كثير من الأشخاص، حتى في التقاط القلم والكتابة أيضاً». أما فرنسوا هولاند (رئيس فرنسا) فقال: «ماركيز هو أستاذ الواقعية السحرية، خلق في رواياته الباروكية والشعرية أميركا لاتينية حالمة، ومنح الأدب اللاتيني أحد أبرز الأعمال الكبرى (مائة عام من العزلة)». فيما أكد فلاديمير بوتين (رئيس روسيا) أن ماركيز «كان صديقاً قريباً لروسيا، وكان مخلصاً حتى النهاية لمبادئ الإنسانية والعدالة». من جهتها، أعربت الحكومة الصينية عن أسفها لوفاته وقالت: «تعازينا إلى أفراد أسرته.. نثمن أعماله والكنز الكبير الذي تركه للبشرية والذي يحظى بمتابعة كبيرة في الصين». وبدا واضحاً من خلال كلمات رؤساء دول أميركا اللاتينية المكانة العالية التي يحتلها ماركيز، حيث قال راؤول كاسترو (رئيس كوبا): «فقد العالم، وبخاصة شعوب الأميركيتين إنساناً مفكراً وكاتباً نموذجياً.. وفقد الكوبيون صديقاً كبيراً ومحبباً. إن صنيع الرجال من أمثاله باق إلى الأبد». فيما عبرت ديلما روسيف (رئيسة البرازيل) عن حزنها الشديد لرحيله قائلة: «وفاة الكاتب الكولومبي أصابتني بالحزن. لقد كان صاحب نص جميل، وكان غابو يقود القارئ عبر قراه الساحرة كالذي يقدم عالماً جديداً إلى طفل». أما نيكولاس مادور (رئيس فنزويلا) فقال: «كان صديقاً مخلصاً ووفياً للقيادات الثورية التي أعادت كرامة أمريكا اللاتينية (سيمون) بوليفار و (خوسيه) مارتي.. لقد انتمى للجيل المؤسس للصحافة الخلاقة والملتزمة بحق الشعوب في السعادة». ولفتت لولا دا سيلفا (رئيس البرازيل السابق) في كلمتها إلى قيمته الإبداعية وموهبته الخلاقة، فقالت: «وصف ماركيز في كتبه، عبر موهبته الكبيرة، واقع وسحر أميركا اللاتينية. وكان أول كولومبي يحصل على جائزة نوبل للأدب. لقد جسد أميركا اللاتينية في كتبه وأينما كان يمرّ». وعلق بيل كلينتون (رئيس الولايات المتحدة الأسبق) على رحيله قائلاً: «صّور الألم والسعادة المشتركة لكل البشر في مشاهد واقعية وسحرية، أشعر بالفخر لكوني صديقه ولمعرفتي بقلبه الكبير وعقله المشرق لأكثر من 20 عاما». فيما اعتبره ماريانو راخوي (رئيس وزراء إسبانيا): «المؤلف الأكثر أهمية وعالمية في الأدب الإسباني في النصف الثاني من القرن العشرين، وكانت إسهاماته جديرة بوضع أميركا اللاتينية في طليعة الأدب العالمي». ورأت حركة فارك الكولومبية (جماعة متمردة كولومبية وتعد الأقدم في أميركا اللاتينية) أن «رحيل هذا العملاق قد جمع الكولومبيين في حزمة واحدة من الهوية والتضامن والحداد». وفي إشارة إلى تأثيره العميق وانتشاره غير المسبوق قال جوزيه مانويل باروزو (رئيس المفوضية الأوروبية): «تلقيت ببالغ الحزن نبأ وفاة غابرييل غارثيا ماركيز.. لقد كان صوتاً من أمريكا اللاتينية وتحول إلى صوت لعالمنا بأسره». اليونسكو: خسارة فادحة للثقافة العالمية ? أعربت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) عن أسفها لرحيل ماركيز، معتبرة أن وفاته تشكل «خسارة فادحة للثقافة العالمية». وذكرت في بيان لها أن غارثيا ماركيز يعد «أحد أهم الكتاب في القرن العشرين»، وأن «أي شخص قد قرأ روايته (مائة عام من العزلة) سيحتفظ دائما بذلك الشعور الخاص بتأثير فني وإنساني عظيم». واعتبرت أن الكولومبي ماركيز والأرجنتيني خورخه لويس بورخيس والشاعر التشيلي بابلو نيرودا قد جسدوا «قدرة الأدب على استكشاف الواقع والخيال والأساطير». وأشارت بوكوفا إلى أن «اليونسكو تنضم إلى جميع محبي الأدب، في مسقط رأسه بمدينة أراكاتاكا وفي كولومبيا وفي أنحاء العالم بأسره، الذين يبكون رحيله». كما كرمت ذكرى من وصفته بـ«الكاتب والصحفي العظيم، والمدافع الشغوف عن حقوق الإنسان وحرية الإعلام، باعتبارهما قوة دافعة للنهضة والديمقراطية». مؤسسة نوبل: ماركيز حكاء شيق ? نعت مؤسسة نوبل التي تمنح سلسلة جوائز نوبل العالمية، الأديب الكولومبي غابرييل غارثيا ماركيز الذي نال جائزتها عام 1982، واصفة إياه بأنه: «حكاء شيق». وأعادت المؤسسة في موقعها نشر البيان الذي كانت قد أصدرته عند إعلانها فوز ماركيز بجائزة نوبل للآداب، حيث أبرزت حينها النجاح الكبير الذي حققته رواية «مائة عام من العزلة» التي صدرت سنة 1967 ومنذ ذلك الحين تم بيع ملايين النسخ منها كما ترجمت لمعظم لغات العالم. وأضافت المؤسسة وقتها أن النجاح قد يكون في بعض الأحيان «وبالاً» على الكاتب ولكن هذه الحالة لا تنطبق على ماركيز لأنه في أعماله التي تلت «مائة عام من العزلة» أثبت أنه «حكاء شيق». كل ما يتعلق بغابرييل غارثيا ماركيز، الذي توفي في 17 أبريل عن عمر 87 عاماً، يثير الاهتمام والمتابعة من قبل الصحافة والملايين من محبيه في العالم، لذا فإن ذكريات ومواقف وأقوال ودعابات هذا الكاتب الكولومبي الذي أدهش عالم الأدب بروايات واقعيته السحرية، ستبقى وكأنها جزءاً من أعماله وتتم استعادتها، حيث يتكامل ما هو شخصي مع النتاج الفني الإبداعي، وفي هذا السياق مثلاً، أعادت صحيفة (لا بانغوارديا) الإسبانية نشر آخر حواراته الصحفية التي أجرتها مع مؤلف (مائة عام من العزلة) في نهاية 2005 والتي أشار فيها إلى مساوئ الشهرة، مؤكداً أنها «تحكم عليك بالعزلة، لأنها تخلق لديك مشكلة في التواصل مع الآخرين مما سيؤدي إلى أنها ستنتهي بعزلتك». وقال إن الشهرة كانت على وشك تدمير حياته لأنها «تُفقِد القدرة على الشعور بالواقع مثلها مثل السلطة». وأشار إلى أنه حصل في عام 2005 على إجازة كاملة من مشاغل الحياة «لم أجلس أمام الحاسوب، ولم أكتب سطراً واحداً، كما أنني ليس لدي أي مشروع. علماً بأنني لم أكن لأتوقف عن الكتابة في حياتي أبداً، ولكن هذا العام (2005) كان أول عام في حياتي لم أفعل فيه شيئاً». من الرياضة إلى الأدب نشرت وكالة الأنباء الإسبانية (إفي) تقريراً قصيراً بعنوان «غارثيا ماركيز.. حارس المرمى الذي ضل طريقه إلى عالم الأدب». وجاء فيه: ربما لا يعرف كثيرون من عشاق الأديب الكولومبي الراحل غابرييل غارثيا ماركيز بأنه كان يحلم في طفولته أن يكون لاعب كرة قدم، لكن القَدر غيّر مساره إلى عالم الكتابة ليصبح أحد أهم وأشهر الأدباء في العالم. عشق ماركيز لعب الكرة في شوارع مدينة أراكاتاكا مسقط رأسه، وكان يهوى حراسة المرمى، لكن إحدى الكرات العنيفة كانت سبباً في ابتعاده عن هوايته المفضلة. فبينما كان يستعد للتصدي لإحدى الهجمات سدد الخصم بقوة في بطنه ليسبب له الأذى بمعدته، ويقرر بعدها الاكتفاء بدور المشجع لفريقه المفضل أتلتيكو جونيور في سن الـ 23. ومن الوقائع التي تدلل على شغفه بكرة القدم أيضاً، حين راهن صديقه دانيلو بارتولين، طبيب الرئيس التشيلي الأسبق سلفادور ألليندي، على أن منتخب كولومبيا سيتوج بكأس العالم 1994 بالولايات المتحدة، وقد خسر الرهان الذي كان على «سيارة مرسيدس»، بحسب ما ذكرته صحيفة (سيمانا) الكولومبية. وعقب انتهاء البطولة نفسها أدان ماركيز بشدة مقتل اللاعب أندريس إسكوبار على يد عصابات المافيا بسبب تسجيله هدفاً في مرماه خلال مباراة أمام الولايات المتحدة تسببت بخروج بلاده من المونديال. هذا وقد كان ماركيز وبالتزامن مع بدء عمله بالصحافة، يمارس أيضاً رياضة الملاكمة، ووجد بينهما تشابهاً، على حد تعبيره، في مسألة تلقي الضربات وردها للمنافس، مع قيمة المثابرة وعدم الاستسلام. كما عُرف عنه ولعه برياضة البيسبول، ومن أقواله الشهيرة في ذلك: «إن الأفضل من البيسبول هو الكلام عن البيسبول». دعابات ماركيز في أحد اللقاءات الأدبية التي سبق وأن تم تنظيمها في مكسيكو سيتي، شارك أديب نوبل الكولومبي غارثيا ماركيز، وروى خلاله طُرفاً حول حياته وأعماله. وكان حضوره برفقة زوجته تلبية لدعوة كتاب مكسيكيين، بمشاركة صديقه الأديب الكولومبي ألبارو موتيس، الفائز بجائزة ثربانتس للآداب 2001. وكشف ماركيز خلال هذا اللقاء إنه استوحى شخصية ريمديوس في روايته الأشهر «مائة عام من العزلة»، من امرأة شاهدها من شرفة أحد البيوت وهي تنشر الملابس. ومن جانبه، قال موتيوس إنه قام ذات مرة بإهداء ماركيز رواية «بيدرو باراما» للأديب المكسيكي خوان رولفو، وكتب عليها إهداءً لماركيز، من باب المزاح ، عبارة: «لكي تتعلم كيفية الكتابة». كما نظمت مؤسسة (لا كويبا/ الكهف) الكولومبية في كوبا ندوة «فيديوكونفرانس» عن دعابات مجموعة (بارانكيا) الأدبية الشهيرة التي كان قد أسسها ماركيز عام 1950. وشارك في الندوة الصحفي والكاتب إريبرتو فيوريو الذي وصف مدى الدفء الإنساني لأعضاء تلك المجموعة والزيارات التي كان يقوم بها ماركيز لحانة (الكهف) حيث أقام علاقات صداقة مع كتاب آخرين. وتحدث عن مراحل متعددة في حياة ماركيز، من بينها الفترة التي عاش فيها مع الكاتب الكتالوني رامون فينيس، وألبارو ثيبيدا، وخيرمان بارغاس، وألفونسو فوينمايور. قائلاً بأن مجموعة حانة (لاكويبا/ الكهف) كانت هي الرحم الذي ولد منه الأديب ماركيز. وقد استغرقت الندوة الـ «فيديوكونفرانس» أكثر من ساعة بقليل واختتمت بعرض مقطع تسجيلي عن عودة ماركيز إلى ذلك المكان بعد 45 عاماً في مايو 2007. ويشار إلى أنه قد تم تقديم مجموعة (بارانكيا) الأدبية التي أسسها ماركيز والتعريف بها في الأرجنتين وإسبانيا وفرنسا والبرتغال وجمهورية الدومينيكان والعديد من المناطق الكولومبية. لطيف وسخي قال المخرج الكولومبي رودريغو غارثيا بارتشا، نجل أديب نوبل غارثيا ماركيز، إن والده أستاذاً لطيفاً وسخياً فهو غالباً ما يمنحه درجة الامتياز. وذكر رودريغو (55 عاماً) في تصريحاته لــ (إفي) أن أعماله الفنية تروق لوالده كثيراً، مشيراً إلى أنه لم يرغب في بداية مشواره الفني في توقيع سيناريوهات باسمه ليتفادى وقوعه في مقارنة مع والده، ولكنه أنتج الآن أعمالًا كثيرة كمدير تصوير، وكاتب سيناريو، ومخرج. وكانت تصريحات نجل صاحب رواية «الحب في زمن الكوليرا»، في مدينة لوس أنجليس الأميركية أثناء تقديمه لفيلمه (Mother and Child) الذي حظي حينها بمباركة والده. ويتناول الفيلم قضية التبني من خلال قصص ثلاث سيدات هن كارين التي أنجبت طفلا في الرابعة عشرة من عمرها واضطرت أن تتنازل عنه إثر ولادته، وإليزابيث التي كبرت وهي متبناة وعلى الرغم من أنها أصبحت محامية شهيرة إلا أنها كانت تشعر بالعزلة في حياتها الشخصية، ولوسي التي تبحث عن طفل لتتبناه هي وزوجها. وعن عمله في مجال الفن، قال إنه «يفضل العمل مع ممثلات أكثر لأنهن يحفزن خياله أكثر». وقال بأنه لا يؤمن بالحواجز في أي مجال ومنها في الفن، لذا يتمنى تجربة إنتاج أفلام بتقنية 3D التي تحظى برواج في هوليوود. سحرية ماركيز لتعزيز السياحة كل مواطن كولومبي يدرك ويعتز ويشكر ماركيز، هذا الفرد الذي قدم لبلاده إرثاً خالداً لا يزول ولا ينضب، لذا لم يخطئ الرئيس الكولومبي بوصفه عند وفاته بأنه «أعظم كولومبي على مر التاريخ»، وقد قدمت حكومته مشروع حملتها السياحية الجديدة تحت شعار (الواقعية السحرية)، المستوحى من التيار الأدبي الذي يعتبر ماركيز أبرز رواده ومروجيه، بهدف اجتذاب أربعة مليون زائر في 2014. وقالت رئيسة شركة (بروإكسبورت)، التي تدير السياحة في كولومبيا، ماريا كلاوديا «إن الحملة تستهدف رفع اهتمام السائحين الأجانب الذين يرغبون في خوض تجارب مختلفة وسحرية ومتفردة ومدهشة»، وذلك خلال مؤتمر صحفي أقيم تحت شعار (كولومبيا..الواقعية السحرية). وتسعى الحملة لتركيز الضوء على أبرز مزارات البلاد في كارتاخينا دي إندياس وإخي كافيتيرو وأرخبيل جزر سان أندريس وبروفيدنسيا ومستعمرة مومبوكس القديمة، بالإضافة إلى مهرجانات بارانكيا وباستو وأماكن طبيعية أخرى لعشاق المغامرات. وتعتمد كولومبيا في جذب السياح إليها على مناطقها المطلة على البحر الكاريبي والمحيط الأطلسي ومنطقة أحراش نهر الأمازون. وكذلك خلق مسارات لرحلات وسياحة أدبية تتبع ما جاء في روايات ماركيز وخاصة رواية الأشهر «مائة عام من العزلة». الآن، وبعد أن غاب جسد الكاتب الكولومبي الأشهر غابرييل غارثيا ماركيز إلى الأبد وتقاسمت كولومبيا والمكسيك رماد جثته، عادت أعماله لتتصدر واجهات المكتبات في العالم وقوائم الكتب الأكثر مبيعاً، بما في ذلك في مواقع مكتبات البيع الإلكتروني مثل (أمازون) و(بارنز أند نوبل) في الولايات المتحدة، فيما ينتظر ملايين القراء بلهفة روايته الأخيرة التي قيل بأنه أمر ألا تنشر إلا بعد موته. (نرى بعضنا في أغسطس) هو عنوان الرواية غير المنشورة، حسب ما أوردته صحيفة (لابانغوارديا) الإسبانية، والناشر بصدد وضع اللمسات الأخيرة لتجهيزها للنشر منتظراً فقط أن تعطيه عائلة ماركيز الضوء الأخضر لإطلاقها. وكانت أولى الأخبار التي تواردت عن وجود هذه الرواية قد بدأت في مارس سنة 1998 حيث نشر ماركيز قصة قصيرة بهذا العنوان (نرى بعضنا في أغسطس) في مجلة (نيويوركر) الأميركية وصحيفة (الباييس) الإسبانية، ثم قرر أن تستمر القصة، وراح يعمل على تحويلها إلى رواية. وتتحدث هذه القصة عن امرأة اسمها ماريا ماغدالينا، وهي امرأة في الثالثة والخمسين من عمرها، من طبقة ارستقراطية، تسافر مرة في كل عام، وتحديداً في اليوم السادس عشر من أغسطس إلى قرية صغيرة قبالة السواحل الكولومبية لزيارة قبر والدتها التي كانت فقيرة ومدفونة في مقبرة للفقراء، كي تضع عليه باقة ورد وتحدثها عن أحوالها. هذه المرأة المتزوجة منذ 23 سنة، ستلتقي في إحدى زياراتها تلك برجل في بار قريب فتعيش أول تجربة عاطفية في حياتها وترتكب أول خيانة تتغير على إثرها بالكامل. وحين تغادره تترك له قصاصة ورقية بجانب السرير كتبت فيها: «نرى بعضنا في أغسطس». وبعد عودتها إلى دارها ستدرك ماغدالينا بأنها في داخلها هي شخصية أخرى تختلف تماماً عن تلك التي تتصورها عن نفسها، وتبقى طوال بقية العام مشغولة الذهن وهي تشعر حد اليقين بأنها ستعيش أحداثاً أخرى جديدة عندما تعود لزيارة قبر أمها في السادس عشر من أغسطس. تتكون الرواية من خمسة فصول أو أجزاء تعيش في كل منها ماريا ماغدالينا قصة مختلفة وهي بحالة صدمة وذهول مستمرة، منتظرة أن يحدث لها شيء ما في كل أغسطس. وعن كيف ستنتهي الرواية يقول كلاوديو لوبيث مدير دار نشر بينغوين راندوم هاوس بأنها نهاية مفتوحة جداً، وأن المخطوط الذي تسلمه منذ زمن مكتوب بنسبة 85% وغير منتهي تماماً لذا ستكون النهاية مفتوحة. وعن موعد نشر هذه الرواية يقول: «أعتقد بأنها سترى النور عاجلاً أم آجلاً، لأنها رواية تستحق، حتى وإن تم نشرها باعتبارها رواية غير مكتملة»، مشيراً إلى أن كل شيء جاهز من جهته كناشر «والقرار الآن يعتمد فقط على الوَرَثة». وأكد بأنه لم يبق أي شيء آخر لماركيز غير منشور، فقد تم نشر وإعادة نشر كل ما خطته يده. وعن علاقته بماركيز؛ فقد وصفه بأنه «كان واحداً من أكثر الكتاب تدقيقاً وحرصاً على الكمال من الكتاب الذين عملت معهم»، أما عن شخصيته فقال: «إنه شخص خجول في الأساس». أما عما تقوم به الدار الآن حيال أعمال ماركيز فقد صرح كلاوديو لوبيث بأنها تعد لإصدار طبعات جديدة وجميلة في مطلع مايو القادم لكل من روايته: «مائة عام من العزلة»، «قصة موت معلن»، «الحب في زمن الكوليرا»، «حكاية بحار غريق»، «ذكريات غانياتي الحزينات»، إضافة إلى مذكراته «عشت لأروي». هذا وقد كانت «ذكريات غانياتي الحزينات» هي آخر رواية نشرها ماركيز في حياته عام 2004.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©