الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مخزون الكراهية (1/2)

مخزون الكراهية (1/2)
3 أغسطس 2016 23:32
قال قيس بن الملوح وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا إن الحرب الكلامية الدائرة اليوم على أساس مذهبي وطائفي وعرقي هي من أكبر مظاهر جهلنا وتدني معرفتنا وتحضرنا وهي التي ستزيد من عمق هذا التعصب وتكرس تلك العنصرية مستقبلا وبكل أشكال العنف التي صاحبتها والتي ستزيد مستقبلا وتتفاقم وربما ستأخذ أشكالًا خطيرة في زيادة تفكك المجتمع وتؤدي لمزيد من التقسيم والانقسام «وهو الهدف والغاية والمراد»، وولدت ولاتزال شعوراً متزايداً من العداء والكراهية بين الناس في بعض مجتمعاتنا لتجعلنا أقرب إلى إنسان الغاب الذي كان يغالب للعيش بين الوحوش ليستمر بالحياة، ان الدمار والاقتتال والفوضى المنتشرة والمتفشية هي نتيجة طبيعة للإهمال المتعمد والمقصود في بناء الإنسان ولدى أي قارئ الكثير ليضيفه لأسبابها وتداعياتها وهو قصور أصبح نقطة ضعف دخلت وتدخل من خلاله كل الأفكار والأيدلوجيات التي هدفها تكريس وزرع بذور كل أشكال الفرقة والفتنة الطائفية والمذهبية والقومية، لتصل إلى أهدافها مما نراه ونشاهده ونعاني منه في بعض بلادنا العربية وفي الإقليم. إن الحضارة والمدنية والرقي والتقدم وكل المكاسب التي حققتها الكثير من المجتمعات هي نتيجة تضحيات كثيرة وكبيرة لتصل إلى نتيجة حتمية لمؤدى العيش بسلام وتقبل الآخر، وهو سياق عمل وتنظيم يحفظ للإنسان حريته في المعتقد ويرسخ كل أشكال المساواة دون تمييز من لون أو فكر، وهو ما تم بلورته من خلال تطبيق مفهوم العدالة والمساواة وإلغاء كافة التصنيفات الأخرى على أساس عرقي أو ديني، فنحن كبشر ومن مختلف الأديان علاقتنا هنا محصورة بين الإنسان وخالقه سبحانه سواء آمنوا أم لم يؤمنوا، سواء مارسوا طقوس وتعاليم دياناتهم أم لم يفعلوا وهو ما ترفض التعايش معه كل جماعات التطرف والإرهاب ومليشياتهم وفصائلهم وعلى أختلاف معتقداتها وأفكارها وأعلامها وراياتها بكل ألوانها سوداء كانت أم خضراء أم حمراء وأن الجهات التي تقف خلفهم وتمولهم وتوفر لهم الغطاء الفني واللوجستي بما فيها تأمين خطوط ووسائل انتقالهم وتنقلهم للوصول إلى أهدافهم، تعلم ذلك جيدا وتستغله لمصلحة أهدافها وكما يقال «ابحث عن المستفيد».. ولكننا في تعاملنا فيما بيننا كبشر متحضرين مفروض أن تكون هنالك مشتركات في العلاقة بيننا والتي دعت لها الأديان السماوية دون استثناء وحتى الديانات الوضعية كمشروع عمل ينظم الحياة، وما تحض عليه من مكارم الأخلاق ونبذ الظلم والعنف والطغيان لأجل تكريم الإنسان. إن التطور الإنساني هو الذي اخترع القوانين لتنظم العلاقات بين البشر في كل المجتمعات، ولكن كيف وبأي قوانين يمكن لنا أن ننظم الخلافات الطائفية والمذهبية بيننا، ربما عشنا في سلام ووئام خلال أكثر من نصف قرن من الزمان بسبب نبذنا لكل مظاهر الفتنة والفرقة رغم أن محاولات تأجيجها لم تنقطع ورغم أنها حقبة لم تكن مثالية للعيش وكان فيها من الظلم الكثير، ولكننا اليوم أمام واقع يهدد الحياة بكل أشكالها ومظاهرها ولاتفرق بين شيعي وسني وعلوي ومسيحي ويزيدي وعربي وكردي ولا بين اشتراكي أوعلماني وسلفي أو كان من جماعة الأخوان أو حتى الشيطان ولك أن تعدد ما شئت من الأسماء. الهواء والفضاء أصبح اليوم وسيلة المواصلات والتواصل والتنقل بين أطراف العالم الذي نعيشه وهو يضج بالكلام عن كل أشكال خلافاتنا التافهة والتي ليس لها منطق ولا أساس، ما الذي حصل لنا لنحمل كل هذا البغض والكره لبعضنا البعض ولكل من يختلف معنا، مالذي حل بنا وجرى لنا.. ألم يكن جارك مسيحياً وأنت مسلم وتتزاورون وتتطاعمون؟ ألم يكن جارك شيعياً وأنت سني وتتصاهرون وتتناسبون؟ ألم يكن جارك يزيدياً أو صابئياً وبينكم كل ود وتراحم؟ ألم يكن جارك يشرب الخمر «العرق» ولا يصوم ولايصلي وأنت متدين وتذهب للجامع القريب ورغم ذلك فبينكم الصداقة والأخوة وحسن الجوار.. ألم يكن زميلك في الدراسة غنياً يسكن القصور ويعيش حياة مرفهة وانت من حي شعبي لا تمتلك مصروف جيبك ورغم ذلك تربطكما صداقة وأخوة. مؤيد رشيد - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©