السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصين تتجه للاستثمار في قطاع النفط بأميركا اللاتينية

الصين تتجه للاستثمار في قطاع النفط بأميركا اللاتينية
15 ابريل 2011 20:44
أضحت استثمارات الصين الخارجية في قطاع النفط والغاز دافعاً مهماً للصناعة. فالعام الماضي أنفقت شركات الطاقة الصينية ما يزيد على 30 مليار دولار على صفقات استحواذ خارجية أو ما يقارب خمس نشاط العقود في مجال الطاقة بالعالم، في الوقت الذي لم تشكل فيه صفقات الطاقة الصينية عام 2008 سوى 4 في المئة فقط من جملة العقود العالمية. ومع أن التحول إلى الاستثمار الخارجي بدأته أعلى المستويات الحكومية الصينية ضمن استراتيجية التوجه إلى الخارج التي في ظلها تشجع المؤسسات المملوكة للدولة على الخوض في مشاريع خارج الصين، إلا أن هذا التحول مدفوع أيضاً باعتبارات تجارية. وقال أحد مصرفيي قطاع النفط والغاز: “في مقدور الصينيين أن يتبعوا استراتيجية أطول مدى إذ أنهم أقل اهتماماً من شركات النفط الأخرى بالعائد المباشر مقارنة بحجم الإنفاق ولكنهم معنيون أكثر بزيادة عدد البراميل المنتجة. وهذا يعطيهم ميزة تنافسية كبيرة جداً عندما يتقدمون بعروضهم في العطاءات. ويذهب بعض خبراء صناعة النفط والغاز إلى أن شركات النفط الصينية درجت على شراء حقول أو حقوق امتياز استغلال بأكثر من قيمتها الفعلية إلا أن هناك تقريراً أصدرته وكالة الطاقة الدولية مؤخراً يدحض هذا الإدعاء. وتعتبر كبريات شركات النفط الصينية مكلفة بزيادة الإنتاج بالإضافة إلا أن هياكل ملكية تلك الشركات عادة ما تقلل من أهمية أو قيمة المساهمة (باستثناء الشركة الصينية الوطنية لعمليات البترول البحرية شنوك (CNOOC) المهيكلة على نحو يختلف عن شركة ساينوبيك أو الشركة الوطنية الصينية للبترول أكبر منتج صيني للنفط والغاز). تتيح هذه الهيكلة للشركات أن تراهن على استثمارات نفطية أطول أجلا من استثمارات نظرائها من الشركات الغربية لأنها ليست مضطرة إلى الحصول على عائد سريع من استثماراتها. اقتناص الفرص ويقتنص العديد من شركات النفط الصينية الحكومية مشاريع لا تحظى أحياناً باهتمام شركات النفط العالمية المنافسة في استثمارات في أفريقيا أو في الشرق الأوسط في دول تعتبرها معظم شركات الطاقة شديدة المخاطرة أو غير جاذبة. غير أن ذلك النهج يتغير حالياً على نحو متسارع مثلما يحدث حالياً في حقل نفط بيريجرينو. ويبدأ في غضون الأسابيع القليلة المقبلة إنتاج ألف براميل نفط يومياً من حقل بيريجرينو الواقع في حوض كامبوس قبالة سواحل البرازيل. وكانت سيانوكيم (شركة الطاقة الصينية الحكومية) قد اشترت حصة 40 في المئة في حقل بيريجرينو من شركة ستا تويل النرويجية التي تعد من كبريات الشركات العالمية المتخصصة في تشغيل حقول النفط والغاز البحرية، فيما اعتبر إحدى الصفقات التي اتسمت بمنافسة شرسة العام الماضي إذ دفعت ساينوكيم 3,1 مليار دولار في هذه الحصة التي أبرمتها شهر يونيو الماضي. أضحى من المألوف أن تقدم شركات نفط صينية على صفقات استحواذ ضخمة، ففي العام الماضي أنفقت شركات صينية أكثر من 30 مليار دولار في صفقات اندماج واستحواذ ما شكل قرابة 20 في المئة من نشاط الصفقات العالمية في قطاع النفط. غير أن قصة حقل بيريجرينو تعتبر فريدة من نوعها نظراً لأنها جعلت ثلاث من أكبر شركات النفط الصينية تتنافس ضد بعضها البعض في جولات محمومة من المزايدات في سياق يشير إلى مدى توجه كبريات شركات الصينية نحو التوسع في اقتناص أصول خارج الصين. الاستثمارات الخارجية قبل ثلاث سنوات كانت بكين تحتكر رسم سياسة جميع الاستثمارات الصينية خارج الصين. غير أن كبريات الشركات الحكومية كانت تمارس كافة الضغوط لإقناع من بيدهم الأمر بالموافقة على الاستثمارات الخارجية. وكان لهذا المنهج ميزة رئيسية واحدة تتمثل في منع شركات النفط الصينية من المزايدة والمنافسة ضد بعضها البعض على أصول خارجية نظراً لأن المسؤولين ما كانوا ليمنحوا الموافقة لشركتين تنويان تقديم عرضهما في مشروع واحد. غير أن ذلك تغير في عامي 2007 - 2008 حين بدأ المسؤولون في الحكومة الصينية يتبعون نهجاً أقل هيمنة. والنتيجة أن شركات صينية بدأت التنافس فيما بينها على أصول خارج الصين وليس فقط ضد شركات غربية. وتعتبر المنافسة على الفوز بأربعين في المئة في حقل نفط بيريجرينو أحد الأمثلة الواضحة على ذلك. إذ تنافست ثلاث على الأقل من شركات النفط المملوكة للصين على هذا المشروع هي ساينوكيم التي تمثل ذراع تجارة النفط الصينية وساينوبيك التي تشغل معظم مصافي الصين وشنوك (CNOOC) المتخصصة في إنتاج النفط في الحقول البحرية. ويقول أحد المشاركين في الصفقة: “في عطاء بيريجرينو كان التنافس محموماً بين ساينوبيك وساينوكيم. أما شنوك فقد قدمت عرضها ولكن على نحو أقل قوة”. وكان ذلك التنافس المحموم يعني أن مقاربة الشركات الاستراتيجية إلى الصفقة بات عاملاً رئيسياً في تحديد الفائز. فحسب خبراء ملمين بالصفقة، قدمت ساينوبيك أفضل شروط مالية ولكنها أكدت على الشروط المعيارية والدقة في تفاصيل التنفيذ. بينما قدمت ساينوكيم عرضاً غير مشروط فيما يعتبر مغامرة غير معتادة في قطاع النفط ولكنه بالتأكيد كان عرضاً مغرياً للبائع. ويبدو أن ستاتويل كانت تطمح في العمل مع ساينوكيم مستقبلاً. إذ قال هيلج لوند رئيس تنفيذي ستاتويل حين تم الإعلان عن الصفقة: “يسرني أننا اتفقنا أيضاً على توقيع مذكرة تفاهم بشأن الاشتراك معاً في دراسة فرص أخرى في البرازيل ودول أخرى”. وتعتبر ساينوكيم جديدة نسبياً على الإقدام على مشاريع نفط خارجية. إذ أن انفاق الشركة 3,1 مليار دولار على حصة بيريجرينو يساوي نحو ضعف جملة ما سبق لها إنفاقه في مشاريع نفط خارجية. ورغم أنها تعد بمثابة كيان تجاري ضخم بلغت أصولها نحو 15 مليار دولار في نهاية عام 2009 فإنها درجت عادة على تكثيف جهودها على استيراد وتجارة النفط والكيماويات بما فيها الأسمدة. يذكر أن ساينوكيم أجرت أول عقد استحواذ خارجي في مجال الطاقة فقط منذ ثماني سنوات عام 2003. غير أن الشركة سرعان ما برزت في مجال الاستحواذ والاندماج في مشاريع عالمية. وعموماً تعتبر ساينوكيم نموذجاً للشركات الصينية التي في مقدورها التأثير على نشاط الاندماج والاستحواذ العالمي. وتمكنت بسرعة بالغة من الخوض في القطاع الذي تتقنه كما أن أولئك الذين عملوا معها يصفون فريق الاندماج والاستحواذ في ساينوكيم بأنه فريق ذو خبرة وإلمام عصري بتفاصيل المهنة. وما يدل على حكمة الشركة ورؤيتها الصائبة قرارها عام 2009 بالانسحاب من مشروع استحواذها لشركة نوفارم الزراعية الأسترالية. فاليوم تتداول أسهم نوفارم بأقل من نصف ما سبق أن قدمته ساينوكيم آنذاك قبل أن تفشل الصفقة تماماً. واستطاعت الشركات الصينية الاستفادة من الدروس الماضية فمثلها مثل أي شركات تمارس صفقات الاندماج والاستحواذ الخارجية للمرة الأولى عكفت الشركات الصينية على تعلم أصول الصنعة وأعراف المهنة. وكان ذلك مصحوباً أحياناً بأضرار مؤلمة مثل إخفاق عرض شنوك للاستحواذ على شركة أنوكال للنفط الأميركية عام 2005 الذي وأدته معارضة سياسية صارخة من أوساط أميركية. غير أن شركات الصين المملوكة للحكومة تعلمت من هذا الدرس وغيره بسرعة وحرفية. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©