الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا والبصرة··· مكاسب في الميزان

بريطانيا والبصرة··· مكاسب في الميزان
27 أغسطس 2008 00:12
يقول الجندي أول البريطاني ''فرانك شو'' إنه أثناء دورة خدمته الأولى في العراق، تعرض ثلاثة مترجمين كانوا يعملون مع وحدته للاختطاف، وقُبض على صاحب محل عراقي كان يعمل داخل القاعدة بعد اكتشاف أنه كان يساعد المتمردين على توجيه نيران الهاونات على الثكنات البريطانية، كما كانت الشرطة العراقية ذاتها معتادة على إطلاق النار على وحدته من آن لآخر؛ وعند عودته مرة أخرى إلى ''البصرة'' بعد عامين، في دورة خدمته الثانية، فوجئ'' شو'' كما يقول بمدى التغير الذي حدث في هذه المدينة الشيعية النفطية، وعاصمة المحافظة التي تحمل نفس الاسم· فالتحول الذي حدث في البصرة يمكن أن يقنع القوات البريطانية بإنهاء دورها في المحافظة نهائياً العام المقبل· يقول ''شو'': لقد هدأت المدينة تماماً، لقد جئت منذ أربعة شهور تقريباً، وطيلة هذه المدة لم أسمع سوى طلقتين فقط''؛ ويشار إلى أن رئيس الوزراء العراقي ''نوري المالكي'' قد أمر خلال الربيع الماضي، بشن هجوم كبير على المدينة لاستعادتها من جيش المهدي التابع لرجل الدين الشيعي ''مقتدى الصدر''، وغيره من المليشيات، والعصابات الإجرامية التي ازدهرت على التجارة في السوق السوداء لكافة منتجات الصناعة النفطية في الجنوب· في البداية، بدا هجوم قوات المالكي على جيش المهدي -الذي اعتبر في ذلك الوقت بأنه يمثل مخاطرة كبرى- وكأنه قد فشل في بداياته، حيث كان رجاله يتقهقرون، ويسلمون أسلحتهم لرجال الدين الشيعة الموالين ''للصدر'' في الوقت الذي كان فيه المئات من المسلحين والمدنيين يلقون مصرعهم؛ ولكن ''المالكي'' نجح في اجتياز الاختبار، بفضل قوة النيران والمساعدة الاستراتيجية الأميركية، وفي النهاية، تراجع'' الصدر'' وأثبت الهجوم أنه كان نقطة تحول فاصلة بالنسبة للمدينة والمحافظة بأسرها على حد سواء· ولكـــن البريطانيين ظلـــوا -إلى حد كبير- خارج دائرة القتال، حيث تحدثت التقارير الخبرية التي نشرت في الصحف البريطانية مؤخراً عن صفقة خاصة توصلت إليها قوات الجيش البريطاني مع جيش المهدي، تسمح لها بالبقاء خارج دائرة القتال الذي دار في الربيع، وهي صفقة نتج عنها تداعيات، منها أنها فتحت الباب على مصراعيه أمام المجرمين ورجال المليشيات، لنشر نفوذهم في المدينة؛ غير أن المسؤولين العسكريين البريطانيين أنكروا هذه التقارير، وقالوا إن انضمامهم للهجوم الذي شنته قوات الحكومة العراقية على جيش المهدي قد تأخر لعدة أيام، لأنه كان يتعين عليهم أن يتحولوا من الدور التدريبي، الذي كانوا يقومون به إلى دور قتالي فعال، وهي عملية تستغرق عدة أيام عادة، وتمكنت القوات البريطانية من إنجازها خلال أيام قليلة في تلك الظروف، كما يقول المسؤولون العسكريون البريطانيون· كان الدور البريطاني في البصرة طيلة الوقت يقتصر في معظمه على تقديم التدريب والمساعدة للجيش العراقي، الذي كان في طور إعادة التكوين في ذلك الوقت؛ وعندما انسحبت تلك القوات من وسط مدينة البصرة، وأعادوا التمركز في ضواحيها في سبتمبر ،2007 فإن الكثيرين في ذلك الوقت أبدوا مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى زيادة نفوذ المليشيات الشيعية والعصابات الإجرامية· لم يقتصر هذا على العراقيين، بل إن بعض العسكريين البريطانيين تكهنوا في ذلك الوقت -ولا يزالون- بأن الجريمة المنظمة ستظل باقية بل ربما تتفاقم· ولكن المكاسب التي تحققت في البصرة، تجعل من الانسحاب البريطاني الكامل من جنوب العراق، بحلول بواكير عام 2009 احتمالاً واقعياً؛ فهؤلاء العسكريون يقولون إنهم عندما عادوا إلى الجنوب العراقي في دورة خدمتهم الثانية، فإنهم وجدوا أن الجيش العراقي قد أصبح أكثر كفاءة ومقدرة، وأن الحكومة العراقية قد أصبحت أكثر رغبة في تحمل مسؤولياتها· وعلى الرغم من تحقيق مكاسب كبيرة في البصرة، فإن هناك بعض المشكلات التي لا تزال باقية؛ فهذه المدينة الفقيرة لا تزال تعاني من وجود جيوب من المليشيات المسلحة التي تواصل أنشطتها في المدينة؛ ففي يوم السبت الماضي على سبيل المثال، اغتال المسلحون رجل دين شيعياً هو ''حيدر السيمري'' -التابع للمرجع الديني ''آية الله علي السيستاني'' والذي دأب على انتقاد المليشيات علناً واتهامهم بأنهم قد حققوا نفوذاً كبيراً وسيطروا على المدينة- وذلك في كمين نصبوه له أثناء توجهه عائــداً من العراق إلى إيـــران حيــث يعيـش· ويرى العديد من الجنود البريطانيين أن الزمن هو الذي سيحدد ما إذا كانت تلك المكاسب ستستمر أم لا؛ وعلى رغم أنه لم يتم اتخاذ قرارات نهائية، فإن المسؤولين الأميركيين والعراقيين والبريطانيين، يناقشون إمكانية تولي القوات الأميركية لزمام السيطرة على الجنوب؛ ووفقاً للخطة المتعلقة بهذا الشأن، فإن غالبية أفراد القوة البريطانية البالـغ عددهـــا 4100 جندي، سوف يعودون إلى وطنهم في بواكير عـام ،2009 مع احتمال ترك عـدد محـدود من المستشارين العسكريين· من المقرر بعد ذلك، أن تتولى القوات الأميركية المسؤولية عن ميدان المعركة، خصوصاً وأن هناك المئات من العسكريين الأميركيين- الغالبية العظمى منهم من المستشارين- يعملون هنا بالفعل؛ ويعلق الميجور ''بول سميث'' -المتحدث الرسمي بالجيش البريطاني- على ذلك بقوله: ''سوف يعتمد ذلك على الأحوال السائدة على الأرض، وبالتالي فإن لا لندن ولا واشنطن قد صادقوا بعد على خطط بهذا الصدد، ولا تزال خطط الطوارئ العسكرية العادية على المستوى التكتيكي قائمة''· توم بيتر- البصرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©